ثلاثةُ عقود من التيه والضياع والتشرذم والانقسام
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
ثلاثةُ عقود من #التيه و #الضياع و #التشرذم و #الانقسام
بقلم د. مصطفى يوسف #اللداوي
ثلاثون عاماً مرت على #اتفاقية_أوسلو “للسلام”، الاتفاقية التي ظن #الفلسطينيون الموقعون عليها أنها ثمرة المقاومة وخاتمة الصمود، وأنها إنجازٌ وطني ونصرٌ تاريخي، فهي ستحرر الأرض، وستعيد الشعب، وستفضي إلى دولةٍ ووطنٍ، وسيادةٍ وعلمٍ، وستخلق للفلسطينيين لأول مرةٍ وطناً حقيقياً على أرضهم، وسيكون لهم فيها على مراحل محددة زمنياً، على حدود الرابع من حزيران دولة وحكومة وقرار وطنيٌ مستقل واقتصادٌ ذاتيٌ حرٌ.
وظنوا أن “الجانب الإسرائيلي” سيحترم كلمته، وسيحفظ عهده وسيلتزم ببنود الاتفاقية، التي صاغها وفقاً لأهدافه وبما يحقق مصالحه ويحفظ أمنه واستقراره، وأنه سيمنح الفلسطينيين ما وعدهم به، وسيحقق للموقعين على الاتفاقية أحلامهم “الصغيرة” في كيانٍ عربيٍ إلى جانب كيانٍ يهودي “إسرائيل”، وأنهما سيعيشان معاً جنباً إلى جنبٍ، وسيتعاونان على استقرار المنطقة، وخلق مناخاتٍ اقتصادية واعدة.
مقالات ذات صلة كيف سنتعامل مع الأزمات؟ 2023/09/13في حين وصفها المعارضون لها بأنها خيانة تاريخية، وأنها أشد من النكبة وأسوأ من النكسة، فالأخيرتين رغم مرارتهما إلا أنهما لم تفضيا إلى اعترافٍ بالعدو، ولم تقسما الشعب الفلسطيني، ولم تجزئا أرضه، ولم ترغما الفلسطينيين على التنازل عن جزءٍ كبيرٍ من أرضهم التاريخية، والاعتراف بها دولةً إسرائيلية شرعية، لها حق الوجود والبقاء، والاستمتاع بالأمن والسلام، وهو ما كان يحلم به الإسرائيليون دائماً ويخططون له دوماً، إذ كانوا يتمنون أن يعترف الفلسطينيون بهم، وأن يتقبلوا وجودهم، وأن يعيشوا إلى جوارهم بأمنٍ وسلامٍ شأنهم شأن دول المنطقة في المحيط العربي.
الحقيقة أن قطاعاً كبيراً من الفلسطينيين قد أدركوا منذ الأيام الأولى لتوقيع الاتفاقية، أنها شؤمٌ عليهم، وأنها لعنةٌ أصابتهم، وسبةٌ لحقت بهم، وعارٌ لطخ تاريخهم، وانحرافٌ أثر على قضيتهم، وأن التاريخ لن يرحم الموقعين عليها والمبشرين بها، وأن شعبهم لن يغفر لهم، وأن أجيالهم لن تسامحهم.
فهي فضلاً عن أنها تنازلت عن أكثر من 70% من أرض فلسطين التاريخية، وشرعت استيطان اليهود فيها، فقد جزأت ما بقي منها وصنفت القليل الذي لم يعترف الكيان الصهيوني بالسلطة الفلسطينية المطلقة عليها، بل نازعها السلطات والصلاحيات، فكانت مناطق ثلاث متنازعٌ عليها، كان الفلسطينيون فيها هم الأضعف، والكيان هو الأقوى وصاحب اليد الطولى والكلمة الأخيرة، وقد بدا أنها تنتقص كل يومٍ من أطرافها، وتنهش قصداً وعمداً من قلبها، ولا تقوى السلطة الفلسطينية على منعهم أو اعتراض سياستهم.
كما كانت اتفاقية أوسلو سبباً في انقسامٍ حادٍ بين الفلسطينيين في الوطن والشتات، أثر على مكانتهم وسمعتهم، وأضر بهم وأساء إلى قضيتهم، وإن كان أغلبهم ضدها وعارضها بمختلف الوسائل والطرق، وندد بها واستنكرها، ونظم الفعاليات المناهضة لها، وتحمل الكثير من الأذى والعنت بسبب موقفه منها، إلا أن فريقاً آخر وإن كان أقلية، آمن بها ودافع عنها، واستفاد منها وانتفع بها، وأباح لنفسه استخدام جميع الوسائل لحمايتها ومنع سقوطها، فاستغل السلطات “الشكلية” التي منحته أوسلو إياها في البطش بالمعارضين والتنكيل بهم، فزجت بالكثير منهم في السجون والمعتقلات، وكممت الأفواه وقيدت الحريات وتعاونت مع العدو ونسقت معه، بحجة الدفاع عن “المشروع الوطني”، ومنع التآمر عليه لإضعافه وإسقاطه.
أوسلو اللعينة شوهت قضيتنا وقيدت نضالنا، وحرفت جهودنا، ومزقت صفوفنا، وبعثرت شعبنا، وتنازلت عن حقوقه، وفرطت في مقدساته، وأدخلتنا في متاهاتٍ غريبةٍ، وأقحمتنا في مسالك بعيدة، وجعلت بأسنا بيننا شديداً، وقسمتنا إلى مجموعاتٍ متصارعة، وأحالت بعضها رحماء مع عدونا، كراماً معه تصدقه وتؤمن به وتعترف، وتنسق معه وتتفق، وتفتك بشعبها لتكسب رضاه، وتعتقل أبناءه لتضمن أمنه، وتتنازل عن حقوقه لتحقق أهدافه وتنجز مشروعه، حتى غدت مع الأيام قيداً يقيد الفلسطينيين كلهم، ويكبلهم بالأغلال والأصفاد جميعهم، ويجرهم إلى حمأة الخيانة بالأشطان والحبال، ويقيد حريتهم بالسلاسل والجدران.
إلا أن العدو الذي نعم بأوسلو وهلل لها، واستفاد منها وضمن إلى حينٍ استمرارها، لم يعد راضياً عنها، ولا مكتفياً بما كسب منها، أو مقتنعاً بما حقق من خلالها، فهو اليوم ينتقدها ولا يريدها، ويعمل على وأدها والتخلص منها، ولا يريد أن يتنازل عن النزر اليسير الذي بقي للفسطينيين، ولا يعترف بالشريك الذي فاوضه ووقع معه، ولا يحترم الذي اعترف به وطبع معه، بل يحرجه ويخزيه، وينكس رأسه ويفضحه، ويضيق عليه ويعاقبه، ويحشره ويضعفه.
يرى العدو أن أوسلو قد أصبحت عقبة أمام مشاريعه، وعائقاً تعطل مخططاته، ولا تستجيب إلى رغباته ولا تحقق أحلامه، فمهد عملياً لإسقاطها ودفنها، والتراجع عنها وعدم الالتزام ببنودها، ورأى أنه قد آن الأوان للاعتراف بأنها أصبحت لاغية، ولم يعد لها وجود على الأرض، وأنه ينبغي استبدال السلطة التي نشأت بموجبها بأخرى تناسب المرحلة وتخدم الهدف، ولا يكون لديها سقوف وطنية أو طموحات قومية.
آن الأوان لأن ننعتق من اتفاقية الذل هذه ومن كل الاتفاقيات التي تبعتها وأكدت عليها، وأن نثور عليها ونتحلل من شروطها ونتخلص من بنودها، فالخلاص منها وحدةٌ واتفاقٌ، والحفاظ عليها فرقةٌ وضياعٌ، فهذه قضيةٌ مقدسةٌ مباركةٌ، نص عليها قرآننا الكريم وأوصى بها رسوله الكريم، وقد ضحى في سبيلها عشرات الآلاف من العرب والمسلمين، فلا يملك حق التصرف فيها أحد، ولا يجوز التنازل عنها مهما كان السبب، وأي تصرفٍ فيها لا يتفق مع الأصول، ولا يحفظ الثوابت والحقوق، ولا يحقق العودة والتحرير، هو تصرفٌ باطلٌ غير مشروع، واتفاقٌ فاسدٌ غير مقبول، لا قيمة له ولا التزام به.
بيروت في 13/9/2023
moustafa.leddawi@gmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: التيه الضياع التشرذم اتفاقية أوسلو الفلسطينيون
إقرأ أيضاً:
توقيع 3 عقود بين السكك الحديدية وبرجروس ريل الأمريكية
شهد الفريق مهندس كامل الوزير نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصناعة والنقل، والسفيرة هيرو مصطفى جارج سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية في مصر توقيع 3 عقود في مجال السكك الحديدية بين الهيئة القومية لسكك حديد مصر وشركة برجروس ريل الأمريكية (PRL) واشتملت العقود على (تحديث عدد (100) جرار هنشل - توريد قطع غيار لعدد (141) جرارا لمدة 15 سنة - الدعم الفني لمدة 10 سنوات، و قام بالتوقيع على العقود من جانب الهيئة المهندس محمد عامر رئيس هيئة السكة الحديد وجاك زنج نائب رئيس مجلس ادارة شركة برجروس ريل الأمريكية (PRL).
وصرح الوزير، بأن هذا التعاقد يدخل ضمن خطة الوزارة لدعم الأسطول الحالي من الجرارات للسكة الحديد بما يسهم في زيادة عدد الرحلات على خطوط الشبكة وتحسين الخدمة المقدمة وتلبية طلبات جمهور مستخدمي السكك الحديدية ليواكب الحاجة المتزايدة لقطاع نقل قادر على إحداث التنمية، لافتا إلى أن تدعيم منظومة الجر بالسكك الحديدية يساهم أيضا في زيادة نسبة المنقول من البضائع عبر خطوط السكة الحديد بما يقلل من الأعباء على الطرق ويساهم في زيادة موارد السكة الحديد بما يعود إيجابيا على الخدمة المقدمة.
وأشار إلى أن عقد التحديث لعدد (100) جرار هنشل يشمل أعمال التحديث للجرار حيث سيتم تركيب أجزاء جديدة بالكامل وهي ( المحرك – نظام التحكم المتطور "EM2000" – كابينة كهرباء الجهد العالي – ضاغط الهواء كمبرسور – كابينة الضغط المنخفض – نظام فرامل الهواء – نظام التبريد ) ، كما سيتم إجراء العمرات لباقي المكونات الرئيسية بالجرار بإستخدام قطع غيار جديدة
وأضاف أن هذا التحديث سيحقق توفير من الناحية التشغيلية للجرارات حيث سيقلل من استهلاك الزيت بنسبة (50%) تقريباً باستخدام أحدث تقنيات المحرك الجديد ، كما سيتم تقليل استهلاك الوقود بنسبة تزيد عن (3%) مقابل تقنية المحرك الحالية، وسيؤدي إلى تحسين نسبة الانبعاثات الكربونية كما أن تحديث تلك الجرارات سيساهم في تحسين مستوى إتاحية الأسطول وإعتماديته لدى الهيئة القومية لسكك حديد مصر حيث أنه سيحقق تحسين مستوى اتاحية الجرارات وتوفير قطع الغيار وتقليل مخزونها بمخازن الهيئة بسبب تغيير الأجزاء القديمة التي توقف إنتاجها من خلال الشركات المصنعة للجرارات وزيادة المكونات المشتركة مع أسطول الهيئة من جرارات (EMD) طراز (JT42CWRM) .
وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، أن توقيع هذا العقد يهدف ايضاً إلى توطين الصناعة المحلية حيث سيتم تنفيذ أعمال عمرة الأجزاء المعاد استخدامها (موتور جر – مولد رئيسي – البواجي - ..... ) داخل الشركة المصرية للصيانة وخدمات السكك الحديدية (إيرماس) المملوكة للهيئة القومية لسكك حديد مصر مما يتيح استخدام بعض المكونات المحلية ضمن العمرة بالإضافة إلى نقل الخبرات من خلال إشراف شركة برجروس ريل الأمريكية (PRL) على هذه الأعمال.
وأوضح نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية الصناعية وزير الصناعة والنقل، أنه بهذا التوقيع تكون وزارة النقل قد أدخلت 210 جرارات جديد للخدمة كما تم الانتهاء من إعادة تأهيل وإصلاح عدد 99 جرارا من إجمالي 210 جرارات من الاسطول الحالي بالتعاون مع كبريات الشركات العالمية المتخصصة في هذا المجال بالاضافة الى الصيانة الدورية للأسطول الحالي من الجرارات بورش السكة الحديد وذلك في اطار الخطة الشاملة لاستمرار تطوير منظومة السكك الحديدية.
ومن جانبها قالت السفيرة هيرو مصطفى جارج سفيرة الولايات المتحدة الأمريكية بالقاهرة، على هامش فعاليات التوقيع يسعدني أن أكون هنا لأشهد توقيع ثلاثة عقود تزيد قيمتها عن 235 مليون دولار لتحديث وصيانة الجرارات.
وهنأت جارج، شركة "بروجرس ريل" الأمريكية وسكك حديد مصر على التوصل إلى هذا الاتفاق.