اخر ليلة ليا في السودان كانت واحدة من اسوء ليالي حياتي… جهزت شنطي و ودعت بيتي .. عديت على كل ركنة فيه.. مطبخي الصغير جدا.. والعِدة (المواعين) القليلة.. الشبابيك اللي بتطل على ساحة الحِلة (الحي) فكل حي هناك عنده ساحة كبيرة عبارة عن ارض ترابية فاضية فيها جونين عشان الناس تلعب فيها كورة..

ودعت بُوري .

. الحي الهادئ الجميل اللي كنت عايش فيه… ودعت شارع المعرض.. ودعت فرن العيش اللي كان بيملى الجو بريحة الخبيز الطازج وقت الفجر.. العيش الكيزر ابو ردة.. شبه شوية العيش الشمسي في صعيد مصر

ودعت شارع الستين ومسجد السنهوري.. وحي المنشية… اسمه شارع الستين عشان عرضه ستين متر.. وقبل ما اتريق على قلة الابداع افتكرت شارع التسعين في التجمع الخامس
ودعت شارع المطار ومطعم امواج.. الكفتة عندهم اسمها كباب.. كنت باتلخبط في الاول… لغاية ما اتعودت اني لما ابقى عايز اكل وجبة كفتة اقوله وجبة كباب .. ولما رجعت مصر قعدت شوية عشان اظبط تاني

ودعت شارع النيل عند الفلل الرئاسية.. دي فلل اتبنت بسرعة عشان تستضيف الوفود اللي كانت جاية تحضر القمة العربية اللي اقيمت في الخرطوم.. والقصر الجمهوري… وحييت الحرس اللي واقفين على الباب.. بيردوا لك التحية بخبطتين على الارض بسلاحهم
..حاجة كدة عظمة وفخامة ما شوفتهاش مع الحرس الملكي في لندن

ودعت ست الشاي.. والشاي اللي بالقرنفل اللي عليه ٣ طن سكر..ولو طلبته من غير سكر مش هتفهمك وهتحط لك طن واحد بس…. الجَبَنة (قهوة مغلية مُرة جدا) بتتقدم في القهاوي بطقوس خاصة.. بينزل معاها بخور كثيف بيعمل شبورة في كل المكان

ودعت قاعة الصداقة.. ودي قاعة المؤتمرات هناك.. شفت فيها اغرب معرض في العالم.. معرض للمانجة.. كنت فرحان بال ٣٠ نوع مانجة اللي عندنا لقيت هناك “معرض” وساحات وكرنفالات للمانجة.. عندهم مانجة اسمها قلب الطور .. تنطق جلب الطور (انا قعدت كتير يا جماعة عشان اعدل القاف والجيم) ودي مانجة في حجم البطيخ عندنا..

ودعت كل ده واكتر.. ودعت كل ده بالحزن والقهر والبكا وانا خارج من السودان لان خلاص عقدي انتهى وماليش مكان ولازم اروح اشوف اكل عيشي في مكان تاني.. ودعت كل ده وحاولت في اي فرصة اقدر اسافر ليها اسافر.. لغاية ما صعبوا الاجراءات وعملوا لها تصاريح امنية حطوا استثناء للي فوق ال ٤٥ سنة…والله العظيم كنت مستني ابقى ٤٥ عشان اعرف اروح تاني.. شفتوا طفولة اكتر من كدة؟!!

ودعت كل ده بقلب مكسور وانا الغريب اللي مر على البلد عشان ياكل عيش ويكون نفسه ويحوش قرشين.. انت متخيل بقى ابن البلد اللي مولود هناك واهله هناك وحياته كلها هناك؟!
خرجت منها وانا عارف انا رايح فين وقادر ارجع لها تاني.. انت متخيل بقى اللي خرج منها مضطر وساب بيته وماله وحياته وذكرياته واحبابه ومش عارف رايح فين ولا عارف هيرجع امتى؟!!

بكيت في اول ايام الحرب.. وعيني ورمت وانا بشوف الشوارع اللي كنت بامشي فيها والاسواق اللي كنت باشتري منها.. بكيت ولسة بابكي وانا المسافر العابر اللي عاش شوية سنين .. اللي شكلت كل قوتي ونجاحي.. فما بالك بالمواطن اللي اتولد وكبر واترعرع فبها ؟!!
سيبوا الناس في حالهم وساندوهم في احزانهم وعاشروهم واستمتعوا بوجودهم وحكاويهم اللي كلها قصص وونسة وعراقة وبلاغة

محمد طلبه

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

تركي آل الشيخ بصورة مع أيمن زيدان.. وهذا ما طلبه

دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- نشر تركي آل الشيخ عبر حسابه الرسمي على منصة "إكس"، الخميس، صورة جمعته بالفنان  السوري أيمن زيدان، خلال لقائهما في الرياض.

وأشاد آل الشيخ في بالنجم السوري، في تدوينةٍ قال فيها: "مع النجم السوري الكبير ايمن زيدان الذي ترتبط ذاكرة السعوديين معه بأعمال خالدة، من منا لا يذكر (مفيد الوحش) في (نهاية رجل شجاع) أو (يوميات مدير عام) أو (الكواسر) أو (ملوك الطوائف) أو (جميل وهناء) … طلبت منه ان يتحفنا بعمل جديد لنستمتع به".

ويخوض أيمن زيدان منافسات موسم دراما رمضان 2025 من خلال المسلسل السوري "ليالى روكسي"، تحت إدارة المخرج محمد عبدالعزيز، عن نص من تأليف مجموعة كتاب.

ويتناول المسلسل كواليس صناعة أول فيلم سينمائي سوري، في عشرينيات القرن الماضي، بالتوازي مع الصراع الذي يخوضه السوريون للتحرر من "الانتداب الفرنسي" في تلك الفترة.

ويلعب "عطا" الذي يجسد شخصيته  أيمن زيدان في المسلسل، دوراً في مساعدة الشخصيات التحريرية في تلك الفترة، ويدفع باتجاه إنتاج الفيلم كإحدي وسائل المقاومة للفرنسيين في تلك الفترة.

ويشارك في بطولة المسلسل: سلاف فواخرجي،  والفنّانين السوريين  القديرين: دريد لحّام، ومنى واصف، وممثلون كثر آخرون.

مقالات مشابهة

  • مش شنطة رمضان.. محمود ياسين: ممكن اتجوز واحدة أكبر مني
  • طرق دبي تعلن تطوير تقاطعات على شارع القدرة بـ798 مليون درهم
  • وزارة الثقافة تحتفي بـ«ليالي التأسيس».. وتُهدي الجمهور ليلة طربية مع ماجد المهندس
  • معاقبة حكم مكسيكي بعد طلبه المفاجئ من ليونيل ميسي
  • مصطفى محمد يلوح بالرحيل عن نانت: هناك أمور ليست بيدي
  • من بعبدا.. هذا ما طلبه عون من وفد الكونغرس الأميركيّ
  • يحيى عزام لبودكاست «في إيه؟»: «حياتي عفوية وكل شيء بيحصلي حسب المواقف»
  • المصور العالمي فرانك جازولا: مشروع استكشاف جرينلاند غير مجرى حياتي
  • مجدي يوسف: مندوب إسرائيل كانت عينه في الأرض ولم يستطع الرد على كلمة النائب محمد أبو العينين
  • تركي آل الشيخ بصورة مع أيمن زيدان.. وهذا ما طلبه