«معارك التجديد والجمود».. محمد أركون يرد على هجوم الغزالي
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
خاض المفكر الجزائري محمد أركون عدة معارك في إطار التجديد، منحازا لنزعته التنويرية والإنسانية التي أبرزها في الفكر الديني الإسلامي، إذ يحتاج الفكر الديني إلى التزاوج مع نتاج فلسفي قوي يخلق بداخله اتجاهات فكرية إنسانية شديدة الأهمية، ضاربا المثل بما حدث مع الفكر العربي الإسلامي وامتزاجه عن طريق الترجمات بالفلسفة اليونانية القديمة، فظهر أبو عثمان الجاحظ، وأبو حيان التوحيدي، ومسكوية، وابن رشد الأندلسي وغيرهم، وفقا لوجهة نظر أركون، فإنها تعزز من دور العقل في مجال البحث المعرفي وتحرير طاقاته الإبداعية.
أركون، الذي ولد في العام 1928، ورحل في 14 سبتمبر من العام 2010، أنجز محمد أركون مشروعا فكريا كبيرا، يعد من أهم المشاريع الفكرية التى نمت على ضرورة التحديث، من خلال قراءتها للتراث وللنص الديني بمنظور نقدي، يحرر الوعي الإسلامي من ملابساته التاريخية.
تسجل له ذاكرة المعارك التنويرية معركة بينه وبين الشيخ محمد الغزالي الذي يمثل المنهج التقليدي الجامد، إذ طالبه الأخير بضرورة التوبة والرجوع عن أفكاره، بينما رد عليه أركون ردا عنيفا انحاز فيه لأفكاره التجديدية وطريقته المختلفة.
تعرَّض لموجة شديدة من النقد والهجوم كان معظمها يرتكز على عدم وصول فكرته بدقة لمنتقديه، ومن بين هؤلاء كان الغزالي الذي هاجمه في مؤتمر وزارة الأوقاف بالجزائر عام 1986 تحت عنوان "الصحوة الإسلامية والمجتمع الإسلامي"، ولقد ذكر أركون تلك الحادثة في كتابه الشهير "قراءات في القرآن"، معتبرًا ذلك الهجوم امتدادًا لنموذج تراثي عقيم وهو محاولة قتل كل محاولة تجديدية وإرجاعها للعقل الجمعي التقليدي، ضاربًا المثل بابن عقيل الحنبلي الذي جالَس المعتزلة ثم أعلن توبته متبرئًا منهم لينجو بنفسه، وبأبي الحسن الأشعري الذي عاش على مذهب المعتزلة ما قارب الأربعين عامًا ثم توبته عن ذلك المذهب ورجوعه.
ويعتبر أركون ذلك "بارديجم" أو نموذجًا فكريًّا لدى الجماعة الإسلامية التقليدية التي تفترض التوبة في كل محاولة تجديدية، مستنكرًا هجوم الغزالي عليه الذي طالب أركون بالتوبة والرجوع عن اعتقاده.
يقول أركون: "وقد تعرضت شخصيًّا لمحنة مشابهة أثناء انعقاد "ملتقى الفكر الإسلامي" في الجزائر عام 1986، فقد هاجمني الشيخ المصري محمد الغزالي، وأمرني بالتراجع وبالتوبة عن عبارة وردت في كتابي "الفكر العربي" تقول: "القرآن خطاب ذو بنية أسطورية"، للأسف، إن الدكتور عادل العوا، وهو مترجم الكتاب إلى العربية، ترجم العبارة على هذا النحو: "القرآن خطاب أسطوري البنية"، وهو فيلسوف يجهل الفرق بين كلمة أسطورة وبين كلمة قصص، وكان ينبغي أن يترجم العبارة على هذا النحو: "القرآن خطاب قصصي البنية".
ردًا على إنذار الغزالي الذي وجهه إليّ بكل عنف أمام جمهور الحاضرين المحتشدين في المؤتمر، لم أُقدم توبتي واعتذاري، إنما أعطيت حارس العقائدية الدوجمائية المتحجرة درسًا في علم اللسانيات، وكيفية الترجمة، والتفسير الديني، والأنثروبولوجيا، وقد احتفظ كثيرون من الجزائريين بذكرى تلك المواجهة الصعبة التي انتهت لمصلحة الضحية".
يشار إلى أن أركون نشأ في عائلة فقيرة تعاني من ظروف اقتصادية صعبة، واتجه للبحث والدراسة والتعلم، عمل بعد ذلك أستاذا لتاريخ الفكر الإسلامي في جامعة السوربون، وجامعات أوروبية، ترك بصمة واضحة وجريئة في تاريخ الفكر الإسلامي الحديث، ورحل أركون في 14 سبتمبر 2010م عن عمر ناهز 82 عامًا بعد معاناة مع المرض في باريس، ودُفن في المغرب حسب وصيته.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
بعد معارك عنيفة.. أوكرانيا تؤكد انسحاب قواتها من سودجا الروسية
أكدت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، يوم الأحد، انسحاب قواتها من مدينة سودجا الواقعة في منطقة كورسك داخل الأراضي الروسية، وذلك بعد أيام من إعلان موسكو فرض سيطرتها على المنطقة.
ورغم عدم إصدار أي بيان رسمي يؤكد الانسحاب، نشرت هيئة الأركان الأوكرانية أحدث خرائطها لساحة المعركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والتي أظهرت انسحابًا كاملاً من سودجا.
من جهته، زعم يوري بودولياكا، وهو مدون عسكري مؤيد لروسيا، أن الجيش الروسي تمكن من "دفع القوات الأوكرانية إلى حدود البلاد في بعض المناطق"، رغم استمرار المعارك العنيفة بين الجانبين.
ويأتي هذا التطور في ظل تكثيف القوات الروسية عملياتها العسكرية في المنطقة الحدودية، حيث شنت أوكرانيا توغلاً مفاجئًا عبر الحدود في آب/ أغسطس 2024، سعيًا لاستخدام الأراضي التي سيطرت عليها كورقة ضغط في مفاوضات السلام المحتملة.
وعلى الرغم من التراجع المتواصل للقوات الأوكرانية في كورسك، فإن كييف تمسكت بوجودها هناك، وسط تفاقم الصعوبات اللوجستية نتيجة القصف الروسي المكثف باستخدام المدفعية والطائرات المسيّرة والقنابل.
وفي ظل تداول تقارير غير مؤكدة حول تطويق القوات الأوكرانية، وجّه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في 14 آذار/ مارس، نداءً إلى نظيره الروسي فلاديمير بوتين طلب فيه "الرأفة" بالقوات الأوكرانية التي يُزعم أنها محاصرة.
غير أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفى، يوم السبت، أن تكون قواته محاصرة، لكنه حذّر من احتمال شنّ روسيا هجوماً جديداً على منطقة سومي الواقعة شمال شرق أوكرانيا على الحدود مع كورسك.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أعلنت، في 13 آذار/ مارس، سيطرة قواتها على سودجا، وذلك بعد يوم واحد من تأكيد القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية، أولكسندر سيرسكي، استمرار القتال في ضواحي المدينة والمناطق المحيطة بها.
وقال سيرسكي: "في أصعب الأوضاع، كانت أولويتي ولا تزال إنقاذ أرواح الجنود الأوكرانيين. ولتحقيق ذلك، تقوم وحدات قوات الدفاع الأوكرانية، إذا لزم الأمر، بالمناورة إلى مواقع أكثر ملاءمة".
ضغوط دبلوماسية لإنهاء الحربوسط احتدام المعارك، تتزايد الضغوط السياسية لإنهاء الحرب التي تسببت في خسائر هائلة على الجانبين. فقد أسفرت الحرب الروسية الأوكرانية التي بدأت في شباط/ فبراير 2022، عن مقتل وإصابة مئات الآلاف، وتشريد الملايين، وتدمير مدن بأكملها، كما أدت إلى تصعيد غير مسبوق بين موسكو والغرب.
Related"قمت بثورة": ترامب يلقي أطول خطاب في تاريخ الكونغرس.. تصعيد حرب الرسوم وعودة مفاوضات أوكرانيازعماء أوروبا يسابقون الزمن لمناقشة مستقبل أوكرانيا قبل أن يباغتهم ترامب بعقد اتفاق سلام مع روسياحرب المعلومات في بولندا.. من المستفيد من نشر الدعاية المعادية لأوكرانيا؟وفي خطوة لافتة، وافقت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء على استئناف تقديم المساعدات العسكرية وتبادل المعلومات الاستخباراتية مع أوكرانيا، بعد أن أبدت كييف استعدادها لدعم مقترح أمريكي لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوماً.
من جهته، أعلن بوتين يوم الخميس أن روسيا تدعم مبدئياً هذا المقترح، لكنه شدد على أن أي هدنة لن تُنفَّذ قبل الاتفاق على شروط "حاسمة"، أبرزها تعهد أوكرانيا بعدم السعي للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، إضافة إلى اعترافها بسيطرة روسيا على الأراضي التي تطالب بها موسكو، بما في ذلك بعض المناطق التي لا تزال تحت سيطرة القوات الأوكرانية.
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية المملكة المتحدة تعقد اجتماع "تحالف الراغبين" لمناقشة الوضع في أوكرانيا في ظل التقارب بين واشنطن وموسكو.. وزراء دفاع أوروبا يناقشون استراتيجية جديدة لدعم أوكرانيا دون موافقة البرلمان.. المفوضية الأوروبية تقر خطة لتسليح أوكرانيا بـ800 مليار يورو فلاديمير بوتينروسياكورسككييفقوات عسكريةالحرب في أوكرانيا