موقع 24:
2024-09-18@23:14:54 GMT

النزف الصامت والعقبة أمام الحل في السودان

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

النزف الصامت والعقبة أمام الحل في السودان

خمسة أشهر ولم تحسم الحرب، أو يحسم السودانيون خلافاتهم، بينما يعاني البلد نزفاً صامتاً غير النزيف العسكري.

شلل في الاقتصاد. نزوح رؤوس الأموال أو ما تبقى منها. انهيار الخدمات الصحية وتعطل أكثر من 70 في المائة من المستشفيات عن العمل. تعطل النظام التعليمي بكل ما يعنيه ذلك على مستقبل الطلاب. ووفقاً لوزير التعليم محمود سر الختم الحوري، فإن 40 في المائة من المؤسسات التعليمية في الخرطوم تعرضت لدمار شبه كامل وحتى البقية الباقية لم تسلم من أضرار الحرب ونُهبت محتوياتها.


يعاني الناس شحاً في السلع الغذائية، والموجود منها تضاعفت أسعاره 3 مرات أو أكثر. وتزداد معاناتهم مع شح السيولة المتوفرة لديهم بعد توقف رواتب العاملين في الدولة لأكثر من 4 أشهر، نتيجة الشلل في الوزارات المركزية في الخرطوم، والأضرار الهائلة التي أصابت الجهاز المصرفي جراء النهب والتدمير مثلما أصابت مؤسسات القطاع الخاص.
أضف إلى ذلك أن نحو ثلثي السكان في المناطق المتأثرة بالحرب كانوا يعتمدون على الأعمال اليومية مصدر دخل، وهذه تعطلت أيضاً بشكل كبير بسبب المعارك وصعوبة الحركة والتنقل. لذلك جدّدت منظمات إغاثية دولية هذا الأسبوع تحذيراتها من أن نصف سكان السودان سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية بسبب الحرب وما أدت إليه من فقر وانهيار في الخدمات والمؤسسات ونقص في الموارد.
هذا النزف إذا استمر سيترك البلد أشلاء لمن يرثها أو يحلم بأن يرثها. فمناظر الصفوف الطويلة للمتدافعين للحصول على جوازات سفر بعد استئناف العمل في استخراجها قبل أيام بعد أن ظلت متوقفة منذ اندلاع القتال، كانت مؤشراً على رغبة مزيد من السودانيين في الهجرة بسبب الأوضاع المتردية. كثيرون لم يفكروا في هجر السودان ذات يوم، باتوا الآن يبحثون جدياً في مغادرته، تاركين وراءهم كل أحلامهم وممتلكاتهم وهم يعلمون أنهم ربما لن يتمكنوا أبداً من تعويضها.
وتتوقع منظمات شؤون اللاجئين والهجرة والإغاثة الدولية أن يصل عدد اللاجئين الفارين من الحرب إلى دول الجوار إلى نحو مليون و800 ألف بنهاية العام الحالي، إضافة إلى أكثر من 7 ملايين من النازحين والمهجرين في الداخل منهم 3 ملايين و800 ألف شخص نزحوا منذ اندلاع القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع في الخرطوم.
في أحاديث الناس ومنتدياتهم تلمس اليوم إحباطاً متزايداً من تردي الأوضاع، وعدم وضوح الرؤية حول متى وكيف تنتهي الحرب. فالانقسام بين السودانيين، والاستقطاب الشديد الحاصل يسهمان في استمرار الحرب وإطالة أمدها بلا أفق لحل أو نهاية وشيكة، وهنا لبّ المشكلة في تقديري.
الخلافات والصراعات بين الأطراف المختلفة مثلما تسببت في عرقلة الفترة الانتقالية ووأد أحلام ثورة الشباب، فإنها قادت إلى تهيئة الظروف لهذه الحرب، وتسهم الآن في إطالة أمدها. لو كان الفرقاء السودانيون سعوا إلى توافق لكانوا قد تجنبوا الحرب، لكنهم انغمسوا في صراع إقصائي عدمي بين قوى الحرية والتغيير (قحت) أو أطراف فيها من جهة، والإسلاميين (الكيزان) وفلول نظام عمر البشير الساقط من الجهة الأخرى، وهو الصراع الذي لا يزال طاغياً على المشهد حتى اللحظة، وينعكس على الحرب بشكل مباشر، بل ويؤثر على نظرة العالم لها.
التصنيفات عقّدت الصورة حتى في الاصطفاف الحاصل في الحرب، بين التيار الداعم للجيش، وبين التيار الداعي لوقفها. فخلافاً للصورة المشوهة الرائجة، ليس كل من يناصر ويدعم الجيش هو من جناح الكيزان والفلول، وليس كل من يدعو للحل التفاوضي هو بالضرورة من المنتمين لقوى الحرية والتغيير (قحت).
هذا الاستقطاب الحاد في المشهد السوداني جعل الأطراف التي تريد المساعدة في حل الأزمة، تتريث في مساعيها. صحيح أن هناك دعوات ومسارات ومبادرات مختلفة تدعو لإنهاء الحرب، أهمها في تقدير الكثيرين هو منبر جدة لأنه يحظى بإجماع وتوافق الأطراف المختلفة، لكن باتت هناك قناعة بأنه لا أمل في تحقيق حلول ما لم يكن هناك توافق بين السودانيين أنفسهم، وهذا ما تسمعه يتردد كثيراً في عواصم مختلفة مهتمة بالأزمة السودانية وتداعياتها على البلد والمنطقة.
التوافق المطلوب في هذه المرحلة يتطلب تنحية الخلافات والسمو فوقها من أجل استعادة الدولة من حافة الضياع، وإنقاذ الوطن المهدد لا في وحدته وسيادته فحسب بل في وجوده بالصورة التي عرفناها عنه. ولكي لا نبقى نلف وندور في فراغ، فإن هذا التوافق لن يتحقق ما لم نتخلَّ عن الحلول المنقوصة، ونتجاوز الخلاف العدمي بين «كيزان» و«قحت». الطرفان لا يمثلان كل السودان، لكن صراعهما المحتدم أكبر مهدداته في هذه اللحظة.
الوضع الراهن يستدعي حواراً لا يُقصى منه أي طرف، وأن يترك الإقصاء للشعب السوداني عبر صناديق الانتخابات متى ما وصلنا إلى تلك النقطة. إذا تجاوزنا هذه العقبة مهما بدت صعبة في نظر الكثيرين، نكون قد نزعنا فتيل تأجيج الحرب كمرحلة أولى، يعقبها التوافق على كيفية استئناف الفترة الانتقالية، ومن ثم تنبري القوى المختلفة للاتفاق على كيف يحكم السودان، وكيف ننهي أزماته المزمنة.
ما لم نتجاوز هذه العقبة سيبقى البلد عالقاً لفترة لا أحد يعلم مداها في نفق هذه الحرب، وسيستمر النزف الصامت حتى يقضي على أي أمل في استعادة السودان استقراره الذي عصفت به كثيراً الصراعات الإقصائية.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أحداث السودان

إقرأ أيضاً:

تحدثوا عن واقع السودان

"تحدثوا عن واقع السودان" حملة أطلقها "منبر المغردين السودانيين" من أجل تسليط الضوء على الأوضاع المأساوية في البلاد، بسبب الاقتتال المندلع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ نحو عامين.

وعبر تدوينة على منصة "إكس"، قال منبر المغردين السودانيين "ندعوكم للمشاركة معنا في الحملة لتسليط الضوء على الأوضاع في ظل الحرب التي تعصف بالسودان، ومعاناة ملايين المواطنين من النزوح والجوع وفقدان الأمل".

المغردين والمغردات ندعوكم للمشاركة معنا في حملة منبر المغردين السودانيين لتسليط الضوء على الأوضاع في ظل الحرب التي تعصف بالسودان.
الملايين يعانون من النزوح والجوع وفقدان الأمل. شاركونا بالتغريد بوسم #تحدثوا_عن_واقع_السودان يوم السبت 14 سبتمبر 2024م الساعة 8 مساءً بتوقيت #السودان pic.twitter.com/VTRBPrSsTU

— منبر المغردين السودانيين (@SUDTwittForum) September 13, 2024

وبالفعل، شهدت الحملة تفاعلا كبيرا بين جمهور منصات التواصل، فقد طالب مغردون من خلال الوسم بتوحد كل أطياف الشعب السوداني من أجل إنهاء هذه الحرب، وإخماد نيرانها، بكل الطرق المشروعة.

وناشد آخرون جميع التنظيمات والمكونات للشعب بالداخل والخارج التنسيق مع ما وصفوها بالقوى المحبة للسلام والمتضامنة مع الشعب إقليميا ودوليا من أجل الضغط لوقف هذه الحرب فورا.

حسبنا الله ونعم الوكيل
حمى الضنك تفتك بمواطني ولاية الخرطوم ، ووفيات في شمبات وجنوب الحزام والبراري وغيرها من المناطق بالعاصمة
وكذلك انتشار للملاريا والتايفويد مع انعدام تام للعلاج.#تحدثوا_عن_واقع_السودان

— hassan bakri‎ (@hassanbakri16) September 16, 2024

وحمّل ناشطون قوات الدعم السريع وعلى رأسها قائدها محمد حمدان دقلو (حميدتي) المسؤولية الكاملة عما يحدث للمواطن السوداني من مأساة وتشريد وجوع وبرد، وطالبوا الدول الداعمة للدعم السريع بوقف التمويل والدعم فورا لأنهم يشاركون في قتل المواطن السوداني وتجويعه وتشريده.

RSF’s commanders documenting their crimes by themselves, here appears UN-HCR plastic sheets . This after looted humanitarian convoys. pic.twitter.com/oY7OqjHe2N

— Mini Minawi | مني اركو مناوي (@ArkoMinawi) September 16, 2024

وقال آخرون إن واقع البلاد يؤكد تماما أن السودان أصبح ساحة من التجارب التي يمارسها أصحاب النزاع والطامعون بالسلطة في قتل المواطن بأبشع الطرق بحثا عن السلطة.

ووجّه مغردون رسالة إلى من وصفوهم بدعاة الحرب وأبواق الفتنة والكراهية مجموعة من التساؤلات: "هل ارتويتم من معاناة الشعب؟ هل شعرتم بالراحة النفسية؟ هل أشبعتم رغباتكم الذاتية؟ إن لم يوقظ أنين المقهورين والمشردين واللاجئين والمظلومين والجوعى ضمائركم فأنتم شركاء في الظلم ولا خير فيكم".

ارفع صوتك
#تحدثوا_عن_واقع_السودان
بصدق ومصداقية وعكس ما يدور علي ارض الواقع يسهم بصورة كبيرة علي مخاطبة الضمير الانساني ليتهم يسمعون، معا من اجل وقف الحرب العبثية، معا من اجل عدم الافلات من المحاسبة والعقاب، الشعب أقوي والثورة السلمية مستمرة. pic.twitter.com/p7sg1kP6g2

— Amel f abueissa (@AbueissaAmel) September 15, 2024

وعبرت إحدى المتابعات عن رأيها من خلال تفاعلها مع الحملة بالقول "لا أدعم الجيش ولا الجنجويد وما أعيد تغريدة لأي مغرد أو مغردة داعم لأي من الطرفين لأن كليهما وجه لعملة واحدة.. أنا داعمة فقط لوقف الحرب ووقف معاناة المواطن".

واقع السودان الان:
خراب ودمار على طول وعرض البلاد دون مغيث او مستجيب لنداء العقل#تحدثوا_عن_واقع_السودان pic.twitter.com/Mr7S7meY9L

— Gafer Ali (@gaferali) September 14, 2024

وقالت منظمة أطباء بلا حدود إن مسحا أجرته المنظمة مع السلطات السودانية، داخل مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور خلال شهر سبتمبر/أيلول الحالي، كشف عن وضع غذائي كارثي يتدهور باستمرار.

وحسب المسح، فإنه من بين أكثر من 29 ألف طفل دون سن الخامسة شملهم المسح الأسبوع الماضي خلال حملة التطعيم في مخيم زمزم، تبينت إصابة 10.1% بسوء التغذية الحاد الشديد الذي يهدّد حياة المصابين و34.8% بسوء التغذية الحاد الشامل الذي يتطور إلى أشكال أكثر حدة من سوء التغذية إن لم يُعالَج بشكل فعال وفي الوقت المناسب.

ودعت أطباء بلا حدود الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية التي تسهم في التفاوض على توسيع الوصول الإنساني للنظر في جميع الخيارات التي تتيح إيصال الطعام والإمدادات الأساسية في وقت سريع إلى المنطقة، وإن كان ذلك عن طريق الإنزال الجوي، وفقا للمنظمة.

وفي تقريرها عن الوضع المعيشي في إقليم النيل الأزرق، قالت "لجان مقاومة الدمازين" إن الإقليم يعيش كارثة إنسانية وأزمة معيشية حرجة جدا مع ندرة في معظم المواد التموينية الأساسية والأدوية المنقذة للحياة.

وأضافت لجان الدمازين، في منشورها عبر صفحتها بالفيسبوك، إنه منذ اقتحام واحتلال من وصفتهم بمليشيا الدعم السريع (الجنجويد) لمدينة سنجة وتمددها في مختلف محليات وقرى ولاية سنار وبالأخص التي تقع في الاتجاه الجنوبي والشرقي لسنار، فرضت المليشيا حصارا على إقليم النيل الأزرق بقطع الطريق القومي وكل الطرق والمداخل التي كان يتم من خلالها تزويد الإقليم بالمواد الغذائية والدوائية والمشتقات البترولية.

مقالات مشابهة

  • قلق وتخوف!!
  • من تجليات “اللطف الخفي” في حرب السودان
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • أذربيجان البلد المضيف لـ (كوب29) توضح المهمة الرئيسية للقمة
  • حرب السودان .. الحل بين تحركات القاهرة ومبادرة جوبا
  • تحدثوا عن واقع السودان
  • المفتي قبلان في ذكرى المولد النبوي: حذارِ اللعب بسيادة البلد
  • أبرز جهود إنهاء الحرب في السودان
  • وزير الدفاع الإسرائيلي: الفرص تتضاءل أمام الحل الدبلوماسي مع حزب الله
  • رئيس المجلس العربي للمياه: ‏التحديات التي نواجهها هائلة ولكنها ليست مستعصية على الحل