مرحباً بمولدك يا سيدي أبا القاسم؛ يا من أشعلت جذوة من نور لا تنطفئ؛ تضيء للناس دروب دنياهم وآخرتهم إن أرادوا.
كانوا بددا فجمعتهم، ولممت شملهم، وجعلت لهم مشروعا عظيما إن استقاموا عليه.
كانوا يعيشون حياة البداوة فنقلتهم إلى عصر التمدن والرقي والتوحد والدولة، وفتحت لهم الآفاق.
نعم لقد أوجدت للناس أعظم مشروع في التاريخ؛ وحدتهم على كلمة ( لا إله إلا الله ) بعد أن أفنوا الكثير من حياتهم بعبادة الطاغوت الصنمي والبشري.
يا أبا القاسم صلوات ربي وسلامه عليك: أقمت ميزان العدل والحرية. جعلت للمرأة شأنا بعد أن كانت تُباع في أسواق النخاسة كالحيوانات، وأعليت من شأن الإنسان كل الإنسان.
أصبح للعرب مشروع ودولة تنافس إمبراطوريات ذلك العصر، بل هزمت تلك الإمبراطوريات بتمسكها بجوهر المشروع الثوري الرسالي المحمدي.
جعلت المساواة بين البشر هدف مشروعك الأممي قلت لهم: (الناس سواسية لا فرق بين عربي وعجمي، أو أبيض وأسود إلا بالتقوى) العمل والتقوى ميزان التفاخر، وليس الأحساب والأنساب والعصبيات. قلت: (ليس منا من دعا إلى عصبية).
لكن ويا للأسف، القوم نكصوا عن مشروعك بعد موتك، وحولوا المشروع الإسلامي التحرري الشوروي إلى ملك عضوض، رغم أنك حذرتهم من ذلك، لكنها الأهواء لعبت بهم وفرقتهم إلى شيع وأحزاب؛ كل حزب بما لديهم فرحون.
نعم.. لقد تقولوا عليك، وأتوا بما لم تأت به. استولوا على السلطة بحد السيف وبالقوة والإكراه حكموا الناس؛ وصادروا الحقوق والحريات وقتلوا النفس التي حرم الله.
يؤسفنا أن نقول لك يا سيدي إن الكثير من المسلمين؛ عرباً وعجماً قد تحولوا إلى خدم لأعداء الإسلام. وأدخلوا اليهود والنصارى إلى ديار السلام، ودنسوا المقدسات في نجد والحجاز وفلسطين. وكل ذلك من من أجل أن يرضى عنهم المستكبرون.
يا بن عبدالله عليك صلوات الله. يؤسفنا أن نقول إن كثيراً من بلاد الإسلام واقعة تحت الاحتلال الغربي، وإن الكثير من الحكام الذين يدعون الإسلام – زورا – قد تحولوا إلى خدم لأمريكا والغرب والمستعمرين الأجانب.
يا سيدي يا بن عبدالله: لقد طلعت علينا جماعات من صنع أعداء الإسلام تذبح المسلمين وتقتلهم، وتنهب ثرواتهم وتنكل بهم باسم الإسلام.
في يوم مولدك الأعظم نقول لك: إن المسلمين أصبحوا شراذم وجماعات يقتل بعضها بعضاً؛ بغياً وخدمة لأعداء الإسلام. جزيرة العرب التي حررتها من دنس اليهود والشرك والأوثان والأصنام أصبحت تحت سطوة اليهود والنصارى، وعصابة بني سعود خدام اليهود والنصارى يمنعون الناس من الحج والعمرة والزيارة إلى المقدسات في مكة والمدينة، ويجبرون المسلمين على دفع أموال لا طاقة لهم بها.
الفئات الضالة المضلة تستكثر عليه الاحتفال بيوم مولدك ممن لا زالوا متمسكين بجوهر دينك.
يا بن عبدالله يا من هدمت الأصنام، وأقسمت ألا تُعبد بعدُ في جزيرة العرب، نقول لك: لقد عادت الأصنام، ولكن بشكل حكام ظلمة ومستبدين وطغاة؛ استولوا على سلطة الأمة وثرواتها؛ بددوا هذه الثروات في الشهوات والملذات، ودفع الجزية لليهود والنصارى والصهاينة الذين يقدمون الحماية لهم.
يا أبا القاسم منذ أن انقلب المؤلفة قلوبهم على الإسلام وحال الأمة لا يسر؛ أصبحت بلاد المسلمين؛ وثرواتهم نهباً للكفار، بل إن طغاة المسلمين ينهبون أموال الأمة ويودعونها في بنوك الغرب. والمتسلطون يشترون بأموالنا أسلحة ليقتلوننا، كما يشترون خموراً ومخدرات، وقياني وغواني. اتبعوا شهواتهم فسوف يلقون غياً. ورغم ذلك فما زال هناك ضوء في نهاية النفق. وما زال هناك فتية مؤمنة تجاهد من أجل تحرير الأمة واستعادة الإسلام الرسالي المحمدي الثوري.
وصلوات ربي وسلامه عليك في يوم مولدك، وفي كل الأحوال.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
خطابُ القائدِ وجدانٌ ثائرٌ، ورسالةٌ للعالمين
في هذا اليوم، لم يكن خطابُ السيدِ القائدِ -حفظه الله- مجردَ كلماتٍ مُلقاةٍ، بل كان زلزالًا أيقظ القلوبَ، ونارًا أضرمتْ في الوجدانِ. لم يكن مجرد خطابٍ سياسيٍّ، بل كان مزيجًا فريدًا من القرآنِ، والعالميةِ، والوجدانيةِ الصادقة، يلامس المشاعرَ، ويهزُّ الروحَ، ويُعيدُ ترتيبَ الأولويات.
خطابٌ لم يترك قلبًا إلا وأثّر فيه، ومن لم يشعر بصدقِ كلماته، فليعلمْ أن في قلبه غشاوة، وأن روحه قد تاهت عن طريق الحق، لقد كانت كلماتُ القائدِ تخرجُ من قلبٍ ملؤهُ الحُرقَةُ والألم، وكأنّه يقتبس من قولِ الإمام علي (عليه السلام): «لقد ملأتم قلبي قيحًا»، ليصفَ حال الأمةِ، وما وصلت إليه من ضعفٍ وهوانٍ وتخاذل.
في هذا الخطابِ، لم يكن القائدُ مُتحدثًا فحسب، بل كان مُترجمًا لأوجاعِ أمةٍ، ومُعبّرًا عن آمالِها وتطلعاتها، لقد تحدث بحرقةٍ لم نشهدها في خطاباته السابقة، وكأنّه يُجسدُ في شخصه معاناةَ كلّ مظلومٍ ومقهورٍ، كان يصرخُ في وجهِ الظلمِ، ويُعلنُ التحديَّ في وجهِ المستكبرينَ، ويُوقظُ فينا روحَ العزةِ والكرامة.
ومن جانبٍ آخر، كانَ خطابُ القائدِ تهديدًا صريحًا وقويًا لليهودِ المحتلين، لِيؤكدَ للعالمِ أجمع أن هذه الأمة لن تستكينَ أبدًا للظلمِ والعدوان، لم يكن تهديدًا عابرًا، بل كان وعدًا قاطعًا بالدفاعِ عن الحق والأرض والكرامة.
لقد جذبَني بشكلٍ خاص حديثهُ عن جبهةِ اليمن، عندما قالَ: «العالمُ كلهُ في كفةٍ واليمنُ في كفة»، كلماتٌ تَحملُ في طياتِها معاني كثيرةً، تُجسدُ صمودَ اليمنِ وثباتهُ في وجهِ أعتى قوى الاستكبارِ والعدوان، لقد أظهرَ القائدُ بِهذا القولِ إيمانَهُ العَميقَ بِقُدرةِ هذا الشعبِ على تَغييرِ موازين القوى في المنطقة.
فيا لهُ من خطابٍ مُزلزلٍ، هزّ المشاعر، وأنارَ الدروب، هنيئاً لنا بك سيدي، يا قائدًا مُلهمًا، ويا ضميرًا يُنادي بِالحقِ، ويا صوتًا يصدحُ بِالعزةِ والكرامة، إنّ هذا الخطاب يُشعلُ فينا نار الأمل، ويُعزّز إيماننا بِقُدرةِ الأمةِ على تحقيق النصر.