حضرت السياسة رغم المشهد المأساوي الذي خلّفه زلزال المغرب، إذ استفز الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المغاربة، بإعلان استعداد بلاده تقديم المساعدات الإغاثية، ووجّه كلمة للشعب المغربي، وليس إلى السلطات الرسمية.

المغرب كان قد أعلن بوضوح أنه قبِل عروضا من 4 دول فقط، هي قطر والإمارات وإسبانيا وبريطانيا للمساعدة في عمليات البحث والإنقاذ الجارية، وتقديم المساعدات الإنسانية عقب الزلزال المدمر لتستشيط فرنسا غضبا.

ورأت الصحافة الفرنسية أن الرباط رفضت مساعدات باريس، وجاءت عناوينها هجومية مثل "بالنسبة لملك المغرب، السياسة تسبق الإنسانية"، و"لماذا يرفض المغرب المساعدات الفرنسية؟"، و"لماذا قبِل المغرب المساعدة من إسبانيا ورفضها من فرنسا؟"، إضافة إلى عنوان "لا للمساعدات الإنسانية من فرنسا: فرنسا والمغرب وأسباب الخلاف".

ولم تكتفِ بذلك، فخرجت صحيفة "ليبراسيون" الفرنسية بغلاف تضمن صورة مؤلمة لأحد المتضررين من زلزال المغرب بعنوان "المغرب: ساعدونا نحن نموت في صمت".

الإعلام الفرنسي -في محاولة منه لحفظ ماء الوجه- عزا قرار المغرب إلى تخفيض عدد تأشيرات دخول المغاربة إلى فرنسا، وكذلك موقف باريس من الصحراء، إضافة إلى قضية برنامج بيغاسوس التجسسي، واتهام تقارير إعلامية المغرب بالتورط في عملية للتجسس على ماكرون.

رد قوي على ماكرون

برنامج شبكات بث مقطعا مرئيا لطائرة مروحية تلقي بمساعدات إغاثية في إحدى القرى النائية المتضررة من الزلزال، بينما يلوح الأهالي بأن لديهم ما يكفي إذ تعالت أصوات "بزاف بزاف بزاف (كثير)"، ما عدّه ناشطون ردا عمليا بأن المغرب لا يحتاج مساعدات فرنسا، وأن كمية المساعدات ليست العامل الأهم في هذه المرحلة.

كذلك رصد البرنامج في حلقته في 13 سبتمبر/أيلول 2023 تفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي على كلمة ماكرون الموجهة للشعب المغربي، ومن ذلك ما قاله محمد المرابط إن الفرنسيين أبانوا بإعلامهم وحكومتهم عن نظرة استعلائية كبيرة.

وأكمل قائلا، "وكأنهم يقولون للمغاربة: كيف تتجرؤون على رفض المساعدة التي عرضناها"؟ مشيرا إلى أن الفرنسيين "يصورون أن المغرب يجوع ويقتل مواطنيه، وكأن المساعدة الفرنسية هي التي ستنقذ الجميع…".

بدورها، عدّت نرمين كلمة ماكرون دليلا على أن جميع القنوات الرسمية أغلقت في وجهه، ولفتت إلى أن "فرنسا تعلم جيدا الباب الذي يجب أن تقصده لمعالجة الوضع الحالي، وليس مقطع فيديو أصلا سببه حكومة ماكرون وفضحها الإعلام بهذه الحملة المشينة".

واستهجن الناشط رشيد الكربي ما تفوّه به ماكرون، وقال -في تغريدة عبر حسابه بمنصة "إكس"- إن "المغرب يعيش لحظة حزن ومأساة وطنية مفجعة، يعتصر قلبنا بالألم ورئيس دولة لديه الوقت للحديث في قضايا ثانوية ليست هي ما يهمنا الآن..".

وفي هذا الإطار ذهب أحمد القاري مستهجنا ما فعله ماكرون، وقال "متى أصبح مقبولا أن يخاطب رئيس دولة شعب دولة أخرى، في شأن يكون الخطاب فيه عادة للمسؤولين مباشرة؟".

وأضاف "ربما يشعر ماكرون أن فرنسة الشعب المغربي تعطيه سلطة على المغاربة"، مشيرا إلى أن "هذا يبين خطورة الاستعمار اللغوي والثقافي".

في حين قال نادر إن "المغرب دولة ذات سيادة ويحق لها قبول ورفض وتقرير ما تريد، ولديها خبرة كبيرة في التعامل مع الكوارث، هدا ماشي اول (هذا ليس أول زلزال يضرب المغرب ونعرف كيف نديره، وسترى النتائج على أرض الواقع) زلزال يضرب المغرب وعارفين شنو كيديرو والحمد لله بدينا نشوفوا النتائج على أرض الواقع".

وكانت وزارة الداخلية المغربية قد أصدرت بيانا قالت فيه إنها أجرت تقييما دقيقا للاحتياجات في الميدان، آخذة بعين الاعتبار أن عدم التنسيق في مثل هذه الحالات سيؤدي إلى نتائج عكسية.

وحول ما يتعلق بالدول التي قبِلت عروضها، فقد أرسلت إسبانيا جنودا وكلاب إنقاذ من وحدة الطوارئ العسكرية، كما أرسلت بريطانيا 60 فردا من فرق البحث والإنقاذ.

بدوره، وصل فريق إنقاذ قطري محملا بالمعدات والآليات اللازمة ومساعدات طبية وإنسانية عاجلة إلى المغرب، في وقت سيّرت فيه الإمارات جسرا جويا لنقل مساعدات إغاثية عاجلة.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

عكس التوقعات.. فوز تحالف اليسار في الانتخابات التشريعية الفرنسية

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

تسبب الإقبال الكبير على مراكز الاقتراع في سابقة أولى في تاريخ البلاد، وبفضل التصويت المكثف لعرب فرنسا  والتحالف السياسي الذي أجراه التحالف الرئاسي مع قطب اليمين التقليدي حزب الحمهوريين لقطع الطريق على حزب اليمين المتطرف ( التجمع الوطني) الذي كان مكتسحا في كل استطلاعات الرأي ومعاهد الاستبيان.

تمكن تحالف اليسار بقيادة زعيم حزب فرنسا الأبية جان لوك ميلانشون من الفوز في الجولة الثانية بحصوله على (178 إلى 205) نائبا في البرلمان الجديد، حيث احتلت الجبهة الشعبية الجديدة المركز الأول في هذه الانتخابات التشريعية من حيث عدد المقاعد.  وأصبح الفائز الأكبر في الجولة الأولى خارج المعادلة بحلوله ثالثا، إذ تراجع حزب الجبهة الوطنية، بحصوله على 113 مقعدًا مقابل 148 مقعدًا في الدور الأول.  وبين هاتين القوتين، خسر التحالف الرئاسي أغلبيته النسبية وحصل على 157 مقابل 174 نائبا.


المفارقة أنه لا توجد أغلبية مطلقة في الجمعية الوطنية الجديدة، رغم أن الجبهة الشعبية الجديدة هي القوة الرئيسية في قصر بوربون، (مقر البرلمان).

أتى المعسكر الرئاسي في المركز الثاني، مع ما يقدر بـ 157 إلى 174 مقعدًا (مقارنة بـ 245 مقعدًا في المجلس المنتهية ولايته). فقد أغلبيته النسبية لكنه ظل في المركز الثاني في مجلس النواب.

جمعية وطنية مكسورة

"الأغلبية المطلقة في متناول اليد"، هذا ما قاله إيمانويل ماكرون تصديقه في بداية الحملة الانتخابية لمجلة فيجارو في 11 يونيو.  بيد أن هذه الانتخابات التشريعية المبكرة تعتبر تأكيدا لفشل السلطة التنفيذية في الدور الأول.  بنسبة 20.8%، أنهت قوة التحالف الرئاسي بفارق كبير خلف حزب التجمع الوطني (RN) بنسبة 33.2% والجبهة الشعبية الجديدة (NFP) بنسبة 28.1%.  لقد اجتاز الائتلاف الرئاسي حزب الجبهة الوطنية مرة أخرى، ولكن الآن، ما هي الأغلبية التي ستحكم البلاد؟ هذا السؤال يدور في خلد الرئيس ماكرون ومعسكره.

[لن نحكم بفرنسا بفرنسا الأبية.  الانسحاب لا يشكل ائتلافا]
هكذا قرر الرئيس  ماكرون في مجلس الوزراء يوم الأربعاء 3 يوليو.

دعا رئيس الوزراء جابرييل عطال المنتهية ولايته إلى "مجلس وطني تعددي"، و"الحكم وطريقة جديدة للعمل".  "مع العديد من المجموعات السياسية من اليمين واليسار والوسط ليعملون معًا، مشروعًا تلو الآخر".  وأي تشابه مع الوضع السياسي في الجمعية منذ عام 2022 سيكون من قبيل الصدفة البحتة.
لكن اللعبة السياسية لم تنته بعد لأنه من الصعب الجمع بين أفكار ميلانشون وبرنامج الرئيس ماكرون. بيد أن الجميع- وعلى رأسهم العرب- يفضلونه على مارين لوبن التي أنفقت للمرة الرابعة في حكم البلاد.

ميلونشون يتحدث

قال الفائز جان لوك ميلونشون، زعيم حزب فرنسا الأبية المنتمي لليسار المتطرف بابتسامة المنتصر: على الرئيس إيمانويل ماكرون، أن يقر بالهزيمة في الانتخابات البرلمانية الفرنسية، بعدما فوز تحالف الجبهة الشعبية الجديدة المنتمي بأكبر عدد من المقاعد رغم أنه لم يحقق الأغلبية المطلقة.

وأضاف ميلونشون، أنه يتعين على ماكرون أن يدعو الجبهة الشعبية الجديدة لتشكيل حكومة جديدة.

وحزب فرنسا الأبية، هو جزء من تحالف الجبهة الشعبية الجديدة.

مقالات مشابهة

  • الانتخابات الفرنسية..  تحالف يساري يتصدّر النتائج!
  • صدمة الانتخابات الفرنسية: فوز اليسار المفاجئ يؤدي إلى تراجع اليورو
  • في أسبوع واحد.. فرنسا تنتقل من اليمين إلى اليسار
  • عكس التوقعات.. فوز تحالف اليسار في الانتخابات التشريعية الفرنسية
  • اليسار يقهر ماكرون باكتساح في انتخابات فرنسا.. ولميس الحديدي: "زلزال مدوي"
  • "زلزال في الانتخابات".. تعليق لميس الحديدي بشأن تقدم اليسار في التشريعية الفرنسية
  • تحالف اليسار يتقدم على معسكر ماكرون في الانتخابات الفرنسية
  • على خطى إيران وبريطانيا.. اليسار يتفوّق في الانتخابات الفرنسية
  • لوموند: الجبهة الوطنية سيعترف بمغربية الصحراء إذا وصل إلى السلطة بفرنسا
  • الشركات الفرنسية تتوقع واقعا أكثر اضطرابا بعد الانتخابات