مراكش- تقف السائحة البلجيكية إلين أمام ركام أحد المساجد المدمرة في مراكش، والحسرة بادية على محياها، ترتعش يداها وهي تحاول التقاط صورة له، قبل أن تدير الكاميرا نحو سياح في ساحة جامع الفنا العتيقة يتابعون عروضا فنية أو يشترون قبعات تقليدية.

وتقول إلين التي قدمت إلى المدينة الحمراء برفقة عائلتها بعد أن زارت مدينة شفشاون، وصادفها الزلزال المدمر "أحب كثيرا هذه المدينة الجميلة، الكرماء أهلها، اللطيف جوها، من أجل ذلك اخترت البقاء فيها رغم كل ما تعرضت له، إلى أن تنتهي إجازتي".

وتضيف إلين في حديث للجزيرة نت، "ما وقع للناس والمباني يشعرني بقشعريرة، لكن أينما تجولت أقابل بابتسامة وحسن الضيافة، كما أن روح الدعابة لم تفارق المراكشيين رغم ما جرى".

حضور في المدينة

ورغم فقدان مراكش العديد من ساكنيها في الزلزال المدمر، مازالت تلملم جراحها، وباتت قبلة لكل المصابين والمسؤولين والمتطوعين والخبراء في العمارة والآثار.

وتوقع الجميع أن تغادر غالبية السياح المدينة عقب الزلزال لكن الكثيرين منهم فضلوا البقاء.

يقول السائح الإسباني إيغان وقد وصل توا من المطار برفقة زوجته ساندرا، للجزيرة نت، إن الإحساس بالخوف شيء طبيعي في الإنسان. ويأسف إيغان الذي قدم إلى مراكش بعد يومين من الزلزال متمما مسار جولاته لما وقع في المناطق المنكوبة.

السياح ما زالوا في المدينة الحمراء رغم المخاطر (الجزيرة) استمرار عمل المرافق السياحية

وأغلق عدد من المرافق السياحية الأبواب، في حين ما زالت أخرى تعمل بشكل طبيعي.

تقول المرشدة عتيقة أيت النجار، في حديث للجزيرة نت، وهي تقود جولة صباحية بالحدائق السرية (أحد المعالم الأثرية الجميلة) "الجولات السياحية لم تتغير وتسير بشكل طبيعي في المغرب، منها ما يؤدي إلى مسارات معروفة مثل مسار مسجد الحسن الثاني وفاس وورزازات، ومدن الجنوب والصحراء، باستثناء تغيير طفيف للمسار الذي يقود إلى بعض المآثر التاريخية المتضررة في مراكش".

وتوضح النجار أن حديثها مع السياح تجمله عبارة "الزلزال ظاهرة طبيعية قد تقع في أي مكان، فلماذا ألغي زيارتي لهذه المدينة الجميلة التي تحتضنني دائما بكل الحب؟ وكيف لا نبادلها الشعور نفسه؟".

وفي السياق ذاته، تقول السائحة الأميركية كارل للجزيرة نت "إنها كانت في مدينة الدار البيضاء، واتصل بها أولادها يحثونها على العودة سريعا، لكن تواصلها مع الوكالة السياحية طمأنها وقدمت إلى مراكش التي وجدتها أكثر من رائعة".

عودة الحياة لطبيعتها

قرب ساحة جامع الفنا يعج المكان بالسياح، وتطل صومعة الكتيبة بشموخها المعتاد، ويتناول بعضهم إفطاره في المقهى، وآخرون يبدلون عملتهم الأجنبية بالدرهم المغربي في مصرف مجاور.

ويقول إبراهيم والي صاحب فندق بمراكش للجزيرة نت، "طبيعي أن يتضرر القطاع السياحي بعد كل كارثة، ويقل الطلب على المجيء إلى المناطق المنكوبة وأن يلغى عدد من الحجوزات".

ويوضح أن فندقه يعمل بشكل طبيعي، لافتا إلى أن السياح "فضلوا البقاء في المدينة رغم الزلزال".

ويضيف والي "هناك إلغاء لبعض الحجوزات القريبة، لكن منذ الثلاثاء، عاد الحجز بشكل شبه طبيعي لقضاء العطلة ابتداء من 25 الشهر الجاري إلى نهاية السنة".

سياح عند بائع القبعات في مراكش (الجزيرة) تضامن ودعم

وتفيد عتيقة "منذ وقوع الزلزال لم ينقطع رنين الهاتف وتوالت الاتصالات لسياح سبقوا أن زاروا المدينة، مبدين تعاطفا كبيرا مع المغرب والمدينة وضواحيها، وبعضهم يسأل كيف بالإمكان المساعدة، في حين لم تتمكن البقية من إتمام الحديث لتأثرهم الشديد بما تعرضت له البلاد.

ويؤكد محمد إذ مومن العامل في مجال الفندقة أن حجم التعاطف الكبير مع المملكة يظهر بشكل جلي في عدد من صفحات المواقع السياحية والمؤسسات الفندقية الدولية.

وفي حديث للجزيرة نت، يقول السائح الفرنسي روني، الذي اعتاد زيارة المدينة وضواحيها إنه لم يستطع المغادرة، وتحول برفقة زوجته إلى متطوعين يجلبان المؤونة ويساعدان فرق الإغاثة والجمعيات المدنية.

 

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

رئيس ليتوانيا يعلق للجزيرة نت على سياسات إدارة ترامب تجاه أوروبا

تحت إجراءات أمنية مشددة، انطلق مؤتمر ميونخ للأمن بأجواء متوترة بين كبار السياسيين والدبلوماسيين بشأن الصراع في أوكرانيا والمفاوضات المحتملة نحو اتفاق سلام.

وأثار جاي دي فانس، نائب الرئيس الأميركي، خلال كلمته في المؤتمر، أمس الجمعة، موجة جدل عندما شن هجوما لاذعا على السياسات الأوروبية إزاء الهجرة والأحزاب اليمينية المناهضة لها وإزاء حرية التعبير.

وقال فانس إن أكثر ما يقلقه ليس التهديد الذي تشكله روسيا والصين لأوروبا، بل تراجع أوروبا عن بعض أهم قيمها الأساسية.

شرط أوروبي

وتعليقا على تصرفات الإدارة الأميركية، قال رئيس ليتوانيا غيتاناس ناوسيدا "أنا لست خائفا من الرئيس الأميركي أو نائبه جاي دي فانس. الإدارة الجديدة الأميركية ستكون موضع ترحيب كبير، ولكن بشرط وجود أوروبا على طاولة النقاش بموقف واضح بشأن أوكرانيا وتسوية السلام".

ومن أمام فندق بايريشر هوف الذي يستضيف اجتماعات المؤتمر، أضاف ناوسيدا في حديثه للجزيرة نت "كرئيس لبلد يمثل الجناح الشرقي لحلف شمال الأطلسي، من المهم جدا أن يكون هناك سلام مستدام في أوكرانيا وتجنب مرحلة جديدة من العدوان".

وفيما يتعلق بالتعاون المستقبلي مع الولايات المتحدة، أوضح الرئيس الليتواني "نحن نؤيد بشدة الرابطة عبر الأطلسي لكن علينا تحمل الأعباء الخاصة بنا، لأن تقاسم العبء لم يكن عادلا حتى الآن".

إعلان

وعند سؤاله عما إذا كان دونالد ترامب يسعى إلى التخلي بالفعل عن أوروبا للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اكتفى بالقول "سنراقب ونرى ما سيحدث".

وقد التقى ناوسيدا بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في ميونخ، الجمعة، لمناقشة تطوير موقف مشترك لأوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة، فضلا عن الخطوات اللازمة لتعزيز البلاد والضغط على روسيا لإنهاء الحرب بسلام عادل ودائم.

وكان ترامب أعلن في الفترة التي سبقت المؤتمر، عن بدء محادثات مع روسيا ومكالمات هاتفية مع بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا، معتبرا أن الدول الأوروبية ستتحمل الجزء الأكبر من العبء العسكري والمالي لحماية أمن أوكرانيا.

الرئيس الألماني شتاينماير اتهم ترامب والمتحكمين في التكنولوجيا بالاستعداد لتدمير الديمقراطية (غيتي) خطاب استفزازي

وعلى عكس التوقعات، تجاهل جاي دي فانس مناقشة الاختلافات الأمنية بين واشنطن وأوروبا والحرب الأوكرانية، ولم يقدم سوى القليل من التفاصيل حول الأحداث الدرامية التي أثارتها بلاده في الفترة الأخيرة، مركزا بدلا من ذلك على فشل القارة الأوروبية في الاستماع إلى المخاوف الشعبوية للناخبين.

وقال فانس "لقد قيل لنا لسنوات إن كل ما نموله وندعمه هو باسم قيم الديمقراطية المشتركة. ولكن عندما نرى المحاكم الأوروبية تلغي الانتخابات وكبار المسؤولين يهددون بإلغاء انتخابات أخرى، يجب أن نتساءل عما إذا كنا نلتزم بمعايير عالية مناسبة".

كما اتهم المسؤول الأميركي الزعماء الأوروبيين برفض معالجة قضايا مثل الهجرة، مؤكدا أن "أزمة الهجرة في أوروبا لم تنشأ من فراغ، بل كانت نتيجة لقرارات واعية اتخذها السياسيون على مدى العقد الماضي".

وبينما سارع المشاركون إلى تحليل دوافعه من هذه التصريحات، تم التأكيد على أن فانس التقى بأليس فايدل، زعيمة حزب "البديل أجل ألمانيا" اليميني المتطرف، لمدة نصف ساعة، بالمقابل، رفض مقابلة زعيم الحزب الديمقراطي الاجتماعي والمستشار الحالي أولاف شولتس.

إعلان

ومن المثير للاهتمام أن الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير اتهم ترامب والمتحكمين في التكنولوجيا -قبل خطاب فانس- بالاستعداد لتدمير الديمقراطية، قائلا إن "الإدارة الأميركية الجديدة تتبنى رؤية عالمية مختلفة تماما عن نظرتنا، وهي رؤية لا تحترم القواعد الراسخة، أو الشراكات أو الثقة التي تم بناؤها بمرور الوقت".

تعميق الهوة

وفي الوقت الذي قوبلت فيه تصريحات فانس اللاذعة وغير المتوقعة بالذهول والصدمة في المؤتمر، نالت استحسانا ملحوظا من التلفزيون الحكومي الروسي، قبل أن تدينها ألمانيا والاتحاد الأوروبي لاحقا.

ووصف وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس تصريحات فانس حول أوروبا بأنها "غير مقبولة". وقال "لقد تحدث عن إلغاء الديمقراطية، وإذا كنت قد فهمته بشكل صحيح، فقد قارن الظروف في أجزاء من أوروبا بتلك الموجودة في الأنظمة الاستبدادية. هذا غير مقبول".

كما عبر مرشح الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني فريدريش ميرز عن مخاوفه بشأن اتجاه السياسة الخارجية الأميركية، مشيرا إلى أن واشنطن "تتدخل علانية في الانتخابات" في الوقت الذي يستعد فيه الألمان للذهاب إلى صناديق الاقتراع بعد أسبوع تقريبا.

من جانبها، دعت رئيسة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كايا كالاس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي للاجتماع، غدا الأحد، لمناقشة الحرب في أوكرانيا والعلاقات مع إدارة ترامب.

سفياتلانا تسيخانوسكايا (وسط): من دون بيلاروسيا الديمقراطية لن يكون هناك سلام وأمن في المنطقة (غيتي) القضية البيلاروسية

وفي خضم التحليلات التي تتناول زيادة الهوة عبر الأطلسي، أكدت زعيمة المعارضة البيلاروسية في المنفى سفياتلانا تسيخانوسكايا ضرورة تمثيل القضية البيلاروسية وجعلها محورية للشؤون الأوروبية.

ورأت، في حديث خاص مع الجزيرة نت، أنه في سياق هذه المفاوضات المحتملة مع أوكرانيا "يتعين علينا الإشارة إلى أنه من دون بيلاروسيا الديمقراطية لن يكون هناك سلام وأمن في المنطقة بأكملها".

إعلان

وأكدت تسيخانوسكايا أن بيلاروسيا وأوكرانيا "ليستا كعكتين يمكن منح بعض قطعهما لروسيا، نحن دولتان مستقلتان ذواتا سيادة نريد فقط اختيار مستقبلنا".

مقالات مشابهة

  • عاجل | مصادر للجزيرة: سلطات الاحتلال تقتحم الزنازين في سجن عوفر غربي رام الله وتهاجم الأسرى الفلسطينيين
  • حريق مهول يأتي على سوق الربيع المؤقت بمراكش وخسائر جسيمة في المحلات التجارية
  • أسامة حمدان للجزيرة نت: مشروع ترامب لن ينجح وتجربة 48 لن تتكرر
  • روسيا.. زيادة غير مسبوقة في عدد السياح الأجانب
  • أنسى حب الشباب نهائيا .. 5 وصفات طبيعية مفعولها سحري
  • هدم 36 منزل عشوائي بدوار “تافو” بمراكش
  • رئيس ليتوانيا يعلق للجزيرة نت على سياسات إدارة ترامب تجاه أوروبا
  • محافظ شمال سيناء: دخول المساعدات لغزة يسير بشكل طبيعي ونستقبل المصابين
  • وزارة الإعلام اللبناني: مطار الحريري يعمل بشكل طبيعي
  • مهرجان الفراولة يجذب السياح فى عيد الحب بالغردقة