قوانين رادعة لإعادة تشكيل المجتمع
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
صراحة نيوز- حسين الرّواشدة
هل صحيح أننا أمام “أردن جديد “، بدأ يتشكل منذ أن دخلت الدولة مئويتها الثانية؟ الإجابة ، بتقديري، نعم ، أما العنوان الذي استند عليه هذا التغيير ، فهو “القانون “، حدث ذلك في مسارين ،الأول : ترسيم وظيفة الدولة وأدوارها وعلاقتها مع المجتمع، الثاني: ضبط حركة المجتمع ، وإعادة تشكيل ثقافته ، الدليل هو ما صدر من منظومة تشريعات غير مسبوقة على امتداد عام تقريبا ، بدأت بتعديل الدستور ، ثم قانون الأحزاب والانتخاب، وصولا إلى منتجات الدورة البرلمانية الاخيرة : قانون الجرائم الإلكترونية ،والسير، والبيانات الشخصية ،إضافة لقرار تخفيض مقاعد الطب بالجامعات.
سأتجاوز ، عمدا، تشريعات منظومة التحديث السياسي والاقتصادي والإداري ، لأنها تحتاج إلى تفاصيل لا يتسع المقام لذكرها ، أشير -فقط- الى التشريعات التي تتعلق بإعادة تشكيل المجتمع، ( مع ملاحظة ان ما سأذكره هو من زاوية الفهم لا الحكم) ، ذلك أن من حق الأردنيين أن يفهموا: لماذا صدرت هذه التشريعات التي انحازت بشكل عام إلى القسوة في العقوبات ، واتخذت جانب الردع والتخويف ، هل كان المقصود منها الجباية أم الحماية؟ بناء ثقافة جديدة تتناسب مع منظومة التحديث، أم فرض السيطرة على المجتمع وتطويعه، أم تهيئته لمستجدات قادمة؟
الدولة ، في احد تعريفاتها، هي التي تحتكر الاستخدام المشروع للعنف ، كلمة المشروع هنا تنصرف ،بالضرورة، إلى القانون ، واستخدام العنف بالقانون وسيلة للرد على العنف، وحماية المجتمع، أقصد ،هنا ،أن تجربة الدولة الأردنية ، طيلة 100 عام استندت إلى منظومة من القيم التي حكمت علاقتها مع الأردنيين والسكان أيضا ، ما حصل نتيجة التحولات التي طرأت في الداخل والإقليم والخارج، وهي كبيرة ومتسارعة ومخيفة ، فرض على الدولة أن تعيد تشكيل أدواتها ، وهذا ما حدث تماما ، بعد أن ثبت أن الاعتماد على نخب المجتمع و ثقافته وقيمه، لا تكفي لإحداث التغيير الاجتماعي والثقافي المطلوب، التغيير بحاجة إلى قوانين تضبط حركة الناس، وتهذب سلوكهم، وتردعهم عن ارتكاب الخطأ.
هكذا ، كما أعتقد، تفكر الدولة الآن، وهي ،بالتالي، ترد على سؤال لماذا انحازت للردع القانوني بهذه القسوة، بإجابة مفادها المقارنة بيننا وبين نماذج دول أخرى ، يحترم مواطنوها والمقيمون فيها وزوارها القانون ، ليس لأنهم يمتلكون قيم الاستقامة واحترام النظام العام فقط ، وإنما لأنهم يخشون القانون، وما يفرضه عليهم من عقوبات.
هل تكفي هذه الإجابة؟ لا بالتأكيد ، ثمة عوامل أخرى نحتاجها لتصحيح ثقافة المجتمع، واحترام القانون والالتزام به ، أهمها انتصاب موازين العدالة، وإعادة المواطنة إلى سكتها الصحيحة، ثم ترميم الثقة بين إدارات الدولة و سلطاتها وبين الأردنيين. هذا كله يحتاج إلى تغييرات جوهرية في المسارات العامة لإدارات الدولة وادائها، نجاحها مرهون بنجاح مشروع التحديث الذي بدأ ، ولا يجوز أن يتعطل مهما كانت المبررات.
أكيد ، يختلف الأردنيون حول التشريعات التي استهدفت ضبط حركة المجتمع ، لأنها تتعلق بحرياتهم ، وتمس دخولهم، وتؤثر على تقاليد اعتادوا عليها منذ عشرات السنين ، لكن لا يمكن لأي دولة أن تتفرج على مجتمع يغرق بالفوضى على وسائل التواصل ، والطرقات، ويدفع كل ذلك من أرواح أبنائه وسمعتهم ، صحيح الجرعة العقابية كانت قاسية ماديا ومعنويا ، لكنها ،في تقديري ، ضرورية في المرحلة الأولى ، لإعادة المجتمع إلى طبيعته التي نشأ عليها ، ثم ترميم القيم التي تآكلت فيه ، ومواجهة التحولات التي طرأت عليه.
أعرف، هذه المهمة صعبة، وتحتاج إلى وقت، لكنها تبقى الحل السريع لنقل المجتمع ،ومن ثم الدولة، من مرحلة الرخاوة إلى مرحلة الحزم ، ومن دائرة اللامبالاه إلى دائرة الاهتمام ، ومن إطار الاعتمادية على السياسات والتشريعات الفضفاضة، إلى الالتزام والاحترام ، عنوان كل ذلك القانون ، مهما اختلفنا عليه ، وفي موازاة ذلك ،أيضا ، العدالة التي يجب أن تكون مع القانون جنبا إلى جنب.
المصدر: صراحة نيوز
كلمات دلالية: اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا أقلام أقلام عربي ودولي اخبار الاردن الوفيات اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة علوم و تكنولوجيا أقلام أقلام أقلام أقلام عربي ودولي اخبار الاردن الوفيات اخبار الاردن الوفيات أقلام مال وأعمال عربي ودولي منوعات الشباب والرياضة
إقرأ أيضاً:
أستاذ علوم سياسية: ما يحدث في غزة يخالف كافة أحكام القانون
أكد الدكتور إكرام بدر الدين أستاذ العلوم السياسية، أن ما يحدث في غزة يخالف كافة أحكام القانون الدولي والإنساني، مشددًا على أن إعلان وزارة الصحة الفلسطينية عن ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة لـ 45717 شهيدًا هو يعبر عن استمرارية الاحتلال في السياسات الوحشية ضد المدنيين العزل، موضحًا أن هذه العمليات العسكرية لجيش الاحتلال تخالف كافة أحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني.
جرائم حربوشدد “بدر الدين”، خلال مداخلة هاتفية عبر شاشة “إكسترا نيوز”، على أن ما يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي هو جرائم حرب جرائم إبادة جماعية وقصف للمستشفيات ودور العبادة للبنية التحتية للمنشآت والمباني، وهي مخالفات للقانون الدولي الذي يساعد إسرائيلي على الاستمرار في ذلك، مؤكدًا أن الصمت من جانب المجتمع الدولي وعدم التحرك الدولي هو سبب استمرار آلة الحرب الإسرائيلية في ارتكاب المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وتابع:"عدم وجود رادع دولي هو الذي يعطي إسرائيل الاستمرارية في هذا العدوان الغاشم الوحشي ضد المدنيين في قطاع غزة، حتى على المستوى السياسي وعلى مستوى المنظمة الدولية أي قرار في مجلس الأمن لا يأتي بأي نتيجة على الأراض بسبب استخدام حق الفيتو"، مؤكدًا أنه من المطلوب الآن أن يقف المجتمع الدولي وقفة واحدة للضغط على إسرائيل، وبدون هذا الضغط من المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية لن ترتدع إسرائيل.
وأشار إلى أن الضغط على إسرائيل هو أمر فشل فيه المجتمع الدولي بطريقة جماعية من خلال مجلس الأمن أو المنظمة الدولية، إلا أنه يمكن الضغط على إسرائيل الآن من خلال التحركات على المستوى الفردي والجهود الفردية، قائلًا: “كل دولة على حدة تستطيع أن تتخذ إجراءات عقابية سواء على المستوى الاقتصادي وعلى المستوى التجاري وعلى المستوى المالي ضد إسرائيل، وبطبيعة الحال.. وأمريكا هي الداعم الأكبر لإسرائيلي، ولذلك الأمر يحتاج إلى تضافر الجهود من إيجاد رادع لإسرائيل أمام هذه الانتهاكات المستمرة واللي مر عليها أكثر من 15 شهر في قطاع غزة”.
ونوه بأن الأمر الآن يحتاج لتضافر الجهود ووجود وقفة من كل الدول ومن المجتمع الدولي لإنهاء كل ما يحدث وما يرتكب بحق الشعب الفلسطيني.