موقع 24:
2025-02-02@23:50:11 GMT

لماذا مجموعة «بريكس»؟

تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT

لماذا مجموعة «بريكس»؟

لقد جاء قرار دولة الإمارات بالانضمام إلى مجموعة «بريكس» تعبيراً حقيقياً عن عمق البصيرة وسداد الرؤى، فهذا القرار ليس مجرد تحالف مع مجموعة من الاقتصادات الناشئة، بل إنه خطوة كبيرة نحو إعادة التموضع العالمي.

ويعكس القرار بشكل جلي بُعد نظر القيادة الرشيدة، ومدى فطنتها وبراعتها السياسية التي لا يدانيها أحد في مشارق الأرض ومغاربها؛ فدولة الإمارات نجحت بلا شك في تأسيس علاقات دبلوماسية قوية مع سائر الدول في جميع أنحاء العالم، ومن خلال انضمامها اليوم إلى مجموعة «بريكس»، فإنها تعمل على تعزيز هذه القدرة الدبلوماسية، وفرض حضورها الجيوسياسي الأقوى على الصعيد العالمي، هذا الحضور الذي يمكّنها ليس فقط من التأثير في السياسات العالمية بشأن القضايا الملحة، وإنما الإسهام مباشرة في صناعة تلك السياسات، ووضع فقراتها، الأمر الذي يضيف إنجازاً جديداً للدولة على الساحتين الإقليمية والدولية.


ومن أجل الخوض عميقاً في هذا الإطار، لابد أولاً من إعطاء لمحة عن ماهية تلك المجموعة وعن أسسها وأهدافها؛ فمجموعة «بريكس» تأسست في الأصل كرابطة للاقتصادات الوطنية الناشئة، ضمت في بدايتها كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، ثم تطورت على مر السنين لتصبح منصة للحوار والتعاون حول القضايا ذات الاهتمام المشترك، مثل التنمية المستدامة ورأس المال البشري، إضافة إلى التجارة والتمويل والبنية التحتية والابتكار والسلام العالمي، فمجموعة «بريكس» ليست مجرد مجموعة اقتصادية، وإنما هي تعبير عن النوايا والتطلعات فيما يخص الأنظمة المالية والتجارية العالمية القائمة، خاصة أن دول المجموعة تمثل حالياً ما يقارب 41% من سكان العالم، وأيضاً رُبع الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وإذا ما أضفنا إليها دولة الإمارات التي ستنضم مع بداية العام القادم، إلى جانب غيرها من الدول التي نذكر منها المملكة العربية السعودية ومصر، فلكم أن تتخيلوا حجم تلك المجموعة وقوتها الاقتصادية والبشرية الهائلة.
لاشك في أن دولة الإمارات أدركت من زمن بعيد ضرورة تنويع اقتصادها بعيداً عن قطاعي النفط والغاز، وذلك عبر التركيز على كل من التكنولوجيا والابتكار والصناعة والسياحة وغيرها الكثير من القطاعات والخدمات، ومن هنا يأتي انضمامها إلى مجموعة «بريكس» تعزيزاً لتلك الجهود، لأن ذلك سيتيح لها أولاً إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية سريعة النمو، وثانياً التلاقي مع مجموعة جديدة من الشركاء التجاريين، فالدول الأعضاء في المجموعة اليوم تتميز بمواردها السلعية وتقدمها التكنولوجي، ما يمثل إمكانات هائلة للنمو بالنسبة لجميع القطاعات في الدولة؛ كما أن مجموعة «بريكس»، كما أسلفت أعلاه، ليست مجرد كتلة اقتصادية، بل هي تحالف يؤكد نفسه بشكل متزايد على الساحة العالمية، وهو يمنح دولة الإمارات منصة إضافية متعددة الأطراف للتعبير عن وجهات نظرها، وبناء التحالفات، وأيضاً اكتساب النفوذ في القضايا التي تعتبر بالغة الأهمية لمصلحتها الوطنية؛ فدولة الإمارات كما يعلم الجميع اليوم هي المركز الذي تتقاطع عنده المصالح الجيوسياسية ما بين الغرب والشرق، وهي الجسر الذي يربط ما بين الاقتصادات والثقافات المتنوعة، وهي أيضاً واحد من أكبر اللاعبين في عالم متعدد الأقطاب.
ولعل الجانب الأبرز في هذا القرار هو مدى توافقه مع المستقبل، فمن خلال مواءمتها ما بين الاقتصادات الناشئة التي لديها أسواق داخلية هائلة وإمكانات تكنولوجية متميزة، وما بين النظام الاقتصادي العالمي الذي يطبعه الغرب بنفوذه وتأثيراته، تعزز دولة الإمارات من حضورها الفاعل، وترتقي بدرجة مرونتها في مواجهة التحولات الاقتصادية العالمية المتغيرة باستمرار، وهي أيضاً تحمي نفسها من حالات الضباب وعدم اليقين الاقتصادية التي بتنا نشاهدها كثيراً هذه الأيام؛ أي أن دولة الإمارات توظف هذا الانضمام كدرع متين قادر على حماية الاقتصاد مهما حمل المستقبل معه من تقلبات وغموض.
يمكنني القول ختاماً إن انضمام الدولة إلى مجموعة «بريكس» هو سطر جديد في سجلها الذهبي، وإشارة واضحة على جاهزيتها للقيادة العالمية والتعاون الدولي الفعال، وهو يأتي اليوم كشهادة حقيقية على دور السياسات الحكيمة للقيادة الرشيدة في تمكين الدولة من تجاوز حدودها الإقليمية، والظهور كلاعب عالمي مؤثر؛ وذلك أن انضمام دولة الإمارات إلى مجموعة «بريكس» لا يمثل انعكاساً لمصالحها الاقتصادية فحسب، بل إنه التزام منها بالتعددية والاستدامة والنمو المشترك والاستقرار العالمي.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان النيجر مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني دولة الإمارات إلى مجموعة ما بین

إقرأ أيضاً:

«ترامب» يحذّر مجموعة «بريكس» من التخلّي عن «الدولار» ويهددها بالانتقام

حذر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دول “بريكس”، اليوم الجمعة، من “الانتقام الاقتصادي” إذا حاولت التخلي عن الدولار في التجارة العالمية، وأكد أنه سيطالبها بعدم إصدار عملة موحدة.

وأشار ترامب في منشور عبر منصته “تروث سوشال”: “إلى أن أي محاولة للابتعاد عن الدولار الأمريكي في التجارة الدولية ستؤدي إلى فرض تعريفات جمركية بنسبة 100٪”.

واعتبر في منشوره أن “فكرة أن دول بريكس تحاول الابتعاد عن الدولار، بينما نقف مكتوفي الأيدي ونراقب، انتهت”.

وأضاف: “سنطلب التزاما من هذه الدول بأنها لن تخلق عملة جديدة موحدة ولا تدعم أي عملة أخرى لتحدي الدولار الأمريكي العظيم، وإذا رفضوا، فسوف يواجهون تعريفات جمركية بنسبة 100٪ ويجب أن يتوقعوا قول وداعا للاقتصاد الأمريكي الرائع”.

وتابع: “لا توجد فرصة لاستبدال مجموعة البريكس بالدولار الأمريكي في التجارة الدولية، أو في أي مكان آخر. يجب على أي دولة تحاول أن تقول مرحبا بالتعريفات الجمركية ووداعا لأمريكا”.

جدير بالذكر أن ترامب قال نفس المضمون في تصريحات سابقة حول هذه القضية أثناء حملته الانتخابية وعندما تم انتخابه.

وتأسست مجموعة بريكس في عام 2006 من قبل البرازيل وروسيا والهند والصين، وانضمت إليها جنوب أفريقيا في عام 2011. وفي الأول من يناير 2024، أصبحت مصر وإثيوبيا وإيران والإمارات أعضاء فيها.

وفي منتصف يناير الجاري، أعلنت الخارجية البرازيلية أن جمهورية نيجيريا الاتحادية أصبحت الدولة التاسعة التي تنضم إلى مجموعة “بريكس” كدولة شريكة.

مقالات مشابهة

  • منظمة بريكس.. عنوان صراع جديد بين الغرب والجنوب العالمي
  • روسيا ترد على تهديدات ترامب لـ دول الـ«بريكس»
  • روسيا ترد على تهديدات ترامب لـ دول الـ«بريكس»
  • روسيا تقلل من تهديدات ترامب ضد بريكس
  • روسيا تردّ على تهديد ترامب بفرض رسوم على بريكس
  • «ترامب» يحذّر مجموعة «بريكس» من التخلّي عن «الدولار» ويهددها بالانتقام
  • الإمارات مركز الفعاليات والأحداث العالمية في فبراير 2025
  • ترامب: سنلزم دول بريكس بعدم إطلاق عملة جديدة
  • ترامب يوجه رسالة إلى الدول الأعضاء في مجموعة بريكس.. ما هي
  • ترامب يلوح بإجراء قاس ضد بريكس