مجلس شباب اللغة العربية يدعو لاعتماد أُسس لغوية لإضافة كلمات جديدة إلى المعاجم
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
أبوظبي في 14 سبتمبر / وام/ دعا مجلس شباب اللغة العربية إلى مناقشة طرق اعتماد كلمات جديدة في المعاجم العربية، وتحديدها وفق أُسس لغوية واضحة.
جاء ذلك بعد القرار الأخير الذي اتخذه مجمع اللغة العربية بالقاهرة بإدراج كلمة "ترند" الإنجليزية مع عدد من الكلمات العربية الأصل في المعجم العربي، وذلك في سياق محاولاته لتطوير اللغة العربية وتكييفها مع التغيرات اللغوية والتقنيات الحديثة.
وأكد المجلس أهمية تحديث اللغة ومواكبتها للتغيرات في المجتمع، لكن مع الإشارة إلى أن يتم هذا التحديث بحذر شديد، وبمراعاة تأثيراته على هوية اللغة العربية وطبيعتها، وتجنب إدراج كلمات أجنبية إلى متنها من دون ضرورة لغوية قصوى، وقد صرّح المجمع اللغوي بالقاهرة نفسه في أحد قراراته السابقة، بحتمية حصر عملية تعريب الكلمات الأجنبية على حالات الضرورة، وذلك أيضا في المجالات الفنية والعلمية.
كما شجع المجلس على محاولات تمكين اللغة العربية لمواكبة الابتكارات والتقنيات الحديثة، فلغتنا تقبّلت قديماً وحديثاً كلمات من هذا النوع من اللغات الأخرى، ولكن السبب كان حينها احتياجاً علميَّاً وعدم وجود مقابل في الفصحى ، وشجَّع أيضاً على نشر كلمات فصيحة من صلب العربية للدلالة على أي مفهوم جديد، بدلاً من تثبيت الكلمات الأخرى الرائجة. فاللغة العربية لغة ثرية بمفرداتها وقادرة على التطور والتكيُّف ضمن أطر قواعدها الاشتقاقية المحكمة.
وفي السياق نفسه، عبر المجلس، عن التزامه بالعمل للحفاظ على اللغة العربية وتطويرها بشكل مستدام ومتوافق مع العصر الحديث، وبتفعيل دور الشباب العربي في سبيل تحقيق توازن بين التطوير اللغوي والحفاظ على هوية اللغة العربية.
وتأتي هذه الدعوة من مجلس شباب اللغة العربية، الذي جاء تتويجاً للشراكة بين مركز أبوظبي للغة العربية ومركز الشباب العربي، بعد اجتماع أعضائه الثلاثة والعشرين من 10 دول مختلفة، بما فيها الهند واليابان، ومتابعة الآراء والتصريحات المتنوعة التي نُشرت بعد إعلان إعتماد كلمة "ترند".
رضا عبدالنور/ أحمد جمال
المصدر: وكالة أنباء الإمارات
كلمات دلالية: اللغة العربیة
إقرأ أيضاً:
افتتاحية.. لحظة اللغة العربية الفاصلة
احتفل العالم العربي هذا الشهر بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، وربط الاحتفال هذا العام باستكشاف مستقبل اللغة العربية مع الذكاء الاصطناعي وكيف يمكن أن تستفيد لغتنا من ثورة الذكاء الاصطناعي.
ورغم ما تمتلكه اللغة العربية من عذوبة في مفرداتها وفي استعاراتها البديعة وفي قدرتها على استيعاب القرآن الكريم، والشعر العربي من العصر الجاهلي إلى زمن قصيدة النثر إلا أنها اليوم تقف على أعتاب مرحلة جديدة من التفاعل مع العقل الاصطناعي الذي قد يُعيد تشكيل أساليب استخدامها وتوسيع رقعة تأثيرها.
وتبدو اللغة العربية من أكثر اللغات القادرة على الاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي الذي يقوم على توظيف الخوارزميات الرياضية في التفكير وإنتاج المحتوى الجديد وسبب ذلك أن اللغة العربية نفسها قائمة على المنطق الرياضي سواء في علم النحو الذي يحكمها أو في علم الصرف والأوزان الذي تشكل بنية الكلمات العربية. ولنا أن نتصور كيف مزجت اللغة العربية بين علم الرياضيات والمنطق وبين سحر كلماتها وعذوبتها لنتبين عظم هذه اللغة وعبقريتها.
وهذه اللحظة استثنائية جدا في تاريخ اللغة العربية لا بد أن تستغلها وتستثمر تقنيات الذكاء الاصطناعي لتكون لغتنا العذبة في طليعة لحظة التقدم العالمية. ومن نافل القول إن أي تقدم حضاري لا يمكن أن يتم في معزل عن اللغة وأي نهضة ثقافية لا تستقيم دون لغة، ومتى ما أرادت الأمة العربية أن تحقق نهضتها وأن تلحق بركب الأمم فعليها أن تعتني بلغتها لا بلغة غيرها. والآن وأمام هذه الثورة التكنولوجية والثقافية التي حققها الذكاء الاصطناعي فإن الفرصة تبدو ذهبية أمام لغتنا لتطوير أدوات الترجمة الآلية ذات الدقة المتناهية من اللغة العربية وإليها، وتعزيز تقنيات التعرف على الصوت ومعالجة النصوص، وصولاً إلى إنشاء محتوى متقن يخدم أهداف التعريف بالعالم العربي وتاريخه.
يحتاج هذه الأمر مع وجود الإرادة والأدوات إلى رؤى مستنيرة تحافظ على أصالة اللغة وقيمها، دون أن تفقد مرونتها في التفاعل مع ما هو حديث. فالذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة، بل هو شريك يتطلب منّا أن نمده ببيانات تعكس عمق تراثنا وجماليات لغتنا. كيف يمكن أن نجعل الذكاء الاصطناعي يتذوق جمال البديع والطباق والجناس والاستعارات؟ وكيف يمكننا أن نحمي لغتنا من التشويه وهي تعبر جسر التقنية؟
هذه الأسئلة مهمة جدا في بناء العلاقة بين اللغة العربية وبين الذكاء الاصطناعي ولكن الأمر لا يبدو أنه مجرد خيار مطروح أمامنا ولكنه ضرورة لاستمرار نبض لغتنا بالحياة في عالم متجدد تتقن أجياله لغة العصر وأدواتها. واللغة العربية قادرة عبر استثمار هذه الأدوات الجديدة والتقنيات لتكون حاضرة في السياق العالمي ومتحدثة بمفرداتها وجمالها وبالتالي بالعقلية الثقافية التي تكمن خلف ظلال كلماتها الساحرة.
لكن هذا الأمر يحتاج إلى جهود كبيرة في أوقات عمل حقيقية وليس في مناسبات احتفائية ومنبرية والجهد الكبير سيكون على عاتق الجامعات العربية والمراكز البحثية والمؤسسات المتخصصة في علوم اللغة العربية كما أنه جهد جمعي يلقى بشكل عام على عاتق الأمة العربية جمعاء.. وهذا مشروع لا يحفظ الإرث والتاريخ العربي عبر تطوير اللغة ومواكبتها مع مستجدات العصر ولكنه مشروع لبناء بواباتنا نحو المستقبل.
إنها لحظة اللغة... ولحظة التقنية.. لحظة تلاقي الماضي والمستقبل في حضن الحرف العربي الخالد.