حرب ثالثة تلوح في قره باغ.. ما خيارات أنقرة؟
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
إسطنبول – تشهد الحدود بين أذربيجان وأرمينيا حالة من التوتر بينهما، مع حشد كل منهما قوات الجيش قرب السياج الفاصل بين البلدين، مما يهدد باندلاع حرب ثالثة في إقليم ناغورني قره باغ، الذي استعادت باكو السيطرة على أجزاء واسعة منه في حرب 2020، وهو سيناريو لا تفضله أنقرة، بحسب مراقبين.
وعقب سقوط الاتحاد السوفياتي وتحرير منطقة القوقاز، غزت أرمينيا إقليم قره باغ عام 1993 وضمته، وأقامت فيه حكما ذاتيا، في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي.
وفي عام 2020، اندلعت حرب واسعة بين البلدين، تمكنت أذربيجان خلالها من استعادة قسم كبير من أراضي الإقليم، لتنتهي الحرب باتفاق لوقف إطلاق النار، وتعهدت يريفان بالتخلي عن المزيد من أراضي قره باغ.
وتتواصل منذ ذلك الوقت الاشتباكات العسكرية المحدودة على جانبي الحدود، لكنها تصاعدت مؤخرا مع حشد الطرفين مزيدا من القوات العسكرية، ولا سيما في مدينة هانكندي، التي نص اتفاق وقف إطلاق النار لعام 2020 على أن تتخلى عنها أرمينيا لصالح أذربيجان تدريجيا.
وتضمن الاتفاق تعهد أرمينيا بفتح ممر زنغزور من أجل ربط جمهورية ناختشيفان التابعة لأذربيجان، والتي تتمتع بحكم ذاتي وتشترك في الحدود مع كل من تركيا وأرمينيا وإيران.
ويرى مراقبون أن قضية فتح الممرات الحدودية التي تطالب بها أذربيجان وتركيا، وتتلكأ فيها أرمينيا وتساندها في ذلك إيران، طغت على الصراع وجهود التطبيع بين أطرافه التي أعقبت حرب 2020.
وفي حديث للجزيرة نت، يقول المحلل السياسي والخبير في شؤون منطقة القوقاز باسل الحاج جاسم إن "التوتر بين أذربيجان وأرمينيا ليس جديدا، لكنه مرتبط بعدم استكمال الاتفاق الذي أنهى الحرب السابقة برعاية روسية، والذي ينتهي بتبادل فتح الممرات البرية، وهي عبارة عن ممر عبر أراضي أرمينيا بين إقليم ناختشيفان وأذربيجان الأم، وآخر عبر أراضي أذربيجان يربط أرمينيا بعاصمة إقليم قره باغ، والتي لا تزال تحت سيطرة الأرمن".
ويؤكد الحاج جاسم أن ملف فتح الممرات البرية يتجاوز النزاع بين الجارين في جنوب القوقاز، مشيرا إلى حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قبل فترة عن معارضة إيران منح أرمينيا ممرا بريا داخل أراضيها لأذربيجان، وسبق أن تحدث أكثر من مسؤول إيراني عن رفضهم لأي تغييرات في الخرائط على حدودهم.
خطر التحول الأرميني
ولا تقتصر الأخطار الناجمة عن التوتر بين أذربيجان وأرمينيا على مصالح تركيا وأمنها القومي، بل تتعدى ذلك إلى الأبعاد الدولية للصراع و"التحول السياسي الذي يقوده رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشنيان"، حسب ما يرى مصطفى كيركتشي أوغلو المحرر في القسم الدولي بجريدة "يني شفق" التركية المقربة من الحكومة.
ويشرح أوغلو للجزيرة نت قائلا "بعد وصول باشينيان إلى السلطة، بدأ يحاول بقوة تحويل مسار بلاده، التي كانت معتمدة بشكل كبير على روسيا، نحو الولايات المتحدة"، مشبها جهوده بالخطوات التي اتخذها الرئيس المصري الراحل أنور السادات بعد حرب 1973، وتمكن وقتها من النجاح بعد تحقيق نصر نسبي، مما ساعد بلاده على أن تُؤخذ مطالبها على محمل الجد.
وأضاف الصحفي التركي أن وضع باشينيان أضعف بكثير، "إذ يبدو جيشه مقابل أذربيجان أقل تجهيزا، في حين تنظر إليه روسيا، حليفته التقليدية، بتحفظ حاليا".
ورأى أن الأثر المحتمل على الأمن القومي التركي قد يتعلق بشكل كبير -وربما أكثر من احتمال الحرب- بجهود باشينيان التقرب من الولايات المتحدة، إذ تمهد لاحتمال أن تطيح جماعة موالية لروسيا برئيس الوزراء من خلال انقلاب عسكري، مما يعني استمرار أرمينيا بوصفها دولة ضعيفة أكثر في المنطقة ولكن لا تزال معادية لتركيا.
ويعتقد كيركتشي أوغلو أن خيارات تركيا في التصدي لعواقب انزلاق التوتر المتصاعد في القوقاز نحو حرب ثالثة تبدو معقدة، وتخضع لحسابات دقيقة تحتاج للموازنة بين المصالح والمخاوف.
ففي حين لا تتردد تركيا في المساهمة بحماية حقوق أذربيجان المشروعة، لا تريد لأذربيجان أن تضغط كثيرا على أرمينيا خصوصا باشينيان، على حد قوله.
ويتوقع المتحدث أن توافق إدارة أرمينيا الجديدة على شروط أذربيجان في المدى المتوسط، لافتا إلى عدم قدرة إدارة باشينيان على الاعتماد بالكامل على إيران، في حين تتقرب من الولايات المتحدة في الوقت نفسه.
ويرى كيركتشي أوغلو أنه من الضروري لتركيا أن تأخذ موقفا بصفتها "الأخ الأكبر" الذي يسعى لتسوية الأمور، مستفيدة من امتلاكها علاقات جيدة مع جورجيا وأذربيجان بهدف تطبيع العلاقات مع أرمينيا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: قره باغ
إقرأ أيضاً:
كارثة تلوح في الأفق .. تحرك أكبر جبل جليدي في العالم A23a يثير المخاوف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أعلنت منظمة بحثية أن الجبل الجليدي الأكبر في العالم المعروف باسم (A23a) قد جنح على بعد حوالي 70 كيلومترا من جزيرة جورجيا الجنوبية النائيةفي منطقة القطب الجنوبي.
ويعتبر هذا الجبل أحد أكبر الجبال الجليدية على الإطلاق بمساحة تبلغ حوالي 3300 كيلومتر مربع ووزن يقترب من تريليون طن ومنذ عام 2020، كان ينجرف شمالا من القارة القطبية الجنوبية باتجاه جزيرة جورجيا الجنوبية مما أثار مخاوف من أن يصطدم بالجزيرة أو يعلق في مياه ضحلة قريبة مما قد يعطل قدرة طيور البطريق والفقمات على إطعام صغارها وفقا لما نشرتة مجلة The guardian.
قال أندرو ميجيرز عالم المحيطات في هيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي (BAS) إنه من المثير للاهتمام معرفة ما سيحدث الآن.
وأضاف أن الجبل الجليدي ظل عالقا على بعد 73 كيلومترا من الجزيرة منذ الأول من مارس مشيرا إلى أنه إذا بقي الجبل الجليدي عالقا، فإننا لا نتوقع أن يؤثر بشكل كبير على الحياة البرية المحلية.
وأوضح ميجيرز أن الجبال الجليدية الكبيرة التي تسلك هذا الطريق عبر المحيط الجنوبي عادة ما تتفكك وتذوب بسرعة وقد تتبع ميجيرز مصير (A23a) عبر الأقمار الصناعية منذ أواخر عام 2023 عندما شاهد الجبل الجليدي لأول مرة.
يذكر أن هذا الجبل الجليدي العملاق الذي يعتبر الأكبر والأقدم في العالم انفصل عن الجرف الجليدي في القارة القطبية الجنوبية عام 1986 وبقي عالقا لأكثر من 30 عاما قبل أن يبدأ بالتحرك شمالا في عام 2020 ومع ذلك تأخرت رحلته أحيانا بسبب التيارات المحيطية التي أبقت الجبل الجليدي يدور في مكانه وكانت هناك مخاوف من أن يؤثر اقتراب الجبل الجليدي من جزيرة جورجيا الجنوبية التي تعد موطنا لحوالي 5 ملايين فقمة و65 مليون طائر من 30 نوعا مختلفا على الحياة البرية.
فقد كان من الممكن أن يجبر طيور البطريق والفقمات على السفر لمسافات أطول للالتفاف حول الكتلة الجليدية العملاقة، مما قد يقلل من كمية الطعام التي يحضرونها لصغارهم ويزيد من معدلات الوفيات ومع ذلك في موقعه الحالي قد يكون للجبل الجليدي فوائد على النظام البيئي المحلي.
وأشار ميجيرز إلى أن العناصر الغذائية التي يتم تحريرها من جراء جنوح الجبل الجليدي وذوبانه قد تعزز توافر الغذاء للنظام البيئي بأكمله، بما في ذلك طيور البطريق والفقمات.
من ناحية أخرى لا يشكل الجبل الجليدي أي تهديد للملاحة البحرية حيث يمكن للسفن تجنبه بسهولة بسبب حجمه الهائل ومع ذلك مع تفككه إلى أجزاء أصغر قد تصبح بعض المناطق محظورة على سفن الصيد التجارية بسبب وجود قطع جليدية صغيرة ولكنها خطيرة.
تجدر الإشارة إلى أن جزيرة جورجيا الجنوبية التي تديرها المملكة المتحدة كإقليم بريطاني فيما وراء البحار لا يوجد بها سكان دائمون ويعتبر وجود جبال جليدية بهذا الحجم نادرا ولكن ليس غير مسبوق. فقد شهدت المنطقة جبلين جليديين مماثلين في الحجم على مدى السنوات الخمس الماضية. وأكد ميجيرز أن هذه الجبال الجليدية العملاقة هي جزء طبيعي من دورة حياة الصفائح الجليدية في القارة القطبية الجنوبية.
ومع ذلك، حذر الباحثون من أن فقدان الصفائح الجليدية لـ 6 تريليونات طن من الكتلة منذ عام 2000 يعد مؤشرا على تسارع ذوبان الجليد بسبب تغير المناخ وفي الشهر الماضي حذر العلماء من أن ارتفاع متوسط درجة حرارة الأرض إلى ما بين 1.5 و2.0 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة قد يؤدي إلى ذوبان كمية كافية من الجليد لرفع مستويات المحيطات بمقدار 12 مترا مما قد يدفع الكوكب إلى نقطة اللاعودة.
وكان العام الماضي الذي شهد كسرا قياسيا لدرجات الحرارة وانتشارا للحرائق والفيضانات والعواصف أول عام يتجاوز فيه متوسط درجة الحرارة العالمية 1.5 درجة مئوية.