حكم الصلاة على النبي لتذكر الشيء المنسي، من الأمور التي حسمها مفتي الجمهورية الدكتور شوقي إبراهيم علام، في فتوى له، ردا على سؤال ورد إليه جاء نصه: «اعتدتُ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند نسيان شيءٍ ما، رجاءً بأن يفتح الله عليَّ لتذكُّرِه، ثمَّ رماني أحدهم بالابتداع لصنيعي هذا؛ فما حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند نسيان شيءٍ ما؟».

فضل الصلاة على النبي عليه السلام وبيان معناها

وقال مفتي الجمهورية، إن الصلاة في اللغة، معناها الدعاء والاستغفار، والجمع صلوات، مشيرا إلى أن معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تعظيمه في الدنيا بإعلاء ذكره، وإظهار دينه، وإبقاء شريعته، وفي الآخرة بإجزال مثوبته، وتشفيعه في أمته، وإبداء فضيلته بالمقام المحمود. 

وأضاف «المفتي»، أن الصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أجلِّ الطاعات التي يتقرب بها الخلق إلى الخالق؛ لذلك حثنا الله تعالى عليها بقوله: ﴿إِن اللَّه وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما﴾، مضيفاً: قال الإمام البيضاوي في "تفسيره" (7/ 184، ط. الأميرية): [﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾ يعتنون بإظهار شرفه وتعظيم شأنه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ﴾ اعتنوا أنتم أيضًا؛ فإنَّكم أولى بذلك] اهـ، كما جاءت السُّنَّة المطهرة بالحضِّ عليها، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ عَشْرًا» أخرجه الإمام مسلم في «الصحيح».

حكم الصلاة على النبي لتذكر الشيء المنسي والأدلة على ذلك

وقال شوقي علام، إن العلماء نصوا على أنَّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يتأكَّد استحبابها في بعض المواطن منها: عند نسيان شيءٍ، إذ قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار" (1/ 518، ط. دار الفكر) في مطلب نص العلماء على استحباب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في مواضع: [(قوله ومستحبة في كل أوقات الإمكان) أي: حيث لا مانع. ونصَّ العلماء على استحبابها في مواضع.. وزيد يوم السبت والأحد والخميس.. وعند نسيان الشيء] اهـ.

وأضاف «علام» وقال الإمام ابن حجر في «فتح الباري» (11/ 169، ط. دار المعرفة) عند عدِّه المواطن التي يتأكَّد الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها: [ومما يتأكد ووردت فيه أخبار خاصة أكثرها بأسانيد جيدة عقب إجابة المؤذن وأول الدعاء.. وعند نسيان الشيء] اهـ، وقال الحسين اللاعي المغربي في «البدر التمام شرح بلوغ المرام» (10/ 394-409، ط. دار هجر): [تشرع الصَّلاة عليه صَلَّى الله عليه وسلم في أمور مخصوصة، وهي ستة وأربعون.. -ومنها:- عند تذكر منسيٍّ أو خوف نسيان] اهـ.

وأشار المفتي إلى أنه يستدل على ذلك بعموم حديث أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلاَةَ عَلَيْكَ فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلاَتِي؟ فَقَالَ: «مَا شِئْتَ» قَالَ: قُلْتُ: الرُّبُعَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قُلْتُ: النِّصْفَ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قَالَ: قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ، قَالَ: «مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ» قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلاَتِي كُلَّهَا قَالَ: «إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ» أخرجه الإمام الترمذي في «جامعة».

الصلاة على النبي

يدل الحديث على أنَّ الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم سبب كفاية الهم، فيدخل فيه كفاية كل أسبابه، من نحو النسيان؛ قال المُلَّا عَلِي القَارِي في «مرقاة المفاتيح» (2/ 746، ط. دار الفكر): [والهمُّ ما يقصده الإنسان من أمر الدنيا والآخرة، يعني إذا صرفت جميع أزمان دعائك في الصلاة عليَّ كفيت ما يهمك من أمور دنياك وآخرتك، أي: أعطيت مرام الدنيا والآخرة، فاشتغال الرجل بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم يكفي في قضاء حوائجه ومهماته] اهـ.

واختتم المفتي: بناءً على ما سبق، فالصلاة على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مندوبة مطلوبة عند نسيان شيءٍ، وكذا في كلِّ الأحيان وفي جميع الأزمان.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: شوقي علام مفتي الجمهورية حكم الصلاة على النبي الصلاة على النبي الصلاة على النبی صلى الله علیه وآله وسلم حکم الصلاة على النبی ى الله ع

إقرأ أيضاً:

حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة.. الإفتاء تجيب

أجابت دار الإفتاء المصرية، عن سؤال ورد إليها عبر موقعها الرسمي مضمونة: ما حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة؟.

كل عام وأنتم بخير.. الإفتاء تعلن غدا الأربعاء غرة شهر رجب 1446هـ الإفتاء توضح حكم العمل في البنوك حكم طهارة المريض

وردت دار الإفتاء أن لا يجب على المريض المحجوز بالعناية المركزة استعمال الماء في الطهارة حال منع الأطباء له مِن ذلك؛ حفاظًا على نفسه وعملًا بقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، وبما وَرَدَ عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه قال: «احتلمتُ في ليلةٍ باردةٍ في غزوة ذات السلاسل، فأشفقتُ إن اغتسلتُ أن أهلِكَ، فتيممتُ، ثم صليتُ بأصحابي الصبح، فذكروا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: «يَا عَمْرُو، صَلَّيْتَ بِأَصْحَابِكَ وَأَنْتَ جُنُبٌ؟» فأخبرته بالذي منعني من الاغتسال، وقلت: إني سمعت أن الله يقول: ﴿وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، فضحك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يقل شيئًا». وعليه إذا أراد استباحة الصلاة التيمم، وإن تَعذَّر عليه التيمم صلَّى على حاله دون طهارة حسية أو معنوية، وصلاته بذلك مُجزئةٌ وصحيحةٌ، ولا إعادة عليه.

وقالت دار الإفتاء أن طهارةُ الثوبِ والبدنِ والمكانِ مِن مطلوبات الصلاة؛ والدليل على ذلك قوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر: 4]، قال الإمام الشافعي في "تفسيره" (3/ 1411، ط. دار التدمرية): [قال اللَّه عزَّ وجلَّ: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ الآية، فقيلَ: يُصَلِّي في ثيابٍ طاهرةٍ، وقيلَ: غيرُ ذلكَ، والأوَّلُ أَشْبَهُ؛ لأن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم أمرَ أن يُغسَلَ دم الحيضِ من الثوبِ] اهـ.

وأوضحت دار الإفتاء أن أمَّا طهارةُ البدنِ فلِمَا رواه الشيخان -واللفظُ لمسلمٍ- عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما، قال: مرَّ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم على قبرينِ فقالَ: «أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ، أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ، وَأَمَّا الْآخَرُ فَكَانَ لَا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ».

قال العَلَّامة ابن بَطَّال في "شرح صحيح البخاري" (1/ 325، ط. مكتبة الرشد): [أجمعَ الفقهاءُ على نجاسةِ البولِ والتنزُّه عنه. وقوله: «كان لا يَسْتَتِر من بَوله»، يعني أنَّه كانَ لا يَسْتُر جَسَدَه ولا ثِيَابَه من مُماسَّةِ البولِ، فلما عُذِّبَ على استخفافهِ لغَسلهِ والتحرزِ منه، دلَّ أنَّه مَن تركَ البولَ في مَخْرَجِهِ، ولم يَغْسِلْهُ، أنَّه حقيقٌ بالعذابِ].

ولذلك ذهب جمهور الفقهاء إلى أنَّ طهارةَ الثوبِ والبدنِ والمكانِ مِن شروط صحة الصلاة. ينظر: "بدائع الصنائع" للعلامة الكاساني (1/ 114، ط. دار الكتب العلمية)، و"الشرح الكبير" للعلامة الدردير (1/ 201، ط. دار الفكر)، و"المجموع" للإمام النووي (3/ 132، ط. دار الفكر)، و"كشاف القناع" للعلامة البُهُوتي (1/ 288، ط. دار الكتب العلمية).

وأوضحت دار الإفتاء أن من شروط صحة الصلاة أيضًا: الطهارة مِن الحدثين الأصغر والأكبر؛ لقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا﴾ [المائدة: 6]، وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» متفق عليه، واللفظ للبخاري.

مقالات مشابهة

  • حكم تعليق الزينة والفوانيس في شهر رمضان
  • السديس يحذر من رفع الصوت عند قبر النبي ويحث على الصلاة عليه ﷺ
  • حكم قول: الحمد لله حتى يبلغ الحمد منتهاه
  • الإفتاء: الدعاء بعد الانتهاء من العبادات مستحب
  • فضل زيارة المريض وبيان ما يلزمها من الآداب
  • حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند البيع والشراء
  • حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة
  • بيان فضل الإمامة في الصلاة وشروطها
  • موعد صيام الأيام البيض في شهر رجب 2025.. الفضل والأجر كما ورد عن النبي
  • حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة.. الإفتاء تجيب