لعل سؤال هل السحر يؤخر الزواج ؟  يعد من أهم الاستفهامات التي تؤرق الكثيرون سواء من الفتيات التي تأخر زواجهن أو الشباب الذين تتوفر لديهم كل إمكانات الزواج ولا يزالون عزاب ، بل إن هذا اعتقاد الآباء الذين لا يجدون في أولادهم ولا بناتهم مانعًا للزواج، ومن ثم يطرحون سؤال هل السحر يؤخر الزواج ؟، خاصة وقد ضعفت النفوس وزادت الأسحار والأعمال وكثر المشعوذون والدجالون ، الذين يتاجرون بأحلام الناس وحاجاتهم وأرزاقهم ،  لذا دعت الحاجة إلى الوقوف على حقيقة هل السحر يؤخر الزواج ؟، لأن الزواج من أكثر الأمور التي تشغل الكثيرون .

هل السحر يؤخر الزواج

قال  الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن السحر لا يستطيع منع زواج الفتيات أو الشباب، فإن كان كذلك فهل السحر يشمل ثلث الأمة ويمنع زواجها ، منوهًا بأن نسبة من تأخر زواجهن وصلت إلى  29 %  وهي نسبة كبيرة تشكل الثلث ، وهو ما يطرح استفهام عن قوة السحر ، فهل للسحر هذه القوة التي تمكنه من تأخير زواج ثلث الأمة .

وأكد «جمعة» عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في إجابته عن سؤال: ( هل السحر يؤخر الزواج ؟)، أنه لا يوجد ما يسمى بأن السحر يؤخر الزواج ـ خاصة وأن كيد الشيطان كان ضعيفًا ، لما ورد بقول الله تعالى في كتابه العزيز : ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) الآية 76 من سورة النساء، مشيرًا إلى أن هذا الادعاء ضد الكتاب والسُنة النبوية الشريفة.

ونبه إلى أن ورد بالنصوص الشرعية أن السحر يؤثر بإذن الله سبحانه وتعالى، ويجب الاعتقاد بأن كل شيء بقضاء الله تعالى، ولا يقع في ملكه تعالى إلا ما يريده، فيجب الإيمان بأن الله فعال لما يريد، والنفع والضرر من عنده، وتفويض الأمر لله، والرضا بما قضى به، والسحر يهدم هذا اليقين بالله تعالى، حيث يظن الشخص أن السحرة هم من بيدهم نفعه أو ضره ، وهذا خطأ كبير ، فقد قال الله تعالى : ﴿وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ﴾.

وأفاد بأن الزواج من الأقدار التي يكتبها الله لكل إنسان ، فيما أن السحر لا يغير القدر، ولكن الدعاء يغيره ، فقد ورد أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: « وَلَا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلَّا الدُّعَاءُ »، ومعنى أنه لا يردُّ القدرَ إلَّا الدّعاءُ ؛ ليس المرادُ به القدرَ المحتوم، فالقدرُ الذي سبقَ علمُ الله بأنَّه يكونُ: لا يردّه شيءٌ، وإنما القدرُ الذي يردهُّ الدّعاءُ هو القدرُ المرتَّب الذي جعل الله لردِّه أسبابًا ومنها الدّعاء، فأبلغُ الأسباب لدفع المكروه مثلا الدّعاءُ، فهذا فيه تعظيم شأن الدّعاء وتأثيره في دفع المقدور.

وأوضحت دار الإفتاء المصرية،  أن المصائب التي تقع للإنسان لا بد من التعامل معها بحكمة وسعي، وينبغي على المسلم أن يرضى بقضاء الله وقدره وأن يعلم الحكمة في أقدار الله، فلا ينبغي لمن تأخر زواجها أن تعلق أقدارها على السحر والحسد والجن، وكلما أخفق الإنسان في حياته سواء بسبب تقصير النفس، أو أقدار  الله، فأرجعها إلى الحسد والسحر.

وأضافت “ الإفتاء” في إجابتها عن سؤال: ( هل السحر يؤخر الزواج ؟)، أن الطريقة المثلى التي يجب على المسلم اتباعها إذا أصابه العسر ، وهي أنه لا بد للإنسان أن يدفع أقدار الله بأقدار الله، ومن أراد شيئا فعليه أن يبحث عن طريقة مشروعة وأن يسعى في طلبها، فالحاجة تفتق الحيلة، أما استسهال الأمور وتعليقها على السحر والأعمال فهذا باب من أبواب الشيطان.

هل السحر سبب تأخر الزواج

وورد عن هل السحر سبب تأخر الزواج؟، أنه مع نزول المعوذتين لم يعد هناك أي عمل ضار أو سحر أو غيره، يمكنه ان يؤذي الإنسان، مشيرا إلى الحديث النبوي الذي قال فيه النبي صلى الله عيله وسلم: «انزلت عليا اليوم سورتان ما أنزلت على نبي قبلي».

وورد أن العطلة الحقيقية للزواج، ليست بسبب السحر أو الأعمال أو غيره، بل إنها بسبب  والأوضاع المادية لبعض الشباب، والمطالب الكبيرة التي تطلب عند الزواج من الأهل، موضحا أن النفقة والشبكة وغيرها من الاتفاقات الزوجية لم يقرها الشرع أو يأمر بها، حيث قال:  «لا يوجد أي حديث أو آية تلزم بتقديم النفقة والشبكة وما إلى ذلك، فهي واحدة من عدد من الأمور التي طرأت على الأجيال في العصر الحديث، فلا حق للعروس في نفقة او شبكة او غيره».

وجاء أن السحر حقيقة واقعة، ولكنه ليس السبب الوحيد لهروب الخطَّاب، وهناك بعض هذه الأسباب ومن أهمها المشاكل الاقتصادية، ومع هذا فهو مؤثر، ولكن بإذن الله تعالى وحده، وبقدره، والسحر لا يعدو أن يكون داء، وما من داء إلا له دواء، ولا مانع أن يصاب به من يحافظ على الصلاة وقراءة القرآن، فقد أصيب به النبي صلى الله عليه وسلم لما سحره اليهود، ولكن كان أثره ضعيفا جدا، وسرعان ما تم علاجه بالقرآن، بقراءة المعوذتين، كما ورد في البخاري . نعم يؤثر السحر في قرار الفتاة المخطوبة، بل وفي قرار أهلها أحيانا، وقد يؤثر في الخاطب أيضا ويؤثر في قراره، وقد يعمل السحر بقصد تعطيل الزواج عن طريق رفض كل من يتقدم للخطبة خاصة بعد القبول في بادئ الأمر ثم الرفض المفاجئ غير المبرر . وقد قال الله تعالى في الحديث عن السحر :( فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُم بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ) الآية 102 من سورة البقرة .

علاج سحر تأخير الزواج

ورد أن علاج مشكلة السحر إن كانت واقعة حقا أو متوهمة هو اللجوء إلى الله تعالى، وقد جعل الله القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين، قال تعالى: (  وَنُنـزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ) الآية 82 من سورة الإسراء، وهناك وسائل شرعية وتدابير وقائية يقوم بها من خاف السحر، وهي لا تختلف كثيرًا عمن أصيب بالسحر، وخير ما يتحصن به المرء في هذه الدنيا هو أن يستعيذ بالله تعالى، ويكثر من قراءة القرآن الكريم، وقد صدق الله حين قال: { وَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرآنَ جَعَلْنَا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخرةِ حِجَابًا مَّسْتُورًا } الآية 45 من سورة الإسراء .

وينبغي على الفتاة التي تأخر زواجها الاستعانة بالوسائل الشرعية للوقاية من السحر ، والحذر من اللجوء إلى المنجمين لحل أزمة الزواج ، وعليعليها أن تعلم أن معنى العبودية لله أن يرضى المسلم بقضاء الله، وأن يرضى بمجريات القدر، وأن يلجأ إلى الله بالدعاء، وليعلم أن أمر المؤمن كله خير، وأن الزواج رزق من الله، و من يتوكل على الله فهو حسبه ويرزقه من حيث لا يحتسب . فما أفضل اللجوء إلى الله وما أحوج المهمومين والمكروبين أن يتضرعوا إلى الله عز وجل، وعليك بالأدعية التي ترفع الغم عن المسلم، ومنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده، وصححه الشيخ الألباني رحمه الله: ( اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك … ) ، والمرأة تقول : ( اللهم إني أمتك بنت عبدك بنت أمتك ناصيتي بيدك ماض في حكمك ، عدل في قضاؤك ، أسألك اللهم بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلفك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي وغمي ).

ويكمن علاج سحر تأخير الزواج في العقيدة الصحيحة، وأن يرد الأمر إلى نصابه؛ فالله تعالى هو المتصرف الوحيد في هذا الكون، وأنه لا يحدث في كونه شيء إلا بعلمه، وأن المخلوقات جميعا لا تملك لنفسها شيئا؛ فالناس لا تملك لأنفسها ضرا ولا نفعا، ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا، والرزق والزواج من الله، وهذا كلام نقوله، ولكن يجب أن نؤمن به في نفوسنا، ولو كنا نعود لدستورنا وكلام ربنا، لما وقعنا فيما نقع فيه.

 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الله تعالى الزواج من إلى الله من سورة أنه لا

إقرأ أيضاً:

صلاة قيام الليل.. حكمها وعدد ركعاتها وكيفيتها لتغتنم فضلها

صلاة قيام الليل من أهم النوافل عظيمة الفضل والأجر والثواب، ومن ثم ينبغي ألا يفوتها أولئك الذين يسعون إلى التقرب لله تعالى ويعرفون أن صلاة قيام الليل من أفضل الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى الله - تعالى- لكونها أقرب إلى الإخلاص والسر بين العبد وربه، كما أن صلاة قيام الليل فيها مجاهدة للنفس على ترك النوم، كما عد النبي -صلى الله عليه وسلم- الصلاة فيه أفضل الصلوات بعد الصلاة المفروضة؛ فقال: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ المَكْتُوبَةِ، الصَّلَاةُ في جَوْفِ اللَّيْلِ».

هل الذنوب تنقص الرزق وتسبب الفقر؟.. 10 أمور تنغص حياتك فاجتنبهاماذا يفعل القرين عندما تحزن؟.. 7 حقائق ينبغي معرفتها تقيك شرورهصلاة قيام الليل

تُعتبرُ صلاة قيام الليل من أعظمِ الطّاعات عند الله تعالى، وهي أيضًا سرٌ من أسرار الطُمأنينة والرِّضا في قلب الإنسانِ المؤمن؛ إذ ترسم نورًا على وجه المؤمن، حيث إنّ الله عز وجلّ يَنزل كلَ ليلة في الثُلثِ الأخير من اللّيل إلى السّماء ِالدُّنيا فيقول:«هل من داعٍ فأستجيبُ لهُ هل من سائلٍ فأعطيهُ، هل من مستغفرٍ فأغفرُ له»، حتى يطلع الفجر.

وقت صلاة قيام الليل

يبدأ وقت صلاة قيام الليل من بعدَ انتهاء صلاةِ العشاء إلى طلوع الفجر الثّاني، ويُفضّل أن تكونَ في الثّلث الأخير من اللّيل كما جاء في الحديث الصّحيح إذ يقول النّبي عليه الصّلاة والسّلام: «أحَبُّ الصّلاة إلى الله صلاة داود عليه السّلام، وأحَبُّ الصّيام إلى الله صيام داود، وكان ينام نصف اللّيل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه، ويصوم يومًا ويُفطر يومًا»، يعني ذلك أنّه كان يصلّي السُدس الرّابع والسُدس الخامس.

وإذا قام ففي الثّلث الأخير لما في ذلك فضل عظيم؛ لأنّ الله تعالى يَنزل إلى السّماء الدّنيا في هذا الجزء من اللّيل، إلا أنّها تجوز في أول الليل ووسطه وآخره أيضًا، كلّ ذلك كما فعل رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، فعن أنس بن مالك قال: «ما كنا نشاء أن نرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل مصليًا إلا رأيناه ولا نشاء أن نراه نائمًا إلا رأيناه».

و ورد أن أقل عدد ركعات قيام الليل ركعتين ولا يوجد سقف له فللمسلم أن يصلي ما شاء إذا نوى قيام الليل، سواء ركعتين أو زيادة ويجزيه الله تبارك وتعالى على صلاته قلت أو زادت، ولكن الأهم هو المداومة على صلاة قيام الليل فكان النبي يحب أدوم الأعمال حتى وإن قلت، فلا يوجد عدد معين لصلاة قيام الليل ، فتجوز بالركعات الكثيرة والركعات القليلة، والأفضل هو ما ثبت عن الرسول - عليه الصلاة والسلام- حيثُ لم يكن يزيد في عدد ركعات قيام الليل عن إحدى عشرَة ركعة.

صلاة قيام الليل كم ركعة

ورد أنه ليسَ لصلاةِ قيام الليل عددٌ مخصوصٌ من الرَّكعات؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا رأيت أن الصبح يدركك فأوتر بواحدة، فقيل لابن عمر: ما مثنى مثنى؟ قال: أن تسلم في كل ركعتين»، وعن عدد ركعات صلاة قيام الليل فالأفضل أن يقتصر على إحدى عشرة ركعة؛ أو ثلاث عشرة ركعة، وهذا فعل النبيّ عليه الصّلاة والسّلام، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي ما بين أن يفرغ من صلاة العشاء إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلِّم بين كل ركعتين ويوتر بواحدة».

واختلف الفُقَهاء في الأكثر من عدد ركعاتها، فقال الحَنَفيّة: أكثرُها ثماني ركعات، وقال المالكيّة: أكثرُها اثنتا عشرة ركعة، وقال الشَّافعيَة: لا حصرَ لعدد رَكَعاتها، وذلك لقوله صلّى الله عليه وسلّم: «الصَّلاَةُ خَيْرُ مَوْضُوعٍ فَمَنِ اسْتَطَاعَ أَنْ يَسْتَكْثِرَ فَلْيَسْتَكْثِرْ».

آخر وقت صلاة قيام الليل

يبدأ وقت قيام الليل من حين الانتهاء من صلاة العشاء، ويستمر حتى طلوع الفجر، ولكن الوقت الأفضل لقيامه هو الثلث الأخير من الليل؛ لأن الله -عز وجل- ينزل إلى السماء في الثلث الأخير كما رُوي في الحديث: «إذا مضى شطرُ اللَّيل، أو ثُلُثاهُ، ينزِلُ اللَّهُ تبارك وتعالى إلى السَّماء الدُّنيا، فيقول: هل من سائِلٍ يُعطى؟ هل من داعٍ يُستجابُ له؟ هل من مُستغفرٍ يُغفرُ له؟ حتَّى ينفجر الصُّبح»، وفي أي وقت صلى فيه المسلم ينال الأجر والثواب بإذن الله -تعالى-.

حكم صلاة قيام الليل

اختلف الفقهاءُ في حكم [قيام اللّيل إن كان مُستحبًّا، وبذلك قال مالك، وهو المشهور عند باقي الفقهاءِ، لكن الاستحباب في حقّ العباد، وأمّا في حقّه - صلّى الله عليه وسلم - فهو واجب، والواجب عليه - عليه الصّلاة والسّلام- أقلّه ركعتين، واحتجّوا بقوله تعالى: «ومن الليل فتهجد به نافلة لك»، قالوا: فهذا صريح في عدم الوجوب. قال الآخرون: أمَرهُ بالتهجّد في هذه السّورة كما أمره في قوله تعالى: «يا أيّها المزمل * قم اللّيل إلا قليلا»، ولم يجيء ما ينسخه عنه، قال مُجاهد :"إنّما كان نافلةً للنّبي عليه الصّلاة والسّلام؛ لأنّه قد غُفِرَ له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فكانت طاعته نافلة، أي: زيادة في الثّواب، ولغيره كفّارة لذنوبه".

ومع هذا الاختلافِ في حكم قيام اللّيل بحقِّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- إلا أنّهم اتّفقوا على كونه سُنةً على غيره من المسلمين فقد قال القحطانيّ في شرح أصول الأحكام: "وقيام اللّيل سُنّة مُؤكّدة بالكتاب  والسُنّة وإجماع الأُمّة".

صلاة قيام الليل، هي سُنة مؤكدة عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، وتواترت النصوص من الكتاب والسنة بالحث عليه، وصلاة قيام الليل لها شأن عظيم في تثبيت الإيمان، والإعانة على جليل الأعمال، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمْ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا نِصْفَهُ أَوْ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلا ثَقِيلا إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلا» (سورة المزمل:1-6).

ومدح الله تعالى  أهل الإيمان والتقوى، بجميل الخصال وجليل الأعمال، ومن أخص ذلك قيام الليل، قال تعالى: «إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (سورة السجدة: 15-17).

كيفية صلاة قيام الليل

يُستحبُ أن تُبدأَ صلاة قيام اللّيل بركعتين خفيفتين ثم تُكمَّل الصّلاة ركعتين ركعتين لما ورد عن رسول الله، فعَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ - رضي الله عنه - قَالَ: «صَلَّى رَسُول ُاللهِ صلى الله عليه وسلم رَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ وَهُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ هُمَا دُونَ اللَّتَيْنِ قَبْلَهُمَا، ثُمَّ أَوْتَرَ، فَذَلِكَ ثَلَاثَ عَشْرَةَ رَكْعَةً»، وبذلك تُصلى صلاة القيام رَكعتين رَكعتين، وذلك قول الجمهور من العلماء الشافعية، والحنابلة والمالكية، والعثيمين، وابن باز، وغيرهم من العلماء.

أعمال مستحبة في صلاة قيام الليل

هناك بعض الأعمال التي يُستحب للمسلم فِعلها إذا أراد قيام الليل، ومنها :

-أن ينوي قيام الليل عند نومه إذا أراده بعد النوم؛ وذلك لحديث النبي -عليه الصلاة والسلام-: (من أتى فراشَهُ وَهوَ ينوي أن يقومَ فيصلِّيَ منَ اللَّيلِ فغلبتْهُ عينُهُ حتَّى يصبحَ كتبَ لَهُ ما نوى وَكانَ نومُهُ صدقةً عليْهِ من ربِّهِ).

-ينام على طهارة، وفي وقت مُبكِر بعد العشاء؛ ليتمكّن من القيام نشيطًا.

-يقوم في صلاته مع قدرته عليها، ويُستحَب أن يزيد من طول الركوع والسجود فيها أكثر من طول القيام.

-يستفتح قيامه بركعتَين خفيفتَين؛ لما رواه أبو هريرة عن النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه قال: (إذا قامَ أحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ، فَلْيَفْتَتِحْ صَلاتَهُ برَكْعَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ)، وأن يُسلِّم بعد كُلّ ركعتَين.

-يستريح بعد كُل أربع ركعات، وقد اتفق الفقهاء على مشروعيتها؛ لورودها عن السلف، وذهب الحنفيّة إلى استغلال هذه الاستراحة بالسكوت، أو الصلاة الفرديّة، أو قراءة القُرآن، أو ذِكر الله -تعالى-، أمّا الحنابلة فقالوا بجواز ترك الاستراحة بين كلّ ترويحتَين، ولا يُسَنّ دعاء مُعيَّن لها؛ لعدم ورود ذلك.

-يخصص لنفسه عددًا مُعينًا من الركعات؛ فإن نام عنها فيُسن له أن يقضيها شَفعًا في النهار، ويُسن أن يكون قيامه في البيت، ويُوقظ أهله؛ ليُصلي بهم، ويكون قيامه بحسب نشاطه، ويجوز له الجهر والإسرار بالقراءة فيها، ويُسَن له إذا مر بآيات الرحمة أن يسأل الله -تعالى- فيها الرحمة، وإذا مر بآيات التسبيح سبح، وإذا مر بآيات العذاب استعاذ منه.

-يُطيل في القيام بحسب استطاعته، والتطويل يشمل كُل أجزاء الصلاة من الركوع، والسجود، والذِكر، وغيرها، وقد ورد عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أن أفضل صلاة القيام ما كان أطول، وورد عن عائشة أُم المؤمنين -رضي الله عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقوم من الليل حتى تتشقَّق قدماه من طول القيام، والطول ليس شرطًا فيها.

فضل صلاة  قيام الليل

عدّد العُلماءُ بضعة أمورٍ حثّت على قيام اللّيل وجعلت له أفضليّةً خاصّة، منها:

عناية النبيّ - عليه الصّلاة والسّلام - بقيام اللّيل حتى تفطّرت قدماه، فقد كان يجتهدُ في القيام اجتهادًا عظيمًا.قيامُ اللّيل من أعظم أسبابِ دخول الجنّة.قيامُ اللّيل من أسباب رَفع الدّرجات في الجنّة.المحافظونَ على قيام اللّيل مُحسنونَ مُستحقّون لرحمة الله وجنّته.مدح الله أهل قيام اللّيل.عدَّهم الله تعالى في جملة عباده الأبرار.قيامُ اللّيل مُكفِّرٌ للسّيئاتِ.ومنهاةٌ للآثام.قيامُ اللّيل أفضل الصَّلاة بعد الفريضة.شرفُ المؤمن قيام اللّيل.قيامُ اللّيل يُغْبَطُ عليه صاحبه لعظيم ثوابه، فهو خير من الدّنيا وما فيها.

مقالات مشابهة

  • مظاهر تحريف الأديان
  • هل قرآن الفجر قبل الصلاة أم بعدها؟.. 10 أسرار لا يعرفها كثيرون
  • صلاة قيام الليل.. حكمها وعدد ركعاتها وكيفيتها لتغتنم فضلها
  • مراتب الحزن في القرآن الكريم
  • التواضع زينة الأخلاق.. تأملات في قول الله تعالى: {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}
  • من هو النبي الذي قتل جالوت؟.. تعرف على القصة كاملة
  • هل تجب على اليمين الغموس كفارة؟.. دار الإفتاء تجيب
  • ماذا يفعل المسلم عند الغضب؟.. آيات تطفئ النار الملتهبة
  • حكم تصرف ذوي الهمم في أموالهم وأمور الحياة مع من يرعاهم
  • استهداف تل أبيب بصاروخ يمني فر صوتي (نص البيان)