الخليج الجديد:
2024-10-06@13:03:18 GMT

من مهمات شباب الأمة العربية

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

من مهمات شباب الأمة العربية

من مهمات شباب الأمة العربية

في هذه اللحظة تتركز الأنظار على المراجعة الشاملة والنقد العميق الحاد لكل جوانب الحضارة العولمية المهيمنة.

هناك رفض متنام لمنطلقات حرية الأسواق، والاعتماد على ديناميتها الذاتية في تصحيح أي مسار خاطئ، أو أزمة طارئة.

في السياسة شكوك ومراجعات ونقد وهجوم حول تاريخ وحاضر وتلفيقات واختطاف الممارسة الديمقراطية السياسية الليبرالية، من قبل قوى الدولة العميقة.

هناك أصوات غربية كثيرة ترفض المركزية الحضارية الغربية، التي تظهر ممارساتها عبر القرون أنها ضلت الطريق وخانت الأمانة، وأماتت كل ما هو إنساني في الإنسان.

هناك ثورة عارمة على ما اّل إليه الحال من ازدياد مذهل في غنى قلة من الأغنياء وفقر كثرة من الفقراء، وهناك تيار مراجعة لأسس قامت عليها الرأسمالية الكلاسيكية.

* * *

أشفق على أفراد الأجيال العربية الشابة التي عليها أن تحمل المسؤوليات الثقيلة التالية بالجهد والجدية نفسها لكل منها، وأن تقوم بتلك المهمات في الوقت نفسه وبتواز في تلك المسيرة.

فأولاً هناك مهمة متابعة الموجة الحالية التحليلية الناقدة الرافضة والمتعاظمة لحضارة العصر العولمية الحالية المهيمنة، وهي بالطبع في الأساس حضارة الغرب، وبالأخص الوجه الأمريكي الأوروبي منها.

وثانياَ، وفي الوقت نفسه المتابعة والمشاركة في تحليل ومراجعة ونقد وتجديد، ما انتقل إلينا من حضارتنا العربية والإسلامية التاريخية.

وثالثاَ متابعة ما يقترح من حلول وعلاجات لأمراض وإشكالات الحضارة العولمية المهيمنة من جهة، وما يقترح من حلول وعلاجات لأمراض وإشكالات الحضارة العربية والإسلامية من جهة أخرى، وذلك من أجل الخروج بحلول ذاتية لا تتعارض مع بعض خصوصيات أوضاعنا ولا تفصلنا عن المشاركة في حضارة العصر المستقبلية.

ويخطئ الجيل العربي الجديد، إن ظن أن باستطاعته تجنب الاندماج في تلك المعارك والمحاولات الثلاث الكبرى. ولو حاول فإنه سيقضي على إمكانية تحقق الكثير من أحلامه وآماله المستقبلية، ليس فقط عليه أن لا يتجنب خوض تلك المعارك، وإنما عليه أن لا يندمج فيها ويتفاعل معها بالطرق الخاطئة نفسها، التي مارستها الأجيال التي سبقت:

طرق التبعية والتقليد بدلاَ من الاستقلالية والإبداع، وطرق الشعور بالدونية الفكرية والانبهار الطفولي أمام منجزات الآخرين، ومسارات التعب المبكر والعجز في منتصف تلك الطرق.

وهي مثالب سببت الكثير من الإخفاق لأفكار طرحت ولأيديولوجيات اقترحت، ولاستراتيجيات تبنتها قوى مدنية عربية وبعض من الأنظمة السياسية العربية، ولكنها جميعاَ ذهبت أدراج الريح مع مرور الأزمنة وتغير الأحوال. في هذه المرة تحتاج الأجيال العربية أن تتجنب تكرار ما أصاب كل ذلك الماضي من أخطاء وأمراض وسوء فهم.

وفي هذه اللحظة تتركز الأنظار على المراجعة الشاملة والنقد العميق الحاد لكل جوانب الحضارة العولمية المهيمنة. ففي الاقتصاد هناك رفض متنام لمنطلقات حرية الأسواق، والاعتماد على ديناميتها الذاتية في تصحيح أي مسار خاطئ، أو أزمة طارئة.

وهناك ثورة عارمة على ما اّل إليه ذلك من ازدياد مذهل في غنى قلة من الأغنياء وفي فقر كثرة من الفقراء، وهناك تيار مراجعة للأسس التي قامت عليها الرأسمالية الكلاسيكية وانعطافة نحو إعادة درس الأسس الماركسية وتحليلاتها التاريخية والاقتصادية والاجتماعية، والاستفادة منها.

وفي السياسة هناك شكوك ومراجعات ونقد وهجوم حول تاريخ وحاضر وتلفيقات واختطاف الممارسة الديمقراطية السياسية الليبرالية، من قبل قوى الدولة العميقة الخادمة لقوى المال والشركات الكبرى والأمن العسكري والاستخباراتي.

ومعه هناك تلميحات بالإعجاب بعدالة النظام السياسي الاقتصادي الصيني، الجامع بين المبادئ والممارسات الليبرالية والماركسية. وفي الثقافة هناك خوف وهلع من غياب المعيارية الأخلاقية والقيمية الدينية، ومن جنون ممارسة السرعة المتعاظمة في السلوك اليومي وفي حركة المكان وفي العلاقات العائلية والاجتماعية.

وبالطبع هناك حركة ما بعد الحداثة الرافضة لمبادئ أساسية في حداثة ما جاءت به ثورات الأنوار الغربية، منذ عدة قرون وعلى الأخص مواضيع، من مثل حتمية التقدم، أو حتمية العقلانية في الحياة الإنسانية. وزاد الهلع مؤخراً بعد الردة الأخلاقية المجنونة في العلاقات الجنسية وفي التلاعب بتسمية الصفات الشخصية الطبيعية، والانقلاب على موضوع الجندرية وتشويهه.

اليوم هناك الكثير من الأصوات الغربية ترفض المركزية الحضارية الغربية تلك، التي تظهر الكثير من ممارساتها عبر العديد من القرون بأنها ضلت الطريق وخانت الأمانة، وأماتت كل ما هو إنساني في الإنسان، وكل ما هو طبيعي في الطبيعة، وأوصلت العالم إلى حافة إمكانية السقوط في الهاوية.

وإذا كانت تلك التحليلات والانتقادات قد بدأت منذ زمن طويل من خلال شتى مدارس النظريات النقدية التي تفرعت من مدرسة فرانكفورت الشهيرة، فإن هناك حركة فلسفية اجتماعية جديدة تضيف إلى الثورات النقدية الماضية، ثورة جديدة يقودها باقتدار الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني هارتموت روزا.

هذه الحركة النقدية أضافت تحليلاً ونقداَ حاداً لسلوكية السرعة المجنونة والنهم غير المحدود في كل مناحي الحياة اليومية للمجتمعات الحديثة: في العمل وفي جمع الثروة، وفي التعابير الفنية وفي العلاقات الأسرية، وفي التواصل الإلكتروني الاجتماعي وفي التوسع التجاري المجنون وفي الاستغلال غير المسؤول لموارد الطبيعة، وفي التغيير العبثي المتعاظم لكل صرعات الموضة في الملبس والغناء وكل وسائل الرفاهية.

إنها قائمة طويلة من جنون الاستعجال في كل شيء، ومن جشع الاستحواذ والاستهلاك والتخزين والتنويع لكل شيء فصّلها هذا الفيلسوف العالم في الاجتماع في كتاب ضخم، صدر منذ عدة سنوات تحت عنوان الكلمة المعبرة عن كل تلك السلبيات، كلمة تسارع Acceleration. وهي كلمة تعبر عن أشكال كثيرة من السرعة، وتمظهرات مثيرة عن التعاظم والازدياد النهم العبثي.

ولقد أشرت خصوصا إلى تلك المدرسة في النظرية النقدية لأنني اعتقد أنها دخلت في أعمق أعماق الحياة اليومية لحضارة العصر، التي ستثري الحركات النضالية الشبابية، خصوصا بعد أن أصدر هذا الفيلسوف كتابة الضخم، كعلاج وتصحيح لمسار الحضارة العصرية السلبي، مقترحا ممارسة ما سماه Resonance (تصادي) بمعنى التواصل والأخذ والعطاء والاستجابة لصوت الإنسان الآخر ولصوت الطبيعة وصوت كل الأشياء المادية، وهو ما سألخصه في مقال مقبل.

في رأيي أن المدرسة الجديدة ليست موجهه لأجيال أوروبا وأمريكا فقط، وإنما تهم شباب العالم، بمن فيهم شباب هذه الأمة. وفهمها واستيعابها هما جزء ضروري من التفاعل النقدي العربي مع الحضارة العولمية الغربية الذي أشرنا اليه في المقدمة.

*د. علي محمد فخرو وزير بحريني سابق، وكاتب قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الليبرالية الحداثة الرأسمالية المهمات الدولة العميقة الکثیر من

إقرأ أيضاً:

بالفيديو.. إيران تعرض الصواريخ التي قصفت إسرائيل وخامنئي: ما قمنا به الحدّ الأدنى من العقاب

نشرت وكالة تسنيم الإيرانية مشاهد قالت إنها “من تحضير الصواريخ الإيرانية التي استخدمت في ضرب مواقع إسرائيلية في الأول من أكتوبر الجاري، خلال عملية أطلقت عليها طهران اسم “الوعد الصادق 2″، وذلك وبالتزامن مع كلمة المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، بصلاة الجمعة.

وأظهر مقطع الفيديو، “عناصر بالحرس الثوري يقومون بإعداد الصورايخ، ويضعون اللمسات الأخيرة عليها قبيل انطلاقها بالشاحنات المخصصة إلى مكان إطلاقها، وقد كتب على أحدى الصواريخ، باللغة العربية آية قرآنية: “وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”.

في السياق، أمّ المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، في خطوة نادرة له، صلاة الجمعة، مسجد الإمام الخميني في طهران، بحضور الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان وعدد من المسؤولين الإيرانيين وحشد كبير من الإيرانيين، حيث ستقام مراسم تأبين للأمين العام لحزب الله “حسن نصرالله”.

وقال المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي، اليوم الجمعة، “إن ما قامت به القوات المسلحة الإيرانية هو الحد الأدنى من العقاب مقابل الجرائم الإسرائيلية”.

واعتبر خامنئي أن “خطوة القوات المسلحة الإيرانية في مساندة غزة قبل أيام قانونية وتحظى بالشرعية الكاملة”.

 وقال خامنئي إن “العدو واحد وأساليبه في مختلف البلدان ربما تختلف” ، مشيرا إلى أن “أعداء الأمة الإسلامية هم أعداء فلسطين ولبنان والعراق ومصر وسوريا واليمن”.

واعتبر أنه “اليوم الأمة الإسلامية أصبحت واعية وبإمكانها أن تتغلب على هذه الخطط لأعداء المسلمين”، لافتا إلى أن “الشعوب إذا أرادت أن لا تبتلى بالحصار يجب أن يفتحوا عيونهم ويكونوا واعين”.

وشدد المرشد الإيراني على أنه “كل شعب لديه الحق ويمتلك الحق أن يدافع عن سيادته ووحدته وأرضه أمام المحتلين وأمام الغاصبين”، مشيرا إلى أن “الشعب الفلسطيني يمتلك كامل الحق أن يقف في وجه هؤلاء المحتلين”.

وقال خامنئي إن “الذين يساعدون الشعب الفلسطيني يقومون بواجبهم الديني ولا أحد يمكنه أن يحتج لماذا أنتم تدافعون عن غزة”، وأضاف: “الدفاع المستميت للشعب اللبناني عن الشعب الفلسطيني هو شرعي وقانوني ولا يحق لأي أحد ينتقد دفاعهم الإسنادي عن غزة”.

واعتبر أن “طوفان الأقصى هي حركة منطقية وصحيحة وهي من حق الشعب الفلسطيني”.

وفي شأن الهجوم الصاروخي الإيراني الأخير على إسرائيل، قال خامنئي: “نحن في أداء هذا الواجب لن نتأخر ولن نقوم بالإنفعال ولن نتسرع ولن نقصر”، مشددا على أن “العملية الإيرانية الأخيرة أيضا شرعية وقانونية”.

وقال خامنئي، “ارتأيت أن يكون تكريم أخي وعزيزي ومبعث افتخاري والشخصية المحبوبة في العالم الإسلامي واللسان البليغ لشعوب المنطقة ودرة لبنان الساطعة سماحة السيد حسن نصر الله رضوان الله عليه في صلاة جمعة طهران”، وأضاف: “نحن جميعا مصابون ومكلومون بمصاب السيد العزيز وإنه لفقدان كبير أفجعنا بكل معنى الكلمة”.

وقال خامنئي إن”نصرالله” كان للمناضلين على طريق الحق سندا ومشجعا وكان اللسان البليغ للمظلومين والمدافع الشجاع عنهم والراية الرفيعة للمقاومة في وجه الشياطين الجائرين والناهبين. لقد غادرنا السيد حسن نصر الله بجسده لكنه شخصيته الحقيقة روحه ونهجه وصوته الصادح ستبقى حاضرة فينا أبدا”.

ولفت إلى أن “العدو الجبان عجز عن توجيه ضربة للبنية المتماسكة لحماس وحزب الله والجهاد الاسلامي وغيرها من الحركات المجاهدة في سبيل الله فعمد إلى التظاهر بالنصر من خلال الاغتيالات والتدمير والقصف وقصف المدنيين، وما ما نتج عن هذا السلوك هو تراكم الغضب وتصاعد دوافع المقاومة وظهور المزيد من الرجال والقادة والمضحين وتضيق الخناق على العدو”.

واعتبر المرشد الإيراني أن “حزب الله والسيد الشهيد بدفاعهم عن غزة وجهادهم من أجل الأقصى وإنزالهم الضربة بالكيان الغاصب والظالم قد خطو خطوةً في سبيل خدمة مصيريا للمنطقة بأكملها”، وأضاف: “كل ضربة تنزل بهذا الكيان إنما هي خدمة للمنطقة بأجمعها بل لكل الإنسانية”.

وقال خامنئ: “العدو هو نفسه، وغرفة القيادة هي نفسها، وهم يتلقون الأوامر.. عدو الشعب الإيراني هو نفس عدو الأمة العراقية، نفس عدو الأمة اللبنانية، نفس عدو الأمة المصرية، عدونا جميعا هو نفسه.. ولا ينبغي للمسلمين اليوم أن يكونوا مهملين بعد الآن”.

وقال: “يجب أن نربط حزام الدفاع والاستقلال في كل بلاد الإسلام من أفغانستان إلى اليمن، فإذا استراح العدو من بلد فإنه يتجه إلى بلد آخر، لا ينبغي للأمم أن تسمح بذلك إذا هاجم العدو دولة ما، فيجب على جميع الدول دعم تلك الدولة، لقد أهملنا ذلك لسنوات ورأينا النتائج، واليوم لا ينبغي أن نهمله بعد الآن”.

هذا وشن الحرس الثوري الإيراني، يوم 1 أكتوبر، هجوما بالصواريخ، على إسرائيل، ردا على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحماس “اسماعيل هنية” والأمين العام لحزب الله “حسن نصرالله”.

مقالات مشابهة

  • أيتن عامر تحتفل بذكرى أكتوبر: "اللهم أنصر الأمة العربية"
  • أبرز المباريات العربية والعالمية اليوم الأحد
  • استعدادا لافتتاحه.. وزير الرياضة ومحافظ الغربية يتفقدان مركز شباب محمد صلاح بنجريج
  • وزير الرياضة ومحافظ الغربية يتفقدان مركز شباب محمد صلاح بقرية "نجريج"
  • وزير الرياضة ومحافظ الغربية يتفقدان مركز شباب محمد صلاح ويزوران منزل أسرته
  • وزير الرياضة يزور أسرة محمد صلاح بمحافظة الغربية
  • سارة بدر: هناك اعتراف عالمي بمنتدى شباب العالم كمنصة دولية لتمكين الشباب
  • بالفيديو.. إيران تعرض الصواريخ التي قصفت إسرائيل وخامنئي: ما قمنا به الحدّ الأدنى من العقاب
  • سفير الكويت بالقاهرة: الأمة العربية بحاجة ماسة لاستحضار روح أكتوبر المجيدة
  • سفير الكويت بالقاهرة : الأمة العربية بحاجة ماسة لاستحضار روح أكتوبر المجيدة