هدوء حذر في إيران مع قرب حلول الذكرى الأولى لوفاة مهسا أميني
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
إعداد: فرانس24 تابِع إعلان اقرأ المزيد
تحسبا لحلول الذكرى السنوية الأولى لوفاة الشابة مهسا أميني هذا الأسبوع، اتخذت السلطات الإيرانية إجراءات أمنية لمنع ما تعتبره أعمال عنف يمكن أن تزعزع "الاستقرار".
في الظاهر، تبدو الحياة اليومية في طهران والمدن الكبرى على طبيعتها. ولم يتم الإعلان عن أي حدث عام لإحياء الذكرى التي تتزامن السبت ويوم عطلة في الجمهورية الإسلامية لمناسبة دينية.
لكن بعض السكان يتحدثون عن تواجد أكبر للشرطة في الشوارع والتقاطعات الرئيسية وتراجع ملحوظ في سرعة الاتصال بالإنترنت خلال الأيام الماضية.
واعتمد الرئيس إبراهيم رئيسي نبرة مزدوجة خلال مقابلة الثلاثاء مع شبكة "أن بي سي" الأمريكية. إذ أكد جاهزيته لـ"الإنصات"، وحذر "أولئك الذين يعتزمون استغلال اسم السيدة أميني" لإثارة "عدم الاستقرار في البلاد" من دفع "ثمن باهظ".
وكان نائب رئيس السلطة القضائية صادق رحيمي أكد أن الأجهزة الأمنية والاستخبارية "تراقب بيقظة" التحركات المحتملة المرتبطة بالذكرى السنوية.
اقرأ أيضاريبورتاج - كيف ينظر الشباب الإيراني إلى وضع الحريات بعد عام من وفاة مهسا أميني؟
واتهمت منظمات حقوقية غير حكومية في الخارج السلطات الإيرانية بتكثيف حملة توقيف شخصيات وناشطين وأقارب أشخاص قضوا على هامش الاحتجاجات، مع قرب حلول ذكرى وفاة أميني خصوصا في مناطق كانت نقطة ثقل في التحركات الاحتجاجية، لاسيما مسقطها محافظة كردستان غرب البلاد.
في 16 أيلول/سبتمبر 2022، توفيت الشابة الإيرانية الكردية عن عمر 22 عاما بعد ثلاثة أيام من توقيفها من قبل شرطة الأخلاق في طهران، على خلفية عدم التزامها القواعد الصارمة للباس.
وأطلقت وفاتها موجة احتجاج واسعة لم تشهد البلاد مثيلا لها منذ أعوام طويلة، ورفع المحتجون شعار "زن، زندكَى، آزادى" (امرأة، حياة، حرية).
وترافقت احتجاجات الداخل التي شملت محافظات في الشمال والوسط والجنوب، مع موجة دعم دولية واسعة.
وقتل المئات على هامش الاحتجاجات، بينهم عشرات من عناصر قوات الأمن، بينما تم توقيف الآلاف، وفق منظمات حقوقية. وأعلنت السلطة القضائية تنفيذ حكم الإعدام بحق سبعة من المدانين في قضايا متصلة بالتحركات.
"اتساع الفجوة" بين الحكم والشعبواعتبرت السلطات بشكل عام التحركات "أعمال شغب" مدعومة من أطراف خارجية.
وفي نظر العديد من المتابعين، كانت التحركات من اللحظات المفصلية في تاريخ الجمهورية الإسلامية التي قامت مع انتصار ثورة الإمام الخميني في 1979، خصوصا وأنها مست جانبا اجتماعيا ودينيا يعد من ركائز الجمهورية، أي التزام الحجاب واللباس الإسلامي.
وقال الباحث الإيراني فياض زاهد "لم يسبق لأي أزمة في تاريخ الجمهورية الإسلامية أن أدت إلى اتساع الفجوة الى هذا الحد بين الحكم والشعب".
واعتبر أنه في حال أرادت السلطات سد هذه الفجوة "لا يمكنها أن تعول حصرا على الحلول الأمنية والقمعية".
من جهته، رأى الناشط الإصلاحي المقيم في مدينة مشهد (شمال شرق) محمد صادق جوادي-حصار أن "الشعب ما زال يعاني من الصدمة جراء أحداث العام الماضي ويخشى أن تتكرر أعمال العنف".
وبعد احتجاجات واسعة النطاق في الأشهر الثلاثة الأولى التي تلت وفاة أميني، تراجعت التحركات في أواخر العام، ما دفع مسؤولين إيرانيين الى التأكيد أن البلاد تغلبت على المخطط المعد ضدها.
وقال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي خلال إحياء ذكرى الثورة في شباط/فبراير، إن طهران أفشلت "المؤامرة" التي خطط لها "العدو"، في إشارة لدول غربية دعمت الاحتجاجات تتقدمها الولايات المتحدة.
و اتهم خامنئي الاثنين "الحكومة الأمريكية" بتأسيس "خلية أزمة مهمتها صناعة الأزمات في الدول ومنها إيران".
وأضاف "لقد توصلوا إلى نتيجة مفادها أنه توجد في إيران نقاط عدة تنبغي إثارتها لافتعال الأزمات: الاختلافات القومية والطائفية، وقضيتا نوع الجنس والمرأة. هذا هو مشروع أمريكا".
وعلى الرغم من تراجعها، مهدت الاحتجاجات لاختلاف يبدو جليا في بعض مناطق طهران والمدن الكبرى، وهو تخلي العديد من النساء عن الحجاب الإلزامي أو عن وضع غطاء للرأس في الأماكن العامة.
واعتبر زاهد أن "نتيجة حراك مهسا أميني هي أن المجتمع الإيراني أصبح أكثر تنوعا وأكثر حياة. ملابس النساء تطورت بشكل ملحوظ. كانت الألوان داكنة في الشوارع لكن لم يعد الأمر كذلك".
نقاش حول قانون الحجابفي مقابل هذه الممارسات الاعتراضية، عمدت السلطات إلى تشديد لهجتها من خلال الإعلان عن قيود إضافية لضبط الالتزام بوضع الحجاب، مثل استخدام كاميرات مراقبة في الشوارع، وتوقيف ممثلات شهيرات لظهورهن من دون حجاب.
كما يدور نقاش بشأن مشروع قانون لارتداء الحجاب بين أقطاب السلطة مع تشدد المحافظين حيال رفض عدد متزايد من النساء تغطية رؤوسهن.
وأشار أحد أبرز المراجع الشيعية آية الله مكارم الشيرازي إلى أهمية "تقديم العامل الثقافي على العناصر الأخرى في مواجهة ظاهرة السفور وشبه السفور"، معتبرا أن "الممارسات الثقافية تمثل الحل الأفضل لهذه الظاهرة السلبية". وأكد رفضه "العنف والتعسف" في ذلك.
وانتقدت شخصيات إصلاحية إبعاد عدد من أساتذة الجامعات عن مناصبهم. وشكلت المؤسسات التعليمية ميدانيا أساسيا للتحركات الاحتجاجية والطالبية.
وبالرغم من الحراك الاجتماعي، تبقى الظروف الاقتصادية الشغل الشاغل للإيرانيين، خصوصا التضخم السنوي المتسارع الذي يقترب من 50 في المئة.
وقال جوادي حصار "اليوم، المطلب الأساسي للناس هو تحسين الاقتصاد، ومن بعده الحريات المدنية والسياسية".
من جهتها، تعرض حكومة رئيسي خطوات حققتها منذ توليها الحكم قبل أقل من عامين، مثل زيادة صادرات النفط على الرغم من العقوبات الأمريكية، وتحسين العلاقات مع دول الجوار خصوصا العربية منها، وموافقة واشنطن على الإفراج عن أصول مجمدة بموجب صفقة للإفراج عن سجناء.
فرانس24/ أ ف ب
المصدر: فرانس24
كلمات دلالية: زلزال المغرب فيضانات ليبيا وفاة مهسا أميني ريبورتاج وفاة مهسا أميني ذكرى احتجاجات إيران حقوق المرأة مهسا أمینی
إقرأ أيضاً:
التنافس الدولي في البحر الأحمر.. تداعيات التحركات الإسرائيلية والفرنسية على الأمن المصري .. والسودان كساحة للتنافس الدولي
أصبح البحر الأحمر في السنوات الأخيرة ساحةً لتنافس دولي وإقليمي متصاعد، حيث تتسابق قوى عالمية وإقليمية ليكون لها موطئ قدم في هذه المنطقة الحيوية في الشرق الأوسط خصوصًا في ظل ما يحدث في المنطقة في الشهور الأخيرة. التحركات الإسرائيلية والفرنسية في المنطقة تُشكِّل تحدي مباشرة للأمن القومي المصري، خاصةً في ظل التوترات السياسية والتحولات المتسارعة في أفريقيا.
الأهداف الإسرائيلية في أفريقيا والبحر الأحمر
منذ اتفاقية السلام مع مصر عام 1979، ساد هدوء نسبي بين البلدين، تخللته اتفاقيات تعاون في مجالات متعددة. لكن إسرائيل بدأت مؤخراً بتكثيف جهودها لتعزيز نفوذها في أفريقيا، مستهدفةً دولًا مثل السودان والصومال وجيبوتي المطلة على البحر الأحمر.
في عام 2020، سعت إسرائيل لإقامة علاقات دبلوماسية مع جيبوتي بهدف استخدام قواعد عسكرية لتعزيز سيطرتها على البحر الأحمر ومواجهة الحوثيين في اليمن، إضافةً إلى الضغط على مصر. ورغم رفض جيبوتي، استمرت إسرائيل في مساعيها، مستفيدةً من علاقاتها القوية مع فرنسا والإمارات العربية المتحدة، كما يؤكد عدد من الباحثين أن إسرائيل تولي أهميةً كبيرة لإقامة علاقات مع جيبوتي لتعزيز نفوذها في البحر الأحمر ومكافحة الحوثيين بشكل أكثر فعالية، بالإضافة إلى الضغط على مصر.
التعاون الفرنسي-الإسرائيلي وتأثيره الإقليمي
تمتلك فرنسا وجودًا عسكريًا كبيرًا في جيبوتي، حيث تستضيف أكبر قاعدة عسكرية فرنسية خارج أراضيها. تسعى فرنسا لتعزيز نفوذها في أفريقيا بعد تراجعها في مناطق نفوذ تقليدية في غرب القارة. وبحسب تقارير، تضغط فرنسا لتقريب وجهات النظر بين جيبوتي وإسرائيل، وتسمح للاستخبارات الإسرائيلية بالعمل من قواعدها.
ويشير مراقبون إلى أن السودان والقرن الأفريقي أصبحا نقاط التقاء للمصالح الفرنسية والإسرائيلية والإماراتية، خاصةً في ظل التحولات السياسية والعسكرية العالمية.
السودان كساحة للتنافس الدولي
يعيش السودان صراعًا داخليًا بين الجيش وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، مما جعله ساحة لتدخلات خارجية. تدعم إسرائيل حميدتي لتحقيق مصالحها، بما في ذلك تقويض نفوذ الإسلاميين والضغط على مصر، وفقًا لخبراء عسكريين.
في المقابل، تسعى فرنسا لاستعادة نفوذها في أفريقيا بدعم بعض الشخصيات السياسية السودانية بهدف إقامة قاعدة عسكرية في السودان. ويرى مختصون في الشأن السوداني أن فقدان فرنسا نفوذها في دول أفريقية أخرى دفعها للبحث عن موطئ قدم جديد عبر السودان.
التحديات الأمنية لمصر
تشكل التحركات الإسرائيلية والفرنسية تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري. التواجد الإسرائيلي في مناطق مثل أرض الصومال وجيبوتي يهدد حرية الملاحة في قناة السويس، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد المصري.
بالإضافة إلى ذلك، قد تزيد التحالفات بين إسرائيل وفرنسا والإمارات من الضغوط على مصر في قضايا إقليمية مثل أمن نهر النيل والأمن في البحر الأحمر.
الاستراتيجيات المصرية المحتملة لمواجهة هذه التحديات
قد تحتاج مصر لتعزيز علاقاتها مع الدول الأفريقية ودعم الاستقرار في السودان والقرن الأفريقي. يمكن لمصر تعزيز التعاون الاقتصادي والأمني مع دول المنطقة لمواجهة النفوذ الخارجي المتزايد.
كما قد تسعى لتعزيز وجودها العسكري في البحر الأحمر لحماية مصالحها وضمان حرية الملاحة في الممرات المائية الحيوية.
التنافس الدولي المتصاعد في البحر الأحمر والقرن الأفريقي يفرض على مصر والدول العربية تحديات جديدة. تتطلب هذه الظروف تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة التحركات الخارجية التي تهدد استقرار المنطقة ومصالحها الحيوية.
محمد صادق .. الكاتب والباحث في شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا