ما هي أولى المحالات.. وما المقصود بالأعضاء السبعة؟ علي جمعة يوضح
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إن معرفة حقيقة الله تعالى والوقوف على كنهه هو من أول المحالات، فإنه ليس بين خلقه وبينه أي مشابهة ولا مناسبة, قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: 11].
معرفة حقيقة الله تعالىوتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: فكيف يمكن أن تحيط به العقول، وهي لا تحيط إلا بما شاركها في شيء مما هو حادث مثلها، فهو تعالى بكل شيء محيط, ولا يحيطون به علما.
وشدد عضو هيئة كبار العلماء ما يجب على المسلم في ذلك إلا أن يعمل عقله ولسانه فيما ينفعه; فيعمل عقله في التفكر في آلاء الله تعالى وأفعاله, ويشغل لسانه بذكر الله تعالى لما يرى في كل وقت وحين من آيات باهرات, ومن إبداعه سبحانه في الأرض والسموات مما يدل على أن الله تعالى خالق أحد فرد صمد لا تحيط به الظنون ولا تحويه الفهوم. فاللهم ارزقنا حسن النظر فيما يرضيك عنا, ووفقنا لما تحبه في التعامل مع ذاتك وصفاتك بما يحققنا بالفهم الصحيح الموروث عن أشياخنا.
هل يجوز عمل جلسة ذكر وقرآن في سنوية المتوفي؟.. علي جمعة: لها 5 أجور لا أستطيع الحياة بعد وفاة أمي فماذا أفعل؟.. علي جمعة يوجه نصيحة ما الأعضاء السبعة؟ وما وظائفها؟كما ذكر أهل الله أن سيدنا رسول الله ﷺ علمنا حفظ الأعضاء السبعة، ما الأعضاء السبعة؟ وما وظائفها؟ وما الذي أمر به سيدنا ﷺ في شأنها؟ وكيف حوّلها المسلمون إلى برنامجٍ عمليٍ للتكليف والتشريف؟ يشير الإمام أبو حامدٍ الغزالي رضي الله تعالى عنه في كتابه الماتع «إحياء علوم الدين» إلى هذه الأعضاء السبعة فيتكلم عن : العينين، وعن الأذنين، وعن اللسان، وعن اليدين، وعن القدمين، وعن البطن، وعن الفرج، وهذه في الأعضاء السبعة لها برنامج تركه لنا سيدنا ﷺ في حفظها عن المنكرات، وفي اشتغالها بالطاعات، وفي البعد بها عن الآفات، وفي تهيئتها لتنزل الرحمات.
وحول الأعضاء السبعة، قال علي جمعة أولها: العينان، فقد أمرنا سبحانه وتعالى في كتابه، وبيّن لنا رسوله ﷺ وظائف العينين، تركًا وفعلًا، أمرًا ونهيًا، ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ ، ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ أمرنا بغض البصر عن العورات، وقال ﷺ: «أيُّما رجل غض بصره عن محرم إلا أوجد الله له في قلبه لذة» يعني بهذا الغض يشعر بلذةٍ في قلبه؛ لأنه أمر نفسه بالمعروف، ونهاها عن المنكر، أمرنا رسول الله ﷺ ألا ينظر أحدنا من ثقب بابٍ يتجسس على الآخرين ؛فإن فعل فقذفه أحدهم بحصاه ففقأ عينه فلا دية له، أمرنا ألا ينظر أحدنا إلى كتاب أخي إلا بإذنه ، ونهانا عن التجسس والتحسس على الآخرين، وعلمنا أن «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» ، وبيّن لنا «عينان لا تمسهما النار عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله» ، بالعينين تنظر إلى كتاب الله فتتلوه آناء الليل وأطراف النهار لعل الله تعالى يرضى «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» وضّح لنا ما الذي نفعله، وما الذي نتركه مع النظر، وما الذي يجوز، وما الذي ندرؤه فندرأ به المفاسد مع العينين، وهناك فرق بين عينين لا تمسهما النار، وبين عينين تمسهما النار، والعياذ بالله تعالى.
أمرنا أن نأمر بالمعروف، وأن ننهى عن المنكر باللسان، قال ﷺ : «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه»، وأمرنا أن نبتعد عن الكذب، وعن شهادة الزور، وعن الغيبة والنميمة والبهتان، وعن الوقيعة بين الناس، وأمرنا أن نصلح بين المتخاصمَين، أمر ونهى فيما يتعلق باللسان ، أَخَذَ - ﷺ- بِلِسَانِهِ قَالَ ، « كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ». فَقُلْتُ : يَا نَبِىَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ » خوّفنا ورجانا ورغبنا فقال ﷺ : «رب الكلمة من رضوان الله لا يلقي أحدكم إليها بالا يدخل بها في ربض الجنة، ورب الكلمة من سخط الله لا يعلم أحدكم ما تبلغ تهوي به سبعين خريفًا في جهنم».
وفي شأن الأذنين بيّن لنا أن من يستمع إلى الكذب، أو إلى المنكر، أو إلى شهادة الزور، أو إلى الغيبة والنميمة والبهتان ولم يتحرك قال: إن «الساكت عن الحق شيطان أخرس»، ولكن عليك أن تستمع إلى كلام الله، وكلام رسوله، وإلى الحكمة فـ«الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها».
أمر اليدين والرجلين بما لا يخفى عليكم، وقال: «اضمن لي ما بين فخذيك ولحييك أضمن لك الجنة»، وأمرنا بأكل الحلال، وأن المعدة هي بيت الداء، وأن «رُبّ أشعث أغبر يمُد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومأكله ومشربه حرام، وغُذّي بالحرام أنى يستجاب لذلك»، وقال ﷺ: «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعاء»، علمنا ما الذي نفعل، وما الذي نترك ، برنامجٌ دقيق يومي تعرف ماذا تفعل، تعرف ماذا تدع، تعرف كيف تُهيئ نفسك، حتى تكون محلا لتنزل الأنوار، وحتى يكون قلبك مكانًا لانكشاف الأسرار، وحتى تكون أيها المؤمن وعاءً لتنزل الرحمات الربانية الصمدانية؛ فهلا فعلت، وهلا بدأت؟
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة هيئة كبار العلماء شهادة الزور الله تعالى علی جمعة وما الذی ما الذی
إقرأ أيضاً:
حقيقة مضاعفة الحسنات والسيئات في البلد الحرام "مكة المكرمة"
قالت دار الإفتاء المصرية إن حِكمة الله تعالى وسُنَّته جرت على تفضيل بعض المخلوقات على بعض، وكذلك في الأمكنة والأزمنة؛ فقد فضَّل الله تعالى جنس الإنسان من بني آدم على سائر مخلوقاته، فجعله مكرمًا مصانًا؛ قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا﴾ [الإسراء: 70].
مضاعفة الحسنات والسيئات في البلد الحرام "مكة المكرمة"واصطفى الله سبحانه وتعالى مِن بين ذرية آدم وبَنيه الأنبياء والرسل، فجعلهم محلَّ وحيه وتجلي رسالته، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 33].
ولم يقتصر ذلك التفضيل على الأشخاص بل جرى في الأمكنة؛ ففضَّل الله تعالى مكة المكرمة على غيرها من بقاع الأرض، فجعلها مركز الأرض، وأشرف البقاع وأجلَّها.
وقد فَضَّل الله تعالى مكة على غيرها من البلاد في الأجر والثواب وجعله مضاعفًا؛ وذلك حتى يحرص المسلم فيها على الإكثار من الطاعات، وتجنب المعاصي والمذلات، فيسود فيها الخير والنفع؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وآله وسَلَّمَ قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَمَضَانَ بِمَكَّةَ، فَصَامَهُ، وَقَامَ مِنْهُ مَا تَيَسَّرَ لَهُ، كَتَبَ اللَّهُ لَهُ مِئَةَ أَلْفِ شَهْرِ رَمَضَانَ فِيمَا سِوَاهَا» أخرجه ابن ماجه في "السنن".
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «رَمَضَانُ بِمَكَّةَ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ رَمَضَانَ بِغَيْرِ مَكَّةَ» أخرجه البزار في "المسند".
وقال الإمام الحسن البصري في "فضائل مكة" (ص: 21-22، ط. مكتبة الفلاح): [مَا على وَجه الأَرْض بَلْدَة يرفع الله فِيهَا الْحَسَنَة الْوَاحِدَة غَايَة ألف حَسَنَة إِلَّا مَكَّة، وَمن صلى فِيهَا صَلَاة رفعت لَهُ مائَة ألف صَلَاة، وَمن صَامَ فِيهَا كتب لَهُ صَوْم مائَة ألف يَوْم، وَمَن تصدَّق فِيهَا بدرهم كتب الله لَهُ مائَة ألف دِرْهَم صَدَقَة، وَمَن ختم فِيهَا الْقُرْآن مرَّة وَاحِدَة كتب الله تَعَالَى لَهُ مائَة ألف ختمة بغيرها.. وكلَّ أَعمال الْبر فِيهَا كل وَاحِدَة بِمِائَة ألف، وَمَا أعلم بَلْدَة يحْشر الله تَعَالَى فِيهَا يَوْم الْقِيَامَة من الْأَنْبِيَاء والأصفياء والأتقياء والأبرار وَالصديقين وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَالْعُلَمَاء وَالْفُقَهَاء والفقراء والحكماء والزهاد والعباد والنساك والأخيار والأحبار من الرِّجَال وَالنِّسَاء مَا يحْشر الله تَعَالَى من مَكَّة، وَإِنَّهُم يحشرون وهم آمنون من عَذَاب الله تَعَالَى، وليوم وَاحِد فِي حرم الله تَعَالَى وأمنه أَرْجَى لَك وَأفضل من صِيَام الدَّهْر كُله وقيامه فِي غَيرهَا من الْبلدَانِ] اهـ.
وكما ضُعِّف فيها الثواب وعُظِّم؛ قُبِّح فيها الذنوب والمعاصي عن غيرها من البلاد؛ قال الإمام النووي في "الإيضاح في مناسك الحج والعمرة" (ص: 402-403، ط. دار البشائر الإسلامية): [فإِن الذنبَ فيها أقبح منهُ في غيرِها، كما أنَّ الحَسَنَةَ فيها أعظمُ منها في غيرها. وأمَّا مَن استحبَّها فلِما يحصلُ فيها من الطَّاعَاتِ الَّتي لا تَحْصُلُ بغَيرِها مِنَ الطَّوَافِ وَتَضْعِيفِ الصَّلَوَاتِ والْحَسَنَاتِ وغيرِ ذلكَ] اهـ.