"الأمر بالنسبة لنا، أعمق من كونه موسم قطاف للثمار، إنه تعبير عن ارتباط الفلسطيني بموروثه الشعبي والثقافي"، بهذا الوصف عبّر راشد، وهو صاحب مزرعة زيتون، عن المكنون الدافئ الذي يحمله موسم قطف الزيتون في فلسطين.

يبدأ تجهيز العتاد والعدة لموسم قطف الزيتون في فلسطين والأردن، بالتزامن مع نهاية سبتمبر (أيلول)، مُمتداً لنهاية أكتوبر (تشرين الأول)، بعد "الشتوة الأولى"، أي هطول المطر على أشجار الزيتون للمرة الأولى في موسم الشتاء.


بابتسامة ملأتها البهجة باشر راشد في وصف أجواء القِطاف لـ 24 قائلاً: "كافة القرى الجبلية أو السهلية المزروعة بأشجار الزيتون، تعبقُ برائحة الأرض، والزيت والزيتون".

⭕️ الزراعة تعلن موعد بدء موسم قطف الزيتون في كل محافظات فلسطين
التفاصيل..https://t.co/Z9kbt4tfkR

— مرصد نيوز (@marsdnewscom) September 14, 2023 البعد التاريخي لموسم القطاف

ويكمل: "بإمكانك التمتع بلوحة فنية يسودها اللون الأخضر، من خلال رؤية الأجداد والجدات والأقارب وأهالي الحي، مُتجمهرين حول شجرة الزيتون، يهزون أغصانها لضمان حصولهم على أكبر عدد ممكن من الحبات".
ويضيف راشد "نُكرس هذا الوقت من العام لقطف الزيتون، نأخذ إجازات من أشغالنا، ونجعل من ظلال أشجار الزيتون بيتنا ومُستقرنا لحين انتهاء موسم القطاف".

يُعيدُ قِطاف الزيتون الإنسان الفلسطيني كما يرى راشد إلى طفولته، إذ "أن هذه العملية من بداية القِطاف حتى يصير فيها الزيتون زيتاً، ترسمُ أبهى صورة التقارب العائلي".
تهلهلُ النساء أثناء القِطاف، وتطلقُ أجمل الأهازيج الفلسطينية الشعبية والثقافية، التي تحمل عبارات حب الأرض والوطنية، ما يعتبره راشد إحياءً ثقافياً يترسخ في ذهن الأبناء والأحفاد.

جزء من الموروث الثقافي

يشير راشد إلى أن الاهتمام بشجرة الزيتون "لاتصالهم بها تاريخياً كمورد رزق، بعيداً عن كونها جزءًا من مونة البيت، ويستفيدون أيضاً من عمل بقايا الزيت وتحويله للصابون".

ومن الجوانب الاقتصادية التي يستفيد منها مُلاك الأراضي الفلسطينية، بحسب راشد، "البقايا التي تخرج من حبة الزيتون الصلبة، يُعمل بها ما يدعى بالجفت وهو مادة تستخدم في التدفئة لفصل الشتاء، بديلاً عن الخشب".


على أهازيج المجوز، "وهي أغاني شعبية تقليدية تُشبه إيقاع الدبكة، يشتهر في تأديتها بلاد الشام، في المحافل والمناسبات"، وعلى وقعِ الهُتافات التي تُرسخ معنى الأرض في الوجدان، يقطِفُ الأجداد والكبار والصغار الزيتون من أغصانه"، كما تتحدث العمري لـ 24.

تستذكر هالة العمري تجربتها في قطاف الزيتون برفقة عائلتها، في أرضهم الواقعة في شمال الأردن، قائلة: "طقوس الموسم، وتجمّع العائلة، هي ما تجعلني سنوياً أنضم للمشاركة في قطف الزيتون".
وتسرد العمري طقوس الأردنيين في موسم القِطاف قائلة: "يحتاج الموسم لملابس عشوائية، وخاصة التي تُدعى بملابس الزيت، وتُخصص لهذه المُناسبة بالتحديد".

وعادةً ما يقصُ كبار السن في هذه الأثناء الأساطير والقِصص المُتعلقة بموسم القطاف، ويقرنون سنوياً فوارق المدخول مع السنوات الماضية.

الجانب الاقتصادي

من جانبه يؤكد الخبير الاقتصادي حسام عايش، أن "قطاف الزيتون" في بلاد الشام، موسم في غاية الأهمية من الناحية الاقتصادية، وهو أحد روافد الأسر الشعبية في الأرياف، وسبيلاً لتحسين مصادر دخلها.
ويوضّح الأهمية الاقتصادية مُشيراً إلى أن "مواسم قِطاف الزيتون سنوياً، يعتبر مصدراً للاكتفاء الذاتي لدى الشعوب العربية، وقيمة اقتصادية كبيرة بالنسبة للمزارعين، ومعاصر الزيت".

العديد من الشبّان يعملون في موسم القِطاف، ما يُساهم بتخفيض نسبة البطالة، ويحرك القطاعات الاقتصادية وقِطاع الخدمات.
يصف عايش موسم الزيتون بمثابة "محرك اقتصادي" ولو كان على درجة بسيطة، إذ أن زيت الزيتون يعتبر جزءًا من الصادرات الأردنية الموسمية، لذلك يولي له الجميع اهتماماً كبيراً.

توقعات بارتفاع منسوب الزيت لهذا العام

ويتوقع إنتاج 250 ألف طن، من ثمار الزيتون لهذا العام في الأردن، والإجمالي سيذهب منه حوالي 200 ألف طن، لإنتاج حوالي 33 ألف طن زيت.
وبالمقارنة مع السنة الماضية، نتج عن المحصول الإجمالي 24 ألف طن من الزيت، ما ينذر بارتفاع المنسوب العائد في إنتاج زيت الزيتون.

وينصح عايش الدول المُصدرة للزيت، أن تُعيد إنتاج زيت الزيتون، من خلال تكريره واستخدامه وتعبئته، وتحاول تطوير مدخلاته الكيمائية لمضاعفة كميّاتة إنتاجه سنوياً، والعمل على ضبط معدل حموضة المياه في الزيت، أو زراعتها في أنحاء أخرى من المملكة.

تجسيد العادات العربية في موسم القِطاف

يبدو الأمر مُختلفاً وأبعد من كونه تقليد وعادة اجتماعية للخبير الاجتماعي حسين الخزاعي، إذ عبّر عن فرحه بهذا الموسم قائلاً: "تسمو سلوكيات الكرم والتعاون والإيثار والأخلاق، وتتجسد سلوكيات الأخوّة العربية في جميع القرى والأرياف بهذا الموسم".

ما يحدث سنوياً في هذه الفترة بحسب الخزاعي، هو توثيق لكل من أوفى لأرضه على مدار السنة، ويكمل "نشهد في موسم القِطاف، تعاوناً من جميع أبناء القرية، إذ يساند أهالي الحي بعضهم البعض، لحين الانتهاء من جميع أشجار القرية".
ويعبّر قطف الزيتون، عن الأصالة التي زرعها الأجداد في أبنائهم وأحفادهم، إذ يتوافد الأحفاد القاطنين في المدينة، في هذا الموسم إلى الأرياف مساندة لعائلاتهم، مُنسحبين من ضبابية المدينة، للاستلقاء تحت ظلال أشجارهم.

أجواء أسرية يشهدها موسم القِطاف

ووفقاً لخزاعي "لا تكتمل طقوس قِطاف الزيتون إلا بوجود المرأة، والتي تحظى بمركزية موسم القِطاف، فالمرأة تقدم دور المساندة للرجل، إضافةً إلى تقديم الوجبات الغذائية التراثية، التي تتناسب مع هذا التوقيت من العام".

ويشير خزاعي إلى دور المرأة في موسم القِطاف "تعبئة الزيتون بأكياس خاصة، وتنظيف المكان من مخلفات الزيتون الموجودة على الأرض"، مشيراً إلى أن المرأة الريفية حاضرة دائماً في عملية الزراعة وتربية الأغنام، والمشاركة الإيجابية إلى جانب الرجل.

أشجار الزيتون، أعمق من كونها شجرة، وتحظى بوقع خاص الزيتون في نفس الإنسان العربي وسكان القرى، إذ يجلس بجوارها ويستظل بها، ويأكل من خيرها، ويحافظون عليها كما لو أنها أحد أبنائهم.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني الأردن زيت الزيتون البطالة أشجار الزیتون الزیتون فی موسم ق التی ت ألف طن

إقرأ أيضاً:

هل زيت الزيتون آمن للطهي؟

منذ تسعينيات القرن الماضي، أصبح زيت الزيتون عنصرًا أساسيًا في العديد من المطابخ عالميًا بفضل وعي المستهلكين المتزايد بفوائده الغذائية.
لكن الجدل لا يزال يتكرر حول إمكانية استعماله في الطهي، وتعريضه للحرارة، خاصةً أن الطهي، خاصةً في درجات حرارة عالية كالقلي، ربما يُفسد بعض العناصر الغذائية.
وفي السياق، أوضحت جيسيكا جافين، عالمة أغذية وخبيرة طهي، أنه عند درجات حرارة معينة، يمكن أن يؤثر الطهي سلبًا على العناصر الغذائية لزيت الزيتون، وفق ما نقل موقع Eating Well
لكنها أشارت في الوقت عينه إلى وجود عدة عوامل يجب مراعاتها عند استخدام هذا الزيت الصحي.

الفوائد الصحية لزيت الزيتون
وأوضحت أن زيت الزيتون البكر الممتاز يعد من أكثر الدهون الصحية التي يُمكن استخدامها. فهو غني بالدهون الأحادية غير المشبعة، خاصةً حمض الأوليك، الذي تُشير إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA إلى أنه يُساعد في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب التاجية عند استخدامه بدلاً من الدهون المشبعة مثل الزبدة أو زيت جوز الهند.
كما أكدت أن الدراسات أظهرت أن زيت الزيتون يتمتع أيضاً بخصائص مضادة للالتهابات ومضادات الأكسدة، ما يُساعد في تقليل خطر الإصابة بالأمراض، لاسيما أمراض القلب والسكري.
لذا يُعد هذا الزيت مُكوّناً رئيسياً في النظام الغذائي المتوسطي، الذي يُعتبر غالباً من أفضل أنماط التغذية لصحة القلب وطول العمر بدون المعاناة من أمراض مزمنة.

نقطة التدخين
لكن من المعروف في المقابل أن جميع الزيوت لها نقطة دخان معينة وهي درجة الحرارة التي يبدأ عندها الزيت بالتدخين ويفقد قيمته الغذائية ونكهته.
فبالنسبة لزيت الزيتون يمكن أن تكون نقطة الدخان أعلى مما يظن البعض إذ تصل إلى حوالي 200 درجة مئوية.
وفي السياق، أكدت جافين أن هذا خبر سار للطهاة، حيث إن معظم طرق الطهي على الموقد تبقى دون درجات الحرارة هذه، مما يجعل زيت الزيتون آمنًا ومتعدد الاستخدامات للاستخدام اليومي.
فيما أشارت إلى أن زيت الزيتون البكر الممتاز قد يفقد بعض مضادات الأكسدة عند تسخينه، بنسبة 40% تقريبًا عند 120 درجة حرارة مئوية، وما يصل إلى 75% عند 170 درجة مئوية.
وأوضحت أن الدراسات بينت أن محتواه الكلي من البوليفينول يظل مستقرًا بما يكفي لتلبية معايير الصحة في الاتحاد الأوروبي.
كما أشارت إلى أن دراسة أخرى أظهرت “أن زيت الزيتون البكر الممتاز هو الأكثر ثباتًا في الحرارة، بل يتفوق على الزيوت ذات نقاط الاحتراق الأعلى، وذلك بفضل مضادات الأكسدة وقلة محتواه من الدهون المتعددة غير المشبعة”.
بل لفتت إلى أن إحدى الدراسات كشفت نتائجها أن طهي الخضراوات مثل البطاطس والطماطم والباذنجان واليقطين في زيت الزيتون البكر الممتاز، خاصةً عن طريق القلي العميق أو التشويح، يزيد من مستويات مضادات الأكسدة في الخضراوات.
تأثير سلبي على النكهة
إلى ذلك، قالت إن الجانب الأكثر إثارة للقلق في ما يتعلق بتسخين زيت الزيتون يكمن في تأثيره على النكهة.
وفي السياق، أشار جوناثان دويتش، أستاذ فنون وعلوم الطهي في جامعة دريكسل إلى أن ” بعض الفيتامينات قد تتلف بسبب الحرارة الزائدة.. لكن ما يتلف حقًا بسبب ارتفاع درجة حرارة زيت الزيتون هو الفلافونويدات والبوليفينولات اللذيذة التي تجعله لذيذًا للغاية”.

أفضل طريقة للاستخدام في الطهي
لذا للاستفادة الكاملة من نكهة زيت الزيتون وقيمته الغذائية، توصي جافين باستخدامه نيئًا كلما أمكن، كأن يتم رشّه على الخضراوات المشوية، أو المعكرونة، أو البيتزا، أو اللحوم، أو المأكولات البحرية، أو البطاطس، أو أن يتم استخدامه في صلصة الخل المنزلية. ستحتفظ بمضادات الأكسدة أكثر وستستمتع بطعمه الزهري الغني. ويوافقها دويتش الرأي قائلاً: “عند الطهي بزيت زيتون عالي الجودة، يكمن السر في الطهي بدون تسخين أو على نار هادئة”.
أما في حال الطهي على درجات حرارة عالية، فيوصي دويتش باستخدام زيت ذي نقطة دخان عالية ونكهة محايدة نسبيًا، مثل زيت بذور العنب أو زيت الأفوكادو.
كما يُعد زيت الكانولا خيارًا جيدًا آخر، لأنه منخفض الدهون المشبعة ويبلغ متوسط نقطة دخانه 242 درجة مئوية. للحصول على خيار أكثر نكهة، يمكن أيضًا استخدام السمن وزيت جوز الهند، مع مراعاة استهلاكهما باعتدال نظرًا لاحتوائهما على نسبة عالية من الدهون المشبعة.

العربية نت

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • محافظ الفيوم يطلق موسم حصاد القمح لعام 2025 من قلب الأراضي الزراعية بطامية
  • فلسطين.. مدفعية الاحتلال تستهدف المناطق الشرقية لحيي الزيتون والشجاعية شرق مدينة غزة
  • 3 نجمات يحيين ليلة طربية ضمن موسم” جدة غير”
  • الجامع الأزهر يطلق موسمًا جديدًا للدراسة برواق العلوم الشرعية والعربية .. السبت
  • تصعيد وحراك نشط شرق اليمن وسط تحذيرات من تفجر الصراع عسكريا
  • طيران السّلام يُعلن عن أسعار ثابتة لرحلات مسقط-صلالة خلال موسم الخريف
  • هل زيت الزيتون آمن للطهي؟
  • صلاة الزيت المقدس.. تراث روحي في قلب الأسبوع العظيم المقدس
  • بسبب خلاف عائلي.. أطلق النار على نفسه!
  • دورتموند يهدد برشلونة بمعجزة «كامب نو»!