بعد شهرين من توقيع اتفاقية الهجرة.. رفض دخول أعضاء البرلمان الأوروبي إلى تونس
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
تم رفض دخول مجموعة من أعضاء البرلمان الأوروبي إلى تونس ، مما أثار تساؤلات حول الشراكة المثيرة للجدل بشأن الهجرة التي وقعتها تونس مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، والزعيمة الإيطالية، جيورجيا ميلوني، هذا الصيف.
ومن المقرر أن تصل لجنة الشؤون الخارجية برئاسة النائب الألماني في البرلمان الأوروبي مايكل غاهلر إلى البلاد الجمعة.
وكان الهدف من الزيارة هو إلقاء نظرة متعمقة على الوضع السياسي في تونس ودعم الحوار حول مذكرة التفاهم التي وقعها الاتحاد الأوروبي والرئيس التونسي في يوليوز .
وتضمن جدول الأعمال اجتماعات مع منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية وقادة المعارضة ومبعوثي الأحزاب السياسية، فضلا عن سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي في تونس.
لكن بعد رفض دخول البلاد، سيتم الآن طرح أسئلة حول التزام تونس تجاه الاتحاد الأوروبي واستعداد الرئيس قيس سعيد لمعالجة المخاوف بشأن انخفاض حقوق الإنسان واستقلال القضاء تحت إشرافه.
وكان الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأن الهجرة مثيرا للجدل إلى حد كبير.
وتعرضت هذه الخطوة لانتقادات مؤخرًا من قبل منظمة أطباء بلا حدود الخيرية، التي قالت إنها ستجعل الكتلة "متواطئة بشكل مباشر في الانتهاكات المستمرة ووفيات الأشخاص المحاصرين في البلاد".
تم التوقيع على اتفاقية الهجرة بعد زيارة جوية إلى تونس قامت بها فون دير لاين وميلوني ورئيس الوزراء الهولندي مارك روته – وهي الرحلة الثانية لهم خلال خمسة أسابيع.
ويتضمن اتفاقا لإعادة آلاف المهاجرين التونسيين الذين يقومون بالرحلة الخطيرة عبر البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا، إلى جانب مبادرة جديدة لتسريع الطرق القانونية للتونسيين للعمل أو الدراسة في الاتحاد الأوروبي.
وفي إطار الاتفاق سيتم تخصيص 105 مليون يورو لمساعدة تونس في التعامل مع مهربي البشر. وسيتم توفير حوالي 15 مليون يورو لتسليم العقود مع المنظمات الإنسانية مثل الهلال الأحمر لنقل ودعم المهاجرين الذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم الأصلية.
وتواجه تونس انتقادات بشأن معاملتها للمهاجرين. وفي فبراير، ألقى سعيد خطابا عنصريا قال فيه إن "جحافل" المهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى متورطة في "مؤامرة" لتغيير التركيبة الديموغرافية للبلاد. ورأى بعض المراقبين أن الخطاب يشكل محاولة من الرئيس لإلهاء التونسيين عن الوضع الاقتصادي السيئ وتدهور حرياتهم بعد أن علق البرلمان في عام 2021 وبدأ الحكم بمراسيم.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: البرلمان الأوروبي تونس الهجرة البرلمان الأوروبی الاتحاد الأوروبی
إقرأ أيضاً:
أين تقف تركيا في معادلة الدفاع الأوروبي؟
إسطنبول- بينما يتحرك الاتحاد الأوروبي لإعادة رسم خريطته الدفاعية بعيدا عن المظلة الأميركية، تبرز تركيا في قلب نقاشات بروكسل كلاعب محتمل في معادلة الأمن الأوروبي الجديدة.
ففي 19 مارس/آذار الماضي، كشفت المفوضية الأوروبية عن "الكتاب الأبيض للدفاع – جاهزية 2030″، واضعة خطة طموحة لتعزيز الإنفاق العسكري والإنتاج الدفاعي عبر الدول الأعضاء، مدعومة بحزمة تمويلية قدرها 150 مليار يورو ضمن برنامج "العمل الأمني من أجل أوروبا".
وتسعى الإستراتيجية الأوروبية الجديدة إلى تقليص الاعتماد على الولايات المتحدة، في ظل التغيرات التي طرأت على السياسات الأميركية، وتزايد التهديدات الأمنية في أعقاب حرب أوكرانيا.
في السياق، تزداد التساؤلات حول موقع تركيا، الحليف الإستراتيجي في حلف شمال الأطلسي والدولة المرشحة لعضوية الاتحاد الأوروبي، وإمكانية انخراطها في مشاريع الدفاع الأوروبية رغم التعقيدات السياسية القائمة.
هامش محدودوحسب تقرير المفوضية الأوروبية، فإن تركيا مستبعدة من المنظومة الدفاعية الجديدة الممولة عبر برنامج "العمل الأمني من أجل أوروبا"، إذ أشار "الكتاب الأبيض للدفاع – جاهزية 2030" إلى أنقرة بوصفها "شريكا طويل الأمد" في سياسات الأمن والخارجية الأوروبية، دون أن يمنحها موقعا داخل آلية التمويل الدفاعي المشترك.
إعلانوسعيا في تعزيز التنسيق مع الحلفاء، أنشأ الاتحاد الأوروبي منصة "الدول ذات التفكير المماثل" لتبادل الأفكار والخطط الدفاعية، وانضمت تركيا إلى المنصة، مستندة إلى إنجازاتها المتسارعة في قطاع الصناعات الدفاعية.
بَيد أن إشراك تركيا بشكل أوسع يبقى مشروطا بمعالجة الملفات السياسية العالقة، وعلى رأسها قضية قبرص وتحقيق الاستقرار في شرق المتوسط. ووفق قواعد الاتحاد، فإن أي اتفاق شراكة دفاعية مع أنقرة يتطلب إجماع الدول الأعضاء الـ27، ما يمنح دولا مثل اليونان وقبرص القدرة على عرقلته، ما لم تتحقق الشروط السياسية اللازمة.
ورغم هذه القيود، أبقى الاتحاد هامشا محدودا للتعاون الفني، حيث تتيح المادة 17 من مقترح برنامج "العمل الأمني من أجل أوروبا" للدول المرشحة، مثل تركيا، المشاركة في مشاريع الدفاع المشتركة بنسبة لا تتجاوز 35% من مكونات المشروع، دون الحق في الحصول على تمويل مباشر من الصندوق الأوروبي.
وإذا رغبت تركيا أو شركاتها الدفاعية بتوسيع مساهمتها أو الاستفادة من التمويل، فسيتطلّب الأمر توقيع اتفاق شراكة دفاعية كاملة، كما هو معمول به مع دول كاليابان والنرويج وكوريا الجنوبية.
وفي هذا الإطار، أوضحت المفوضية الأوروبية أن الشركات الدفاعية العاملة ضمن أراضي الاتحاد، حتى لو كانت مملوكة لأطراف أجنبية، يمكنها المشاركة في المشاريع المشتركة بشرط استيفاء معايير الأمن الأوروبي، وهو ما يعني عمليا ضرورة إنشاء فروع "محوطة" للشركات التركية داخل أوروبا لضمان إدماجها بمرونة في برامج التسلح الأوروبية القادمة.
إصرار أنقرةمن جانبها، حسمت الرسائل الرسمية لأنقرة الموقف ورفضت استبعادها من منظومة الدفاع الأوروبية الجديدة، فقد أكد وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، خلال مؤتمر صحفي عقده في أنقرة أواخر فبراير/شباط الماضي، أن تركيا يجب ألا تُستبعد من أي هيكل أمني أوروبي قيد التشكل، مشددا على أن تجاهل القدرات العسكرية التركية يجعل أي منظومة دفاعية أوروبية غير واقعية.
إعلانوأضاف فيدان أن موقع تركيا الإستراتيجي، إضافة إلى امتلاكها أحد أكبر الجيوش داخل (الناتو)، يجعلان من مشاركتها عنصرا -لا غنى عنه- في أي ترتيبات أمنية جديدة تسعى القارة الأوروبية إلى بنائها.
ولم يقتصر الموقف التركي على التصريحات الدبلوماسية، بل تزامن مع استعراض مكاسب ملموسة حققتها الصناعات الدفاعية التركية في السنوات الأخيرة.
وبرزت أنقرة كلاعب رئيسي في مجالات تطوير المسيّرات الهجومية والطائرات بدون طيار والصواريخ المتقدمة، مما أكسب الصناعات الدفاعية التركية مكانة مرموقة على الصعيد الدولي.
وترى الباحثة المتخصصة في السياسة الخارجية زينب جيزام أوزبينار، أن الاتحاد الأوروبي بات أكثر إصرارا في السنوات الأخيرة على بناء هيكل دفاعي مستقل، وتجلَّى ذلك بإطلاق إستراتيجية الصناعات الدفاعية الأوروبية، ومبادرة العمل الأمني من أجل أوروبا.
وتعتبر أوزبينار في حديثها للجزيرة نت، أن تركيا تمثل عنصرا لا غنى عنه في معادلة الأمن الأوروبي، مستندة إلى امتلاكها ثاني أكبر جيش في الناتو، وموقعها الجيوسياسي الحساس عند تقاطعات البحر الأسود والشرق الأوسط والبلقان.
لكنها ترى أن الخلافات السياسية حول قضايا مثل الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون تضع عراقيل أمام اندماج تركيا الكامل في مشاريع الدفاع الأوروبية.
وحول السيناريوهات المحتملة لانخراط تركيا في برنامج العمل الأمني الأوروبي، تستعرض أوزبينار 3 مسارات رئيسية:
السيناريو الأول والأكثر إيجابية، يتمثل بتوقيع اتفاقية شراكة أمنية ودفاعية رسمية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، تتيح لأنقرة الانخراط المؤسسي الكامل في مشاريع البرنامج، بما في ذلك إنتاج وتوريد المعدات بنسبة تصل إلى 35%.وتشير إلى أن هذا الخيار من شأنه فتح صفحة جديدة من الثقة بين أنقرة وبروكسل ويحقق مكاسب إستراتيجية للطرفين. السيناريو الثاني، يكون بمشاركة تركيا بشكل غير مباشر عبر تأسيس شركات تابعة في أوروبا أو شراكات مع كيانات أوروبية قائمة، دون توقيع اتفاقية رسمية.
غير أن هذا النموذج -حسب أوزبينار- يمنح تركيا دورا محدودا ويضعف من مكاسبها الإستراتيجية مقارنة بالشراكة المؤسسية الكاملة. أما السيناريو الثالث، فتعتبره الباحثة أوزبينار الأكثر سلبية، ويتمثل في نجاح اليونان و"قبرص الرومية" في عرقلة انخراط تركيا، ما قد يؤدي إلى استبعاد أنقرة من مشاريع الدفاع الأوروبية.
وترى أن مثل هذا السيناريو سيمثل خسارة كبيرة لمنظومة الدفاع الأوروبية، وإن كانت تركيا قادرة في هذه الحالة على مواصلة ارتباطها بأمن القارة عبر قناة الناتو.
من جهته، يرى المحلل السياسي أحمد أوزغور، أن إصرار الاتحاد الأوروبي على استبعاد تركيا من مشاريعه الدفاعية لا يعكس فقط "مخاطرة تكتيكية"، بل يحمل في طياته تناقضا بنيويا يهدد مشروع الاستقلال الإستراتيجي الأوروبي ذاته.
إعلانويقول أوزغور للجزيرة نت، إن الحديث عن بناء منظومة دفاع أوروبي مكتفية ذاتيا دون إشراك قوة إقليمية بحجم تركيا، وفي ظل تآكل الالتزام الأميركي التقليدي بأمن القارة، يكشف فجوة عميقة بين الطموحات المعلنة والموارد الفعلية المتاحة للاتحاد.
ويعتبر أن قدرة تركيا على المناورة، سواء عبر تعزيز تحالفاتها الثنائية مع دول أوروبية منفردة أو من خلال توثيق تعاونها مع حلف الناتو، تضع بروكسل أمام معادلة معقدة؛ فاستبعاد أنقرة قد يمنح انسجاما سياسيا لحظيا داخليا، لكنه قد يؤدي على المدى الطويل إلى "شلل إستراتيجي" عندما تجد أوروبا نفسها أمام تحديات أمنية لا تستطيع مواجهتها وحدها.