سودانايل:
2025-02-07@13:07:27 GMT

نخبة العنصرية

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

حملة بعض نُخب دارفور المستهدفة دولة ٥٦ تتأبط حمولة ثقيلة من الضغائن مستبطنة حججا مغلوطة بينما تحاول القفز فوق العديد من الحقائق الجيوسياسية، التاريخية والبيئية. ربما نتفق دون عناء مع الاحتجاج على أعراض التهميش في الإقليم . لكن من الصعب مجاراة إتهامات النخبة السياسية في الدولة المركزية بممارسات عنصرية تجاه دارفور.

أما تعميم الحديث عن عنصرية أبناء النيل (ولاد البحر)و الجلابة فلغو هراء يدين مردديه بنعوت قاسية ليس أقلها الجهل أو التحامل البغيض. على النقيض تماما فإن هذه الحملة تصدر عن منطلقات عنصرية نتنة برافعات عنصرية كريهة من أجل تحقيق مآرب مبرأة من القيم الوطنية النبيلة.
*****
الجلابة ساهموا في شد حبكة النسيج القومي بالتخالط والتصاهر كما حملوا مشاعل حداثة حيثما حلّوا. مزارعو مشروع الجزيرة تحملوا كلفة أعباء الدولة برمتها بلا منٍ أو أذىً حتى هبطت أسعار القطن على عتبات الاستقلال . لاسبيل لنكران اتسام اداء الصفوة السياسية بقصور ،بل اخفاقات، في شأن خطط البناء والتنمية. تلك معضلة تكابدها أقاليم السودان قاطبة بنسب متقاربة.ليست وقفا على دارفور.
*****
حَمَلَة الحملة العنصرية يقفزون عمداً مع الإستماتة في الإصرار فوق واقع وتاريخ دارفور .فهناك كثافة سكانية قوامها موزاييك قبلي (٨٩ قبيلة) تعتاش على نمط تقليدي في قطاعي الزراعة والرعي على رقعة محدودة الموارد. ذلك الواقع أفرز علاقات لايسودها الوئام الدائم . فالتنافس ،التكالب ،بل الصراع على الماء والمرعى بفعل مضاعفات إيكولوجية فاقم من حدة التكالب .فانكشاف الغطاء الأخضر،زحف البساط الأصفر واتساع شح مواسم الأمطار ساهمت معا في انتشار رقعة الجفاف مما زاد في محنة القبائل الحياتية . هذا الواقع وضع دارفور على سطح ساخن كما جعل منها بؤرة قابلة للاستثمار من قبل قوى الشر من كل حدب.
*****
القبائل النيلية لم تكن أسعد حالا إذ ضاق الشريط السكاني بأهله فانتشروا في أرجاء الوطن بحثًا عن بدائل حياتية. الصحراء لا تزال تضايق النيل . الخروج من الجرف النيلي ساهم فيه الوعي المكتسب في سياق انسياب حركة الحداثة من الشمال إلى الجنوب. لو واصل الجيش الفرنسي زحفه عبر فشودة لتبدل الحال في الغرب. في هذا السياق لم ينحبس الخروج غير المنظم داخل الوطن ،بل انسرب البعض إلى خارجه. تلك المغامرات أكسبت أصحابها إدراكاً بأهمية التعليم فكرّسوا جهدا لتعليم أبنائهم. هذا حقل شهد نظام تكافل اجتماعي فريدا إذ ساهمت عائلات في تعليم ذوي القربى والصحبة . صحيح لم تهتم الدولة الاستعمارية بفتح مدارس في دارفور لكن الثابت كذلك رفض أهل دارفور(تعليم الكفار) فواصلوا انكبابهم على القرآن الكريم.
*****
مع ذلك عند بلورة فجر دولة الاستقلال حضرت دارفور على السرح السياسي المركزي .فطارح مشروع قرار الاستقلال في ١٩ديسمبر داخل البرلمان هو عبد الرحمن دبكة النائب عن دائرة بقارةنيالا غرب.النائب المعزز للاقتراح فهو مشاور جمعة سهل ممثل دائرة دارحامد غرب. حماد ابو سدر من دائرةالجبال شرق ثنى على اقتراح نائب تقلي محي الدين الحاج بقيام جمعية تأسيسية لوضع الدستور..للمفارقة المحزنة رهان سهل على استقلال (يملأ أرجاء الوطن نوراً وسلاماً ورخاءاً). الثقل القبلي الطائفي شكّل عبءً أرهق كاهل الدولة الوليدة. لكن (دولة ٨٩)لم تستثمر في تلك الحمولة. تلك خطيئة غرقت فيها الإنقاذ وتوابعها.ففي ظلها جرى شرعنة القبلية في منظومة الحكم ،فجرى تمزيق النسيج الاجتماعي فاستيلاد الحركات المسلحة فتاءكل هيبة الدولة
*****
الخروج القبلي من الشريط النيلي إلى دارفور ليس بالطارئ .فربما يجسد عيال قمر احد أبرز التفاعلات السلمية في دارفور .جدهم حسب الله ودقمر هاجر من منطقة التراجمة قرب شندي . الذاكرة السياسية تحفل بنجوم في سماء الوطن أطلوا من دارفور مشهود لهم بالكفاءة والاستقامة . فوالدة مامون بحيري أول محافظ لبنك السودان وأحد أشهر من تولى وزارة المالية من دار السلطان علي دينار .كذلك الفريق حسن بشير نصر ، الرجل القوي في نظام عبود. كما صعد من هناك اللواء محمد ادريس عبدالله رئيس الأركان قبيل انقلاب نميري، الدكتور ادم موسى مادبو شاغل منصب وزير الدفاع واحد ابرز قادة حزب الامة، محمود حسيب ثاني ضابطين أسسا تنظيم الضباط الأحرار داخل الجيش السوداني في بدايات ستينيات القرن الأخير.فيليب عباس غبوش زعيم (اتحاد جبال دارفور)الفائز بمقعد برلماني عن دائرة في الخرطوم.الدكتور علي فضل مدير جامعة الخرطوم.
*****
مع اندياح دائرة التعليم في دارفور وصعود فتية إلى المرحلة الجامعية سرى وعي بحتمية النضال من أجل تحقيق تقدم حداثي على صعيد الإقليم . بين تلك الكوكبة أحمد ابراهيم دريج ،علي الحاج والتيجاني بدر . مشكلة اؤلئك أنهم لما( هبطوا الخرطوم بلا استقبال) لمسوا الفارق الشاسع بين الحياتين في العاصمة والإقليم كما قال بدر. فكأنما بدت لهم حيوات الناس في كل السودان شبيهة بما في الخرطوم . فمقابل الحس القومي عند الرعيل الأول من القيادات جنح جيل الصفوة الجديد تحت تأثير تلك الصدمة إلى الإنكفاء الإقليمي.ذلك أحد دوافع بروز التشكيلات ذات السمة الدارفورية مثل (نهضة دارفور). لكن حينما اتسعت الرؤى والطموح هرع أولئك إلى مظلات الأحزاب التقليدية
*****
لما اعتاش نظام الانقاذ على انتاج الأزمات زادت ظلامات أهل دارفور أذ استثمر النظام في التناقضات القبلية . في سياق إفراطه في استخدام العنف استولد تشكيلات مسلحة ونهضت تشكيلات مضادة.، فغرق الاقليم في مستنقع الدم بمشاركة فعالة من نخب القبائل فاستعرت نار العنصرية. عوضا عن بث الوعي وسط الجماهير ،استحداث مراكز دراسات و تخليق منظمات سياسية تكتسب بالممارسة القدرة على تطوير مستوى الحياة بمافي ذلك انتزاع مكاسب من الحكومة المركزية غرقت النخب الجديدة في لجة الدم ولهيب المحرقة وصولا إلى المكاسب الشخصية الضيقة. فامتيازات المناصب وأنصبة الثراء تجسد كل طموحات غالبية صفوة ونخب دارفور الحالية . فالقيادات الجائلة على خشبة المسرح السياسي الخراب لم تقدم غير الوبال على دارفور وكل السودان.
*****
إعلاء النبرة العنصرية تحت شعار إنهاء دولة ٥٦ ليس سوى محاولات خرقاء لتشويه صورة قيادات اتصفت بالحس الوطني والاستقامة الأخلاقية حد نكران الذات.كما تعكس قصورا فكريا عن الالمام بالوضع السياسي والاقتصادي ضحى الاستقلال ثم إبان الانظمة العسكرية كما يعكس تغليب الوله يالاكتناز الذاتي على الإنشغال بالغايات الوطنية العليا والسامية.الموقف الرافض لعمليات التدمير والإخلاء الممنهج في الخرطوم يمثل معيار الوعي والانتماء السوداني القومي.فالحرب الراهنة تتخذ طابع الإستيطان القسري. ذلك لم بكن البتة من ممارسات الجلابة أينما نزلوا.

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

محمد بن زايد يمنح 10 سفراء إماراتيين وسام زايد الثاني

منح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، عشرة من سفراء الدولة في الخارج وسام زايد الثاني من الطبقة الأولى، وذلك تقديراً لدورهم المحوري في بناء علاقات تعاون وشراكات اقتصادية وتجارية قوية ومتطورة بين دولة الإمارات والعديد من الدول الشقيقة والصديقة.

ويأتي هذا التكريم بتوجيهات رئيس الدولة، تقديراً للمبادرات والجهود الرائدة لأصحاب السعادة السفراء ورؤساء البعثات التمثيلية للدولة بالخارج، في ترسيخ دعائم علاقات اقتصادية وتجارية متنامية ومتطورة مع الدول التي يعملون بها، وجذب الاستثمارات إلى الدولة، وزيادة نسبة صادرتها إلى الخارج.
وقلد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، السفراء الأوسمة، على هامش أعمال الدورة التاسعة عشرة لـ"ملتقى السفراء ورؤساء البعثات التمثيلية للدولة في الخارج" الذي نظمته وزارة الخارجية واختتم أعماله أمس الخميس.
وضمت قائمة الحاصلين على الوسام.. الدكتور محمد أحمد الجابر، سفير الدولة لدى روسيا الاتحادية، وأحمد وهيب معز أحمد العطار، سفير الدولة لدى جمهورية ألمانيا الاتحادية، والشيخ نهيان بن سيف بن محمد آل نهيان، سفير الدولة لدى المملكة العربية السعودية، ويوسف مانع العتيبة، سفير الدولة لدى الولايات المتحدة الأميركية، والدكتور عبدالناصر جمال الشعالي، سفير الدولة لدى جمهورية الهند، ومحمد مراد البلوشي، سفير الدولة لدى جمهورية أذربيجان، والدكتور محمد سعيد العريقي، سفير الدولة لدى جمهورية كازاخستان، ومحش سعيد الهاملي، سفير الدولة لدى جمهورية جنوب إفريقيا، والدكتور مطر حامد النيادي، سفير الدولة لدى دولة الكويت، ومنصور عبدالله خلفان بالهول، سفير الدولة لدى المملكة المتحدة.
وأعرب الشيخ عبدالله بن زايد عن تقديره وامتنانه العميق لرئيس الدولة، على دعمه اللا محدود للدبلوماسية الإماراتية، متوجها بالشكر والتقدير إلى فرق العمل في السفارات كافة، على جهودهم لتعزيز سمعة ومكانة دولة الإمارات المتميزة على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وفي سياق متصل، كرم الشيخ عبدالله بن زايد، 6 من الفائزين بجائزة وزير الخارجية للتميز في دورتها الخامسة.
وفازت في فئة رئيس البعثة الدبلوماسية المتميز، حنان خلفان العليلي، سفيرة الدولة السابقة لدى لاتفيا، وفي فئة البعثة الدبلوماسية المتميزة، سفارة الدولة في الرياض، والبعثة الدائمة للدولة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، وسفارة الدولة في بيونس آيريس، و‏سفارة الدولة في هراري، والقنصلية العامة للدولة في أربيل.
حضر التكريم.. ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، والشيخ شخبوط بن نهيان آل نهيان وزير دولة، ونورة بنت محمد الكعبي، وزيرة دولة، وخليفة شاهين المرر، وزير دولة، وأحمد بن علي الصايغ، وزير دولة، ومساعدو وزير الخارجية ووكيل الوزارة والوكلاء المساعدون ومديرو الإدارات والمراكز والمكاتب المعنية في الوزارة.
إلى ذلك ، استعرض المشاركون في "ملتقى السفراء ورؤساء البعثات التمثيلية للدولة في الخارج" في اليوم الختامي لأعماله، القضايا الجيوستراتيجية على المستويين الإقليمي والدولي ورؤية دولة الإمارات تجاهها، والتحديات العالمية، والفرص أمام سياسة دولة الإمارات في 2025.
وناقش الملتقى على مدار أربعة أيام ومن خلال 18 جلسة نقاشية و4 ورش عمل، سبل دعم قضايا السلام والأمن، وتعزيز نهج بناء الجسور، وتحفيز التقدم الاقتصادي والاستثماري وإستراتيجيات بناء مستقبل واعد عبر تعزيز الدبلوماسية الاقتصادية والتكنولوجيا الناشئة، وتطوير التعاون والشراكات الدولية في العديد من المجالات الحيوية ذات الأولوية الوطنية للحفاظ على مكانة الإمارات الرائدة وتدعيمها.
وتحدث ضيف شرف الملتقى إريك شميت، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "جوجل"، عن تأثير الابتكار التكنولوجي على العالم، والفرص الكامنة في هذا القطاع الحيوي.
وشكل "ملتقى السفراء ورؤساء البعثات التمثيلية للدولة في الخارج" الذي تنظمه وزارة الخارجية بشكل سنوي، وحمل هذا العام عنوان: "الدبلوماسية الإماراتية: تحقيق السلام والنمو والازدهار العالمي"، فرصة مهمة للتفاعل والحوار وتبادل الآراء والأفكار مع القادة والمسؤولين في الدولة وسفراء ورؤساء البعثات التمثيلية في الخارج.

مقالات مشابهة

  • رئيس الدولة يمنح 10 سفراء إماراتيين وسام زايد الثاني
  • محمد بن زايد يمنح 10 سفراء إماراتيين وسام زايد الثاني
  • ماذا يعني تحرير الخرطوم؟
  • السودان يكشف حجم دمار وتخريب في أكبر منشأة لإنتاج وتكرير النفط ويعلن تدخل دولة كبرى لإعادة الاعمار والصيانة “فيديو”
  • الاتحاد البرلماني العربي يستنكر “التصريحات العنصرية” التي تدعو إلى تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة
  • وزير الدفاع الأسبق لـ”المحقق”: الجيش سينتصر في الخرطوم والجزيرة وستبقى المشكلة في دارفور
  • منظمة الهجرة الدولية: أكثر من 15مليون نازح في السودان .. أكثر الولايات نزوحا هي الخرطوم ثم جنوب دارفور وشمال دارفور بحسب المنظمة الأممية
  • التاريخ المغيب
  • باحث سياسي: الجيش السوداني اقترب من الجسر الرابط بين شرق وغرب الخرطوم
  • مقتل 65 شخصا على الأقل بقصف مدفعي وجوي على مدينتين سودانيتين