نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للزميلة في معهد "أمريكان إنتربرايز"، إليزابيث برو، قالت فيه إن قطاع الشحن اليوناني القوي استمر في جني أموال طائلة من شحن النفط الروسي منذ الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن مالكي السفن اليونانيين اكتشفوا مصدر دخل أكثر ربحية على ما يبدو في بيع السفن نفسها لمشترين غامضين مرتبطين بروسيا.

حيث أعلنت إحدى المنشورات أن "اوكازيون الناقلات اليونانية الكبير" يجري الآن، ولا يبدو أن هناك سعرا مرتفعا جدا بالنسبة لناقلة مستعملة. لكن السفن اليونانية السابقة تدخل في اقتصاد الظل الأشبه بالعالم السفلي الذي ملكه هاديس في الأساطير اليونانية القديمة.

لا تحكم الشركات اليونانية العديد من قطاعات الاقتصاد المعولم، لكنها تهيمن بالتأكيد على النقل البحري. وفي العام الماضي، أصبحت البلاد مرة أخرى أكبر مالك للسفن في العالم من حيث الحمولة الساكنة. ثم غزت روسيا أوكرانيا، وشددت الحكومات الغربية عقوباتها. ولم يعجب أصحاب السفن اليونانيين بذلك. وقال قطب الشحن اليوناني جورج بروكوبيو أمام حشد من المشاركين في حدث بحري في حزيران/ يونيو الماضي: "العقوبات لم تنجح قط".

لكن العقوبات أكثر فعالية من عدم القيام بأي شيء، وفي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، فرضت دول مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي وأستراليا حدا أقصى للسعر يحظر على الشركات الموجودة في الدول التي تفرض العقوبات تداول أو شحن النفط الخام الروسي المنقول بحرا بأسعار تزيد عن 60 دولارا للبرميل. وظل الطلب على النفط قويا، لكن الناقلات المملوكة لروسيا - والتي كانت تشحن جزءا كبيرا منه - كانت تخضع للعقوبات وتكافح من أجل نقله. وهب أصحاب السفن في اليونان للإنقاذ.


ووفقا لكبير الاقتصاديين في معهد التمويل الدولي، روبن بروكس، تمثل السفن اليونانية حاليا ما يقرب من 50% من سعة ناقلات النفط المصدرة من الموانئ الروسية، مقارنة بـ 33% قبل الغزو. يُسمح للشركات الموجودة في البلدان التي فرضت حدودا قصوى لأسعار النفط الروسي بشحن النفط إذا كان سعره أقل من الحد الأقصى. ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن سبع شركات يونانية شحنت بشكل جماعي من النفط الروسي في موانئ بحر البلطيق والبحر الأسود الحيوية في روسيا، أكثر مما شحنته شركة سوفكومفلوت المملوكة للدولة الروسية بخمسين بالمئة.

الآن قرر العديد من مالكي السفن اليونانيين أن بإمكانهم تحقيق ربح أكبر من خلال بيع السفن. وأوضحت النشرة التجارية "TradeWinds" أن المبيعات بدأت في الارتفاع في شباط/ فبراير 2022، وهناك "طلب على الناقلات، وعلى الناقلات القديمة في جميع أنحاء العالم، لا سيما في المناطق غير المثقلة بالعقوبات ضد روسيا". وفي الأشهر الإثنى عشر التي تلت ذلك، باع الملاك اليونانيون حوالي 125 ناقلة للنفط الخام والسفن بقيمة تصل إلى 4 مليارات دولار. وفي حزيران/ يونيو، ذكرت صحيفة "هيلينيك شيبنج نيوز" أن الشركات اليونانية باعت 97 ناقلة بيعت حتى الآن هذا العام، أي 25% من الإجمالي العالمي.

وهذا يضع اليونان في المركز الأول، تليها الصين في المركز الثاني. ووفقا للأرقام التي قدمتها لي حصريا شركة "VesselsValue" الاستشارية، التي تتتبع مبيعات السفن، فقد باعت الشركات اليونانية 290 سفينة منذ بداية الحرب. وتأتي الشركات الصينية في المرتبة الثانية بعدد 221 سفينة. وباعت الشركات الروسية 57 سفينة، لكن معظمها لشركات روسية أخرى أو لمشترين غير معروفين.

وفي عام 2022، تضاعف عدد ناقلات "السويزماكس" التي غيرت مالكيها مقارنة بعام 2021، ليصل إلى 103، بينما ارتفعت مبيعات "أفراماكس" بنسبة 30%، إلى 121. (تعد ناقلات سويزماكس وأفراماكس ثالث ورابع أكبر أنواع ناقلات النفط الخام، على التوالي). هذه الأنواع من السفن هي "حجم السفينة المفضل لنقل البضائع الروسية"، كما قال أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال الشحن لـ "S&P Global Commodities Insight"، لأنه "لا يمكن لجميع الموانئ في روسيا أن ترسو فيها سفن أكبر".

وتشمل مبيعات ما بعد الغزو ناقلة النفط أفراماكس "سي تراست"، التي باعتها الشركة اليونانية "ثيناماريس" مقابل 35 مليون دولار، أي أكثر من ثلاثة أضعاف ما دفعه "ثيناماريس" مقابلها قبل ثماني سنوات. باعت شركة "Kyklades Maritime"، وهي شركة يونانية أخرى، ناقلة النفط الخام العملاقة (VLCC)، الأكبر من سفينة سويزماكس بدرجة واحدة، مقابل 62 مليون دولار - أي ما يقرب من ضعف المبلغ الذي دفعته لشرائها (38 مليون دولار). باعت شركة يونانية أخرى أقدم أربع ناقلات نفط خام لديها مقابل إجمالي 140 مليون دولار، مما دفع مسؤول تنفيذي للشحن إلى ملاحظة إحدى الصحف الصناعية التي علقت أنه "لم يكن هناك سوق ناقلات مثل هذا من قبل".

وعلى الرغم من الأخبار الجيدة للبائعين، إلا أنه لم يتم الإعلان عن هويات المشترين الكرماء في الغالب. إن المشترين الذين يسارعون الآن إلى دفع علاوة لشراء الناقلات المستعملة هم في الواقع غامضون تماما. اشترت الشركات التي يقع مقرها في دولة الإمارات العربية المتحدة معظم الناقلات اليونانية، يليها المشترون في الصين وتركيا والهند. تفيد تقارير "S&P Global Market Intelligence" أن عام 2022 شهد إنشاء 864 شركة بحرية مذهلة لها علاقات أو ارتباط بروسيا. وقد تمكنت مساعدتي البحثية، كاثرين كامبرج، من تتبع أكثر من عشرين سفينة مملوكة لليونانيين سابقا حتى وصلوا إلى مالكين جدد غالبا ما يكونون غامضين للغاية حتى أنهم يفتقرون إلى عنوان بريدي.

على الرغم من أنها ليست معروفة كمركز عالمي للملاحة البحرية، فإن الدور الرئيسي الذي تلعبه دولة الإمارات العربية المتحدة في شراء الناقلات ليس مفاجئا. منذ الغزو الروسي لأوكرانيا، أثبتت دبي نفسها باعتبارها "جنيف الجديدة"؛ وبعبارة أخرى، عاصمة الشركات التي تتاجر بالنفط الروسي. وزادت الصين وارداتها من النفط الروسي منذ الغزو، وانضمت هونغ كونغ إلى الإمارات العربية المتحدة كمركز جديد لتجارة النفط. وزادت تركيا أيضا وارداتها من النفط الروسي، وأحد المشترين المعروفين للناقلات اليونانية هو شركة "BEKS Ship Management & "Trading التركية. وقد شوهدت ناقلات النفط اليونانية السابقة التي استحوذت عليها مؤخرا في الأسابيع الأخيرة على موقع "http://MarineTraffic.com" وهي تسافر من وإلى الموانئ بما في ذلك موانئ فيسوتسك، وقوقاز، ونوفوروسيسك الروسية وأرزيو الجزائر وتوزلا التركية.

كما قامت الهند أيضا بزيادة وارداتها من النفط الروسي بشكل كبير، وتعد البلاد موطنا لشركة "Gatik Ship Management"، وهي إحدى الشركات النشطة فجأة والتي تقوم الآن بأعمال ضخمة مرتبطة بالنفط الروسي. في العام الماضي، انطلقت الشركة في موجة شراء للسفن المستعملة، حيث استحوذت على خمس سفن من طراز سويز ماكس و16 أفراماكس، بالإضافة إلى العديد من الناقلات الصغيرة للوقود المكرر وناقلة نفط عملاقة واحدة. في المجمل، اشترت شركة "Gatik" 60 سفينة منذ بداية الحرب، بما في ذلك سفينة من طراز سويز ماكس مقابل 42 مليون دولار، وأفراماكس مقابل 39.5 مليون دولار، و19 سفينة أخرى بقيمة 30 مليون دولار. ولكن منذ أواخر الربيع، قامت شركة "Gatik" بنقل ناقلاتها إلى "شبكة من الشركات ذات الصلة"، حسبما ذكرت صحيفة "إنديان إكسبريس" الشهر الماضي - "محاولة من قبل المستفيدين في شركة "Gatik" لجعل تتبع العملية برمتها أمرا صعبا وإبقاء النشاط غامضا". وتتبعت كاثرين كامبرج بعض السفن إلى المالكين الجدد الذين كانت بصمتهم الوحيدة هي الاسم.

في الواقع، يبدو أن الغموض هو الهدف. ولأن روسيا تخرج تدريجيا من الاقتصاد العالمي الرسمي، وهو ما يعني فقدان القدرة على الوصول إلى الخدمات التي تتراوح من رأس المال إلى التأمين، فإن شحن نفطها المربح لم يعد سهلا كما كان من قبل. وتنضم الناقلات اليونانية السابقة إلى الأسطول الغامض من السفن المستعملة التي تنقل بالفعل البضائع من وإلى روسيا بموجب شروط تأمين غير واضحة وغالبا ما تستخدم مناورات مراوغة حتى لا يتم رصدها.


ماذا يحدث إذا حدث تسرب في إحدى هذه الناقلات؟ أو إذا اصطدمت بسفينة أخرى؟ أو إذا أصيب أفراد الطاقم؟ وهذه أمور لا بد أن تحدث. في شهر أيار/ مايو، اشتعلت النيران في ناقلة نفط قديمة تابعة لأسطول الظل قبالة سواحل ماليزيا، مما أدى إلى إصابة بعض أفراد الطاقم وترك ثلاثة في عداد المفقودين. وكانت الناقلة مملوكة لشركة في جزر مارشال لا تمتلك أي ناقلة أخرى، وتفتقر إلى التأمين. وفي الشهر الماضي، اختفى أحد البحارة على متن ناقلة تابعة لأسطول الظل تنقل النفط الروسي إلى الهند. ولم يتحمل أحد مسؤولية استعادته.

وكان بوسع أصحاب السفن اليونانيين أن يقوموا بدورهم من أجل السلام في أوكرانيا من خلال الحد من صادرات النفط الروسية. وبدلا من ذلك، فقد جنوا أموالا جيدة من النفط، والآن من مبيعات السفن أيضا. إنه ليس غير قانوني، لكن الأباطرة يزيدون المخاطر على البحارة والمحيطات والحياة البرية البحرية، ناهيك عن أوكرانيا. إنها تراجيديا يونانية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة اليوناني النفط روسيا الإمارات نفط روسيا اليونان الإمارات نقل بحري صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة من النفط الروسی ملیون دولار

إقرأ أيضاً:

وزارة الاقتصاد تناقش الصعوبات التي تواجه عمل الشركات الصينية

بحث رئيس هيئة الرقابة الإدارية بوزارة الاقتصاد والتجارة بحكومة الوحدة الوطنية، عبدالله محمد قادربوه، مع الشركات الصينية، المعوقات والصعوبات التي تواجها في استئناف أعمالها في ليبيا.

وعقد قادربوه، اجتماعاً في مقر السفارة الليبية بجمهورية الصين الشعبية بالعاصمة بكين، مع ممثلي الشركات الصينية التي كانت تعمل سابقاً في ليبيا، تركز على “بحث سبل التعاون المشترك وإعادة تفعيل المشاريع المتوقفة التي كانت تنفذها تلك الشركات في ليبيا، قبل أن تتوقف بسبب الظروف الاستثنائية التي مرت بها البلاد”.

كما تناول الاجتماع “التعاون المستقبلي بين الجانبين، باستكشاف فرص جديدة في مشاريع إعادة الإعمار والبنية التحتية، وتحديد التحديات اللوجستية والأمنية وكيفية توفير بيئة عمل آمنة ومستقرة لعودة الشركات إلى ليبيا”.

وهدف الاجتماع “إلى تعزيز التعاون ودفع عجلة التنمية وإعادة إعمار البنية التحتية في ليبيا، مع ضمان مصالح جميع الأطراف”.

هذا وحضر الاجتماع، القائم بالأعمال بالسفارة الليبية، خالد السائح، ومساعد الملحق التجاري، نجيب ضو، وأعضاء السفارة.

مقالات مشابهة

  • ملاحة بورسعيد: تأسيس أول شركة لمخلفات السفن برأسمال 100 مليون جنيه
  • سهيل المزروعي: الإمارات تبذل جهوداً كبيرة لدعم قطاع الطاقة عالمياً
  • “دو” تحقق إنجازاً جديداً في ترسيخ الاستدامة وتتجاوز أهدافها لحماية البيئة خلال النصف الأول 2024
  • شركة الغاز تطمئن المواطنين بوجود كميات كبيرة واحتياطي من الغاز
  • شركة النفط :الوضع التمويني مستقر
  • شركة النفط تؤكد على استقرار الوضع التمويني
  • وزارة الاقتصاد تناقش الصعوبات التي تواجه عمل الشركات الصينية
  • وزير الخارجية الروسي: الشرق الأوسط على شفا حرب كبيرة
  • اليمن تشارك في منتدى أسبوع الطاقة الروسي
  • النفط يصعد لكنه يتجه لخسارة أسبوعية كبيرة