السعودية تسابق الزمن لتحقيق هدف الكهرباء الخضراء في 7 سنوات
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
سلط المحلل المتخصص في شؤون منطقة الخليج العربي، سيباستيان كاستيلير، الضوء على سباق السعودية للزمن باتجاه تحقيق هدف "الكهرباء الخضراء" بحلول عام 2030، مشيرا إلى إعلان شركة تصنيع مواد الطاقة الشمسية الصينية GCL Technology Holdings، في وقت سابق من هذا الشهر، أنها تجري مناقشات مع المملكة العربية السعودية لبناء أول مصنع خارجي لها.
وذكر كاستيلير، في تحليل نشره موقع "المونيتور" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الشركة الصينية تخطط لإنتاج 120 ألف طن من البولي سيليكون سنويًا، وهي مادة أساسية في سلسلة توريد الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وتتطلع إلى الإمكانات الكبيرة لسوق الطاقة الشمسية في السعودية.
وأضاف أن السعودية تخطط للحصول على 50% من احتياجاتها الكهربائية من مصادر متجددة بحلول عام 2030، ولكن رغم أن حصة مصادر الطاقة المتجددة في قدرات توليد الكهرباء المثبتة في المملكة قفزت بأكثر من 12 ضعفا منذ عام 2020، فإنها تمثل حاليا 1.3% فقط.
ولذا فإن أكبر اقتصاد عربي في سباق مع الزمن، إذ تحتاج المملكة إلى زيادة قدرة توليد الطاقة المتجددة بمقدار 50 مرة على مدى السنوات السبع المقبلة لتحقيق طموحها المتمثل في توليد 58.7 جيجاوات من الكهرباء النظيفة بحلول عام 2030، مقارنة بنحو 1.2 جيجاوات فقط حتى الآن.
ونوهت منظمة "جلوبال إنرجي مونيتور" بالولايات المتحدة إلى خطط لإنتاج 19.3 جيجاوات من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في السعودية اعتبارًا من أغسطس/آب الماضي، لكن 45% فقط منها قيد الإنشاء.
وقالت مديرة مشروع الطاقة الشمسية في المنظمة، كاساندرا أوماليا : "ما زالت السعودية بعيدة عن تحقيق هدف 2030، لكنني أعتقد أنه قابل للتنفيذ. شيء واحد يجب أخذه في الاعتبار هو أنه يمكن بناء هذه المشاريع بسرعة كبيرة".
وتأمل السعودية أيضًا في بناء أول محطة للطاقة النووية لتغذية شبكتها جزئيا بالطاقة منخفضة الكربون عندما لا تتوفر الموارد المتجددة.
واعتبرت آمنة إبراهيم، محللة الطاقة الخليجية في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية بالبحرين، إن إضافة الطاقة النووية إلى مزيج الطاقة السعودي من شأنه أن "يغير قواعد اللعبة"، لكنها قالت إن تشغيل الطاقة النووية بحلول عام 2030 "سيكون صعبًا للغاية".
اقرأ أيضاً
بأرباح أرامكو.. "أمنستي" تدعو السعودية للتحول إلى الطاقة المتجددة
من يدفع؟
وسيعتمد حجم الطاقة المتجددة، المطلوبة لتحقيق هدف عام 2030، على مسار استهلاك الكهرباء، فمرحلة النمو المنخفض مثل الفترة 2015-2020، عندما نما استهلاك السعودية بنسبة إجمالية قدرها 7%، يمكن أن تسمح للمملكة بإيقاف محطات الطاقة التي تعتمد على النفط واستبدالها بمشاريع الطاقة المتجددة قيد التنفيذ.
وعلى العكس من ذلك، فإن مرحلة التوسع مثل الفترة 2010-2015، عندما ارتفع استهلاك الكهرباء بنسبة 53%، لن تترك للمملكة أي خيار سوى الاستثمار في القدرات الجديدة بشكل متزامن.
ويرجح كاستيلير السيناريو الأخير، مشيرا إلى أن السعودية تهدف إلى تنمية ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 54% بحلول عام 2030 إلى 1.7 تريليون دولار، مع السعي إلى "التخلص التدريجي من جميع محطات الطاقة التي تستخدم البترول والديزل"، حسبما أشارت إدارة التجارة الدولية التابعة لوزارة التجارة الأمريكية في تقرير لها.
توسع قطر
وهنا يشير كاستيلير إلى أن قطر شكلت مثالاً لدول الخليج الأخرى في كيفية توسيع نطاق مصادر الطاقة المتجددة في إطار زمني قصير.
وافتتحت الدولة الخليجية الصغيرة أول محطة للطاقة الشمسية على نطاق واسع قبل شهر من انطلاق كأس العالم 2022، ما رفع حصتها من الكهرباء المتجددة إلى 7.2% في عام 2022، من 0.2% في العام السابق.
لكن حجم الاستثمار في السعودية له حجم مختلف، إذ يمكن أن يلبي إنتاج الكهرباء من محطة الخرسعة للطاقة الشمسية استهلاك الطاقة لـ 55 ألف أسرة قطرية فقط، في حين يقدر التعداد السكاني الحكومي لعام 2022 أن عدد سكان السعودية يبلغ 32.2 مليون نسمة.
ومع ذلك، فإن السعودية وقطر تتشابهان في أوجه، إذ يتم دعم الكهرباء بشكل كبير في كلا البلدين كجزء من عقد اجتماعي يعيد توزيع ثروة الوقود الأحفوري على المواطنين.
وأنفقت السعودية 14 مليار دولار في عام 2021 لتوفير الكهرباء بأقل من التكلفة، بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، ما يعني أن تكلفة إزالة الكربون من شبكة المملكة على الجهات الحكومية لا المستهلكين، وهذا أحد أسباب "ركود" الاستثمارات في الطاقة الشمسية حتى وقت قريب، كما خلص البنك الدولي في تقرير عام 2020.
اقرأ أيضاً
مصر والسعودية توقعان اتفاقية لإنتاج الكهرباء من طاقة الرياح
ثمة سبب آخر يتمثل في أن محطات توليد الطاقة التي تحرق الوقود الأحفوري المحلي كانت أكثر جدوى اقتصاديا من مصادر الطاقة المتجددة حتى وقت قريب، إذا تم استبعاد تكلفة الأضرار البيئية.
ومثل معظم مشروعات رؤية 2030، سيدفع صندوق الاستثمارات العامة (السيادي) نصيب الأسد من التمويل السعودي، وقد أعلنت إدارته العمل على تطوير 70% من الطاقة المتجددة في المملكة بحلول عام 2030، عبر شركته التابعة، أكوا باور.
ولم تكشف السعودية عن النفقات الرأسمالية اللازمة للوصول إلى هدف الطاقة المتجددة، ومع ذلك أعلنت وزارة الطاقة، خلال منتدى ميزانية عام 2021، أنها تتوقع أن تستثمر المملكة 293 مليار دولار في مشروعات الطاقة التقليدية والمتجددة بحلول عام 2030، بما في ذلك استثمارات كبيرة لتطوير خطوط النقل وشبكات التوزيع.
كثافة الكربون
وتعهدت السعودية في عام 2021 بالقضاء على جميع انبعاثاتها من الغازات المسببة للاحتباس الحراري أو تعويضها بحلول عام 2060، لكن الكهرباء في المملكة لا تزال من بين أكثر الكهرباء كثافة في الكربون على مستوى العالم، حيث تبلغ 571 جرامًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون المنبعثة لكل كيلووات/ساعة من الكهرباء في عام 2021.
ويعادل ذلك ضعف معدل الاتحاد الأوروبي، حيث انخفضت كثافة الكربون في الكهرباء بنحو 32% على مدى العقدين الماضيين، بينما انخفضت الكثافة ذاتها في السعودية بنسبة 5.3% فقط خلال نفس الفترة الزمنية.
ويعني ذلك أن كثافة الكربون في الاقتصاد السعودي تحركت في الاتجاه المعاكس لبقية العالم، بارتفاع بلغ 43% منذ عام 1990 لتصل إلى 0.37 طن من ثاني أكسيد الكربون لكل ألف دولار من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021.
وفي الوقت نفسه، انخفضت كثافة ثاني أكسيد الكربون في الاقتصاد العالمي بنسبة 36%، حسبما أظهرت قاعدة بيانات الانبعاثات التابعة للاتحاد الأوروبي.
وإزاء ذلك، يشير أوماليا إلى أن "أكبر عائق على الطريق يتمثل في التغلب على الرفض الداخلي والجمود على الأرجح"، مضيفا: "لديك الكثير من الشركات والأشخاص الأثرياء من بيع النفط والغاز في السعودية، وبالتالي ستكون هناك مقاومة للتغيير، كما هو الحال في الولايات المتحدة".
اقرأ أيضاً
السعودية تطرح 5 مشروعات لإنتاج الكهرباء باستخدام الطاقة المتجددة
المصدر | سيباستيان كاستيلير/المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: السعودية قطر الكهرباء الخضراء صندوق الاستثمارات العامة الطاقة المتجددة الطاقة الشمسیة بحلول عام 2030 فی السعودیة فی عام 2021
إقرأ أيضاً:
العراق يلجأ للطاقة الشمسية في مواجهة أزمة الكهرباء
بغداد- أعلنت وزارة الكهرباء عن مبادرة تهدف إلى تشجيع المواطنين على اقتناء منظومات الطاقة الشمسية وربطها بالشبكة الكهربائية. تأتي هذه المبادرة ضمن جهود الحكومة لتخطي المشاكل السابقة، بسبب تلكؤ دخول الغاز الإيراني ومشاكل استيراد الكهرباء من خلال البحث عن وسائل أخرى لتنويع مصادر الطاقة وتخفيف العبء عن المنظومة الكهربائية الوطنية.
وأعلن وزير الكهرباء زياد علي فاضل، الثلاثاء الماضي، تأهيل 8 شركات متخصصة في مجال الطاقة الشمسية ضمن المرحلة الأولى، في إطار مبادرة البنك المركزي العراقي.
وتواجه المنظومة الكهربائية في العراق ضغوطا متزايدة، مما يؤثر على استقرار التيار الكهربائي وتلبية احتياجات المواطنين.
ويعتمد العراق بشكل كبير على الغاز الإيراني لتشغيل محطاته الكهربائية، خاصة في الجنوب، وهذا يجعل البلاد عرضة للتأثر بأي تقلبات في إمدادات الغاز من إيران.
وتزود إيران العراق بحوالي 50 مليون متر مكعب من الغاز يوميا بما يغطي حوالي ثلث احتياجات البلاد، وهو ما يكفي لإنتاج نحو 6 آلاف ميغاوات من الكهرباء، إلا أن هذا الكم لا يكفي لتلبية احتياجات العراق في أوقات الذروة.
الطاقة الشمسيةالمتحدث باسم وزارة الكهرباء، أحمد موسى العبادي، أكد أن الوزارة عملت من خلال منصتها على فتح مزايدة بين الشركات للمضي بالخطة، حيث وقع الاختيار على 8 من الشركات الرصينة.
إعلانوقال العبادي في حديث للجزيرة نت إنه تم ترشيح هذه الشركات ذات المواصفات المعتمدة التي من الممكن أن يقتني المواطن منها ألواح ومنظومات الطاقة الشمسية.
وأشار إلى أن دور الوزارة في هذا الموضوع هو دعم الموافقة الدقيقة لاقتناء الشركة الملائمة التي من الممكن أن يشتري منها المواطن ضمن قروض مبادرة البنك المركزي هذه المنظومات والألواح الشمسية، كما عملت الوزارة على طرح تقييمات عبر المنصة لعطاءات الشركات المتنافسة حيث وقع الاختيار على 8 شركات أعلنت عنها الوزارة.
وبيّن أن المبادرة صدرت من البنك المركزي وهم المعنيون بتوفير التخصيصات اللازمة للمبادرة التي سبق أن أعلنتها الحكومة من خلال إيعاز البنك المركزي للمصارف بطرح مبادرة صغيرة للمواطنين بتقديم قروض لشراء تلك المنظومات، ويتم تسديدها بالتقسيط دون فوائد.
وذكر أن الشركات التي وقع الاختيار عليها ذات منتج رصين ومواصفة عالية تتلاءم مع ربطها مع الشبكة الكهربائية بإقدام المواطنين على شراء المنظومات والعمل على ربطها بالشبكات.
وأكد العبادي أن المشروع تم إطلاقه فعليا، ويستطيع المواطن مراجعة المصارف لاقتناء تلك المنظومات عبر القروض، وتم إطلاق المبادرة، وكانت تسير بنحو بسيط، لكن اليوم تم تسريعها بالتركيز من الوزارة والتوجيه للمواطنين باقتناء تلك المنظومات التي ستخفف كثيرا من أعباء الضغط على المنظومة الكهربائية.
احتياجات كبيرة وفرص متاحةأكد خبير الطاقة هادي علي طه أن العراق يحتاج إلى ما يقرب من 30 إلى 40 ألف ميغاوات لتغطية كامل حاجته، خصوصا بوقت الذروة في فصلي الصيف والشتاء، وأنه من الممكن إنشاء محطات لتوليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في العراق، نظرا لوجود مساحات شاسعة في محافظات الجنوب مثل محافظة المثنى والمحافظات الغربية مثل محافظة الأنبار.
إعلانيشار إلى أن حجم الإنتاج الحالي للكهرباء في العراق يصل إلى 18 ألف ميغاوات فقط.
وأعلنت وزارة الكهرباء في أبريل/نيسان الماضي زيادة حجم الطاقة المنتجة بحدود 3 آلاف ميغاوات، في حين أشارت إلى سعيها للوصول إلى حجم إنتاج يبلغ 27 ألف ميغاوات.
وقال طه في حديث للجزيرة نت إنه لا يمكن إنشاء مثل هذه المشاريع في فترة قصيرة، بل يجب أن يتم ذلك بالتدريج، من خلال الاعتماد على المحطات الحالية وتوفير الوقود لها، ثم البدء السريع في بناء محطات الطاقة الشمسية لتحل محلها.
وأشار إلى أن تجربة الاعتماد على الطاقة الشمسية كخيار لتقليل الضغط عن المنظومة الكهربائية هي خيار ناجح، ومن الممكن أن تنجح هذه التجربة، خصوصا أن العالم يتجه إلى استخدام الطاقة المتجددة لما فيها من محاسن اقتصادية وبيئية.
وأوضح أن آليات نجاح هذه التجربة تعتمد على دعم الدولة للقطاعين العام والخاص، وتشجيع الاستثمارات في هذا الخصوص، وسن قوانين لتنظيم العمل وضمان حقوق المستهلك والمنتج.
وأكد أن هذه المنظومات عمرها طويل، ولا تحتاج إلى صيانة مستمرة، حيث إن معدل عمر اللوح الشمسي يصل إلى 25 سنة، وكذلك "الانفيرترات" والأجزاء الأخرى للمنظومة الشمسية.
ووضح أن كل ما تحتاجه هذه المنظومات هو التنظيف المستمر من الأتربة والغبار والأوساخ، خصوصا إذا ما علمنا أن جو العراق ينتج كمية كبيرة من الغبار والأتربة على مدار السنة، ولكن من الممكن عمليا تشكيل فرق صيانة لهذه المنظومات إذا اقتضت الضرورة.
بديل عن الغاز الإيرانيوأجاب طه عن سؤال يتعلق بإمكانية الاستغناء عن الغاز الإيراني وجميع أنواع الوقود الأحفوري، قائلا: نعم، من الممكن الاستغناء عن جميع أنواع الوقود الأحفوري الملوثة للبيئة، ولا نحتاج لاستيراد الكهرباء إذا ما تم الاعتماد على المحطات الغازية والحرارية والكهرومائية ومحطات الديزل الحالية.
إعلانونوه إلى أن هذه الخطوة سيكتب لها النجاح بشرط أن يتم توفير الوقود لها، ثم البدء تدريجيا بالاعتماد على محطات الطاقة الشمسية وتقليل الاعتماد على المحطات التي تعمل بالوقود الأحفوري، إلى أن يتم إنتاج محطات طاقة شمسية تغطي حاجة البلد، وعندها يتم إلغاء المحطات العاملة بالغاز والوقود السائل، وهذا ما يسير عليه العالم حاليا.