درنة " وكالات ": تواصل مدينة درنة المدمّرة في شرق ليبيا اليوم الأربعاء إحصاء ضحايا الفيضانات الكارثية التي يتوقع أن ترتفع حصيلتها أكثر بكثير من 2300 قتيل وفق ما أعلن حتى الآن، بينما بلغ عدد المشردين في المدينة أكثر من 30ألفا.

وتعهدت الأمم المتحدة تقديم عشرة ملايين دولار لدعم الناجين، بينما لا يزال هناك عشرة آلاف شخص في عداد المفقودين، بحسب عاملي الاغاثة الدوليين.

يرى خبراء أن ارتفاع حرارة البحار والفوضى السياسية وتهالك البنى التحتية فاقمت تبعات الفيضانات المدمرة في ليبيا.

واجتاحت العاصفة "دانيال" مدينة درنة الليبية الساحلية المطلة على البحر المتوسط وجرفت السدود الرئيسية إلى جانب أحياء بأكملها نتيجة الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة.

تشكلت عاصفة دانيال في الرابع من سبتمبر تقريبا، وضربت أجزاء من اليونان وتركيا وبلغاريا الأسبوع الماضي مخلفة عشرات القتلى.

وهذه العواصف المتوسطية التي تحمل سمات الأعاصير المدارية والاستوائية، والمعروفة بظاهرة الأعاصير المتوسطية (ميديكيْن)، تحدث بين مرتين إلى ثلاث مرات في السنة.

في هذه الاثناء، بث تلفزيون "المسار" الليبي على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي صورا مروعة لعشرات الجثث الملقاة على رصيف في مدينة درنة وملفوفة بأقمشة ملونة، بينما تجمّع حولها عدد من الأشخاص.

أظهرت صور ملتقطة بالاقمار الاصطناعية للمدينة بعد الفيضانات، أحياء بكاملها وقد غمرتها المياه قرب الساحل.

وكانت العاصفة "دانيال" ضربت المنطقة بعد ظهر الأحد الماضي، وتساقطت أمطار غزيرة جدا تسببت بانهيار سدّين قريبين من درنة، فتدفقت المياه في المدينة جارفة معها الأبنية والناس. وجُرف العديد منهم الى المتوسط، بينما شوهدت جثث على شواطىء مليئة بالحطام.

وحفر ناجون مصدومون بين أنقاض المباني المدمرة المغطاة بالطين لانتشال جثث الضحايا التي دفن الكثير منها في مقابر جماعية.

تفاقم القلق الدولي

الى ذلك، تحيط تلال بمدينة درنة الواقعة على بعد 300 كيلومتر شرق بنغازي، ويمرّ فيها مجرى نهر يجفّ عادة خلال الصيف، لكنه تحوّل بعد انهيار السدين إلى مجرى لتيار قوي من المياه الموحلة التي جرفت معها عددا من الجسور الرئيسية.

تعد درنة حوالى 100 ألف نسمة. وقد انهار العديد من أبنيتها المتعددة الطوابق على ضفاف مجرى النهر، فيما اختفى الآلاف مع منازلهم ومركباتهم في المياه.

وأعلن المجلس النروجي للاجئين اليوم بأن "قرى بأكملها غمرتها الفيضانات" في مناطق أخرى من شرق ليبيا، و"تتواصل حصيلة القتلى الارتفاع فيها".

وأضاف في تقرير "عانى السكان في أنحاء ليبيا من سنوات من النزاعات والفقر والنزوح. ستفاقم الكارثة الأخيرة صعوبة الوضع بالنسبة لهؤلاء. وستضغط على المستشفيات ومراكز الإيواء".

وفيما يتفاقم القلق الدولي حيال الكارثة، قدّمت دول عدّة مساعدات عاجلة وأرسلت فرق إنقاذ لمساعدة الدولة التي تعاني من الحروب وتعصف بها ما وصفها مسؤول من الأمم المتحدة بـ"نكبة بأبعاد أسطورية".

في الفاتيكان دعا البابا فرنسيس الى الصلاة "من أجل الذين خسروا أرواحهم وعائلاتهم والنازحين".

وخصصت الأمم المتحدة عشرة ملايين دولار لجهود الاغاثة، كما أعلن مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الاغاثة الطارئة مارتن غريفيث.

وكتب على منصة إكس (تويتر سابقا) "حصدت العاصفة دانيال آلاف الأرواح وتسببت باضرار كبرى وقضت على سبل العيش في شرق ليبيا"، مضيفا "نقف الى جانب شعب ليبيا في هذا الوقت العصيب".

جهود الإغاثة

من جهتها، أعلنت المفوضية الأوروبية اليوم الأربعاء إرسال مساعدة من ألمانيا ورومانيا وفنلندا الى مدينة درنة.

وقال ناطق باسم المفوضية الاوروبية "تم تفعيل آلية الدفاع المدني في الاتحاد الاوروبي، والمساعدة التي قدمتها المانيا ورومانيا وفنلندا في طريقها" الى ليبيا.

وتشمل هذه المساعدة أسرة ميدانية وخيما وأغطية ومولدات كهربائية ومواد غذائية وخزانات مياه، كما جاء في بيان صادر عن المفوضية التي اشارت الى أن الاتحاد الأوروبي مستعد "لتنسيق عروض مساعدة أخرى".

وربط خبراء مناخ كارثة ليبيا بتضافر آثار ارتفاع حرارة الارض وسنوات من الفوضى السياسية ونقص الاستثمار في البنية التحتية في البلاد.

وتعرف العواصف المتوسطية القوية مثل إعصار دانيال الذي سبق أن ضرب تركيا وبلغاريا واليونان، بأنها يمكن ان تزداد قوة حين يمتص الهواء الدافئ المزيد من الرطوبة.

وتميل الظواهر الجوية القصوى الى ان تحصد عددا أكبر من الضحايا في الدول الفقيرة او التي تشهد نزاعات بسبب نقص البنى التحتية وأنظمة الانذار المبكر وخدمات الاستجابة لحالات الطوارئ.

وقالت أستاذة علوم المناخ بجامعة بريستول ليزي كيندون إن العاصفة دانيال هي "مثال واضح على نوع الفيضانات المدمرة التي قد نتوقعها بشكل متزايد في المستقبل" مع ارتفاع درجات الحرارة في العالم.

ظهور جثث على الشاطئ

من جهة اخرى، لقي البحر بجثث إلى الشاطئ في شرق ليبيا اليوم الأربعاء ليزيد من محصلة قتلى عاصفة دمرت تماما أحياء بأكملها على الساحل مع ورود أرقام مؤكدة بمقتل الآلاف واعتبار آلاف آخرين في عداد المفقودين.

ودمرت السيول، الناجمة عن إعصار قوي ليل الأحد أدى إلى انهيار سدين، نحو رُبع مدينة درنة على ساحل البحر المتوسط وجرفت مبان متعددة الطوابق بالعائلات التي كانت تنام داخلها.

وقال وزير الطيران المدني في حكومة شرق ليبيا هشام أبو شكيوات لرويترز عبر الهاتف "البحر يلقي عشرات الجثث باستمرار".

وأضاف "لقد أحصينا حتى الآن أكثر من 5300 قتيل، ومن المرجح أن يرتفع العدد بشكل كبير، وربما يتضاعف لأن عدد المفقودين يصل أيضا إلى الآلاف".

وتابع قائلا "عشرات الآلاف من الأشخاص أصبحوا بلا مأوى، نحتاج إلى مساعدات دولية، ليبيا ليس لديها الخبرة اللازمة للتعامل مع مثل هذه الكوارث".

وقال مسؤولون إن هناك مخاوف من فقد أو مقتل 10 آلاف على الأقل لكن حصيلة الوفيات المؤكدة حتى الآن متفاوتة. وقال طارق الخراز المتحدث باسم سلطات شرق ليبيا إنه تم انتشال 3200 جثة لم يتم التعرف على هوية 1100 منها.

وتم رص عشرات الجثث الملفوفة ببطانيات على الأرض في ممرات مستشفى في درنة أو في الخارج على الرصيف اليوم الثلاثاء في محاولة ليتعرف الناس على أحبائهم المفقودين.

وقال أحد سكان درنة ويدعى مصطفى سالم لرويترز إن عائلته بأكملها كانت تعيش قرب وادي النهر مقابل المسجد.

وأوضح لرويترز أن الناس كانوا نياما ولا أحد مستعد لما جرى، قائلا أنه فقد 30 من عائلته فقط حتى الآن دون أن يجد أحدا منهم.

وقالت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة إن 30 ألفا على الأقل شُردوا في درنة.

وقال مدير إدارة البحث، لطفي المصراتي، لقناة الجزيرة إن أهم شيء لفرق البحث الآن هو حاجتها لأكياس حفظ الجثث.

وبدت آثار الدمار واضحة من المناطق المرتفعة في درنة حيث تحول وسط المدينة المكتظ بالسكان والمقام بامتداد مجرى نهر موسمي إلى حطام.

وبينما كان فريق رويترز في طريق العودة للمدينة اليوم الأربعاء شاهد قوافل إغاثة وشاحنات تنقل جرافات في الطريق لها.

وأظهرت صور التُقطت بالأقمار الصناعية من المدينة قبل وبعد الكارثة أن المجرى المائي الذي كان ضيقا نسبيا ويمر عبر وسط المدينة أصبح أكثر اتساعا بكثير الآن مع اختفاء جميع المباني التي كانت قائمة حوله.

كما ظهر بوضوح دمار جسيم في أنحاء أخرى من المدينة مع اختفاء المباني بعدما فاضت المياه من المجرى المائي.

وتواجه عمليات الإنقاذ تعقيدات بسبب الانقسام السياسي في ليبيا.

وأفادت وسائل إعلام مصرية أن جثث عشرات المصريين الذين كانوا بين ضحايا العاصفة في ليبيا وصلت اليوم الأربعاء إلى بني سويف، على بعد نحو 110 كيلومترات جنوبي القاهرة.

قالت وزارة الهجرة المصرية اليوم الأربعاء إن مصر أعادت 87 جثة لمواطنين توفوا في ليبيا بسبب العاصفة دانيال.

وأضافت الوزارة أن الجيش المصري أعاد إلى الوطن الجثث التي تصل للمحافظات التي ينتمي أصحابها إليها لدفنهم بمثواهم الأخير.

وتستضيف ليبيا عددا كبيرا من المصريين في الشتات، الذين عادة ما يعبرون الحدود البرية إلى الشرق، حيث تقع معظم المناطق المتضررة من العاصفة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الیوم الأربعاء مدینة درنة شرق لیبیا حتى الآن فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 43 ألفا و922 شهداء

أفادت الصحة الفلسطينية بارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، منذ السابع من أكتوبر الماضي إلى 43 ألفًا و922 شهداء، و103 آلاف و898 مصابًا، حسبما جاء في نبأ عاجل لقناة «القاهرة الإخبارية».

وأعلنت أنَّ الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 4 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 76 شهيدًا و158 مصابًا خلال الـ24 ساعة الماضية.   

مقالات مشابهة

  • ارتفاع حصيلة الشهداء في غزة إلى 43 ألفا و972 منذ بدء العدوان الإسرائيلي
  • ارتفاع حصيلة شهداء العدوان على القطاع إلى 43.972
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 43 ألفا و972 شهيدا
  • ارتفاع حصيلة الإبادة في غزة منذ 409 يوماً إلى 43,922 شهيداً و103,898 إصابة
  • في اليوم الـ 409 للعدوان - ارتفاع حصيلة الشهداء والإصابات في غزة
  • ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 43 ألفا و922 شهداء
  • ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار "مان-يي" بالفلبين إلى 8 قتلى
  • ارتفاع حصيلة الإبادة في غزة إلى 43,846 شهيداً و103,740 إصابة
  • المشير “حفتر” يستقبل سفير روسيا لبحث التطورات السياسية في ليبيا
  • «هدية» يناقش مع سفير روسيا المستجدات السياسية والاقتصادية في ليبيا