سلطان: «المخطوطات» ستكون إحدى دور نشر العلم بدل غثّ المواقع
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
الشارقة:«الخليج»
أكد صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، رئيس «دار المخطوطات» في إمارة الشارقة، أهمية العناية بالمخطوطات القديمة في جميع المجالات، لما لها من فوائد عظيمة للأجيال الجديدة في معرفة تراثها، وجهود العلماء السابقون في العلوم المختلفة. مشيراً سموّه إلى أن الدار ستكون مفتوحةً أمام الجميع، وسيكون الاهتمام بكل ما تحتاجه من المادة العلمية والاستقلال المالي وغيره، لتكون إحدى مؤسسات بسط العلم ونشره من الشارقة.
جاء ذلك في كلمة سموّه، التي ألقاها صباح الخميس، خلال زيارته لدار المخطوطات في إمارة الشارقة، حيث تناول أهمية الدار في العمل على عدد من الأهداف الثقافية والعلمية، التي من أهمها جمع المخطوطات وتوفيرها للباحثين الأكاديميين والطلبة وعامة الناس، قائلاً «ما نصبو إليه أن تنطلق هذه الدار ليس للمخطوطات الإسلامية فقط، وإنما لجميع المخطوطات، حيث لدينا مجموعة كبيرة منها، في الطب والعلوم والهندسة، إلى جانب عدد من الموضوعات الأخرى المهمة المتوافرة بالوثائق الأجنبية، لتكون دار المخطوطات بالشارقة ذات إشعاعٍ فكري ليس للدارسين فقط، وإنما كذلك للباحثين وعامة الناس».
ولفت سموّه، إلى فكرة الدار واهتمامه الشخصي بها، قائلاً «دار المخطوطات ستكون إحدى دور نشر العلم بدل الغثّ الذي تنشره مواقع التواصل بشكل عام، لذلك لا بدّ من الدخول في هذا المجال، وأن نزاحم فيه رافعي راية الدين واللغة والأخلاق والثقافة، حتى يكون لنا موقع وسط هذا التنافس، ولذلك آليت على نفسي أن أقتطع جزءاً من وقتي لهذه الدار، لأن ما بها جزءٌ مني».
وأثنى صاحب السموّ حاكم الشارقة، خلال كلمته، على جهود عبد الرحمن العويس، نائب رئيس دار المخطوطات، ومشاركته واسهامه، بإهداء عدد كبير من المخطوطات النادرة إلى الدار. كما قدم سموّه، الشكر إلى «الجامعة القاسمية» على جهودها الكبيرة في المخطوطات، وإلى مصرف الشارقة الإسلامي، على مجموعة المخطوطات النادرة التي أهداها إلى الدار.
مجلة فصليةوتناول سموّه، الاهتمام الواسع بدار المخطوطات، عبر البرامج المتنوعة والإعداد لها، وتشمل مجلة فصلية (أربعة أعداد خلال العام)، تعمل على نشر أخبار الدار، والتعريف بمخزونها من الوثائق وما وصلها من مخطوطات، والعمل الذي تقوم به في الترميم والتصحيح، إلى جانب نشر مخطوطة واحدة بكامل محتواها وتفاصيلها في كل عدد، أو الموقع الإلكتروني التابع للدار لفائدة القارئ والمتابع.
ولفت سموّه، إلى أن الدار ستعمل على بسط العلم أمام الجميع، عبر تسهيل الوصول إلى المخطوطات المتوافرة لديها، عن طريق فتح الباب أمام الباحثين، حيث ستوفّر نسخاً إلكترونية تكون متاحة أمامهم للحضور والاطلاع والبحث العلمي والتثقيف الذاتي، على عكس كثير من دور الوثائق العالمية التي لا تمكّن الباحثين من الوصول إلى المخطوطات.
وأعرب سموّه، عن اعتزازه وفخره بكل المؤسسات التعليمية والثقافية والتاريخية في إمارة الشارقة. مشيراً إلى أن جلّ الموجودات فيها من مقتنيات سموّه الخاصة، ولذلك فهي قريبة منه، سواء كانت متاحف أو مكتبات أو مخطوطات أو غيرها. داعياً الجميع إلى زيارة الدار والاستفادة من العلوم الكثيرة والنادرة التي تحتويها، لأن هذه الوثائق تراث الأمة، ومصدر الثقة بها وبالأسلاف السابقين وما وصلوا إليه من علم ومعرفة.
وكان سموّه، قد اطلع، خلال جولته في الدار، على مجموعة من المخطوطات المتنوعة في المجالات ذات العلاقة بالتاريخ الإسلامي والمصحف الشريف من عصور مختلفة، التي أهداها سموّه إلى الدار. كما استعرض مجموعة أخرى من المخطوطات والوثائق التي أهداها مصرف الشارقة الإسلامي إلى الدار.
وتلا الدكتور منصور بن نصار، رئيس الدائرة القانونية لحكومة الشارقة، قبيل الجولة، المرسوم الأميري الذي أصدره صاحب السموّ الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، بإنشاء دار المخطوطات وتنظيمها في إمارة الشارقة.
رافق صاحب السموّ حاكم الشارقة، خلال زيارته: عبد الرحمن العويس، وزير الصحة ووقاية المجتمع، نائب رئيس دار المخطوطات، والدكتور خليفة مصبح الطنيجي، رئيس مجمع القرآن الكريم بالشارقة، والدكتور منصور بن نصار، رئيس الدائرة القانونية لحكومة الشارقة، وجمال سالم الطريفي، رئيس الجامعة القاسمية، ومحمد عبدالله، الرئيس التنفيذي لمصرف الشارقة الإسلامي، ومحمد حسن خلف، المدير العام لهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، وعدد من مديري المؤسسات العلمية والأكاديمية.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات فی إمارة الشارقة دار المخطوطات صاحب السمو إلى الدار
إقرأ أيضاً:
رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود القيادة السياسية في رفض التهجير القسري لأهل غزة
أشاد الدكتور سلامة جمعة داود، رئيس جامعة الأزهر، بجهود القيادة السياسية بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، وموقفه الثابت الرافض للتهجير القسري للأشقاء في قطاع غزة.
وثمن رئيس جامعة الأزهر، المواقف المضيئة لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، تجاه قضايا الأمة، مؤكدًا أنَّ التاريخ سوف يسطرها بحروف من نور؛ جاء ذلك خلال كلمته في افتتاح فعاليات المؤتمر العلمي الدولي الثاني لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بمدينة السادات الذي يقام تحت عنوان: «البحث العلمي في الدراسات الإسلامية والعربية بين مشكلات الواقع وآفاق التطوير».
ونقل رئيس جامعة الأزهر، للحضور تحيات فضيلة الإمام الأكبر وصادق رجائه أن ينتهي المؤتمر بتوصيات علمية قيمة نافعة، مشيدًا باختيار الكلية لعنوان المؤتمر الذي تتبارى فيه العقول والأقلام، وهو «البحث العلمي في الدراسات الإسلامية والعربية».
وقال رئيس جامعة الأزهر: حسنٌ جدًا أن نجتمع هنا لنتحدث عن البحث العلمي الذي لا سبيل لرقيه وتقدمه ونهضته إلا بإنتاج المعرفة، والإضافة إليها، وألا نعيشَ عالة على ما تُنْتِجُهُ العقولُ الأخرى، مؤكدًا أنه إذا خَرَجْنَا من هذا المؤتمر بهذه التوصيةِ المهمةِ وهي (ضرورةُ إنتاج المعرفة)؛ فقد خَرَجْنا بيدٍ ملأى بالخير كله، مستدلًّا بحديث المصطفى -صلى الله عليه وسلم: «اليد العليا خير من اليد السفلى».
وأشار إلى أننا فهمنا هذا الحديث على وجهٍ تحجرنا به واسعًا، وضيقنا به عموم الحديث الشريف، وذلك حين قصرنا فهمه على أن اليد العليا هي يد الغني التي تعطي الفقير شيئًا من الصدقة، ولو حملناه على العموم لكان سر نهضة الأمة؛ فاليد العليا في العلم خير من اليد السفلى في العلم، واليد العليا في العلم هي اليد التي تنتج العلم، واليد السفلى في العلم هي اليد التي تستورد العلم، واليد العليا هي اليد التي تملك القوة في الاقتصاد والزراعة والصناعة والغذاء والدواء والسلاح وفي كل مجالات الحياة.
وأشار رئيس الجامعة أنه إذا أردنا تطوير البحث العلمي والارتقاء به فعلينا أن نبحث عن الثغور التي ليس عليها مرابط، أي: عن الموضوعات الجديدة والرياض الأنف التي لم تحم حولها عقول الباحثين، وهذه كلمة نبيلة حفظتها عن شيخنا العلامة المغفور له الدكتور محمود توفيق محمد سعد.
وطالب رئيس الجامعة بالغوص في أعماق البحوث العلمية وعدم الاكتفاء بالوقوف على القشرة السطحية؛ لافتًا إلى أن الباحث الحقيقي لا يكون واقفًا عند الزَّبَد الطافي على سطح الماء؛ بل عليه أن يغوص في القاع بحثًا عن اللؤلؤ والمرجان والصدف الكريم.
وشدد رئيس الجامعة على أهمية الالتزام بأدب العلم وأخلاق المناظرة؛ بهدف الوصول إلى الحق والصواب، البعيد عن إثارة العوام وأشباه العوام، وإشعال نار تمتد لظاها لتأكل أمن الناس وراحتهم واستقرارهم، وتمتلىء ساحاتنا ثرثرة تضيع فيها الأوقات والأعمار؛ ويأكل فيها القوي الضعيف، ويشمت الغالب بالمغلوب، وتنقلب حياة الناس بين عشية وضحاها إلى حالة من البلبلة.
وبيَّن رئيس الجامعة أن العلم لا يؤخذ بكثرة الضجيج ولا بارتفاع الصوت ولا بكثرة الظهور، وإنما يؤخذ بطول المراجعة والمفاتشة والتحري والتثبت وحسن النظر والإنصات، حتى قال القاضي الباقلاني: إن العلم يحتاج إلى سكون طائر؛ يعني أن المسألة الدقيقة لو زقزق عصفور لطارت الفكرة وشردت وضاعت؛ ولذا كان أصحاب الفكر يستعينون بالظلام على صيد الخواطر وبنات الفكر المهذب حتى قال أبو تمام بيته المشهور:
خذها ابنة الفكر المهذب في الدجى والليل أسود حالك الجلباب
واستعرض رئيس الجامعة خطوات جامعة الأزهر الموفَّقَة؛ ومنها: إحياء مجالس العلم لتنشغل الأقسام العلمية في مجالسها بالعلم حتى يُسْمَعَ للعلم فيها دَوِيُّ كدَوِيِّ النَّحْلِ، فإن العلم يزكو بالمدارسة التي تفتح آفاقه وتَمُدُّ مَيدَانَه وتبعث في كل نفس منه خواطر صالحة لأن تستنبط من المعلوم مجهولًا، ولأن تُنْجِبَ من رَحِمِ الفكرة فكرةً جديدةً، ومن رحم المعرفة معرفة جديدة.
وقال رئيس الجامعة: إن العلماء الصادقين لا يحولهم عن العلم فقر ولا غنى ولا تقلب الدنيا بهم، ويحسن لأن نُذَكِّرَ في هذا السياق بالمناظرة التي دارت بين أبي الوليد الباجي شيخ فقهاء الأندلس وابن حزم كبير علمائها وفلاسفتها؛ فقد دامت المذاكرة بينهما ثلاثة أيام، وفي نهايتها قال أبو الوليد لابن حزم: اعذرني فقد طلبتُ العلم على مصابيح الشوارع، يريد أنه بلغ مبلغه من العلم مع فقره الشديد الذي حرمه من اتخاذ مصباح خاص به، فقال له ابن حزم: أنا أبلغ منك عذرًا؛ فقد طلبت العلم على قناديل الذهب والفضة، يريد أنه لم يصرفه ثراؤه العريض عن الإقبال على البحث والدرس حتى بلغ مبلغه من العلم.
كما ذكر رئيس الجامعة أنه كان من الخطوات الجادة في جامعة الأزهر تكوينُ مجموعاتٍ بحثية تقوم على بعض المشاريع العلمية الناهضة التي ترفع شأن الجامعة، ومما يدخل في هذه التجربة دخولًا أوَّليًّا تلك اللجنة المباركة التي تقوم على إصدار موسوعة جامعة الأزهر في الحديث النبوي الشريف، وهي لجنة من أكابر علماء الحديث ومن شباب علمائه في جامعة الأزهر، هدفها إخراج عشرة آلاف حديث صحيح متنًا وسندًا، وقد أنجزت حتى الآن ما يزيد عن سبعة آلاف حديث. وكذلك من العمل الموسوعي الذي تنهض به اللجان ولا ينهض به فرد واحد موسوعة «أسرار تنوع القراءات في القرآن الكريم» فقد نوقشت في كلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر ما يقارب العشرين رسالة دكتوراه في هذا المشروع، والآن يجري تنقيحُ هذه الرسائلِ العشرين واختصارُها وتهذيبُها والعملُ على إخراجها؛ لتكون أول موسوعة تتناول جميع القراءات القرآنية بالتحليل الشامل.
وأكد رئيس الجامعة أن العالم الذي نعيش فيه اليوم لا مكان فيه لجاهل ولا لمتكاسل، ورحم الله أحمد شوقي أمير الشعراء حين نظر إلى أبي الهول وهو رابض في الجيزة الفيحاء فقال:
تَحَرَّكْ أبا الهول هذا الزمانُ
تَحَرَّكَ ما فيه حتى الحَجَر
ودلل رئيس الجامعة بوصف للشيخ محمد الغزالي -عليه رحمة الله- للأزهر الشريف قال فيه: «إن الأزهر الشريف مصنع الأدوية لعلل الأمة، فإذا غُشَّتِ الأدويةُ التي يُصْدِرُها المصنع، فإن العلل ستبقى مضاعفة»؛ ومن هنا فإن العناية بالأزهر الشريف تعد من باب العناية بالدِّين، وقد حَفِظْتُ عن شيخنا أبي موسى–أطال الله في العافية بقاءه– قوله لي مشافهة: «إن الإصلاح في الأزهر الشريف كالإصلاح في الحرم» هذا سمعته أذناي من شيخنا العلامة ووعاه قلبي.
وأوضح رئيس الجامعة أنه إذا أردنا أن نرتقي بالعلم فعلينا أن تقوم حياتنا العلمية على مبدأ الإنفاق من العلم وعدم كتمانه، فإن العلم يزكو بالنفقة "عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»
ومن أمثال العرب: «خير العلم ما حُوضِرَ به».
وختم رئيس الجامعة كلمته بتوجيه الشكر إلى كلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالسادات عميدها ووكيليها وأعضاء هيئة التدريس والإخوة الموظفين والعمال على مشاركتهم المستمرة في القوافل الإغاثية التي ترسلها جامعة الأزهر لأهلنا في غزة، لافتًا أنها أكبر كلية تسهم في هذه القوافل، سائلا المولى -عز وجل- النصر لإخواننا المسلمين في غزة، وأن يشفي صدورهم بهزيمة عدوهم، مؤكدًا أن العربي الصريح لا ينام على ذل، ولا ينام على ثأر، ومن أمثال العرب: «لا ينام إلا من اثَّأَر» أي: من أدرك ثأره.