قال الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر إن معرفة حقيقة الله تعالى والوقوف على كنهه هو من أول المحالات، فإنه ليس بين خلقه وبينه أي مشابهة ولا مناسبة, قال تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [الشورى: 11].

معرفة حقيقة الله تعالى

وتابع علي جمعة من خلال صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: فكيف يمكن أن تحيط به العقول، وهي لا تحيط إلا بما شاركها في شيء مما هو حادث مثلها، فهو تعالى بكل شيء محيط, ولا يحيطون به علما.

وإنما غاية ما نعلم منه تعالى وجوده وتنـزيهه عن صفات المخلوقات، فإنه سبحانه تجب مخالفته تعالى للحوادث; لأنه لو ماثلها في شيء لكان حادثا مثلها وهو محال عليه تعالى.

وشدد عضو هيئة كبار العلماء ما يجب على المسلم في ذلك إلا أن يعمل عقله ولسانه فيما ينفعه; فيعمل عقله في التفكر في آلاء الله تعالى وأفعاله, ويشغل لسانه بذكر الله تعالى لما يرى في كل وقت وحين من آيات باهرات, ومن إبداعه سبحانه في الأرض والسموات مما يدل على أن الله تعالى خالق أحد فرد صمد لا تحيط به الظنون ولا تحويه الفهوم. فاللهم ارزقنا حسن النظر فيما يرضيك عنا, ووفقنا لما تحبه في التعامل مع ذاتك وصفاتك بما يحققنا بالفهم الصحيح الموروث عن أشياخنا.

هل يجوز عمل جلسة ذكر وقرآن في سنوية المتوفي؟.. علي جمعة: لها 5 أجور لا أستطيع الحياة بعد وفاة أمي فماذا أفعل؟.. علي جمعة يوجه نصيحة ما الأعضاء السبعة؟ وما وظائفها؟ 

كما ذكر أهل الله أن سيدنا رسول الله ﷺ علمنا حفظ الأعضاء السبعة، ما الأعضاء السبعة؟ وما وظائفها؟ وما الذي أمر به سيدنا ﷺ في شأنها؟ وكيف حوّلها المسلمون إلى برنامجٍ عمليٍ للتكليف والتشريف؟ يشير الإمام أبو حامدٍ الغزالي رضي الله تعالى عنه في كتابه الماتع «إحياء علوم الدين» إلى هذه الأعضاء السبعة فيتكلم عن : العينين، وعن الأذنين، وعن اللسان، وعن اليدين، وعن القدمين، وعن البطن، وعن الفرج، وهذه في الأعضاء السبعة لها برنامج تركه لنا سيدنا ﷺ في حفظها عن المنكرات، وفي اشتغالها بالطاعات، وفي البعد بها عن الآفات، وفي تهيئتها لتنزل الرحمات.

وحول الأعضاء السبعة، قال علي جمعة أولها: العينان، فقد أمرنا سبحانه وتعالى في كتابه، وبيّن لنا رسوله ﷺ وظائف العينين، تركًا وفعلًا، أمرًا ونهيًا، ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ﴾ ، ﴿وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ﴾ أمرنا بغض البصر عن العورات، وقال ﷺ: «أيُّما رجل غض بصره عن محرم إلا أوجد الله له في قلبه لذة» يعني بهذا الغض يشعر بلذةٍ في قلبه؛ لأنه أمر نفسه بالمعروف، ونهاها عن المنكر، أمرنا رسول الله ﷺ ألا ينظر أحدنا من ثقب بابٍ يتجسس على الآخرين ؛فإن فعل فقذفه أحدهم بحصاه ففقأ عينه فلا دية له، أمرنا ألا ينظر أحدنا إلى كتاب أخي إلا بإذنه ، ونهانا عن التجسس والتحسس على الآخرين، وعلمنا أن «من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه» ، وبيّن لنا «عينان لا تمسهما النار عينٌ بكت من خشية الله، وعينٌ باتت تحرس في سبيل الله» ، بالعينين تنظر إلى كتاب الله فتتلوه آناء الليل وأطراف النهار لعل الله تعالى يرضى «خيركم من تعلم القرآن وعلمه» وضّح لنا ما الذي نفعله، وما الذي نتركه مع النظر، وما الذي يجوز، وما الذي ندرؤه فندرأ به المفاسد مع العينين، وهناك فرق بين عينين لا تمسهما النار، وبين عينين تمسهما النار، والعياذ بالله تعالى.

أمرنا أن نأمر بالمعروف، وأن ننهى عن المنكر باللسان، قال ﷺ : «من رأى منكم منكرًا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه»، وأمرنا أن نبتعد عن الكذب، وعن شهادة الزور، وعن الغيبة والنميمة والبهتان، وعن الوقيعة بين الناس، وأمرنا أن نصلح بين المتخاصمَين، أمر ونهى فيما يتعلق باللسان ، أَخَذَ - ﷺ- بِلِسَانِهِ قَالَ ، « كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا ». فَقُلْتُ : يَا نَبِىَّ اللَّهِ وَإِنَّا لَمُؤَاخَذُونَ بِمَا نَتَكَلَّمُ بِهِ ؟ فَقَالَ « ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِى النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ » خوّفنا ورجانا ورغبنا فقال ﷺ : «رب الكلمة من رضوان الله لا يلقي أحدكم إليها بالا يدخل بها في ربض الجنة، ورب الكلمة من سخط الله لا يعلم أحدكم ما تبلغ تهوي به سبعين خريفًا في جهنم».

وفي شأن الأذنين بيّن لنا أن من يستمع إلى الكذب، أو إلى المنكر، أو إلى شهادة الزور، أو إلى الغيبة والنميمة والبهتان ولم يتحرك قال: إن «الساكت عن الحق شيطان أخرس»، ولكن عليك أن تستمع إلى كلام الله، وكلام رسوله، وإلى الحكمة فـ«الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أحق بها».

أمر اليدين والرجلين بما لا يخفى عليكم، وقال: «اضمن لي ما بين فخذيك ولحييك أضمن لك الجنة»، وأمرنا بأكل الحلال، وأن المعدة هي بيت الداء، وأن «رُبّ أشعث أغبر يمُد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام، ومأكله ومشربه حرام، وغُذّي بالحرام أنى يستجاب لذلك»، وقال ﷺ: «أطب مطعمك تكن مستجاب الدعاء»، علمنا ما الذي نفعل، وما الذي نترك ، برنامجٌ دقيق يومي تعرف ماذا تفعل، تعرف ماذا تدع، تعرف كيف تُهيئ نفسك، حتى تكون محلا لتنزل الأنوار، وحتى يكون قلبك مكانًا لانكشاف الأسرار، وحتى تكون أيها المؤمن وعاءً لتنزل الرحمات الربانية الصمدانية؛ فهلا فعلت، وهلا بدأت؟

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: علي جمعة هيئة كبار العلماء شهادة الزور الله تعالى علی جمعة وما الذی ما الذی

إقرأ أيضاً:

بيان فضل العفو والتجاوز عن المعسر رغبة في الثواب

قالت دار الإفتاء المصرية إن مطالبة الإنسان بحقِّه في الشرع الشريف أمر مباح وليس بواجب، ما دام أن ذلك الحق المطلوب هو حقه الشخص وحده، لا يتعداه لغيره، مؤكدة أن الأصل أنه يطالب الإنسان بحقوقه.

بيان فضل العفو 

وأوضحت الإفتاء أن أراد الإنسان العفو عن حقه والمسامحة فيه لتعسر المدين أو حاجته أو لرغبة  فيما وراء العفو من الثواب والأجر، فإن ذلك من محاسن الأخلاق التي ندب الشرع إليها وحثَّ عليها؛ لما فيه من التآلف بين القلوب وتوطيد العلاقات الإنسانية بين الإنسان وأخيه.

وأضافت الإفتاء أنه تكاثرت الأدلة التي تحث على ذلك من القرآن الكريم والسنة المطهرة:
يقول الله تعالى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 280]، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134].

قال الإمام القرطبي في "الجامع لأحكام القرآن" (3/ 374، دار عالم الكتب): [﴿وَأَن تَصَدَّقُوا﴾.. ندب الله تعالى بهذه الألفاظ إلى الصدقة على المعسر، وجعل ذلك خيرًا من إنظاره] اهـ.

وقال أيضًا (4/ 207): [العفو عن الناس أجلُّ ضُرُوب فعل الخير؛ حيث يجوز للإنسان أن يعفو وحيث يتجه حقه] اهـ.

وقال الإمام أبو محمد مكي بن أبي طالب في "الهداية إلى بلوغ النهاية" (10/ 6320، ط. جامعة الشارقة): [ومعنى: ﴿فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ [الزمر: 18]، أي: يتبعون ما أمر الله به الأنبياء من طاعته؛ فيعملون به؛ أي: يستمعون العفو عن الظالم والعقوبة، فيتبعون العفو ويتركون العقوبة وإن كانت لهم.

وإنما نزل ذلك فيما وقع في القرآن في الإباحة فيفعلون الأفضل مما أبيح لهم؛ فيختارون العفو على القصاص والصبر على الانتقام اقتداء بقوله تعالى: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور﴾ [الشورى: 43]] اهـ.

وقال العلامة ابن رشد الجد في "المقدمات الممهدات" (3/ 425، ط. دار الغرب الإسلامي): [فأما في الدنيا: فالعفو والصفح عن الظالم أولى من الانتصار منه بأخذ الحقِّ منه في بدنه أو ماله؛ لقول الله عزَّ وجلَّ: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾ [الشورى: 40]، وقوله: ﴿وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [آل عمران: 134]، وقوله: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ [الشورى: 43]، ولا يعارض هذا قوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ الْبَغْيُ هُمْ يَنتَصِرُونَ﴾ [الشورى: 39]؛ لأن المدحة في ذلك وإن كانت متوجهة بهذه الآية لمن انتصر ممن بغي عليه بالحق الواجب ولم يتعد في انتصاره وكان مثابًا على ذلك لما فيه من الردع والزجر: فهو في العفو والصفح أعظم ثوابًا بدليل قوله بعد ذلك: ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ﴾] اهـ.

وقال الإمام القرافي في "الفروق" (4/ 293، ط. عالم الكتب): [الأحسن للمظلوم الصبر والعفو عن الظالم لقوله تعالى: ﴿وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأُمُورِ﴾ أي: من معزومها ومطلوبها عند الله تعالى.

وتابعت الإفتاء قائلة: فإن زاد في الإحسان على ذلك بأن دعا له بالإصلاح والخروج عن الظلم؛ فقد أحسن إلى نفسه بمثوبة العفو وتحصيل مكارم الأخلاق، وإلى الجاني بالتسبب إلى إصلاح صفاته، وإلى الناس كافة بالتسبب إلى كفايتهم شره] اهـ.

وأكملت: بل إنَّ المسامحة هنا وهي من المندوبات تفضل الواجب في هذه المسألة؛ وهو الإنظار إلى ميسرة لاستيفاء هذه الحقوق.
 

مقالات مشابهة

  • شروط نقل الأعضاء والحكم الشرعي فيها
  • علي جمعة: الفتن سببها العبد عن مراد الله في التلاعب بالألفاظ
  • بيان فضل العفو والتجاوز عن المعسر رغبة في الثواب
  • من هو الصحابي الذي جبر الله خاطره من فوق سبع سماوات؟.. تعرف عليه
  • علي جمعة: يجوز قراءة القرآن الكريم في المساجد يوم الجمعة قبل الأذان
  • المقصود بالمسح على الجورب وحكمه عند الوضوء
  • علي جمعة: المؤمن العاجز خير من الفاجر القوي عند الله
  • جمعة: "رسول الله ربّانا على القوة والمبادئ السامية"
  • تأملات قرآنية
  • 4 أمور تعكر على الإنسان صفو توجهه إلى الله.. علي جمعة يكشف عنهم