الطلب على الوقود الأحفوري سيبلغ ذروته في هذا العقد
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
من المحرَّمات في قطاع الطاقة التقليدي الإيحاء بأن الطلب على أنواع الوقود الأحفوري الثلاثة النفط والغاز والفحم الحجري يمكن أن يتجه نحو تدهور دائم.
على الرغم من الكلام المتكرر عن ذروة النفط وذروة الفحم الحجري على مدى سنوات إلا أن الطلب على كلا الوقودين عند أعلى مستوياتهما على الإطلاق. وهذا ما يجعل من اليسير عدم قبول أية ادعاءات بأنه قد ينحسر في أي وقت قريب.
لكن حسب تقديرات جديدة من وكالة الطاقة الدولية ستنتهي في هذا العقد حقبة النمو المستمر للطلب على الوقود الأحفوري، كما يبدو. وستترتب على هذه النهاية نتائج ضمنية مهمة لقطاع الطاقة العالمي ومحاربة التغير المناخي.
في كل عام يرسم تقرير آفاق الطاقة العالمية الذي تصدره وكالة الطاقة الدولية مسارات محتملة لنظام الطاقة العالمي في العقود القادمة بهدف تنوير متخذي القرار. يوضح تقرير هذا العام الذي سينشر في الشهر القادم أن العالم على أعتاب منعطف تاريخي.
استنادا فقط إلى ترتيبات السياسات الحكومية الحالية على نطاق العالم (وحتى من دون أية سياسات مناخية جديدة) من المتوقع أن يبلغ الطلب على أنواع الوقود الأحفوري الثلاثة الذروة (نهايته القصوى) في السنوات القادمة.
وهذه أول مرة تكون فيها ذروة الطلب على النفط والغاز والفحم الحجري مرئية في هذا العقد وفي وقت أقرب من توقعات العديد من الناس.
هذه التحولات اللافتة ستقرّب ذروة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري. وهي مدفوعة أساسا بنمو مذهل في تقنيات الطاقة النظيفة مثل ألواح الخلايا الشمسية والسيارات الكهربائية والتحولات الهيكلية في اقتصاد الصين وتداعيات أزمة الطاقة العالمية.
الطلب العالمي على الفحم الحجري ظلَّ متشبثا بارتفاعه خلال العقد الماضي. لكن الآن من المتوقع أن يصل إلى الذروة في السنوات القليلة القادمة مع انحسار الاستثمارات الكبيرة خارج الصين وهيمنة طاقة الرياح والشمس على التوسع في أنظمة إنتاج الكهرباء. بل حتى في الصين، أكبر مستهلك للفحم الحجري في العالم، يشير النمو المثير للموارد المتجددة والطاقة النووية بجانب تباطؤ الاقتصاد إلى تراجع استخدام الفحم قريبا.
ويذكر بعض الخبراء أن الطلب العالمي على النفط ربما بلغ أقصى مداه بعد أن تهاوَى أثناء الجائحة.
وكالة الطاقة الدولية كانت حذرة في إطلاق مثل هذه الأحكام قبل الأوان. لكن أحدث تقديراتنا توضح أن تزايد أعداد السيارات الكهربائية حول العالم وخصوصا في الصين يعني أن الطلب على النفط في طريقه إلى بلوغ الذروة قبل عام 2030. واستخدام الحافلات الكهربائية والمركبات ثنائية وثلاثية العجلات يتزايد بشدة خصوصا في البلدان النامية مما يقود إلى المزيد من خفض الطلب.
«العهد الذهبي للغاز» الذي تحدثنا عنه في عام 2011 يقترب من نهايته مع توقع تراجع الطلب على الغاز في بلدان الاقتصادات المتقدمة في وقت لاحق خلال العقد الحالي. وهذا نتيجة لتفوق الموارد المتجددة المطرد على الغاز في توليد الكهرباء وتزايد استخدام مضخات الحرارة وتسارع تحول أوروبا بعيدا عن الغاز في أعقاب الحرب الروسية الأوكرانية.
بلوغ الطلب على أنواع الوقود الثلاثة ذروته حدث ينبغي الترحيب به. فهو يُظهِر أن التحول إلى موارد الطاقة الأنظف والأكثر أمانا يتسارع وأن جهود تجنب أسوأ آثار التغير المناخي تمضي قدما.
لكن هنالك مسائل مهمة يجب أن توضع في البال.
أولا، التراجعات المتوقعة في الطلب التي نلاحظها ارتكازا إلى ترتيبات السياسات الحالية ليست حادة بما يكفي لوضع العالم على طريق الحدّ من احترار الكوكب وعدم تجاوزه 1.5 درجة مئوية. فذلك سيتطلب اتخاذ إجراءات أقوى وأسرع إلى حد بعيد من جانب الحكومات.
إلى ذلك، من المتوقع أن يتفاوت الطلب على أنواع الوقود المختلفة بدرجة كبيرة بين مختلف المناطق. وهبوطه في البلدان المتقدمة سيوازنه جزئيا نموٌّ مستمر في بعض البلدان الصاعدة والنامية، خصوصا في الطلب على الغاز. لكن الاتجاهات العالمية واضحة. فالكهرباء وأنواع الوقود المنخفضة الانبعاثات والتحسينات في كفاءة الطاقة تَفِي على نحو مطرد باحتياجات العالم المتزايدة من الطاقة.
أيضا، التدني في الطلب لن يتخذ مسارا خطِّيا (لن يكون منتظما). إذ على الرغم من توقع بلوغ الطلب على الوقود الأحفوري بأنواعه الثلاثة ذروته «هيكليا» في هذا العقد لكن قد تكون هنالك قفزات وتراجعات وحالات استقرار في هذا المسار. مثلا موجات الحر والجفاف يمكن أن تسبب قفزات في الطلب على الفحم الحجري بسبب ازدياد استخدام الكهرباء مع انحسار إنتاج الطاقة الكهرومائية.
وحتى مع هبوط الطلب على الوقود الأحفوري ستظل تحديات أمن الطاقة باقية مع سعي المنتجين للتكيف مع التحولات.
ذُرَى الطلب التي نراها الآن بناء على ترتيبات السياسات الحالية لا تستبعد الحاجة إلى الاستثمار في إمدادات النفط والغاز. فمن الممكن أن يكون التدهور الطبيعي في إنتاج الحقول القائمة حادا جدا. في ذات الوقت يقاوم المنتجون نداءات بعض الدوائر بزيادة الإنفاق ويؤكدون على المخاطر الاقتصادية والمالية لمشروعات النفط والغاز الكبرى الجديدة بالإضافة إلى مخاطرها الواضحة على المناخ.
مع تقريب السياسات الحالية ذروة الطلب على الوقود الأحفوري على واضعي السياسات التصرف بسرعة. فمن الممكن جدا أن يتسارع التحول إلى الطاقة النظيفة حتى بوتيرة أكبر من خلال اعتماد سياسات مناخية أقوى. لكن عالم الطاقة يتغير سريعا ونحو الأفضل.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الطلب على الوقود الأحفوری الطاقة العالمی النفط والغاز فی هذا العقد فی الطلب
إقرأ أيضاً:
فوائد محطة الطاقة النووية بالضبعة.. تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء
حددت هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، الفوائد التي تعود على الدولة المصرية من إنشاء محطة الطاقة النووية بالضبعة، موضحة أنها تُعد عنصرًا مهمًا في استراتيجية التنمية المستدامة في مصر، رؤية مصر 2030.
وتؤدي محطة الطاقة النووية بالضبعة إلى تحقيق فوائد عديدة لمصر، أهمها التنوع في مصادر الطاقة للدولة، وإنتاج وتوليد طاقة عالية، ما يساعد على تلبية الطلب المتزايد على الكهرباء بطريقة موثوقة اعتمادية ومستدامة، وتعتبر أساس لتنمية اقتصادية مستقرة.
التكلفة التنافسية للكهرباء المولدةكما تُسهم المحطة وفق تقرير لهيئة المحطات في الحفاظ على الموارد الطبيعية غير المتجددة– النفط والغاز- واستخدامها بشكل رشيد، بالإضافة إلى التكلفة التنافسية للكهرباء المولدة وبشكل ثابت على مدار اليوم بغض البصر عن الظروف الجوية، وكذا كونها مصدر طاقة نظيف خالي من انبعاثات الكربون، وتلعب دورًا بارزًا في مواجهة الاحتباس الحراري.
زيادة فرص العمل للمصريينوضمن الفوائد التي توفرها المحطة، استيعاب التقنيات والتكنولوجيا المتطورة وتعزيز البحث والتطوير، والارتقاء بجودة العمل والمنتجات محلية الصنع إلى مستوى المعايير الدولية، وزيادة فرص العمل للمصريين بمشاركة محلية لا تقل عن 20٪ للوحدة الأولى وحتى 35٪ للوحدة الرابعة، ودفع عجلة التنمية الاقتصادية والبنية التحتية في منطقة مطروح وخاصة في منطقة الضبعة، بجانب الاعتراف الدولي بإنجازات الدولة.