عربي21:
2024-12-27@06:13:29 GMT

تسريبات سجون السيسي

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

شغل الناس ـ منذ يومين ـ بتسريبات عن السجون في مصر، وما يجري فيها للمعتقلين السياسيين، وبخاصة رموز الإسلاميين، وانتشرت تحت هاشتاج: تسريب السجون، وهاشتاجات أخرى، وتسريبات السجون ليست صورا، بل صور وفيديوهات، قام بنشرها: علي حسين مهدي، وقناة الشعوب، وقنوات أخرى على اليوتيوب، وثار النقاش حولها.

كان النقاش الأول عن مدى صحة هذه التسريبات، وكعادة النظام في مصر وأدواته، ينكر كل ما يتعلق بجرائمه نحو المعتقلين، وتثبت الأيام صحتها، بل يعترف النظام من داخله ولمقربيه بأن التسريبات صحيحة، بداية من تسريبات السيسي من قبل، وانتهاء بكل تسريب أتى بعد ذلك، سواء تعلق برأس السلطة، أم بأطرافها.



وما لا يمكن إنكاره هو ما رأيناه في كل هذه التسريبات، لأنها لم تكن سوى مؤكدة لما كنا نعلمه يقينا، وتم نقله شفاهة بالألسنة عن طريق المسجونين أنفسهم، فماذا أضافت التسريبات لم يكن معلوما للناس؟! لقد وقف من قبل الأستاذ عصام سلطان يحكي بنفسه ما يحدث له، ووقف الأستاذ أسامة محمد مرسي يحكي معاناته في الحبس الانفرادي، ووقف الوزير المحبوب باسم عودة نفس الأمر يحكي، كلهم حكوا ما رأيناه بالفيديو عن واقع يعيشونه يوميا منذ سنوات طويلة، بل منذ بداية اعتقالهم.

وحتى نفي أسرة الدكتور صلاح سلطان، أن ما قيل عن إنه صورة له، ليس صحيحا، ففيه ما ينقض، فالأخ العزيز محمد سلطان ابن الدكتور صلاح، نقلت كاميرات المحكمة نفسها، والإعلام حين كان راقدا على النقالة عندما كان مسجونا في مصر، وكان والده يمسك بيده، وقد كان محمد آنذاك جلدا على عظم، وما يمكن أن يقال في هذه الحالة أنه كان مضربا عن الطعام، فقد رأينا نفس الشكل في الدكتور سعد الكتاتني في المحكمة، ومن قبل صورة الشيخ فوزي السعيد، والمهندس حسام خلف، والدكتور صفوت عبد الغني، في جلسة نيابة عادية منذ سنوات، ورأينا أجسادا هزيلة، لأناس كانت أجسادهم تمتلئ حيوية ونشاطا، فالفيديوهات بنسبة كبيرة جدا صحيحة، ولا يمكن بحال من الأحوال تكذيبها.

ثم تحول إنكار السلطة، إلى التقاط أي خيط يتعلق به اللجان الإلكترونية للنظام، بأن الزنازين في التسريبات واسعة، وشكلها جيد، متناسين أن كل هذه الزنازين ـ على فرض التسليم لهم باتساعها ـ هي حبس انفرادي، والحبس الانفرادي لو كنت في قصر، فهو أقسى أنواع الألم والعذاب للشخص، ولذا تكون في سجل العقوبات للسجين العادي، إذا تمرد، أو أحدث شغبا، يحبس انفراديا، فهي عقوبة تأديبية فوق عقوبة السجن.

فقد حكى الشيخ القرضاوي رحمه الله، أنه سجن أيام عبد الناصر مرة في السجن الحربي، وناله العذاب الجسدي بالكرابيج، وغيرها لمدة عامين، وسجن بعدها لمدة شهرين في مبنى المخابرات، في أحد المكاتب الجيدة، ولكنه كان حبسا انفراديا، فقال: إن أشد أنواع الحبسين عليه، كان الانفرادي، رغم أنه لم يعذب بدينا، ولم يهنه أحد، وكانت معظم التحقيقات تتم معه مع رئيس جهاز المخابرات صلاح نصر بنفسه.

التوثيق مطلوب، والسعي أيضا مطلوب، لكن جلد الذات ليس مطلوبا، لأن المطلوب سيتحقق عند تغير المعادلة، وهذا ليس مستحيلا، بل حدث مع كثيرين أجرموا، ولم يحاكموا إلا بعد سقوطهم، أو زوال قوتهم، أو تغير المعادلة الدولية والداخلية، والأقرب أن ذلك يتم عندما يكون التغيير من الداخل، وما ذلك على الله بعزيز.نقطة أخرى تضاف إلى سوء خلق القائمين على السجون من حيث الرحمة، أو الإنسانية، وهي مسألة التجسس، فما الهدف من وضع كاميرات على المساجين، في زنازين فردية؟! وما الهدف من كاميرات في مكان ساحة تجلس فيها النساء لمشاهدة التلفاز، وهذا الخلق يجعلك تقارن بين زبانية عبد الناصر، وزبانية السيسي، فمثلا حمزة البسيوني المعروف بإجرامه ودمويته، فقد حكوا عنه أنه قام بجلد عسكري، قام بفتح باب السجن على حميدة قطب وزينب الغزالي، دون أن يقرع الباب، فقام بجلده وسبه بأقذع الألفاظ، موجها خطابه إليه: يا ابن..، كيف تفتح بابا على نساء دون تنبيه، لعل إحداهن كانت كاشفة شعرها، أو نائمة؟! رغم ما ورد عن هذا النظام من التهديد بالنساء!

البعض ذهب إلى أن المعارضة بالخارج ـ وعلى رأسها قيادات الإخوان ـ يجب عليها أن تتحرك وفق هذه التسريبات الآن، وتحرك موضوع المعتقلين، والحقيقة لا أريد أن أؤيس أحدا من التحرك، ولكن من ظن أنه لم يكن هناك تحركات من قبل، تتعلق بمذابح رابعة وما قبلها، وما بعدها، سواء من الإخوان أو غيرهم، فتصوره قاصر، لقد تمت تحركات، سواء رضينا عنها أم لم نرض، لكن عائقا كان وسيظل، هو تأييد هذه المنظومة الدولية لجرائم السيسي، لقد تم بث فض رابعة على الهواء مباشرة، وكان يملك العالم الغربي ومنظماته الإدانة والمحاكمة، لكنه لم يفعل، بل إننا كنا نلاحظ في هذه الفترة أن السيدة كاثرين آشتون كانت تأتي لمصر، وتمشي وبعد مغادرتها مصر بساعات تحدث مجزرة يمارسها العسكر.

بل رأينا التسريبات التي كانت بصوت ممدوح شاهين وعباس كامل، تتحدث عن التنكيل بمحمد مرسي، وحجزه عن القاضي بحاجز زجاجي، وكيف كانت محاكمات مرسي تتم دون أدنى معايير القانون والمحاكمة، وعلى مرأى ومسمع من العالم كله، ويشكو علنا وينقل ذلك الإعلام، بأنه معزول تماما عن المحكمة والقاضي.

التوثيق مطلوب، والسعي أيضا مطلوب، لكن جلد الذات ليس مطلوبا، لأن المطلوب سيتحقق عند تغير المعادلة، وهذا ليس مستحيلا، بل حدث مع كثيرين أجرموا، ولم يحاكموا إلا بعد سقوطهم، أو زوال قوتهم، أو تغير المعادلة الدولية والداخلية، والأقرب أن ذلك يتم عندما يكون التغيير من الداخل، وما ذلك على الله بعزيز.

[email protected]

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر مصر رأي أوضاع مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من قبل

إقرأ أيضاً:

الرميد: إذا كانت مقترحات تعديل مدونة الأسرة ستسهم في الحد من الانحدار الديمغرافي فمرحى و ألف مرحى

في تفاعله مع الإعلان عن نتائج مرحلة استشارة المجلس العلمي الأعلى حول مشروع تعديل مدونة الأسرة، يثير المصطفى الرميد، وزير العدل سابقا، إشكالية التراجع “الخطير” لمعدل الخصوبة الذي كشف عنه الإحصاء العام الأخير للسكان، ويتساءل عما إذا كانت التعديلات التي سيتم إدخالها على مدونة الأسرة سوف تساهم أم لا في الحد من التدهور الخطير للمعدل الخصوبة أم لا. ويقول، في تدوينة على حسابه الخاص على فيسبوك: إذا كانت مقترحات تعديل مدونة الأسرة ستسهم في الحد من الانحدار الديمغرافي فمرحى و ألف مرحى، أما إذا كانت ستكرس مزيدا من الانحدار والتراجع السكاني، فإنه ليس من الحكمة اعتمادها. وأضاف “لذلك أدعو إلى التأني الضروري في البلورة النهائية للتعديلات، واعتبار موضوع الاشكالية الديمغرافية أم المشاكل التي ينبغي التصدي لها بكافة الحلول الممكنة”. إليك نص التدوينة: السلام عليكم من حقنا- نحن المغاربة- ونحن نعيش في عالم قلق ومضطرب، أن ننوه بمثانة مؤسسات بلادنا، واستقرار أحوالنا، والرشد في منهجية مقاربة مشاكلنا. والدلائل على ذلك كثيرة، لعل أهمها، هو الطريقة التي عولج بها إلى حد الآن، موضوع تعديل مدونة الأسرة ، خاصة اعتماد القاعدة الذهبية التي تقول: ( لا أحل حراما، ولا أحرم حلالا) ، وهي القاعدة التي أكد عليها جلالة الملك مرارا وتكرارا، وجعلها لازمة من اللوازم الثابتة في خطبه المتعلقة بالموضوع. وهكذا، وبعد أن بلورت اللجنة التي أناط بها جلالته مهمة إعداد التعديلات المطلوبة، أمر بإحالة المقترحات على الرأي الشرعي للمجلس العلمي الأعلى، الذي قرر ماقرر ، على سبيل الاجتهاد، مما يمكن للمرء أن يتفق معه فيه أو يختلف، ولا ضير في ذلك، ولكن الكلمة الأخيرة هي للمؤسسات. وفي هذا السياق لا كلمة تعلو في القضايا الشرعية على كلمة المجلس المذكور، وهذا هو منطوق الدستور الذي لا محيد عنه. غير أن هذا لا يمنع من إثارة الانتباه إلى ما ينبغي، وما يجب، باعتبار أن المملكة قامت بإنجاز إحصاء عام للسكان والسكنى هذه السنة. (سنة 2024). وكان حريا التمعن الجيد في معطيات هذا الاحصاء، خاصة و أن من مقاصده: (تكوين قاعدة للمعاينة لإنجاز البحوث لدى الأسر). و إن مما يثير الخوف والقلق، المعطيات الاحصائية التي تفيد ما يلي: ▪︎ أولا، تواصل انخفاض معدل الخصوبة الكلي، حيث أن المتوسط الوطني كان سنة2004 في حدود 2،5%، وإذا به ينخفض سنة 2014 إلى نسبة 2،2 %، لينخفض مرة أخرى سنة 2024 إلى نسبة1،97%. وهو انخفاض ينذر بأوخم العواقب على المستقبل الديمغرافي للبلاد إن استمر في هذا المنحنى الصعب. ▪︎ ثانيا، إن هذا الانخفاض الحاد للخصوبة كان من تجلياته المباشرة انخفاض مستوى حجم الأسر، فبدل عدد : 5،3 فرد في كل أسرة سنة 2004، إذا بنا ننزلق إلى 4،6 سنة 2014، ثم إلى3،9 فرد سنة 2024. ▪︎ ثالثا، إن هذه المعطيات أدت إلى تباطؤ النمو السكاني، حيث كان هذا النمو بنسبة 1،38% مابين سنتي1994 إلى 2004، وبنسبة 1،25 % بين سنتي 2004 و 2014، ليصل إلى مستوى 0،85% مابين سنتي 2014و 2024. إن هذه المعطيات الديمغرافية الصاعقة، يبدو وكأنها لا تعني أي شيء، بدليل عدم فتح نقاشات عمومية واسعة حولها، وعدم قيام الفاعلين المعنيين بتقديم إجابات بشأنها. وللأسف، تأتي هذه المقترحات التعديلية لمدونة الأسرة، وكأن هذه الإحصائيات عادية، ولا تعني الأسرة من قريب أو بعيد. لذلك، فإن المؤكد أن مستقبل بلادنا مهدد ديمغرافيا، وعلينا أن نتساءل عن الأسباب والعلل، ونقارب كافة الاصلاحات الأسرية على ضوء هذه الأرقام المنذرة. وعلى هذا الأساس، فإنه إذا كانت هذه المقترحات ستسهم في الحد من الانحدار الديمغرافي فمرحى و ألف مرحى، أما إذا كانت ستكرس مزيدا من الانحدار والتراجع السكاني، فإنه ليس من الحكمة اعتمادها. لذلك أدعو إلى التأني الضروري في البلورة النهائية للتعديلات، واعتبار موضوع الاشكالية الديمغرافية أم المشاكل التي ينبغي التصدي لها بكافة الحلول الممكنة، ومنها الحلول التشريعية التي تهم الأسرة، دونما أي اعتبار جزئي كيفما كان نوعه وأهميته، إذا كان في النهاية سيؤدي إلى ضياع الاعتبارات الكلية. إن مما يثير الانتباه أيضا أن مدونة الأحوال الشخصية لسنة 1957 كانت تنص في أصلها على تعريف الزواج بأنه (ميثاق ترابط وتماسك … إلى أن تقول؛ غايته العفاف وتكثير سواد الامة، )هكذا كان وعي الرواد الأوائل بأهمية العامل الديمغرافي، وعلاقته بالأسرة، غير أن مدونة الأسرة لسنة 2004، استغنت على هذه المعطيات في تعريف الزواج، وبعد عشرين سنة يبدو واضحا أنه من الملائم أن نراجع حساباتتا، وأن نفكر عميقا، وبعيدا، في مستقبل المغرب، مغرب الأجيال القادمة التي لربما قد تضيع في أهم مقوماتها، بسبب حساباتنا الصغيرة، وقصور نظرنا، والله الموفق.

مقالات مشابهة

  • شريف الشعشاعي: ردود الفعل على وتر حساس كانت قاسية
  • نقابة الأطباء: مصر كانت في حاجة إلى صدور قانون المسئولية الطبية
  • تحرك حكومي مبكر بشأن امتحانات الثانوية 2025.. هل تتوقف حنفية التسريبات؟
  • الجغرافيا السياسية كانت قاسية على سوريا وهي أشد قسوة على الثورة!
  • حركة الجهاد: مفاوضات صفقة تبادل الأسرى كانت جدية ونحن في مرحلة عض الأصابع
  • في بغداد.. انتحار فتاة وإنقاذ امرأة كانت مختطفة و مقيدة بالاصفاد
  • أحمد الخميسي: ضغط الدقائق الأخيرة كانت مرعبة
  • منير حامد: قواتنا سيطرة على أسلحة نوعية وخطيرة كانت مخزنة في قاعد الزرق
  • الرميد: إذا كانت مقترحات تعديل مدونة الأسرة ستسهم في الحد من الانحدار الديمغرافي فمرحى و ألف مرحى
  • رئيس الوزراء يبحث عددا من المقترحات للسيطرة على تسريبات الثانوية العامة