سيد درويش التلميذ والمعلم والعالم..
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
قاد ثورة الغناء.. وكافح ضد الإنجليز.. وحرض شعراء الأغنية لتعزيز قيمة الإنسان المصرى.
نبدأ بالإجابة عن السؤال الثانى، لأننى قرأت إحدى الصفحات على السوشيال ميديا، نحن لا نحتفل بذكرى رحيل، لكننا نتذكر هذا اليوم المؤلم الذى تركنا فيه أهم موسيقى عربى، وبالطبع مصرى، وبالتالى عندما نتذكره لابد أن نذكر معه، محاسن ما قدم لنا، وهو قدم لنا الكثير، البعض منا ذكر كلمة احتفال، لكنه بالتأكيد يقصد المعنى الجميل فى الأمر، وهو ذكرى هذا الرجل.
أما السؤال الأهم وهو السؤال الأول، لماذا نتذكر ذكرى سيد درويش؟
لأنه الموسيقار الأهم وهو حامل لواء التطوير وصاحب الثورة الموسيقية التى أذهلت العالم، هذا من جانب، لكن هناك جانب لابد أن نذكره عندما تحل ذكرى ميلاد أو رحيل سيد درويش، إلا وهو أنه إذا كان بفنه أصبح قدوة للموسيقيين عبر العصور، فإنه أيضاً لابد أن يكون قدوة لكل الشباب، لأنه بنى نفسه من العدم من اللا شىء إلى أهم موسيقى أنجبته مصر، فهو الطفل الذى نشأ فى بيئة فقيرة فى حى شعبى فى الإسكندرية الا وهو حى كوم الدكة لأب يملك لقمة عيشه يوم بيوم، وأم من أسرة فقيرة، ثم يبنى نفسه ويعلم نفسه بنفسه، فهو الذى ولد فى 17 سنة 1892 بحى كوم الدكة بالإسكندرية.
كان أبوه درويش له ورشة صغيرة فى كوم الدكة يصنع القباقيب والكراسى الخشبية وكانت أمه أسمها (ملوك) سيدة من أسرة فقيرة أيضاً.
عاش فى حى كوم الدكة بالإسكندرية، وهو من الأحياء الشعبية الفقيرة يسكن فيه عمال المعمار من بنائين ونجارين ونقاشين، ولهذا الحى تاريخ مجيد فى النضال الشعبى ضد الاحتلال الأجنبى.
سيد درويشنشأته:
كان أبوه يريد أن يراه شيخًا يحفظ القرآن ويجوده وأدخله كتاب حسن حلاوة بالحى نفسه فتعلم مبادئ القراءة والكتابة وحفظ قسطًا من القرآن الكريم، وكان شغوفًا فى طفولته بالاستماع إلى الشيوخ الذين يحيون المولد النبوى ويحفظ عنهم ويقلدهم أمام أطفال الحى.
وفى سن العاشرة كان قد أجاد القراءة والكتابة وحفظ قسطًا كبيرًا من القرآن وعندما توفى والده صممت أمه على أن يتم تعلمه كما أراد أبوه ونقلته إلى مدرسة أولية تصادف أن بها معلمًا يهتم بتحفيظ الأطفال الأناشيد الدينية والقومية واسترعى الطفل سيد درويش انتباهه فخصه بعنايته وجعله يقود الأطفال فى ترتيل الأناشيد، ونمت معه موهبته وخرج من حدود الحى وأصبح يرتاد الأحياء الشعبية الأخرى ويستمع إلى مشاهير الشيوخ المقرئين والمطربين الذين يحيون الأفراح والمواليد الدينية واشترت له أمه ملابس رجال الدين وهو غلام فى الثالثة عشرة من عمره وتقدم للالتحاق بالمعهد الدينى التابع لأحد مساجد الإسكندرية وهو مسجد (المرسى أبو العباس) لكى يحفظ القرآن.هذه هى حياته التى لابد أن نتعلم منه كيف كان وكيف أصبح؟
بل إنه استطاع أن يغير الفكر الموسيقى العربى، ووجهة نظر الغرب عن الموسيقى العربية، من موسيقى تابعة للعثمانيين، إلى موسيقى مصرية مستقلة بذاتها، فهذا يؤكد، أننا أمام إنسان لابد أن تتحول ذكراه إلى درس من دروس محو الأمية العقلية والفكرية، كم من بشر حصلوا على أعلى الدرجات العلمية، لكنهم اهتموا فقط بموضوع الرسالة العلمية ولم يفكروا فى كيفية الخروج من الصندوق إلى مساحة أرحب من العلم والمعرفة، هذا هو الفارق بين شخص مشغول بفكرة بسيطة، وآخر يبذل الجهد من أجل البشرية. سيد درويش ليس ملهمًا للموسيقيين فقط.. لكنه ملهم وقدوة للعامة، يعلمك كيف تبنى نفسك وأنت تحت خط الفقر.. كيف تفكر خارج الصندوق بصورة غير نمطية.
غدًا تحل الذكرى المائة لرحيل المجدد والملهم والقدوة والثائر والمغامر ومع حلول العام المائة لرحيله طرح أكثر من سؤال لماذا نتذكر سيد درويش؟
سيد درويش ملخص حياته فى ثلاث كلمات»التلميذ» و»المعلم»و»العالم».
«التلميذ»: الذى اجتهد وجمع الكتب الموسيقية من المكتبات واقتطع من قوت يومه لكى يقتنيها، فهو تعلم الموسيقى من كتاب اشتراه من بائع يعرض كتبه القديمة على رصيف الشارع، وبينما كان سيد درويش ينظر فى فترينة هذه المكتبة الفقيرة ليختار كتبًا فى التاريخ والشعر والأدب وقع نظره على كتاب صغير أصفر الورق وكان فى الموسيقى وطلب منه البائع خمسة مليمات أعطاها له وذهب بهذا الكنز إلى بيته وانكب عليه يلتهم ما فيه وذهب فاشترى عودًا قديمًا وشرع يتعلم العزف عليه مسترشدًا بالكتاب، وفى سن مبكرة جدًا (الخامسة عشر) وجد أنه قادر على تأليف الموسيقى أو بمعنى آخر وضع الألحان والكلمات الشعرية الفصحى أو العامية فأخذ يلحن ووجد أنه يلحن أشياء جديدة تختلف عما كان سائدًا «كما كان يذهب إلى الموالد وأماكن تقديم الغناء والإنشاد الدينى، لكى يتعلم منهم بشكل عملى، ليبرهن على أن التلميذ ثلاثة أمور، قراءة واطلاع، وهذا الشق النظرى، ثم استماع ومتابعة، ثم أداء، وهذا الشق العملى، فى الأمر، حتى أنه اشترى عودا لكى ينفذ ما كان يقرأه عمليا، فهو كان شديد الإعجاب بالموسيقى الأوروبية الغنائية، وقد شهد الذين عاصروه بأنه كان يتردد على تياترو الكورسال ليشاهد جوقة الأوبرا الإيطالية تعرض توسكا ومدام بترفلاى لبوتشينى والبلياتشو لليون كافللو».
سيد درويشوإن دل ذلك على شىء فهو يدل على مدى اهتمام سيد درويش بالثقافة والاطلاع على أنماط مختلفة من الموسيقى، وليس الدخول فى قالب معين والتقوقع داخله، وحرص كثير من الكتاب والمتخصصين على رصد اهتمام سيد درويش بالثقافة والقراءة رغم تعليمه البسيط.
كما أنه «المعلم» الذى أصبح له تلاميذ حتى الآن، وظهر تأثيره حتى على الرحبانية، كما اختارالشيخ سيد المسرح الغنائى ليكون الفورم الذى يقدم من خلاله فنه واعتنى بالأغنية الجماعية وكذا سار على نهجه عاصى ومنصور، لذا نجد من الطبيعى أن يقدم سيد درويش لحن «الكناسين» فى مسرحية «عقبال عندكم» 1919م، وتجد أيضاً لحنًا للكناسين فى مسرحية «الشخص» للأخوين رحبانى عام 1968م، وتشعر بتأثير لحن دور «أنا هويت» على لحن الدور الوحيد الذى لحنه الأخوين لفيروز «رجعت ليالى زمان» فى الهنك والرنك المتبادل بين فيروز والكورس فى مقطع «ليل القمر والنسيم»، ومقطع «أحبه حتى فى الخصام» عند درويش.
وهو «العالم» الكل ينهل من نهر عطائه، كما أصبحت المعاهد والأكاديميات العلمية تدرس ما قدمه، وأصبحت موسيقاه مادة لآلاف من الرسائل العلمية ماجستير ودكتوراه حول العالم.
ورغم ما وصل إليه من قدرة موسيقية لكنه ظل حتى رحل يتعلم، وقبل رحيله كان يستعد للسفر إلى إيطاليا لمزيد من العلم، عملا بمقولة أن الإنسان يظل يتعلم حتى رحيله عن الدنيا. وفى ذلك الشأن كتب المؤرخ الموسيقى الدكتور زين نصار رحمه الله، فى كتابه «موسوعة الموسيقى والغناء فى القرن العشرين فى مصر»، أن درويش كان حلم حياته أن يسافر إلى الخارج لاستكمال، وقال: «قبل عزل الخديو عباس حلمى الثانى كان سيد درويش قد تقدم بطلب يلتمس ترشيحه لبعثة فنية إلى الخارج يدرس فيها الموسيقى على نفقة الحكومة المصرية وأرفق بطلبه دور عواطفك دى أشهر من النار التى كانت بداية كل شطرة منه تبدأ بحرف من اسم عباس حلمى خديو مصر وهذا الدور يعتبر أول أدوار درويش التى لحنها تحية لخديو مصر أملا فى الموافقة على طلبه ولم يستجب عباس حلمى الثانى واكتفى بمنحه مكافأة مالية».
كما ذكر الكاتب والناقد عبدالفتاح البارودى فى مقال له عام 1965 بمجلة الثقافة، أنه كان معروف عن سيد درويش حبه وتطلعه إلى السفر لإيطاليا لدراسة الموسيقى، وقال البارودي: «تمنى درويش السفر إلى إيطاليا لاستكمال دراسته الموسيقية، ومن البديهى أن من الأسباب الهامة إحساس الموسيقار بضعف مستوى الموسيقى فى عصره».
دور الأجانب فى موسيقى سيد درويش
يقول سيد درويش عن نفسه: «أنا فيردى مصر»، تشبيها بالموسيقار الإيطالى الشهير صاحب «أوبرا عايدة». ويحكى الأديب الكبير توفيق الحكيم، أنه كثيرًا ما شاهد بنفسه سيد درويش، وهو يتردد بشكل دائم على تياترو الكورسال لمشاهدة الأوبرا الإيطالية والسماع لفنون الموسيقى الغربية.
فى مقال بمجلة الرسالة الجديدة عام 1959، كتب زكريا الحجاوى بعنوان «ثقافة سيد درويش»: «عثرت فى دراستى عن درويش وعند ابنه الأصغر حسن على محضر المجلس الحسبى الذى عمل بعد وفاته فإذا بالبيان الذى يحتوى على مكتبة سيد درويش الخاصة تدل على أنه لم يعش على قراءة الصحف فقط أو التثقيف من السماعيات وإنما كان إيجابيا شاعرا باحتياجه إلى التزود بالمعرفة ومن الكتب التى قرأها الأغانى لأبى فرج والبيان والتبيين والبخلاء للجاحظ وعيسى بن هشام للمويلحى وكل كتب المنفلوطى التى نقلها من الأدب الغربى وكل ما ترجمته دار مسامرات الشعب من روايات ومسرحيات أجنبية».
ولماذا نحتفل بذكرى رحيله رغم أنها تحمل ذكرى مؤلمة لكل المصريين والعرب؟ فهل هناك من يحتفل بذكرى رحيل أغلى الناس؟
تحقق كما تمناها كثيرًا وسعى لها، وهو حلم السفر إلى إيطاليا لدراسة الموسيقى، والتى ذكرت فى مصادر عدة حديثة وقديمة.
تألق سيد درويش واكتمال صورته الفنية كان فى خضم الحرب العالمية الأولى (1914 حتى 1918)، وفى هذه الفترة نزحت إلى مصر أعداد كبيرة من الأوروبيين هربا من جحيم الحرب فى بلادهم، ومنهم موسيقيون، ناهيك عن الهجرات التى تزامنت وأعقبت الاحتلال الإنجليزى لمصر عام 1882، وهى الفترة التى ولد فيها سيد درويش.
تأثر سيد درويش بالغناء الغربى بألوانه المختلفة التى لمعت فى مصر خلال هذه الفترة، والتى كانت موجودة ربما منذ زمن الخديوى إسماعيل، قبل الاحتلال الإنجليزى، ولكنها ازدادت فى هذه الفترة.
وكان سيد على وشك السفر إلى إيطاليا لدراسة الموسيقى هناك، لولا أن القدر لم يمهله وتوفى مبكرا وهو فى سن 31 عاما.
دائما ما يوصف سيد درويش بالمجدد، وربما كان للوجود الأجنبى فى مصر دور كبير فى ذلك، بدءا من التأثر بالأداء البسيط السهل نهاية بإدخاله الطابع الهارمونى وإدخال فن التوزيع إلى أغانيه المسرحية.
واستعان فى ذلك بمايسترو إيطالى مقيم فى مصر أسمه «مسيو كاسيو»، وفى مرحلة متقدمة تخلى عن التخت الشرقى التقليدى وبدأ يكبر فرقته الموسيقية ويدخل آلات غربية مثل البيانو، وفى ذلك سأله الفنان الكبير زكى طليمات: لماذا تركت التخت؟ فرد قائلا: مثلما خلعت الجبة والقفطان ولبست البدلة.
وقال طليمات إن النغمات والجمل الموسيقية المقتبسة من الموسيقى الغربية كثيرا ما تخللت ألحانه.
وقبيل وفاته بأسابيع بسيطة كان قد تعاقد مع المنتج إميل عريان على إعادة تقديم عدد من ألحانه بعد إعادة توزيعها أى إدخال الطابع البوليفونى الهارمونى الغربى عليها، وعزفها على أوركسترا كلاسيكى.
سيد درويش والشخصية المصرية
تمجيد المصرى ضد المحتل سواء إنجليزيا أو تركيا كان محور فكر سيد درويش فى أعماله منها أوبريت شهرزاد والعشرة الطيبة، ولك أن تتخيل عزيزى القارئ أن أول جلسة جمعته بالشاعر الثائر بيرم التونسى كان من نتائجها اوبريت شهرزاد، حيث قال لبيرم اريد أن يعى الإنجليز واعوانهم من هو الإنسان المصرى فكتب ضمن اوبريت شهرزاد، فى سنة 1920 التقى سيد درويش بـ«بيرم التونسي» فى شارع عماد الدين ودعاه لتناول فنجان من القهوة، وكلاهما كان ثائرا فى فنه وفى حياته العامة ضد المحتل.
يروى بيرم قصة لقائه بسيد درويش فيقول: لازمت الشيخ سيد درويش وألفت له رواية شهرزاد نظير 40 جنيها يقبضها ذهبيا.»كان الناس يتعاملون بالذهب والفضة أما النقود الورق فلم تكن منتشرة» وعرِضت بعد رحيلى الأول منفيا إلى الخارج، وكان الاسم الذى اقترحناه للرواية هو «شهرزاد» إشارة إلى شهوات العائلة الحاكمة ولكن الرقابة منعت ذلك الاسم فعدلته» وكان سيد درويش قد طلب من بيرم أن يؤلف له أوبريت يلهب الحماسة فى نفوس المصريين، ويدفعهم لمناهضة الاحتلال. كان يقول لبيرم: «دائمًا حجة الإنجليز أمام العالم لتبرير استبعادنا أننا شعب ضعيف لا يستطيع حكم نفسه وأننا بحاجة إلى حماية مستمرة، وعلشان كده أنا شايف أن الأوبريت من أولها إلى آخرها لازم يكون فيها تمجيد للإنسان المصرى.
فقام بيرم بتأليف شهرزاد للشيخ سيد، وأحداث هذا الأوبريت مقتبسة عن أوبريت «دوقة جيرولستين الكبيرة» للكاتبين الفرنسيين: ميلهاك وهاليفى.يأتى فى هذا الأوبريت أروع ماقيل عن الشعب المصري:
بيرم التونسي
أنا المصرى كريم العنصرين
بنيت المجد بين الإهرمين
جدودى أنشأوا العلم العجيب
الثائر سيد درويش..
تعد ثورة 1919 من أهم الأحداث المصرية التى أثرت فى مجال الأغنية الوطنية والحماسية، وكما كان سيد درويش يقود مصر سياسيا وشعبيا، كان سيد درويش يترجم مشاعر المصريين فى صورة أغانى تلهب حماسهم، وقد عبرت الأغنية فيها عن الهوية المصرية عندما جسد سيد درويش، بألحانه وصوته مطالب الثورة بأغنيات مثل «بلادى بلادى، لك حبى وفؤادي»، وأغنيتى «قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك» سالمة يا سلامة، وبلح زغلول، واهو ده اللى صار ألهب بها مشاعر المصريين لمواجهة الاحتلال البريطانى.
لم تكن أغانى سيد درويش الوطنية مقتصرة على رسائل سياسية مباشرة فقط، ففى نفس العام عرض مع الكاتب بديع خيرى مسرحية بعنوان «قولو له»، قدما من خلالها عددا من الأغنيات الوطنية من بينها أغنية «بنت مصر» التى قدمت على إثر استشهاد أول شهيدتين فى تلك الثورة، وهما «حميدة خليل» و«شفيقة محمد».
ويشير مؤرخون إلى أن درويش تصدر الجماهير فى قلب المسيرات والمظاهرات، وبجواره بديع خيرى، وهو يهتف بصوته بحياة الوطن والشعب والاستقلال التام للبلاد، فجاءت أغنياته كهتافات سياسية أطلقها المواطنون فى الشارع فور تلحينها، فلعبت دور الضمير الوطنى الذى يحرك الشارع المصرى فى ذلك الوقت.
قدم درويش مع بديع خيرى بعد نفى سعد زغلول أغنية للمطالبة بعودته وهى أغنية «زغلول يا بلح يا بلح زغلول،... يا روح بلادك ليه طال بعادك»، كما اقتبس درويش من أقوال الزعيم مصطفى كامل عبارات استخدمها فى صياغة النشيد الوطنى المصرى الحالى «بلادى بلادى لكى حبى وفؤادي»، وهو النشيد الذى أطلقه فى خضم الثورة، وكثيرا ما تغنى به المصريون فى مناسباتهم الوطنية.
كان عام 1919 أكثر السنوات إنتاجا فى تاريخ درويش الفنى، وفقا لكثير من المؤرخين والنقاد، إذ قدم فى هذا العام 75 لحنا، وهذا يدل على أنه كان متفاعلا مع مجريات الأحداث السياسية فى البلاد بأعماله الفنية.
حفل التأبين
أقيم أول حفل لتأبينه بعد شهر تقريبا، وتحديدا فى 17 أكتوبر، فى مسرح حديقة الأزبكية.
تقدم المتحدثين الأديب محمود طاهر لاشين، أحد رواد القصة القصيرة فى مصر، والذى كان يعمل آنذاك مهندسا بمصلحة التنظيم.
وتبعه محمود مراد، رائد المسرح المدرسى المصرى وصديق سيد درويش، وكان وقتئذ يعمل مدرسا بالمدرسة الخديوية، وقد اختير لتوه مندوبا فنيا لوزارة المعارف ليسافر بعد بضعة أشهر إلى أوروبا، علما بأنه قد توفى أيضاً شابا عام 1925 عن 37 عاما.
ثم تحدث الكاتب خيرى سعيد، والذى كان معروفا بآرائه الجريئة وعمله فى صحف الحزب الوطنى.
وبعد كلمات الرثاء والمديح، أُفسح المجال للموسيقى والغناء، فتقدم المطرب الشاب «الشيخ» حامد مرسى، الذى عاصر سيد درويش فى أيامه الأخيرة وتخصص لاحقا فى أداء أغانيه.
كما استمع الحضور لبعض الألحان من فرقة زكى عكاشة وشركاه، التى كانت لامعة فى ذلك الوقت بفضل تقديم مسرحيات سيد درويش مثل البروكة والعشرة الطيبة.
كذلك قدم المطرب الشاب وقتها، محمد عبدالوهاب بعض أغانى «فقيد الفن وصاحب الفضل الكبير على الموسيقى العربية».
فى العامين الأخيرين من حياة سيد درويش كان عبدالوهاب يغنى فقط لسلامة حجازى وتراثيات أخرى ولم تظهر ألحانه بعد، ويُنشر اسمه خجولا فى بعض إعلانات التياتروهات متوسطة المستوى.
لا تذكر «الأهرام» فى أكتوبر 1923 تفاصيل عن حفل التأبين أكثر من أسماء المشاركين فيه، فليس من مجال لنعرف ما الذى غناه عبدالوهاب لسيد درويش بعد أيام من وفاته.
لكن بعد ستة عقود، سأل سعدالدين وهبة عبدالوهاب: ماغنيتش حاجة للشيخ سيد فى حياته؟
أجاب: لا لكن غنيت بعد وفاته «أنا هويت» فى حفل كان مقامًا فى ذكراه، وأذكر أننا لما تكتلنا فى نادى الموسيقى وبقى لينا قيمة عملنا هذا الحفل وغنيت «أنا هويت» بعدما كان الشيخ سيد محرم زى الحشيش وحاجة ممنوعة.. غنيت «أنا هويت» وبكيت.
غنى عبدالوهاب «أنا هويت» مرارا على العود، وقد كانت بالفعل من أقرب الأعمال لقلبه، لكن عملا آخر لسيد درويش كان مصدر إلهام له هو «ياللى قوامك يعجبني».. والذى على غراره أبدع عبدالوهاب «القلب ياما انتظر» عام 1931 -أى بعد وفاة سيد درويش بثمان سنوات فقط- وهى من أحلى ما غنى عبدالوهاب فى مرحلة عنفوان صوته، ويعتبره كثيرون درّة أدواره الخمسة المعروفة.
أعماله
بلادى بلادى بلادى لك حبى وفؤادى
زورونى كل سـنة مرة
مخسوبكو انداس
اشنجر دامولينا
مصطفاكى بزياداكى (العسكر الأتراك)
الحلوة دى
سالمه يا سلامة
خفيف الروح
ياشيخ قفاعه
دنجى دنجى
عشان مانعلا ونعلا
القلل القناوى
شد الحزام
الكوكايين (اغنية)
ام إسماعيل
حرج عليا بابا
الموظفين
انا هويته وانتهيت
العربجية
الجرسونات
التحفجية.(الحشاشين)
البياعين
بياعين اللبن
المجانين
المنزولجية
السياس
الاعجام
الحاوى
البوابين
بياعة الورد
الشيطان (اغنية)
مصرنا وطننا سعدها أملنا
انا المصرى
قوم يا مصرى مصر دايمًا بتناديك
ع النسوان ياسلام سلم
والله تستاهل
بوخمار خنفشار
يهون الله يعوض الله (السقايين)
تعاقوللى ياشيخ قندوفلى
استعجبوا يافنديه
انا رايت روحى فى بستان
هز الهلال ياسيد
عشان مانعلا ونعلا
على قد الليل ما يطول
ياللى قوامك يعجبنى
ياناس أنا مت فى حبى
ماقلتلكش أن الكترة
نشيد بلادى بلادى بلادى
احسن جيوش فى الأمم
كى كى كيكو
بصارة براجة
إيه العبارة
مظلومة وياك يابن عمى
ضم الكروم
يابو الكشاكش
مسافر الجهادية
ياهادى ياهادى
ده بأف مين
ده وقتك ده يومك يا بنت اليوم
الصعايدة
الرشايدة
يا عشاق النبى
بائع السودانى
مسرحياته
الشيخ وبنات الكهربـاء8/2/ 1917—بكازينو جلوب
خد بالك ياأستاذ 26/2/1917بكازينو جلوب
فيروز شاه 20/7/1918جورج ابيض
كله من دا 28/7/1918نجيب الريحانى
الهوارى12/8/1918جورج ابيض
ولـــــــــو 5/10/1918نجيب الريحانى
اش 13/1/1919نجيب الريحانى
ولسـّــــــه 22/2/1919على الكســار
عقبال عندكم 4/3/1919على الكسار
قـولــو لـــه 17/5/1919نجيب الريحانى
أحــــلاهم 22/7/1919على الكسار
قلنـــا لـــه 17/10/1919امين صدقى وعلى الكسار
رن23/10/1919نجيب الريحانى
مــرحــــب17/11/1919على الكسار
كلها يــومين 11/2/1920منيرة المهدية
العشرة الطيبة 11/3/1920سيد درويش وعمر وصفى
فشـــــر 16/3/1920نجيب الريحانى
راحت عليك 9/6/1920على الكسار
هــــــــدى 1/1/1921شركة ترقية التمثيل العربى
عبد الرحمن الناصر/1/1921شركة ترقية التمثيل العربى
اللى فيهــــــم 9/2/1921على الكسار
شـــهر زاد 6/6/1921سيد درويش وعمر وصفى
البــــــروكة 24/11/1921سيد درويش وعمر وصفى
العبــــــرة 6/1/1922سيد درويش وعمر وصفى
أم أربعة وأربعين 19/2/1922على الكسار
الطاحـونة الحمراء14/12/1922مسرح البوسفور
كليوباترة ومارك أنطوان15/2/1923منيرة المهدية
البربرى فى الجيش 27/3/1923على الكسار
الهلال 13/6/1923على الكسار
الدرة اليتــيمة 21/6/1923شركة ترقية التمثيل العربى
الانتخابات27/9/1923على الكسـار
12 موشح
يا ترى بعد البعاد
يا صاحب السحر الحلال
يا حمام الأيك
يا عذيب المرشف
يا شادى الالحان
العذارى المائسات
يا غصين البان حرت فى امرى
حبى دعانى للوصال الشورى
طف يادرى
منيتى عـز اصطبارى
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: سيد درويش العالم الإنجليز قيمة الإنسان الانسان المصري کان سید درویش إلى إیطالیا کوم الدکة لابد أن ما کان فى ذلک على أن فى مصر
إقرأ أيضاً:
الغدر الصهيونى
الإخوة والأخوات الأعزاء ما يحدث الآن بالشرق الأوسط من الغدر الصهيونى الإسرائيلى بأمتنا العربية شىء يدعون للأسف فمع هروب نظام الأسد واستسلامه فى سرعة متناهية وتغتنم إسرائيل فرصتها فتحتل جبل الشيخ ثم تقوم بطيرانها بتلك المطارات السورية فى كل ارجاء سوريا وكأنها حرب مشتعلة وتركت الأجواء مفتوحة لتفعل إسرائيل ما تشاء بالشقيقة سوريا كما فعلت فى غزة وكما فعلت فى لبنان وكما فعلت فى العراق وكما فعلت فى اليمن بالدعم الأمريكى المفرط واليوم قادة إسرائيل يدعون ان مصر فى وضع استعداد للحرب وأن قوة مصر أصبحت قوة كبيرة جبارة وماذا بعد الغدر الصهيونى الإسرائيلى المدعوم من أمريكا والاتحاد الأوروبى نفس السيناريو يتكرر كما جاء التتار من الشام وتحطمت قوتهم على أرض مصر كما جاء غيرهم قبل ذلك من المغول والصليبيين وكل من أراد النيل بمصر ليعلموا هؤلاء الصهاينة أن مصر قادرة على سحق من تسول له نفسه أن يحاول ان يقترب من حدود مصر فقواتنا المسلحة الباسلة بقياداتها الواعية مع القائد الواعى الذى يدرك جيدًا حجم المخاطر التى تدار خلف الستار من أجل النيل بمصر ومحاولة تمزيقها إربًا إربًا ولذلك أن الاستعدادات القصوى لقواتنا المسلحة ولأبناء هذا الشعب البطل خلف قياداته لن تتهاون ونحن على أهبة الاستعداد للدفاع عن الوطن حتى الموت والشهادة أو النصر لكل من يحاول أو تسول له نفسه أن يقتحم حدودنا لقد فاض الكيل وصبرنا صبراً كبيراً على أن يكون هناك حياة فى المجتمع الدولى وينظر إلى الغلط على انه غلط الجميع أصبح يشاهد ولا يتحرك لا والله لابد أن نعتمد على أنفسنا فى كل شىء ولن نسلم أذقاننا لأحد اعتمادنا على قواتنا وشعبنا المصرى البطل الذى لا يهاب الموت دفاعاً عن الوطن ولتعلم إسرائيل والصهيونية العالمية وأمريكا وكل دول العالم ان مصر بها أبطال قائدًا وقوات مسلحة وشعب مصرى باسل يحب الشهادة على الحياة فى سبيل الدفاع عن وطنه اعلموا أيها المتخاذلون أننا لن نفرط فى حبه رمل فى هذا البلد الأبى مصر الغالية على قلوبنا جميعاً نموت نموت وتحيا مصر نموت نموت وتحيا مصر.