متلازمة ما بعد الزلزال.. اضطراب جسدي وحركي يلاحق ناجين
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
عقب كارثة الزلزال المدمر الذي هز مناطق في المغرب، وقبله الهزات الأرضية العنيفة التي ضربت مساحات شاسعة من شمالي سوريا وجنوبي تركيا، عاد الحديث مؤخرا في منصات التواصل الاجتماعي عن مرض يسمى "متلازمة دوار ما بعد الزلزال" (Post Earthquake Dizziness Syndrome)، والتي تعد شائعة نوعا ما بين الناجين من هذه الكارثة الطبيعية.
ووفقا لتقرير سابق نشر في صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، فإنه بعد الزلزال الذي ضرب اليابان عام 2011، شعر كثير من السكان الذين يقطنون بالقرب من مركز الزلزال بالدوار، كما لو كانوا يتأرجحون، وذلك في وقت لم تكن تحدث فيه أي هزات ارتدادية بالفعل.
وأطلق الباحثان اليابانيان ياسويوكي نومورا، وتيرو توي، على هذه الظاهرة اسم "متلازمة دوار ما بعد الزلزال" وذلك في ورقة بحثية نُشرت بمجلة "Equilibrium Research".
وفي حديث إلى موقع "الحرة"، يوضح أخصائي أمراض الأنف والأذن والحنجرة، الدكتور رجائي عبد الله، أن تلك المتلازمة تحدث "عندما لا يكون هناك تطابق عصبي بين آلية التوازن في الجهاز الدهليزي للأذن الداخلية، والإشارات الحسية من الأعصاب في العينين والقدمين".
ويضيف: "بالتالي، فإن الناجين من الزلزال يشعرون بالتأرجح والدوار، ليعتقدوا بشكل خاطئ أن الأرض تميد تحت أقدامهم جراء حدوث هزات أرضية عنيفة".
لماذا لا يشعر المتزلجون على الجليد بالدوار؟.. علماء يجيبون مع احتدام منافسات ألعاب الأولمبياد الشتوية في بكين، يتساءل الكثير عن السر في عدم إصابة المتزلجين على الجليد بالدوار لاسيما أن بعضهم قد يدور بسرعات عالية تصل إلى ست دورات في الثانية الواحدة.ويلفت عبد الله إلى أن "القلق والصدمات النفسية التي حدثت جراء التعرض لتجربة زلزال سابق، يمكن أن تؤدي أيضًا إلى ظهور تلك المتلازمة".
التوازن .. والمخيخوقبل الحديث عن الأعراض التي ترافق ذلك الاضطراب الصحي، يؤكد عبد الله أن "جهاز التوازن هو جزء أساسي ومهم لصحة الإنسان"، موضحا أنه "يتحكم في قدرات المرء على الوقوف والمشي، والحفاظ على التوازن أثناء الحركة".
كما ينبه إلى أن "المخيخ المسؤول عن ذلك التوازن، وتتضمن وظائفه التحكم بحركات الجسم الإرادية واللا إرادية".
ويوضح: "ذلك الجزء من الدماغ يتحكم بحركة الأطراف العليا والسفلى في الجسم، ويتحكم في التوازن أثناء الوقوف، حيث يؤدي حدوث أي خلل في المخيخ في اختلال وظائفه العديدة، مما يفقد الإنسان القدرة على الوقوف بشكل صحيح ومتوازن كما في السابق".
والمخيخ، بحسب موقع "ويب طب"، هو في جوهره عضو حركي مسؤول عن تنظيم توتر العضلات، وتنسيق الحركات (Coordination)، خاصة الإرادية منها، ومراقبة الوقوف والمشي".
وأشار الموقع إلى أن "الوظائف الحركية لا تصل لمستوى الوعي، وأساس مشاركة المخيْخ هو بمباشرة وتعديل (Modulation) الحركة المطلوبة الصادرة عن المنطقة الحركية في المخ الكبير".
صداع.. وعدم قدرة على التركيزوبحسب موقع "المكتبة الأميركية للطب"، فإن نحو 30 في المئة من السكان في المناطق التي تأثرت بالهزات الأرضية العنيفة، قد يعانون من متلازمة دوار ما بعد الزلزال، وأنه في كثير من الحالات تحدث الأعراض عندما يكون الناس داخل منازلهم أو أماكن مغلقة، لاسيما عندما يكونون في وضعية جلوس أو الاستلقاء للراحة.
ويؤكد الأطباء أن احتمالية حدوث تلك المتلازمة تقل عندما يكون الناس في الهواء الطلق أو أماكن غير مغلقة.
وبالنسبة للأعراض، يقول عبد الله: "تميز متلازمة دوار ما بعد الزلزال عدة أعراض، قد تشمل دوارا شديدا وإحساسا بالدوخة، وعدم الاتزان والتعثر أثناء الحركة، وغثيان وقيء، وصداع وآلام في الأذن، وعدم القدرة على التركيز".
ولدى سؤاله بشأن تأثير الجنس أو العمر على حدوث المتلازمة، يجيب: "لا يوجد دليل قاطع على أن ذلك الاضطراب يصيب نسبة أعلى من النساء أو الرجال، إذ يمكن أن يتأثر الجميع بمتلازمة دوار ما بعد الزلزال، بنفس الطريقة".
دراسة: تمرينات بسيطة يمكنها تخفيف الدوخة عند الوقوف الشعور بالدوخة عند الوقوف هو أمر شائع وينتج عن انخفاض ضغط الدم عند الوقوف، لكن بحثا جديدا يشير إلى أن تمارين عضلية بسيطة قد تحد من ذلك.ويضيف: "مع ذلك، قد تختلف الاستجابة الفردية للأعراض من شخص لآخر، باختلاف الجنس والعمر والصحة العامة".
وبشأن الوقاية والعلاج، يجيب عبد الله: "ينبغي دوما الحفاظ على مستوى عالٍ من اللياقة البدنية، وتجنب مشاهدة التقارير الإخبارية التي تتحدث عن الزلازل".
كمت ينبه إلى أن "العلاج الفيزيائي يساعد على استعادة جهاز التوازن لعمله بشكل طبيعي"، موضحا أن "ثمة تمارين يوصي بها المختصون، بحسب العمر والجنس وشدة الحالة".
ويشير الطبيب في ختام حديثه إلى موقع الحرة، إلى أنه "بالإمكان أن يوصف للبعض عقاقير معينة لمن يعانون دوار الحركة"، مشددا على ضرورة تناولها "تحت إشراف الطبيب المختص، ولمدة قصيرة".
المصدر: الحرة
إقرأ أيضاً:
الفيضانات في إسبانيا وتواصل البحث عن ناجين بدعم خاص من الجيش
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
منذ بدء الفيضانات في جنوب شرق إسبانيا يوم الثلاثاء 29 أكتوبر الماضي، فقد ما لا يقل عن 217 شخصا حياتهم وما زال الكثيرون في عداد المفقودين.
ولم تعلن السلطات عن أي أرقام منذ بداية الكارثة،ويتواصل البحث عن ناجين بدعم خاص من الجيش الذي جاء كتعزيزات، ويخشى رجال الإنقاذ على وجه الخصوص أن يكون العديد من الأشخاص محاصرين في مواقف السيارات تحت الأرض، والتي لا يزال بعضها قيد الاستكشاف.
ونقلت شبكة راديو وتلفزيون بلجيكا ار.تي.بي.إف عن الصحافة الإسبانية انه تم تداول تقديرات مختلفة لعدد الأشخاص المفقودين:فعلي سبيل المثال لا الحصر ذكرت صحيفة إل دياريو الإسبانية اليومية، أن عدد المفقودين بلغ 2500 أشخاص لتتدخل السلطات بسرعة لتوضيح الأمر، مؤكدة أنه لم تتم استعادة الاتصالات في العديد من المناطق.
وبدوره أكد كارلوس مازون، رئيس منطقة فالنسيا، الأسبوع الماضي أنه تم تلقي "آلاف المكالمات" للإبلاغ عن حالة اختفاء، لكن غالبا ما يتم الإبلاغ عن اختفاء شخص ما عدة مرات.
وتوضح السلطات أيضًا أن الأقارب لا يبلغون بشكل منهجي عن العثور على شخص مفقود على قيد الحياة، ومنذ ذلك الحين، أعيدت الاتصالات في جزء كبير من مناطق الكوارث.
وقالت ممثلة الحكومة المركزية، في إقليم فالنسيا الإسباني، بيلار بيرنابي، عندما سئلت عن نقص المعلومات المتعلقة بعدد المفقودين: "لم يعد بإمكاننا العثور على أي جثث لأنه لم يعد هناك المزيد من الجثث على السطح".
أما عن خافيير ماركوس، الرئيس العام لوحدة الطوارئ العسكرية، فقد دعا المواطنين إلى التحلي بالصبر، قبل أن يشرح بالتفصيل الظروف الصعبة التي تواجه رجال الإنقاذ: لأن عمليات الإنقاذ لا تزال صعبة بسبب طبيعة التضاريس وحجم الأضرار.
ونقلت صحيفة إلباييس عن بيير ماتيو بارون، الأستاذ في الجامعة الأمريكية في روما والمتخصص في علم الآثار الجيولوجية، أن "إحصاء المفقودين يجب أن يتم بالتوازي مع عمليات الإغاثة الفورية وتقييم الأضرار، ويضاف إلى ذلك جمع المعلومات من أفراد الأسرة والسلطات المحلية ومرحلة أساسية للتحقق من خلال إحالة البيانات بين ملفات الصحة والهوية والشهادات على أرض الواقع.
خاصة وأن رجال الإنقاذ يقومون بعمل شاق للغاية، حيث يقومون بفحص كل سيارة لمعرفة ما إذا كان هناك أي أشخاص مفقودين".
ومن جانبه، قال فاوستو كوينتانيلا، المتحدث باسم بلدية ريبا روجا دي توريا، الواقعة بالقرب من فالنسيا: "أعتقد بصدق أننا مندهشون من حجم ما يحدث لدينا 60 قرية متأثرة، وفي بعض البلدات، بالكاد يعود الجنود لأنهم اضطروا إلى إخلاء المكان.
وأشار إلى أنه "يجب أن نفهم أن نموذج الدولة الإسبانية ليس مثل النموذج الفرنسي المركزي، إن حكومة المنطقة هي التي تقود تنسيق حالات الطوارئ والسيطرة على كل ما يحدث".
وتتبادل حكومة فالنسيا الإقليمية، بقيادة كارلوس مازون، من حزب المعارضة الرئيسي، والمسؤول التنفيذي للحزب الاشتراكي بيدرو سانشيز، اللوم على بعضهما البعض في الفشل في إدارة الأزمة.
ففي إسبانيا، تتمتع المناطق بقدر كبير من الحكم الذاتي، وعلى سبيل المثال، لكي يتمكن الجيش من التصرف، كما هو الحال حاليا في عمليات الإنقاذ في مقاطعة فالنسيا، يجب على الحكومة الإقليمية أن تطلب ذلك.
وأمام فشل السلطات في توحيد صفوفها، تولى جيش من المتطوعين المشاركة في عمليات التنظيف وتوزيع المواد الغذائية في مناطق الكوارث.