الجزيرة:
2025-01-29@19:01:57 GMT

المادة الحية.. ثورة جديدة في عالم تنقية المياه

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

المادة الحية.. ثورة جديدة في عالم تنقية المياه

عادة ما تكون الاختراعات التي تتعامل مع قضايا تنقية وتعقيم المياه حصرا على الباحثين المتخصصين في علوم المواد، الذين يكون جُلّ اهتمامهم اختراع مواد جديدة تؤدي هذه المهام، ولكن الأمر المثير للدهشة، أن يكون من بين قائمة الباحثين بأحدث دراسة في هذا المجال خرجت من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو، ونشرتها دورية "نيتشر كومينيكيشن"، علماء متخصصون في علم الوراثة، وذلك لطبيعة المادة الجديدة التي اخترعها الباحثون.

البوليمر مع نظام بيولوجي

أطلق الباحثون على مادتهم الجديدة اسم "المادة الحية"، وهي عبارة عن هيكل مطبوع ثلاثي الأبعاد مصنوع من بوليمر مستخلص من الأعشاب البحرية مع بكتيريا هُندِست وراثيا لإنتاج إنزيم يحوّل الملوثات العضوية المختلفة إلى جزيئات حميدة، وصُمّمت البكتيريا -أيضا- لتدمر نفسها ذاتيا في وجود جزيء يسمى "الثيوفيلين"، الذي يوجد غالبا في الشاي والشوكولاتة، وهذا يوفر طريقة للقضاء عليها بعد قيامها بعملها.

يقول جون بوكورسكي، أستاذ هندسة النانو بجامعة كاليفورنيا، والباحث المشارك بالدراسة في بيان صحفي نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 5 سبتمبر/أيلول الجاري "الأمر الجديد هو إقران مادة البوليمر مع نظام بيولوجي لإنشاء مادة حية يمكنها العمل والاستجابة للمحفزات، بطرق لا تستطيع المواد الاصطناعية العادية القيام بها، ولذلك تم التعاون في هذا العمل بين المهندسين وعلماء المواد وعلماء الأحياء، في مركز علوم وهندسة أبحاث المواد بجامعة كاليفورنيا".

وسمح هذا التعاون لعلماء الأحياء بتطبيق معرفتهم بعلم الوراثة وعلم وظائف الأعضاء في البكتيريا الزرقاء لإنشاء مادة حية، كما توضح سوزان غولدن، عضو هيئة التدريس في كلية العلوم البيولوجية، والباحثة المشاركة في الدراسة في البيان الصحفي الذي نشره موقع الجامعة.

كيف تم التصنيع؟

لإنشاء المادة الحية في هذه الدراسة، استخدم الباحثون "ألجينات"، وهو بوليمر طبيعي مشتق من الأعشاب البحرية، ورطّبوه لصنع هلام (جِلْ) وخلطوه مع نوع من البكتيريا التي تعيش في الماء، التي تعمل التمثيل الضوئي والمعروفة باسم "البكتيريا الزرقاء".

وأُدخِل الخليط في طابعة ثلاثية الأبعاد، وبعد اختبار مختلف الأشكال الهندسية المطبوعة ثلاثية الأبعاد لموادهم، وجد الباحثون أن الهيكل الشبيه بالشبكة كان الأمثل لإبقاء البكتيريا على قيد الحياة، حيث يحتوي الشكل المختار على نسبة مساحة السطح إلى الحجم عالية، مما يضع معظم البكتيريا الزرقاء بالقرب من سطح المادة للوصول إلى العناصر الغذائية والغازات والضوء، كما أن زيادة مساحة السطح تجعل المادة أكثر فعالية في إزالة التلوث.

وكتجربة لإثبات المفهوم، هندس الباحثون البكتيريا الزرقاء الموجودة في مادتهم وراثيا لتنتج باستمرار إنزيما مطهرا يسمى "لاكاز"، وأظهرت الدراسات أنه يمكن استخدام الإنزيم لتحييد مجموعة متنوعة من الملوثات العضوية، بما في ذلك ثنائي الفينول أ (BPA)، والمضادات الحيوية والأدوية الصيدلانية والأصباغ.

التخلص من الصبغة الزرقاء

وفي هذه الدراسة، أثبت الباحثون أن موادهم يمكن استخدامها لتطهير الصبغة القرمزية النيلية الملوثة، وهي صبغة زرقاء تستخدم على نطاق واسع في صناعة النسيج.

كما طور الباحثون طريقة للقضاء على البكتيريا الزرقاء بعد إزالة الملوثات، وهندسوا البكتيريا وراثيا للاستجابة لجزيء يسمى "الثيوفيلين"، حيث يحفز الجزيء البكتيريا على إنتاج بروتين يدمر خلاياها.

ويقول بوكورسكي، "يمكن للمادة الحية أن تعمل على الملوثات محل الاهتمام، ثم يمكن إضافة جزيء صغير بعد ذلك لقتل البكتيريا، وبهذه الطريقة، يمكننا تخفيف أي مخاوف بشأن وجود بكتيريا معدلة وراثيا باقية في البيئة".

ويشير الباحثون إلى أن الحل الأفضل هو جعل البكتيريا تدمر نفسها دون إضافة مواد كيميائية، وسيكون هذا أحد التوجهات المستقبلية لهذا البحث.

ويضيف بوكورسكي، "نحن متحمسون للإمكانات التي يمكن أن يؤدي إليها هذا العمل، والمواد الجديدة المثيرة التي يمكننا صنعها، وهذا هو نوع البحث الذي يمكن أن ينتج عندما يجتمع الباحثون ذوو الخبرة المتعددة التخصصات في المواد والعلوم البيولوجية".

الإنتاج التجاري للمادة

من جانبه، لا يرى بوكورسكي، أي عوائق كبيرة أمام الإنتاج التجاري للمادة، قائلا في تصريحات خاصة عبر البريد الإلكتروني للجزيرة نت، إن "المادة الأساسية مشتقة من الطحالب والموارد اللازمة لنمو البكتيريا الزرقاء متاحة، وهي الهواء والماء والضوء".

ويوضح أن ما توصلوا إليه هو عمل أولي، حيث يمكنهم الآن التفكير في حالات الاستخدام المحتملة، سواء كان ذلك معالجة المياه على نطاق واسع، أو شبكة صغيرة الحجم أكثر توزيعا.

وعن إمكانية التفكير في تطوير مادتهم الجديدة لتعمل مع ملوثات أخرى مثل جزيئات البلاستيك، وهي المشكلة التي أصبحت أكثر خطورة، قال، "سنعمل على ذلك، حيث توفر البيولوجيا مجموعة من الموارد المحتملة التي يمكن إعادة استخدامها لأغراض إزالة التلوث البيئي، وتتمتع المادة الحالية بالقدرة على تطهير الأصباغ الصناعية والمواد الكيميائية الدقيقة والمستحضرات الصيدلانية، ونتوقع دمج وظائف بيولوجية جديدة في المستقبل، منها التعامل مع المواد البلاستيكية".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

تقنية جديدة قد تساهم في حل مشكلة تحلية المياه عربيا وعالميا

نجح مهندسون من جامعتي ميشيغان ورايس في تطوير حل ثوري لمشكلة إزالة البورون من مياه البحر، وهو مركب طبيعي يتحول إلى ملوث سام في مياه الشرب. ونُشرت نتائج الدراسة في دورية "نيتشر واتر" حيث تتناول التقنية الجديدة استخدام أقطاب كربونية لإزالة البورون بكفاءة واستدامة.

ويوجد البورون في مياه البحر على شكل حمض البوريك المحايد كهربائيا، مما يسمح له بتجاوز أغشية التناضح العكسي المستخدمة في أنظمة التحلية التقليدية. وتستلزم الطرق الحالية معالجات كيميائية باهظة الثمن تتطلب إضافة قواعد وأحماض لتغيير شحنة البورون، يليها مرحلة ترشيح إضافية. غير أن التقنية المبتكرة الجديدة تلغي الحاجة إلى هذه العمليات المكلفة.

ويفسر التناضح العكسي بأنه عملية إزالة الملوثات الغريبة والمواد الصلبة والجزيئات الكبيرة والمعادن من الماء، وذلك باستخدام الضغط لدفعها عبر أغشية متخصصة.

ويوضح الأمر ويي بان الباحث بمرحلة ما بعد الدكتوراه بجامعة رايس وأحد مؤلفي الدراسة في بيان صحفي رسمي "جهازنا يقلل من الطلب الكيميائي والطاقة في عملية تحلية مياه البحر، مما يعزز الاستدامة البيئية ويخفض التكاليف بنسبة تصل إلى 15%".

ويضيف أن التصميم الجديد للأقطاب يُمكّن من التقاط البورون بكفاءة عالية، مما يوفر بديلا أبسط وأكثر كفاءة في استخدام الطاقة، مع توفير محتمل يبلغ 6.9 مليارات دولار سنويا لمحطات التحلية حول العالم.

مع تناقص كميات المياه العذبة أصبحت تحلية مياه البحر حلا ضروريا لتوفير المياه (شترستوك) حلول مستدامة لأزمة عالمية

مع تصاعد أزمة المياه العذبة عالميا، يأتي هذا الابتكار في وقت حرج. ووفقا لتقرير صادر عن اللجنة العالمية لاقتصاديات المياه عام 2023، فمن المتوقع أن تغطي إمدادات المياه العذبة 40% فقط من الطلب العالمي بحلول عام 2030. وقد أصبحت التحلية، التي تحول مياه البحر إلى مياه صالحة للشرب، حلا ضروريا رغم تكلفتها العالية واستهلاكها الكثيف للطاقة وتأثيراتها البيئية السلبية.

إعلان

وتستخدم الأقطاب المصممة حديثا هياكل تحتوي على الأكسجين داخل مسامها لاحتجاز البورون بشكل انتقائي، مع السماح بمرور الأيونات الأخرى. وعلى عكس الطرق التقليدية التي تضيف قواعد كيميائية لشحن البورون، تعمل هذه التقنية على فصل الماء إلى أيونات هيدروجين موجبة وهيدروكسيد سالبة عند الأقطاب، مما يؤدي إلى شحن البورون بشكل طبيعي وسهل احتجازه. وبعد الاحتجاز، يعاد تجميع الماء ليصبح خاليا من البورون، فتكون العملية خالية من المواد الكيميائية.

ولا تقتصر هذه المنهجية على إزالة البورون فقط، وفق ما أشار إليه الدكتور مناتشم إليميليك المؤلف المشارك من جامعة رايس، بالقول "دراستنا تقدم منصة متعددة الاستخدامات يمكنها تحويل ملوثات أخرى، مثل الزرنيخ، إلى أشكال قابلة للإزالة بسهولة". كما يمكن تعديل المجموعات الوظيفية على الأقطاب لاستهداف مجموعة واسعة من المواد الضارة، مما يجعل معالجة المياه أكثر كفاءة واستدامة.

وتقدم التقنية الجديدة إمكانيات توفير هائلة لمحطات التحلية، ولا يقتصر الأمر على تقليل التكاليف التشغيلية فحسب، بل يسهم أيضا في تقليل البصمة البيئية لعمليات التحلية من خلال التخلص من الحاجة إلى المعالجات الإضافية التي تستهلك الكثير من الطاقة.

مقالات مشابهة

  • مطعم تيمو رحلة جديدة إلى عالم نكهات البحر المتوسط
  • مجلس النواب يقر 276 مادة من مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد
  • هل خرج الذكاء الاصطناعي عن السيطرة؟.. دراسة جديدة توضح
  • مجلس النواب يوافق على المواد المنظمة لاختصاص المحاكم الجنائية
  • ‏«النواب» يقر المواد المنظمة لمدة الحبس الاحتياطي والإفراج عن ‏المتهم
  • «النواب» يقر المواد المنظمة لاختصاص المحاكم الجنائية في قانون الإجراءات
  • دراسة صادمة.. هل يمكن للذكاء الاصطناعي الشعور بالألم؟
  • تقنية جديدة قد تساهم في حل مشكلة تحلية المياه عربيا وعالميا
  • بقوة الفولاذ وخفة الرغوة.. مواد قد تحدث ثورة في صناعة الطائرات!
  • بعد إقراره.. التفاصيل الكاملة للتيسيرات الضريبية للمشروعات التي لا تتجاوز أعمالها سنويًا 20 مليون جنيه