الأمورُ حُسمت لدى حركة "فتح".. لا تراجع إلّا عبر تنفيذ عمليّة عسكريّة قد تبدأ قريباً جداً بالشراكة مع الدولة اللبنانية لإنهاء توتر مُخيّم عين الحلوة. الأدلة القاطعة والملموسة لدى أطراف لبنانية وفلسطينية أظهرت وجود مُؤامرة جرى التّخطيط لها لضرب المُخيم في العُمق و "قلبِ" السلطة داخله رأساً على عقب عبر جماعات مُسلحة باتت تُصعد هجماتها وتهدّد صيدا وأطرافها ككل والجيش في الطليعة.

 
بصراحةٍ وبكلام حازم، يقولُ مصدرٌ مسؤول في "فتح" لـ"لبنان24" إن "الأمورُ لم تعد تُحتمل لاسيما أنّ المسلحين يشنون الهجمات باستمرار"، وأضاف: "من الممكن أن نبدأ عمليّة عسكرية في أيّ وقت ضدّ معاقل المُسلحين بعدما تمادوا كثيراً مع داعميهم لتحويل عين الحلوة إلى "يرموك 2"، إما عبر إفتعال إشتباكات وفتح محاور قتالية أو عبر ضرب المطلب الأساس بتسليم قتلة اللواء أبو أشرف العرموشي للدولة اللبنانية". 
وأكمل: "إنَّ فتح ليست مكسر عصا، ومن يسعى لإنهائها فهو واهمٌ تماماً والرسالة ستكونُ حازمة ولا تراجع بتاتاً، وسنضرب المخطط الذي يهدف لإشعال كافة المخيمات وتشتيت الفلسطينيين داخل لبنان". 
إستناداً إلى معطيات كثيرة ميدانيّة وعسكريّة، فإنَّ ما يمكن أن يشهده المخيم سيختلف تماماً عن الجولات القتالية السّابقة، فالجيشُ قد يكونُ في صلبِ المعركة هذه المرة بعدما بات إستهدافهُ فاضحاً جداً، وآخر فصول هذا الأمر تجلّت يوم أمس بسقوط قذيفة صاروخية في محيط ثُكنة زغيب العسكريّة المحاذية للمخيّم إبان اشتباكات تواصلت خلال ساعات المساء واستمرّت حتى فجر اليوم.  اللافت وسط المشهديَّة القائمة هي زيارة قائد الجيش العماد جوزاف عون، صباح اليوم الخميس، اللواء الأول في صيدا حيثُ تفقد الوضع الميداني في ضوء التطورات في المُخيم. الجولة المفاجئة هذه تحمل دلالات مهمة وفيها تأكيد على أن الجيش يرصد كافة الأمور ويضعها في إطار متابعة جدّية.
ما سيحصلُ من تطورات في "عاصمة الشتات الفلسطيني" سيكونُ محضر بحثٍ على طاولة هيئة العمل الفلسطيني المُشترك التي ستعقد إجتماعاً طارئاً لها اليوم الخميس في سفارة دولة فلسطين في بيروت. بحسب معلومات "لبنان24"، فإنَّ "فتح" ستكونُ حاسمةً في خيارها وقد أخذت الضوء الأخضر من قيادتها في رام الله بأنهُ لا تراجع عن مطالبها الميدانية في المخيم، فإمّا تسليم جماعتيْ "جُند الشام" و"الشباب المُسلم" لقتلة العرموشي بـ"التي هي أحسن" وإمّا خوض معركة كبرى ضد المسلحين بالتنسيق مع الجيش. 
ما سيقوله مسؤولو "فتح" خلال الإجتماع المُرتقب اليوم سيكونُ مكمّلاً لكلامِ المُشرف على الساحة اللبنانية في الحركة عزام الأحمد يوم أمس من السراي الحكومي، إذ قال إن "المُهلة لتسليم المطلوبين محدودة وغير مفتوحة، كما أنّ كافة الخيارات واردة وموجودة". مع هذا، ترجح المعلومات ألّا يكون كلام "فتح" هذه المرّة ودياً خلال الإجتماع، فالعتابُ سيكونُ حاضراً بسبب تغاضي مختلف الفصائل الفلسطينية عن مُساندتها وتحديداً في تشكيل القوة الفلسطينية المُشتركة التي كان من المفترض أن تساهم في جلب المطلوبين بإغتيال العرموشي. 
إنقلابٌ من "حماس" 
بكل بساطة، المعركة باتت "وجودية"، وما تكشفهُ الوقائع الميدانية يُشيرُ إلى أنَّ الضغط على "فتح" ليس عادياً بل هو مُخطّط ومنسّق له بإتقان وتحديداً من خلال تحريك جماعاتٍ أصولية لها باعٌ طويل في إثارة التوتر داخل لبنان.  أمام كل هذه المُعطيات، يبدو أن صبر "فتح" بدأ ينفدُ بعدما وجدت أنّها مُطوّقة من جهات فلسطينيّة تسعى للإنقضاض عليها عسكرياً وسلطوياً من الداخل، والإتهاماتُ في هذا الأمر سيقت باتجاه "حماس". 
خلال يوم الثلاثاء، كان الإجتماعُ بين قيادتي "فتح" و "حماس" ودياً، لكنه سرعان ما تحوّل التقارب إلى "إبتعاد"، وهو أمرٌ أثار إستياءً عارماً لدى قادة حركة "فتح" الذينَ وجدوا في "حماس" خصماً يريدُ ضرب "فتح" والإنقلاب عليها في المخيمات عبر مجموعاتٍ يجري تحريكها بأساليبَ مشبوهة عسكرياً ولوجستياً. أما الأمر الأكثر بروزاً فيتمحورُ حول وجود معطيات تتحدثُ عن تأييد السفارة الإيرانية في بيروت وبشكل خفيّ لما تقومُ "حماس" على أكثر من صعيد وتحديداً في ما خصّ ملف المخيمات. 
اللافتُ يوم أمس هو أنَّ القياديّ في حركة "حماس" موسى أبو مرزوق أطلق رسالتين ناريتين باتجاه "فتح" عقب الإجتماع معها قبل يومين، وقال: "المسؤول عن الأمن يجب أن يكون قوة مشتركة وليس فصيلا واحدا"، فيما قال أيضاً وتحديداً بعد آخرِ تصريحٍ لعزام الأحمد: "ما يجري في مخيم عين الحلوة الآن هو تدميرٌ للمخيم تحت عنوان محاربة الإرهاب ولكن من دون نتائج حقيقية تُذكر.. حاولنا جاهدين مساعدة من هو في مأزق لكنّ التعهدات التي قُطعت لنا بلا معنى". 
إذاً، ما يقوله المرزوق يدلّ على أمرين لا ثالث لهما: الأول وهو أنّ أي تسوية في عين الحلوة لن تكون إلا حساب كسر سلطة "فتح" على المُخيمات، فيما الأمر الثاني يشيرُ إلى اعتبار المرزوق "فتح" بأنها جهة تُدمّر عين الحلوة من بوابة مواجهة مطلوبين بتهم "الإرهاب" فيما لم تتمكن حتى الآن من تحقيق إنجاز ميداني. في ما خصّ النقطة الثانية، فإنَّ مصادر "فتح" رأت في كلام المرزوق بمثابة تصويرٍ للحركة على أنها ضعيفة وأن ما تقومُ به لا يخدم هدفاً جيداً بل هو تدميري، وتضيف: "ما يجري هو شيطنة لفتح وحربها ضد الإرهاب حالياً، ولهذا السبب سيرى الجميع من هي فتح وكيف تتحرّك وما ستنجزه وكيف ستحمي المُخيم". 
بدورها، تقولُ مصادر في "حماس" عبر "لبنان24" إنّ "الحركة ملتزمة بعدم التصعيد مع أي طرفٍ فلسطيني لأن ذلك يخدم العدو الإسرائيلي"، نافية أنّ يكون مخطط "حماس" هو إنقلاب كما يقال، وتضيف: "فلتكن هناك قوّة مشتركة يتم تأسيسها بإجماع كافة الفصائل.. ما الذي يمنعُ ذلك؟ هذا هو مطلب فتح وحماس أيضاً.. فليتم إنجاز هذا الأمر". في المقابل، تقول مصادر "فتح" لـ"لبنان24" بشأن القوة الأمنية: "حينما طُلب من حماس أن تساهم بتشكيلها من أجل جلب قتلة العرموشي، تنصلت وماطلت ولم تُقدم أي عنصر.. الآن ومن أجل تقسيم أمن المخيم، باتت حماس تهرول نحو تأسيس القوة.. ما يبدو هو أنّ الأجندات باتت تكشف عن نفسها على أرضِ الواقع". 
تطورات ميدانيَّة عنيفة 
ولأول مرة منذ اندلاع التوتر منذ تموز الماضي، فوجئ سُكان المناطق المحيطة بالمُخيم منتصف هذه الليلة بإلقاء قنبلة مُضيئة في سمائه وتحديداً فوق منطقتي التعمير التحتاني والطوارئ حيثُ يتحصن مسلحو جماعتي "جند الشام" و "الشباب المسلم". 
وفعلياً، فقد تضاربت المعلومات بشأن مصدر القنبلة، فمن جهة قيلَ أنها من "فتح"، فيما قالت مصادر ميدانية لـ"لبنان24" إنه ليس لدى الحركة مثل هذه القدرات العسكريّة.  
وخلال الليل، بقيَ التوترُ سيّد الموقف بعدما تصاعدت حدّة الإشتباكات الأربعاء، وأسفرت عن مقتل 7 أشخاص وإصابة أكثر من 20 آخرين. ميدانياً، تركّزت الإشتباكات عند المحاور التالية: حطين، الرأس الأحمر، التعمير التحتاني، البركسات، في حين أفيد عن حدوث توتر داخل حي صحون - الرأس الأحمر. كذلك، دخل حي الصفوري على الخط بعدما شهد على إشكالٍ أدى إلى مقتل القائد العسكري في "تيار الإصلاح الديمقراطي في فتح" خالد أبو النعاج. 
و"الصفوري" هي منطقة تشهدُ على سيطرةٍ المسؤول المفصول من "فتح" محمود عيسى المُلقّب بـ"اللينو"، وتقول مصادر "لبنان24" إنّ الأخير لم ينخرط ضد الحركة خلال الإشتباكات بعكس ما قيلَ مؤخراً في أوساط المخيم. 
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: عین الحلوة الم خیم فی الم

إقرأ أيضاً:

تحليل لـCNN: ماذا تريد حماس من أول محادثات مباشرة مع أمريكا؟

تحليل بقلم ميك كريفر من شبكة CNN

(CNN)--  خلال معظم الأشهر الـ17 الماضية، بدت فكرة التسوية السياسية للحرب في غزة، ناهيك عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، بعيدة كل البعد عن الواقع - حيث طغت عليها حملة عسكرية مدمرة قتلت عشرات الآلاف، وخطاب يحمل وجهة نظر واحدة لا يقبل الاختلاف.

فالرئيس الأمريكي دونالد ترامب يصف عناصر حركة "حماس" بأنهم "مريضون ومختلون"، وبالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فإن الخيار الوحيد لتحقيق "نصره الكامل" الذي يتباهى به كثيرا هو "القضاء" على الحركة.

ومع ذلك، ظهر الأربعاء أن الرئيس الأمريكي قد يكون على استعداد للاكتفاء بشيء أكثر عملية: حيث تنفصل حكومته عن سياستها القديمة المتمثلة في عدم التحدث مع الجماعات التي تعتبرها منظمات إرهابية.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن "المبعوث الخاص الذي يشارك في هذه المحادثات لديه السلطة للتحدث إلى أي شخص"، وأضافت أن تلك المحادثات "مستمرة".

وبعيدًا عن خطاب ترامب حول طرد الفلسطينيين من قطاع غزة والاستيلاء عليه، يبدو أن حكومة الولايات المتحدة تريد سماع ما قد تريده "حماس" في مقابل إطلاق سراح 59 رهينة لا تزال تحتجزهم. لا يزال هناك أمريكي واحد فقط يعتقد أنه لا يزال على قيد الحياة، وهو عيدان ألكسندر، في غزة، كما تحتجز الحركة 4 أمريكيين قتلى.

وتم إجراء جميع المحادثات السابقة من خلال وسطاء قطر ومصر.

وتأسست "حماس"، التي نشأت من جماعة "الإخوان المسلمينط، في أواخر الثمانينيات وهي مكرسة لمقاومة الدولة الإسرائيلية، ودعت لفترة طويلة إلى تدميرها، لكنها قالت في عام 2017 إنها مستعدة لقبول دولة فلسطينية في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية - داخل الحدود التي كانت موجودة قبل أن تستولي إسرائيل على مساحات كبيرة من الأراضي من الأردن ومصر وسوريا.

وبموجب القانون الدولي، تعتبر غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية مناطق محتلة عسكريا من قبل الدولة الإسرائيلية.

وكان الهدف المركزي للحرب المدمرة التي شنتها إسرائيل على غزة هو إزاحة "حماس" من السلطة والقضاء على قدرتها على تهديد إسرائيل.

وفي تلك النقطة الأولى على الأقل، كانت قيادة "حماس" في الخارج واضحة بشكل متزايد بأنها مستعدة للتنحي جانبا.

وقال المتحدث باسم "حماس" حازم قاسم لقناة "العربية" الشهر الماضي: "نقول بوضوح أنه ليس من الضروري أن تكون حماس جزءًا من الترتيبات السياسية أو الإدارية في المرحلة المقبلة".

مقالات مشابهة

  • برق ورعد وتساقط ثلوج على هذا الارتفاع… هذا ما ينتظرنا في الأيام المُقبلة!
  • ماذا تحمل زيارة ويتكوف المرتقبة للمنطقة؟.. محللون يجيبون
  • لن تصدق.. تأثير السكريات الطبيعة على الجسم في رمضان
  • ماذا يعني لجوء ترامب إلى التفاوض المباشر مع حماس؟
  • ظهور جديد للمجندة الإسرائيلية المحررة بيرغر.. ماذا قالت؟
  • طفلان على الطريق في بيروت.. المشهد مؤثر! (فيديو)
  • الرئيس السيسي: ندير الأمور بكل حرص والتزام ونسير على ثوابت قانونية وإنسانية
  • تحليل لـCNN: ماذا تريد حماس من أول محادثات مباشرة مع أمريكا؟
  • أول تحرك اوربي جاد .. بريطانيا تدعو عبر مجلس الأمن يدعو لضمان حظر توريد الأسلحة إلى اليمن وتحديدا الأسلحة الإيرانية
  • ويتكوف: نرغب في حل الأمور مع حماس عبر الحوار.. ترامب يريد هذا الأسير