محفوظ بن راشد الشبلي
mahfood97739677@gmail.com
يختلق البعض أحيان مشكلة بمجرد عدم توافق رأي الآخرين معه ويُصعّد الأمر إلى أن يجعل منه خلاف دائم معهم، بينما الأمر عادي واختلاف الرأي لا يُفسد للود قضية بل هي حاجة صحّية وحميدة وخَيّرة في قاموس التعاملات مع الآخرين، فما يُبديه البعض من رأي رُبما يجد فيه الآخر عدم ملائمه لواقع يعيشانه معاً، فلا ينبغي أن نأخذ عدم التوافق في الرأي على أنه خلاف بقدر ما هو وجهة نظر يجب احترامها لدى الأطراف الأخرى.
وربما بعض النقاط التي سيطرحها طرف سيراها طرف آخر من منظور وزاوية أخرى على أنها ناقصة وسيزيد عليها أو ربما زائدة وسيُنقص منها أو سيُغير بعض اجنّدتها لكي يُصلح ذلك الاعوجاج ويجبر ذلك الكسر الذي ورد في الطرح والتصور ويضع له تصور جديد من منظور آخر ومن زاوية أخرى قد ضاقت بها بصيرة الطرف الأول، الأمر الذي يجعل من الخلاف مُستبعد وليس له محل من الإعراب بين الأطراف المتعددة فالغاية والهدف هو الوصول لمحطة توافق بينهم وكلًا حسب منظوره وتصوره، فإن راق لك رأي الغير فخذ به أو اتركه ولا تجعل منه خلاف بينكما بل وإن في بعض الاختلافات إيجابيات فلا تجعلها سلبيات لتختلف عليها، وهي في النهاية وجهات نظر واُطروحات يجب أن يأخذها كل طرف على انها استقلالية رأي وليس اختلاف في المضمون والجوهر.
ومن صور الاختلافات الإيجابية هي تلك التي حدثت بين شريكين أرادا تأسيس شراكة عمل بينهما واختلفا في بعض بنود العقد وفضَّا تلك الشراكة بينهما وجعلا من ذلك الاختلاف ضعضعة في سير منظومة العلاقة الاجتماعية التي كانت تربطهما معًا وكلًا يلوم الآخر عليها، وعمل كل واحد منهما بمفرده وباستقلالية رأيه وفكرته وبمنظوره الذي تصوره والذي اختلف فيه مع الآخر وقد نجحا نجاحًا باهرًا، وبعد فترة من الزمن وجدا أن النقطة التي كانت محل الخلاف والتي أدّت إلى فض الشراكة بينهما كانت لو اتفقا عليها لفشلا فشلًا ذريعًا في عملهُما معًا ولخسرا رأس مالهما الذي كانا سيدخلان به في تلك الشراكة فحَمِدا اللّه على نقطة الخلاف تلك والتي سَلَما من الاتفاق عليها والتي أفضت إلى فض شراكتهما معًا وأدّت إلى عمل كل واحد منهما بمفرده، فليس كل نقطة خلاف وعدم توافق في الرأي تكون سلبية بقدر ماهي في أقدار اللّه إيجابية في التفضيل والاتفاق وفي التفصيل والمعنى.
خلاصة القول.. إن عدم التوافق في الرأي ليس محلًا للخلاف كما يتصوره البعض على أنه تنقيص لأفكارهم ورأيهم وعدم الأخذ بها؛ بل هي وجهات نظر يجب احترام أصحابها حتى ولو لم تُعجبك أفكارهم واختلافهم معك في الرأي ليس تنقيصًا لك، ويجب على كل طرف أن لا يجعل فكرته ورأيه موضع أوامر للغير ويجب الأخذ بها وتنفيذها والتخلي عن أفكار الآخرين وتهميش رأيهم فهي في قاموس التعاملات تُسمّى غطرسة وأنانية؛ بل يجب أن تطرح رأيك وتعطي الآخرين مساحة لكي يطرحوا ويبدوا رأيهم فإن توافقتُما فلكم ذلك وإن اختلفتُما فذلك لا يُفسد للود قضية بل هو اختلاف محمود ومُفيد في كل الأحوال، ودائمًا تعدد الأفكار واختلاف وجهات النظر تعطي وجهة نظر صحيحة ومُفيدة في نهاية المطاف.
فكن صاحب ذوق واحترام لرأي الآخرين إن أردت الآخرين احترام رأيك وأفكارك ولا تجعل اختلافهم مع رأيك محل خلاف بينك وبينهم وسبب في ضياع علاقاتك الاجتماعية مع الآخرين.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ما سر خلاف الجيش السوداني و«الدعم السريع» حول معبر «أدري»؟
أعلنت الحكومة السودانية التي تتخذ من مدينة بورتسودان الساحلية عاصمة مؤقتة، الاستجابة لمطلب تمديد فتح معبر «أدري» الحدودي مع دولة تشاد، لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى المستحقين، وتنسيق عمل المعبر بالتعاون مع المنظمات الدولية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في المجال الإنساني.
لكن المعبر الحدودي الحيوي الواقع بين ولاية غرب دارفور السودانية، ومدينة أدري التشادية التي يحمل المعبر اسمها، تسيطر عليه فعلياً قوات «الدعم السريع» التي تحارب الجيش، وهو واحد من 3 معابر على الحدود السودانية - التشادية التي يبلغ طولها 1400 كيلومتر من جهة الغرب.
وقال رئيس «مجلس السيادة السوداني» الانتقالي وقائد الجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان في تغريدة على حسابه في منصة «إكس»، الأربعاء، إن حكومة السودان «قررت وبناءً على توصية الملتقى الثاني للاستجابة الإنسانية واللجنة العليا للشؤون الإنسانية، تمديد فتح معبر أدري بدءاً من 15 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024».
الماضي، على فتح معبر «أدري» لمدة ثلاثة أشهر تنتهي الجمعة، استجابة لاتفاق سوداني - أممي، بهدف تسهيل دخول حركة الإمدادات الإنسانية للبلاد التي يواجه نحو نصف سكانها نذر مجاعة ناتجة عن الحرب.
مهم للبلدين
وفي المقابل أثار قرار فتح المعبر حفيظة قوات «الدعم السريع» التي تسيطر على المعبر، ووصف مستشار قائد القوات تطبيق القرار بـ«المزايدة السياسية»، وعدّه «مناورة سياسية» للتغطية على رفض قائد الجيش للمفاوضات التي كانت تجري في جنيف آنذاك، كما عدّه «عطاءً ممن لا يملك»، استناداً على أن المعبر يقع تحت سيطرة قواته.
ويُمثل معبر أدري رابطاً اقتصادياً وثقافياً بين تشاد وإقليم دارفور السوداني، وتعتمد عليه التجارة الثنائية بين البلدين، لكون تشاد «دولة مغلقة» من دون شواطئ بحرية، كما تعتمد عليه حركة السكان والقبائل المشتركة بين البلدين، ويلعب موقعه الجغرافي دوراً مهماً في تسهيل عمليات نقل المساعدات الإنسانية، وهو المعبر الوحيد الآمن بين البلدين.
سبب أزمة المعبر
وتعقدت قضية معبر أدري بسبب الاتهامات التي وجهتها الحكومة السودانية باستمرار، بأنه يمثل ممراً لنقل الأسلحة والإمداد اللوجيستي لقوات «الدعم السريع» من تشاد التي تتهمها بالضلوع في مساندة قوات «الدعم السريع»، لكن الأخيرة ترد بأن الحدود بين تشاد ودارفور مفتوحة وتقع تحت سيطرتها، ولا تحتاج لاستخدام «أدري» إن كانت مزاعم الجيش السوداني صحيحة.
ومع ذلك تتمسك قوات «الدعم السريع» بإدخال المساعدات عبر معبر أدري على الحدود مع تشاد، بينما ترى الحكومة أن هناك معابر أخرى، عبر الحدود مع مصر وعبر جنوب السودان، إضافة إلى معابر أخرى عبر الحدود مع تشاد نفسها، لكنها رضخت للضغوط الدولية والإقليمية، رغم شكوكها القوية حول استخدامه لأغراض غير إنسانية.
وتطلّب فتح المعبر في أغسطس الماضي، وفقاً للاتفاق مع الأمم المتحدة، إنشاء «آلية مشتركة» لتسهيل إجراءات مراقبة المنقولات، وتسريع منح أذونات المرور لقوافل المساعدات الإنسانية.
الشرق الأوسط: