لمن يكتب الكاتب في فيسبوك؟
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
للكتابة على سطح فيسبوك أوهامها التي تتأتى من منابع كثيرة. لكن أهم تلك الأوهام هي التي يصنعها فيسبوك في صاحبها متى ما أصبح صاحب الكتابة هذه -أيا كانت- مسحورا بطرائق إغراء الشهرة المتوهمة التي سيجدها في فيسبوك وهو يتلمس طريقه للمشاركة فيه عبر حسابه الشخصي؛ سواء من الوهم المشروع للفرد بأن يكون مشهورا، أو من إحساس الشهرة القابل للانتشار عبر الكتابة حين يشعر به أحدهم نتيجةً للتفاعلات التي يجدها عبر صفحته من خلال اللايكات والتعليقات، أو من تضخم وهم الشهرة في بعض الأفراد نتيجة نشاطهم في الفيسبوك حتى يصل أحدهم إلى طبقة «المؤثرين» وهي الدرجة التي قد يصاب بعدها الشخص بالمرض والجنون حين انحسار الشهرة المفاجئ عنه -بعد أن أصبح مؤثرا- فيصبح بعد ذلك خاضعا، مثله مثل غيره، لأحد أهم قوانين السوشيال ميديا؛ (الشهرة السريعة والنسيان السريع) فما إن يشتهر الفرد بسرعة في فيسبوك حتى تطفأ الأضواء من حوله بذات السرعة التي سارت بها شهرته فتتركه كالمهووس!
أمام احتمالات كهذه الموضوعات التي اقتضتها صيغ التفاعل الجديدة للسوشيال ميديا ومؤثراتها على من يريدون الكتابة في فيسبوك، وأصبحت في حكم القانون، قد يتساءل البعض ممن يمتهنون الكتابة: لمن نكتب؟
وتكمن صعوبة الإجابة على هذا السؤال حيال موضوع الكتابة في فيسبوك لناحية الهوية المضللة التي ينطوي عليها فيسبوك كسطح للكتابة، حتى نعت بعضهم السوشيال ميديا بوصف «الإعلام الجديد» هكذا جزافا دون أي استحقاق معرفي لهذا النعت.
وهكذا سيجد الكاتب الذي يمتهن الكتابة نفسه أمام مفارقات عجيبة في السوشيال ميديا وأمام فضاء افتراضي تفرض هويته التفاعلية الذاتية التي اختارها له مصمموه على كل من أراد القبول بالمشاركة والكتابة فيه.
ففي فيسبوك وبقية وسائط السوشيال ميديا تملك مطلق آليات الكتابة فيه شروطها الخاصة وقوانينها الذاتية التي لا فكاك منها. ووفقا لميكانزيماتها تتحقق الشروط التي تفرضها قوانين ذلك الفضاء بطريقة التفاعل التي تحكمه.
ففي فيسبوك من الطبيعي جدا أن تجد كاتبا مهما تنطوي كتاباته على مستوى معرفي عميق، لكن إذا ما حاولت أن تقيس أثرها بمقاييس الانتشار التي تضعها قوانين فيسبوك وأنظمته الذاتية في التفاعل والتحديثات واللايكات ستجد مستوى التفاعل معها ضعيفا جدا!
بطبيعة الحال، لن يكون هذا الأمر شاغلا لكل كاتب حقيقي يدرك طبيعة فضاء السوشيال ميديا، وشروط الشهرة فيه، وفي الوقت نفسه يدرك صفة «التواصل» التي هي الهوية الحصرية الظاهرة لهذه الوسائط، التي هي وحدها من تحفزه على ترك المحتوى الذي يكتبه متاحا للجميع بغض النظر عن ردود الفعل المحتملة، متى ما أدرك ذلك الكاتب أن إتاحة ما يكتبه مبذولا للجميع هي المهمة التي يتعين عليه فعلها كمنتج محتوى كتابي كان، من قبل، هو الذي حفزه أولا لأن يكون مؤهلا لشروط الكتابة في وسائل الإعلام التقليدي كالصحافة الورقية مثلا.
لا يعني هذا ألا يتعرض الكاتب المحترف -مثل غيره من البشر- لهواجس تعتريه من رغبة في الانتشار عبر فيسبوك، إذ تظل هذه الرغبة رغبة إنسانية مشروعة، وقد وفر فيسبوك للكتاب ميزة يمنحها لهم تحت اسم «منشئ محتوى رقمي» تمنح صاحبها إمكانات تقنية لتوسيع نشر المحتوى في فيسبوك عبر طرق خاصة مدفوعة القيمة كإعلان، لكنها قد تكون واعدة بكسب محتمل للكاتب متى ما اجتهد في نشر محتواه الرقمي عبر إعلان رمزي مسبق الدفع.
سيبقى سؤال الكتابة في فيسبوك قائما ومحيرا لكل كاتب يتوهم تطابقا بين فيسبوك كمنصة سوشيال ميديا وبين الصحيفة مثلا، وهنا سنجد أحد أهم علامات الفرق في أكذوبة مسمى «الإعلام الجديد» التي يطلقها البعض على وسائط السوشيال ميديا!
وإذا ما بدا اليوم أن إغراءات فيسبوك تجعل بعض الكتاب يتنازلون ولو قليلا عن صرامة الكتابة في المحتوى الذي ينشرونه على فيسبوك، تحت ضغط الوهم الذي ينشأ من إمكانية استقطاب المتابعين، فإن هؤلاء الأخيرين لن يكونوا ظاهرين بطبيعة الحال على فيسبوك إلا عبر اللايكات والتعليقات، ما يعني أن أي محتوى ذا أهمية ينشره الكاتب سيكون بالضرورة ضمن احتمال القراءة من حيث وصوله لكن فقط إغراء علامات اللايكات والتعليقات ووجودها من عدمها هو ما يوهم الكاتب بخلاف ذلك.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: السوشیال میدیا الکتابة فی فی فیسبوک
إقرأ أيضاً:
شاهد.. نجم السوشيال ميديا السوداني منذر محمد يتغزل في ورقة فئة “100” دولار حصل عليها مؤخراً بأشعار وعبارات “الحبوبات” ويثير ضحكات المتابعين
أثار نجم السوشيال ميديا السوداني الشاب منذر محمد, ضحكات جمهور مواقع التواصل الاجتماعي ببلاده.
وبحسب ما شاهد محرر موقع النيلين, فقد ظهر منذر, في مقطع فيديو قام بنشره وهو يستقبل ورقة فئة “100” دولار, ويتغزل فيها.
وأطلق منذر أشعار وعبارات “الحبوبات” السودانيات في الدولار متغزل فيه وواصفاً العملة الصعبة بالصديق العزيز متمنياً أن لا يغيب عنه مجدداً.
محمد عثمان _ الخرطوم
النيلين
إنضم لقناة النيلين على واتساب