لجريدة عمان:
2024-12-28@15:15:15 GMT

هوامش ومتون :العزف على نياط قلب اليمن

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

خلال اطلاعي على برنامج الموسم الجديد لدار الأوبرا السلطانية مسقط لفتت نظري فعالية تحمل عنوان (سيمفونيات تراثية من قلب اليمن)، وهي فعاليّة، كما جاء في التعريف، تحتفي بالموسيقى التقليدية الشائعة في أرض اليمن، وهذه الموسيقى القادمة من جنوب الجزيرة العربية تأتي في قالب سيمفوني، في مزاوجة بين الموسيقى التراثية، والآلات الغربيّة، ولنا أن نتخيّل الهيئة التي سيظهر عليها الحفل، فالموسيقى اليمنية تاريخ، ولها حضور في الأغنية الخليجية والعربية يشهد له القاصي والداني، وكثيرا ما عزفت أوتار العود اليمني الأربعة (القنبس) على قيثارة الروح، لأنّها بنت بيئتها، وتضاريس الأرضيّة التي نبتت فيها، ورهافة إحساس إنسانها، الذي ينتمي لأقدم الحضارات التي ظهرت في المنطقة، وتؤكد النقوش التي تعود إلى الحضارات اليمنية: السبئية والمعينية والحميرية أن اليمن عرفت الموسيقى وآلة العود منذ الألف الأول قبل الميلاد، وفي أحد النقوش تظهر امرأة تمسك بالعود اليمني (القنبوس)، ويشير الباحث أحمد تيمور إلى أن (طويس) الذي يعد أول من غنى في الإسلام هو يمني نشأ في المدينة، وله الفضل في نقل الأصوات الغنائية الثمانية إلى الحجاز، كما ورد في كتاب (الأغاني) للأصفهاني، مثلما انتقلت مع اليمنيين الباحثين عن اللؤلؤ في أعماق الخليج، وقد اشتهرت بعض المناطق اليمنية بالموسيقى والغناء، ونسبت إليها، بعض أنماط الغناء المتعدّدة، منها: اللحجي المنسوب إلى منطقة لحج، ومن أبرز من يؤدي هذا النمط الغنائي الراحل أحمد فضل عبدالكريم، الملقب بـ (القمندان)، والفن الحضرمي النمط الغنائي الأكثر انتشارا في منطقة الخليج، وأشهر من غنّاه: حسين أبوبكر المحضار وأبوبكر سالم بلفقيه، والتعزي الذي يؤديه: عبدالباسط عبسي وعبده إبراهيم الصبري وأيوب طارش الذي يُعدّ أبرز الوجوه الفنية لمحافظة تعز، وقد اشتهرت أغانيه في المناسبات الوطنية، وهو ملحن النشيد الوطني للجمهورية اليمنية، والصنعاني الذي تمّ إدراجه ضمن قائمة التراث العالمي عام 2009م بجهود مجموعة من الباحثين على رأسهم الفرنسي جان لامبير، إلى جانب أنماط أخرى من بينها: العدني، واليافعي، والتهامي، وغيرها، ولكل لون من هذه الألوان الغنائية مقاماتها وإيقاعاتها، وخصوصيتها، وتختلف مع الألوان الأخرى باختلاف مشاربها، ويؤكد المهتمون أن الفن الحضرمي «تأثّر بالموسيقى الهندية، فيما تأثّر الفن في لحج وعدن بالموسيقى الأفريقية»، مع ذلك تتشابه هذه الألوان بما يجعلها تحمل سمات واحدة هي سمات الأغنية اليمنية.

وحين زرت منطقة (كوكبان) الواقعة شمال صنعاء، وقفت في مكان شاهق، وكان لا بدّ لي أن أستحضر أغاني فرقة (الثلاثة الكوكباني) التي أسّسها أشقاء ثلاثة شكّلوا فرقة فنية، قال لي رفيق رحلتي اليمني مازحا: اصغِ إلى الريح، إنّها حين تمرّ بـ(كوكبان) يتحوّل صفيرها إلى أنغام عذبة!، فضحكت، وأصغيت لأغنية الفرقة (خطر غصن القنا) التي ترجمت صفير الريح:

«خطر غصن القنا

أنا يابوي أنا

أمان يا نازل الوادي أمان

لمه تجفا لمه؟

أخذ قلبي وراح

وشق صدري بالأعيان الصحاح

يا طول همي ويا طول النواح

من حب من حل هجري واستباح

قتلي وظلمي»

وانتشرت أغانيها، فردّدتها الكثير من الحناجر العربية، وهذا ليس بجديد على الأغنية اليمنية، إذ يرجّح الباحثون أن الموشحات الأندلسية مأخوذة من الموشحات اليمنية، وما دمنا قد ولجنا هذا الباب، فإن الإخوة اليمنيين يتحدّثون بمرارة عن (سرقة) التراث الموسيقي والغنائي اليمني، وتثار بين وقت وآخر هذه القضية فالكثير من الأغاني والألحان المشهورة مأخوذة من أغان يمنية، فمن منّا لم يترنّم بأغنية (يا بنات المكلا) لفهد بلّان؟ واكتشفنا فيما بعد أنّها من منبع يمني، وتنسب للشاعر حسين المحضار، لكن لا يوجد تأكيد على ذلك، وفي جميع الأحوال، فالشاعر يتغنّى بجمال بنات مدينة المكلا الواقعة في حضرموت، وكذلك أغنية (يا منيتي يا سلا خاطري)، و(قلّي متى شوفك يا كامل وصوفك، قلّي متى قلّي با تسمح ظروفك)، والأمر صار معروفا للكثيرين؟ فالكاتب السعودي عبده خال ذكر في منشور له «تم سرقة واستنزاف الموروث الغنائي اليمني بصورة أقل ما يقال عنها (جريمة فنية).. وللأسف الشديد المثقفون والفنانون اليمنيون لم يفعلوا شيئا من أجل استرداد الحق الأدبي لهذا الموروث» وخصوصا الفن الحضرمي لتقارب اللهجة من اللهجة المنتشرة في منطقة الخليج ومهما قيل في الأمر فإنّ الغناء والموسيقى تراث إنساني، واليمن كما قيل «أمّ العرب والطرب».

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الذی ی

إقرأ أيضاً:

أحمد الهاشمي يضيء العالَم بالموسيقى

خولة علي (أبوظبي) 
أحمد الهاشمي، طفل إماراتي عمره 14 عاماً، استطاع أن يستبدل الكلمات بألحان خالدة، ليحمل في قلبه موسيقى تموج بمشاعر عميقة.
وفي أنامله سحر يتدفق على مفاتيح البيانو، ليصوغ ألحاناً تلامس الروح وتخترق الحواس.
هو من ذوي التوحّد، ومع ذلك استطاع أن يجعل من الفن صديقه الأمين، ومجاله للتعبير الأسمى، تأليفاً وإبداعاً، يتحدى التوحّد ليقف شامخاً على مسارح محلية ودولية، متحدثاً بلغة لا تحتاج إلى ترجمة ليصبح رمزاً للأمل والإلهام، وسفيراً لصوت التحدي والإبداع. 

تخطي الحواجز
اكتشفت والدة أحمد الهاشمي موهبته الموسيقية في سن السابعة، ووفرت له بيئة تحتضن موهبته وتنميها، حتى أصبح عازفاً محترفاً ونموذجاً للتعبير عن إبداع فئة التوحّد.
وبفضل دعم عائلته ومعلميه، تخطى الهاشمي حدود الكثير من الحواجز، ليصبح رمزاً يحتذى به، يدرك قيمة كل نغمة يعزفها.

ويوجه الهاشمي رسالة عميقة، ملؤها الأمل والتشجيع، إلى فئة التوحّد، إذ يؤكد أن الإيمان بالقدرات الخاصة هو السبيل إلى تحقيق الأحلام، وأن دعم العائلة والمجتمع يشكلان حجر الأساس لنجاح كل موهبة.
ومن خلال عزفه، يسهم في نشر الوعي بالتوحّد، مستعرضاً أمام الجمهور مواهبه التي تتخطى حدود التوقعات، فيؤكد على أهمية التقبل والفهم، وعلى ضرورة توفير البيئة المناسبة لكل موهبة لتحقق التميز.

لغة تواصل 
وفيما يتعلق بتفاعله الاجتماعي، لم تكن مشاركاته في الفعاليات الموسيقية مجرد عروض، بل كانت جسراً للتواصل مع الآخرين لتعزيز مهاراته الاجتماعية، والانفتاح على عوالم جديدة لم يكن يعهدها من قبل. وهكذا تعرف أحمد على فنانين من شتى أنحاء العالم.
يقابل النظرات المحبة والإعجاب بما يبدعه، ويرى العالم بصورة أوسع وأجمل، ويمنح في كل عزف مشاعر تشجع الآخرين على تقبل الاختلافات والمواهب الفريدة.
ويتمتع أحمد الهاشمي بموهبة استثنائية، فهو قادر على تمييز النوتات الموسيقية بدون النظر إلى مفاتيح البيانو، ما يعكس حساسية موسيقية فريدة.
وقام بتأليف مقطوعاته الخاصة، والتي حصل فيها على شهادة حماية حقوق الملكية الفكرية تأكيداً على تميزه.

فعاليات 
أثبت أحمد نجاحه في عدة فعاليات شارك فيها، منها إكسبو دبي 2020، وحفل أوبرا دبي والمسرح الكبير، حيث عرض موهبته أمام نخبة من المتذوقين للموسيقى الكلاسيكية، وقدم عرضه الموسيقي في «مهرجان الشيخ زايد» و«مهرجان الموسيقى الشبابية» و«مهرجان الحصن»، ومشاركته كانت فرصة لتعزيز تواصله مع المجتمع، حيث حاز إعجاب الجمهور المحلي.

أخبار ذات صلة تجارب استثنائية تزيِّن مهرجان الشيخ زايد المنطاد  الهوائي.. مغامرة تضيء سماء ليوا

كما تألق على مسارح حول العالم، منها في كوريا الجنوبية وكندا ومصر وتونس وأذربيجان، وكانت هذه المشاركات العالمية بمثابة فرصة لتوسيع آفاقه الموسيقية واكتساب الخبرات الدولية.
وهو أول طفل إماراتي يُستضاف لتقديم معزوفته في مهرجان الموسيقى العربية في دار الأوبرا بالقاهرة. 

أبرز إنجازاته
ألّف الهاشمي مقطوعات موسيقية نال عليها شهادة الحماية الفكرية، حيث أبدع بمقطوعتين شهيرتين بعنوان «عالم مختلف» و«يوم بدونك»، تعبران عن مشاعره العميقة ووجهة نظره للعالم، وقد لاقت أعماله إعجاباً واسعاً.
وحصد المركز الأول في مسابقة «مواهب عمار» التي أقيمت في السعودية، ليتفوق على أكثر من 18 ألف مشارك، ما عزز ثقته بنفسه ومكانته الفنية.
ونال جوائز عالمية في المسابقة الدولية لموسيقى موزارت ومسابقة شوبان الدولية للبيانو، بالإضافة إلى عدة جوائز وميداليات، مما يثبت جدارته كعازف بيانو متميز على الصعيدين المحلي والدولي.

تطلعات 
يسعى أحمد الهاشمي إلى مواصلة تطوير مهاراته والمشاركة في المزيد من الفعاليات الدولية، لا لنشر ألحانه فحسب، بل لنشر الوعي وإلهام الآخرين بتجربته.
ويطمح إلى تأليف مقطوعات موسيقية جديدة تعبر عن رحلته، كما يخطط لصناعة فيلم يروي قصة نجاحه، ليصبح بذلك رمزاً للأمل والتحدي.

مقالات مشابهة

  • في اليمن.. ما الذي يدفع إسرائيل الى الجنون..! 
  • أحمد الهاشمي يضيء العالَم بالموسيقى
  • حماس تدين العدوان الصهيوني على اليمن وتصفه بالإرهاب والاعتداء السافر على السيادة اليمنية
  • في اليمن السعيد.. ما الذي قد يعطّل حياة 70 في المئة من اليمنيين؟
  • القوات المسلحة اليمنية تضرب أهدافاً للعدو الصهيوني في يافا وعسقلان
  • شاهد...لحظة انفجار الطائرة المسيرة اليمنية جنوب عسقلان
  • سلاح الجو اليمني ينفذ عمليتين داخل إسرائيل بطائرتين مسيرتين
  • المنطقة الصناعية في “عسقلان” في مرمى الاستهداف اليمني
  • بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن استهداف هدفاً عسكرياً للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة بصاروخ “فلسطين2” (إنفوجرافيك)
  • شاهد| بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن استهداف هدفاً عسكرياً للعدو الإسرائيلي في منطقة #يافا المحتلة بصاروخ “فلسطين2”