الخليج الجديد:
2025-04-30@12:11:48 GMT

من مهمات شباب الأمة العربية

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

من مهمات شباب الأمة العربية

من مهمات شباب الأمة العربية

في هذه اللحظة تتركز الأنظار على المراجعة الشاملة والنقد العميق الحاد لكل جوانب الحضارة العولمية المهيمنة.

هناك رفض متنام لمنطلقات حرية الأسواق، والاعتماد على ديناميتها الذاتية في تصحيح أي مسار خاطئ، أو أزمة طارئة.

في السياسة شكوك ومراجعات ونقد وهجوم حول تاريخ وحاضر وتلفيقات واختطاف الممارسة الديمقراطية السياسية الليبرالية، من قبل قوى الدولة العميقة.

هناك أصوات غربية كثيرة ترفض المركزية الحضارية الغربية، التي تظهر ممارساتها عبر القرون أنها ضلت الطريق وخانت الأمانة، وأماتت كل ما هو إنساني في الإنسان.

هناك ثورة عارمة على ما اّل إليه الحال من ازدياد مذهل في غنى قلة من الأغنياء وفقر كثرة من الفقراء، وهناك تيار مراجعة لأسس قامت عليها الرأسمالية الكلاسيكية.

* * *

أشفق على أفراد الأجيال العربية الشابة التي عليها أن تحمل المسؤوليات الثقيلة التالية بالجهد والجدية نفسها لكل منها، وأن تقوم بتلك المهمات في الوقت نفسه وبتواز في تلك المسيرة.

فأولاً هناك مهمة متابعة الموجة الحالية التحليلية الناقدة الرافضة والمتعاظمة لحضارة العصر العولمية الحالية المهيمنة، وهي بالطبع في الأساس حضارة الغرب، وبالأخص الوجه الأمريكي الأوروبي منها.

وثانياَ، وفي الوقت نفسه المتابعة والمشاركة في تحليل ومراجعة ونقد وتجديد، ما انتقل إلينا من حضارتنا العربية والإسلامية التاريخية.

وثالثاَ متابعة ما يقترح من حلول وعلاجات لأمراض وإشكالات الحضارة العولمية المهيمنة من جهة، وما يقترح من حلول وعلاجات لأمراض وإشكالات الحضارة العربية والإسلامية من جهة أخرى، وذلك من أجل الخروج بحلول ذاتية لا تتعارض مع بعض خصوصيات أوضاعنا ولا تفصلنا عن المشاركة في حضارة العصر المستقبلية.

ويخطئ الجيل العربي الجديد، إن ظن أن باستطاعته تجنب الاندماج في تلك المعارك والمحاولات الثلاث الكبرى. ولو حاول فإنه سيقضي على إمكانية تحقق الكثير من أحلامه وآماله المستقبلية، ليس فقط عليه أن لا يتجنب خوض تلك المعارك، وإنما عليه أن لا يندمج فيها ويتفاعل معها بالطرق الخاطئة نفسها، التي مارستها الأجيال التي سبقت:

طرق التبعية والتقليد بدلاَ من الاستقلالية والإبداع، وطرق الشعور بالدونية الفكرية والانبهار الطفولي أمام منجزات الآخرين، ومسارات التعب المبكر والعجز في منتصف تلك الطرق.

وهي مثالب سببت الكثير من الإخفاق لأفكار طرحت ولأيديولوجيات اقترحت، ولاستراتيجيات تبنتها قوى مدنية عربية وبعض من الأنظمة السياسية العربية، ولكنها جميعاَ ذهبت أدراج الريح مع مرور الأزمنة وتغير الأحوال. في هذه المرة تحتاج الأجيال العربية أن تتجنب تكرار ما أصاب كل ذلك الماضي من أخطاء وأمراض وسوء فهم.

وفي هذه اللحظة تتركز الأنظار على المراجعة الشاملة والنقد العميق الحاد لكل جوانب الحضارة العولمية المهيمنة. ففي الاقتصاد هناك رفض متنام لمنطلقات حرية الأسواق، والاعتماد على ديناميتها الذاتية في تصحيح أي مسار خاطئ، أو أزمة طارئة.

وهناك ثورة عارمة على ما اّل إليه ذلك من ازدياد مذهل في غنى قلة من الأغنياء وفي فقر كثرة من الفقراء، وهناك تيار مراجعة للأسس التي قامت عليها الرأسمالية الكلاسيكية وانعطافة نحو إعادة درس الأسس الماركسية وتحليلاتها التاريخية والاقتصادية والاجتماعية، والاستفادة منها.

وفي السياسة هناك شكوك ومراجعات ونقد وهجوم حول تاريخ وحاضر وتلفيقات واختطاف الممارسة الديمقراطية السياسية الليبرالية، من قبل قوى الدولة العميقة الخادمة لقوى المال والشركات الكبرى والأمن العسكري والاستخباراتي.

ومعه هناك تلميحات بالإعجاب بعدالة النظام السياسي الاقتصادي الصيني، الجامع بين المبادئ والممارسات الليبرالية والماركسية. وفي الثقافة هناك خوف وهلع من غياب المعيارية الأخلاقية والقيمية الدينية، ومن جنون ممارسة السرعة المتعاظمة في السلوك اليومي وفي حركة المكان وفي العلاقات العائلية والاجتماعية.

وبالطبع هناك حركة ما بعد الحداثة الرافضة لمبادئ أساسية في حداثة ما جاءت به ثورات الأنوار الغربية، منذ عدة قرون وعلى الأخص مواضيع، من مثل حتمية التقدم، أو حتمية العقلانية في الحياة الإنسانية. وزاد الهلع مؤخراً بعد الردة الأخلاقية المجنونة في العلاقات الجنسية وفي التلاعب بتسمية الصفات الشخصية الطبيعية، والانقلاب على موضوع الجندرية وتشويهه.

اليوم هناك الكثير من الأصوات الغربية ترفض المركزية الحضارية الغربية تلك، التي تظهر الكثير من ممارساتها عبر العديد من القرون بأنها ضلت الطريق وخانت الأمانة، وأماتت كل ما هو إنساني في الإنسان، وكل ما هو طبيعي في الطبيعة، وأوصلت العالم إلى حافة إمكانية السقوط في الهاوية.

وإذا كانت تلك التحليلات والانتقادات قد بدأت منذ زمن طويل من خلال شتى مدارس النظريات النقدية التي تفرعت من مدرسة فرانكفورت الشهيرة، فإن هناك حركة فلسفية اجتماعية جديدة تضيف إلى الثورات النقدية الماضية، ثورة جديدة يقودها باقتدار الفيلسوف وعالم الاجتماع الألماني هارتموت روزا.

هذه الحركة النقدية أضافت تحليلاً ونقداَ حاداً لسلوكية السرعة المجنونة والنهم غير المحدود في كل مناحي الحياة اليومية للمجتمعات الحديثة: في العمل وفي جمع الثروة، وفي التعابير الفنية وفي العلاقات الأسرية، وفي التواصل الإلكتروني الاجتماعي وفي التوسع التجاري المجنون وفي الاستغلال غير المسؤول لموارد الطبيعة، وفي التغيير العبثي المتعاظم لكل صرعات الموضة في الملبس والغناء وكل وسائل الرفاهية.

إنها قائمة طويلة من جنون الاستعجال في كل شيء، ومن جشع الاستحواذ والاستهلاك والتخزين والتنويع لكل شيء فصّلها هذا الفيلسوف العالم في الاجتماع في كتاب ضخم، صدر منذ عدة سنوات تحت عنوان الكلمة المعبرة عن كل تلك السلبيات، كلمة تسارع Acceleration. وهي كلمة تعبر عن أشكال كثيرة من السرعة، وتمظهرات مثيرة عن التعاظم والازدياد النهم العبثي.

ولقد أشرت خصوصا إلى تلك المدرسة في النظرية النقدية لأنني اعتقد أنها دخلت في أعمق أعماق الحياة اليومية لحضارة العصر، التي ستثري الحركات النضالية الشبابية، خصوصا بعد أن أصدر هذا الفيلسوف كتابة الضخم، كعلاج وتصحيح لمسار الحضارة العصرية السلبي، مقترحا ممارسة ما سماه Resonance (تصادي) بمعنى التواصل والأخذ والعطاء والاستجابة لصوت الإنسان الآخر ولصوت الطبيعة وصوت كل الأشياء المادية، وهو ما سألخصه في مقال مقبل.

في رأيي أن المدرسة الجديدة ليست موجهه لأجيال أوروبا وأمريكا فقط، وإنما تهم شباب العالم، بمن فيهم شباب هذه الأمة. وفهمها واستيعابها هما جزء ضروري من التفاعل النقدي العربي مع الحضارة العولمية الغربية الذي أشرنا اليه في المقدمة.

*د. علي محمد فخرو وزير بحريني سابق، وكاتب قومي عربي

المصدر | الشروق

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: الليبرالية الحداثة الرأسمالية المهمات الدولة العميقة الکثیر من

إقرأ أيضاً:

عاجل- الحكومة: لن يكون هناك تخفيف للأحمال صيف 2025

أعلن المستشار محمد الحمصاني المتحدث باسم مجلس الوزراء، أن الحكومة لن تقوم بتخفيف الأحمال خلال فصل الصيف المقبل وستقوم بتوفير كافة الموارد اللازمة لدعم الشبكة القومية للكهرباء من خلال خطة متكاملة.


توجيهات رئاسية بوقف تخفيف الأحمال

أضاف الحمصاني، خلال مداخله هاتفية مع الإعلامية عزة مصطفى في برنامج الساعة 6 مساء على فضائية الحياة، وذلك يأتي في إطار توجيهات رئيس الجمهورية وهي خطة متعددة الابعاد، من خلال الدخول في مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة لتوفير الاحتياجات اللازمة للكهرباء وربطها على الشبكة القومية للكهرباء.

تابع الحمصاني، سنعمل على توفير الموارد اللازمة لذلك، ومكافحة الفاقد، وبجانب المشروعات الربط الكهربائي مع الدول المجاورة ستساهم في منع قطع الكهرباء ولن يكون هناك تخفيف أحمال خلال الفترة المقبلة.

الحكومة تقرر وقف تخفيف الأحمال

 التقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، المهندس محمود عصمت، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة؛ وذلك في إطار متابعة الاستعدادات الجارية، وخطة مواجهة ارتفاع الأحمال وزيادة الطلب على الكهرباء خلال موسم الصيف، وعدد من الملفات الأخرى الجاري العمل عليها خلال الفترة الحالية.

واستهل رئيس مجلس الوزراء اللقاء، بالإشارة إلى حرصه على عقد هذا الاجتماع في إطار المتابعة المستمرة لتأمين التغذية الكهربائية وضمان استقرارها خلال أشهر الصيف، في ضوء تنفيذ توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بإيجاد حلول حاسمة لمسألة تخفيف أحمال الكهرباء، مع وقفها خلال فصل الصيف تخفيفًا عن المواطنين، وكذا متابعة مستجدات الموقف الحالي للربط الكهربائي بين مصر وكل من المملكة العربية السعودية، واليونان، وإيطاليا.
وفي هذا السياق، لفت الدكتور مصطفى مدبولي إلى الجهود الحكومية المكثفة لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، بما يضمن تحقيق مستهدفات القطاع، وتحقيق الاستفادة المُثلى من دوره في جهود التنمية، بالإضافة إلى العمل على استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة؛ بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية.

وخلال اللقاء، أوضح وزير الكهرباء والطاقة المتجددة أن هناك اجتماعات دورية مشتركة بين وزارتي الكهرباء والبترول؛ لتنسيق الخطط والجهود بين الوزارتين بشأن توافر الإمدادات لقطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، بما يؤدي إلى تعزيز القدرة على وقف تخفيف الأحمال خلال فترة الصيف.

جهود تأمين التغذية الكهربائية 

وفي ضوء ذلك، استعرض الوزير جهود تأمين التغذية الكهربائية وضمان استقرارها خلال فصل الصيف، مشيرا إلى أنه يجري متابعة مستمرة لاستعدادات شركات الكهرباء للانتهاء من تنفيذ برامج الصيانة، والخطة الزمنية لإضافة القدرات الجديدة، كما يتم مراجعة الإجراءات التي تم اتخاذها لتطوير وتقوية الشبكة الموحدة لاستيعاب تلك الطاقات، بالإضافة إلى مراجعة المخطط الزمني للمشروعات الجاري تنفيذها والتوقيتات المحددة للربط على الشبكة الموحدة في ضوء استراتيجية الطاقة، وخطة مواجهة ارتفاع الأحمال وزيادة الطلب على الكهرباء، مؤكدا أنه يتم العمل بجهود كبيرة على تطوير الشبكة وتعزيز قدرتها على استيعاب زيادة الأحمال الكهربائية المتوقعة خلال الفترة المقبلة.

كما لفت الوزير إلى أن هناك خطة عاجلة تم تنفيذها لتحسين جودة التغذية الكهربائية، والعمل على استقرار واستمرارية التيار الكهربائي، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدمة للمواطنين، والتوسع في الاعتماد على الطاقات الجديدة والمتجددة، والحد من استخدام الوقود التقليدي وخفض الانبعاثات، والمضى قدما في اتجاه الشبكة الذكية، وتحسين معدلات الأداء للشركات التابعة.

وأكد المهندس محمود عصمت الأهمية البالغة لاستقرار التغذية الكهربائية وتلبية الاحتياجات من الكهرباء في مختلف المجالات، وتحسين جودة الخدمة المقدمة، كما أنه تتم المتابعة الدقيقة لجميع البيانات المتعلقة بالتشغيل والاستهلاك والفقد والتعديات على التيار الكهربائي، مضيفا: سيكون هناك لجان للمتابعة الميدانية من قبل الشركة القابضة، وكذلك من قبل الوزارة خلال الفترة المقبلة للوقوف على الواقع الفعلي وتنفيذ خطة العمل.

وفيما يتعلق بـ مشروعات الربط الكهربائي، أكد وزير الكهرباء أهمية مشروعات الربط  بصفة عامة، انطلاقا من رؤية فخامة السيد الرئيس، وتفعيلًا لسياسة الحكومة التي تهدف إلى ترسيخ دور مصر كمركز إقليمي للطاقة في منطقة شرق المتوسط، وتعظيم العوائد وحسن إدارة واستغلال مصادر الطاقات المتجددة من الموارد الطبيعية.

وقال الوزير: يعد مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان، وأيضًا مشروع الربط الكهربائي بين مصر وإيطاليا، من أهم المشروعات التي تستهدف تحقيق التكامل الطاقي الإقليمي، وهذه المشروعات تحقق نقل الكهرباء النظيفة عبر الحدود، مما يساعد في تلبية احتياجات الدول من الطاقة المستدامة واستقرار الشبكات الكهربائية.

وأضاف الوزير: هناك تقدم ملحوظ في الربط الكهربائي مع الجانب الإيطالي، الذي حصل على الموافقة على الربط على الشبكة الداخلية، حيث يتم حاليا بحث آلية الإسراع في مجريات تنفيذ مشروع الربط الكهربائي بين البلدين، وزيادة مساهمة الشركات الإيطالية في مشروعات القطاع في إطار التعاون بين مصر وإيطاليا في مختلف مجالات الكهرباء وخاصة الطاقة المتجددة، وتعظيم الاستفادة من الطاقات النظيفة.

كما شرح الوزير مستجدات موقف الربط مع اليونان، والإجراءات التي تتم حاليا بهذا الشأن، مؤكدا أن مشروع الربط الكهربائي بين مصر واليونان يمثل أهمية بالغة لتحقيق التنمية المستدامة، ويأتي في إطار استراتيجية عامة للربط الكهربائي مع شبكات الدول المجاورة، ويستهدف الربط بالشبكة الكهربائية الأوروبية، حتى تكون مصر مركزًا إقليميًا لتبادل الطاقة.

وخلال اللقاء، استعرض وزير الكهرباء أيضا موقف مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية، مشيرًا إلى أن مشروع الربط الكهربائي المصري- السعودي يعد ربطًا بين أكبر شبكتين كهربائيتين في المنطقة، ونواة لربط عربي في المستقبل، وسينعكس على استقرار وزيادة اعتمادية التغذية الكهربائية بين البلدين، بالإضافة إلى حجم المردود الاقتصادي والتنموي.
 

مقالات مشابهة

  • الطبلقي: هناك دول تطمع بثروات الشعب الليبي
  • أول تعليق من صلاح بعد الفوز بلقب الدوري: هناك بطل واحد بس
  • أشرف زكي: هناك بعض الصور التي لا نرضى عنها جميعا في تغطية الجنازات
  • وزير البلديات لـ "اليوم": هناك مخططات محلية لكل مدينة والرياض إحداها
  • وزير الإعلام: ⁠هناك أرقام كبيرة في رؤية 2030 تحققت قبل أوانها بست سنوات
  • عاجل - وزير الإعلام: ⁠هناك أرقام كبيرة في رؤية 2030 تحققت قبل أوانها بست سنوات
  • الإبادة العرقية.. وجه الغرب الخفي في تدمير الحضارات.. قراءة في كتاب
  • محمد خميس: بستغل شهرتي لنشر تاريخ مصر.. وقارئ للحضارة الفرعونية من طفولتي
  • هامان: هناك أخبار عن احتمال انتقال رونالدو لـ بايرن ميونخ
  • عاجل- الحكومة: لن يكون هناك تخفيف للأحمال صيف 2025