الإفتاء توضح وقت الليل بداية ونهاية ودليل ذلك
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن صلاة الليل مِن أجَلِّ العباداتِ وأعظَمِهَا، وأفضلِ القرباتِ وأحسَنِها، وهي دأب الصالحين، وسبيل الفالحين، امتدَحَها وامتَدَح أهلَها ربُّ العالمين؛ فقال في مُحكم آياته وهو أصْدقُ القائلين: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ [السجدة: 16-17].
أضافت الإفتاء، أن الإمام الزَّمَخْشَرِيُّ قال في "الكشاف": [﴿تَتَجَافَى﴾ تَرتفع وتَتَنَحَّى عَنِ الْمَضاجِعِ عن الفُرُش ومواضِع النوم، داعِين ربهم، عابِدِين له، لأجْل خوفهم مِن سَخَطِه وطَمَعِهم في رحمته، وهم المُتَهَجِّدُون. وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تفسيرها: «قِيَاْمُ الْعَبْدِ مِنَ الْلَّيلِ».. والمعنى: لا تَعلم النُّفُوس -كلُّهنَّ ولا نَفْسٌ واحدةٌ منهنَّ لا مَلَكٌ مُقَرَّبٌ ولا نبيٌّ مُرسَلٌ- أيَّ نوعٍ عظيمٍ مِن الثواب ادَّخَرَ اللهُ لأولئك وأَخْفَاهُ مِن جميع خلائقه، لا يَعلمه إلا هو مما تَقَرُّ به عيونُهم، ولا مَزيد على هذه العدة ولا مَطْمَحَ وراءها، ثم قال: ﴿جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ﴾ فحَسَمَ أطماعَ المُتَمَنِّين].
وأوضحت الإفتاء، أنه لَمَّا كان الليل يَنقسم إلى أجزاءٍ يَختص بعضُها بِمَزِيَّةٍ عن غيرها مِن الفضل والأجر، احتاج المسلم أن يعرف هذه الأوقات ابتغاءَ نَيْلِ بَرَكَتِهَا وإحيائها بالعبادة مِن القيام، والتهجُّد، وقراءة القرآن، والْذِّكْرِ، والدعاء وقت السَّحَرِ، والحرص على إيقاع الأذكار في أوقاتها المحبوبة، فإنَّ خيرَ الناس مَن يراعي الأوقات لأجْل ذلك؛ فعن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللهِ الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَظِلَّةَ لِذِكْرِ اللهِ» أخرجه مرفوعًا الأئمةُ: البيهقي في "السنن الكبرى"، والبغوي في "شرح السنة"، والطبراني في "الدعاء"، والحاكم في "المستدرك" ووثَّق إسناده.
قال زين الدين المُنَاوِي في "فيض القدير": [«إِنَّ خِيَارَ عِبَادِ اللهِ» أي: مِن خيارهم «الَّذِينَ يُرَاعُونَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ وَالْأَظِلَّةَ» أي: يترصدون دخول الأوقات بها «لِذِكْرِ اللهِ» أي: لأجْل ذِكره تعالى مِن الأذان للصلاة ثم لإقامتها، ولإيقاع الأوراد في أوقاتها المحبوبة].
بيان تحديد وقت الليل بداية ونهاية ودليل ذلكالليلاتفق الفقهاء على أنَّ أول الليل يبدأ مع غروب الشمس، واختلفوا في تحديد آخره: هل ينتهي بطلوع الفجر، أو بطلوع الشمس؟
والراجح مِن أقوال الفقهاء: أنه ينتهي بطلوع الفجر الصادق المعترض في الأفق؛ لقول الله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾ [هود: 114]، فالمقصود بقوله تعالى: ﴿طَرَفَيِ النَّهَارِ﴾ أي: صلاة المغرب وصلاة الفجر؛ كما نقل الإمام الطبري في "جامع البيان" بسنده عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، ثم رجَّح ذلك بقوله: [وأَوْلَى هذه الأقوال في ذلك عندي بالصواب قولُ مَن قال: هي صلاة المغرب، كما ذكرنا عن ابن عباس رضي الله عنهما.
وتابعت: وإنما قُلنا هو أَوْلَى بالصواب؛ لإجماع الجميع على أنَّ صلاةَ أحدِ الطرفين مِن ذلك صلاةُ الفجر، وهي تُصلَّى قبل طلوع الشمس، فالواجب إذ كان ذلك مِن جميعهم إجماعًا أن تكون صلاةُ الطرف الآخَر المغربَ؛ لأنها تُصلَّى بعد غروب الشمس].
وبينت أنه فإذا كانت صلاتَا المغرب والفجر طَرَفَي النَّهار، دلَّ ذلك على أنَّ ما بينهما هو وقت الليل، ويؤيد ذلك قول الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ﴾ [البقرة: 187]، وقوله تعالى: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 5].
ووجه ذلك: أن "حتى" تفيد انتهاء الغاية، فدلَّ على أنَّ ليالي شهر رمضان المبارك التي يُباح فيها الأكل والشرب تنتهي بطلوع الفجر، وكذا ليلة القدر، ولا وَجْهَ لتخصيص انتهاء هذه الليالي بطلوع الفجر دون غيرها؛ "لأن الليالي كلها تكون بهذه الصفة"؛ كما في "غرائب التفسير وعجائب التأويل" لبرهان الدين الكرماني.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الإفتاء دار الافتاء غروب الشمس على أن
إقرأ أيضاً:
فضل تسمية الأبناء بأسماء الأنبياء.. الإفتاء توضح
قالت دار الإفتاء المصرية إن العلماء أجمعوا على أفضليَّة التسمي بأسماء الأنبياء؛ لما في ذلك من التقرب إلى الله تعالى بمحبَّة أنبيائه ورسله؛ وكونه مع ذلك دافعًا إلى دوام ذكرهم والتأسّي بجميل أخلاقهم وحسن صفاتهم.
وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "إذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ أَخْرَجَ اللهُ تَعَالَى أَهْلَ التَّوْحِيدِ مِنْ النَّارِ، وَأَوَّلُ مَنْ يَخْرُجُ: مَنْ وَافَقَ اسْمُهُ اسْمَ نَبِيٍّ". ذكره القرطبي في "تفسيره"، والخطيب الشربيني في "مغني المحتاج".
وقال الإمام الماوردي الشافعي في "نصيحة الملوك" (ص: 176، ط. مكتبة الفلاح): [التقرب إلى الله -جلَّ اسمُهُ- بمحبتهم -يعني الأنبياء-، وإحياء أساميهم، والاقتداء بالله -جلَّ اسمُهُ- في اختيار تلك الأسماء لأوليائه] اهـ.
وقال العلامة الزرقاني المالكي في "شرح المواهب اللدنيَّة" (7/ 305، ط. دار الكتب العلمية): [فأسماؤهم –أي: الأنبياء- أشرف الأسماء؛ فالتسمّي بها فيه شرفٌ للمسمَّى، وحفظها وذكرها، وألا يُنْسَى، فلذا نُدب مع المحافظة على الأدب] اهـ.
قال الأمير الصنعاني في "التحبير لإيضاح معاني التيسير" (1/ 376، ط. مكتبة الرشد): [ومِن تحسين الأسماء: قد أرشدهم صلى الله عليه وآله وسلم إلى التَّسمِّي بأسماء الأنبياء عليهم السلام] اهـ.
وقال في "التنوير شرح الجامع الصغير" (5/ 43، ط. مكتبة دار السلام): [أسماء الأنبياء أشرفُ الأسماء؛ لشرف المسمَّى بها، فيحسُن التسمي بها؛ ليُنَال بركة معناها، ويُحْفَظ على مرّ الدهور ألفاظها] اهـ.
وأوضحت الإفتاء أن أفضل ما يُتَسمَّى به من الأسماءِ هم أسماءَ الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؛ وقد تواردت النصوص من السنة القوليَّة والفعليَّة في أفضليَّة التسمّي بأسمائهم، وأنّ ذلك من أعظم مظاهر تحسين الأسماء.
فمن السنَّة القوليَّة: حديث أبي وهب الجُشَمِيِّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «تَسَمَّوْا بِأَسْمَاءِ الْأَنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: عَبْدُ اللهِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ»، أخرجه أحمد وأبو يعلى في "مسنديهما"، والبخاري في "الأدب المفرد" و"التاريخ الكبير"، وأبو داود في "السنن"، والنسائي في "المجتبى".
ومن السنَّة الفعليَّة: حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ، فَسَمَّيْتُهُ بِاسْمِ أَبِي إِبْرَاهِيمَ» رواه مسلم وغيره.
وقال التابعي الجليل سعيد بن المسيِّب: "أَحَبُّ الْأَسْمَاءِ إِلَى اللهِ: أَسْمَاءُ الْأَنْبِيَاءِ" أخرجه أبو بكر بن أبي شيبة في "المصنف"، وسنده صحيح؛ كما قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (10/ 578، ط. دار المعرفة).