كوريا الشمالية وروسيا.. محطات رئيسة في علاقات متقلبة
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
التقى الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، بالرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في قاعدة فضائية في شرق روسيا. وكان هذا هو الاجتماع الثاني بين الزعيمين المعزولين.
وتعكس الزيارة تاريخا طويلا للعلاقات بين البلدين، منذ أربعينيات القرن الماضي، والتي كانت "متقلبة"، وفق وكالة أسوشيتد برس.
وخلال الزيارة، تعهد بوتين بمساعدة كوريا الشمالية في بناء أقمار اصطناعية بينما كان يصطحب ضيفه، الزعيم الكوري الشمالي، في جولة لاستعراض المنشأة الفضائية المتطورة.
وقال مسؤولون أميركيون أن بوتين سيطلب من كيم الحصول على ذخيرة لدعم قواته في أوكرانيا. وتتهم الولايات المتحدة بيونغ يانغ بتزويد موسكو بالأسلحة، لكن ليس واضحا ما إذا تم تسليم أي أسلحة بالفعل.
لكن على الرغم من مصالحهما المتوافقة في كثير من الأحيان، شهدت العلاقات بين روسيا وكوريا الشمالية شدا وجذبا.
وأوردت أسوشيتد برس تسلسلا زمنيا للأحداث الرئيسة في علاقات البلدين.
1945- 1948خلال تلك الفترة، انتهى الحكم الاستعماري الياباني لشبه الجزيرة الكورية بهزيمة طوكيو في الحرب العالمية الثانية في عام 1945، لكن شبه الجزيرة انقسمت في النهاية إلى شمال يدعمه السوفييت وجنوب تدعمه الولايات المتحدة. وثبَّت الجيش السوفييتي كيم إيل سونغ، زعيم العصابات الذي حارب القوات اليابانية، في السلطة بالشمال.
1950- 1953شنت قوات كيم إيل سونغ هجوما مفاجئا على الجنوب في يونيو 1950، ما أدى إلى اندلاع الحرب الكورية. جلب الصراع قوات "جمهورية الصين الشعبية" المنشأة حديثا، بمساعدة القوات الجوية السوفيتية. وخاضت قوات كوريا الجنوبية والولايات المتحدة ودول أخرى معارك لصد الغزو. وأوقفت هدنة عام 1953 القتال، لكنها عمليا بقيت شبه الجزيرة الكورية في حالة حرب.
منتصف الخمسينيات وحتى الستينياتاستمر الاتحاد السوفييتي في تقديم المساعدة الاقتصادية والعسكرية لكوريا الشمالية، لكن العلاقات بينهما تراجعت مع قيام كيم إيل سونغ بتطهير قيادة الشمال من الفصائل الموالية للسوفييت والصين لتعزيز سلطته. خفضت موسكو مساعداتها لكنها لم تقطعها حتى نهاية الحرب الباردة.
السبعينياتمع اشتداد المنافسة بين الاتحاد السوفييتي والصين، اتبعت كوريا الشمالية سياسة "المسافة المتساوية" التي تسمح لها بإثارة العداء المتبادل بين العملاقين الشيوعيين لانتزاع المزيد من المساعدات من كليهما. وحاولت بيونغ يانغ أيضا تقليل اعتمادها على موسكو وبكين، لكن سلسلة من الإخفاقات السياسية في أعقاب اقتراضها من الأسواق المالية الدولية دفعت الاقتصاد الكوري الشمالي إلى عقود من الفوضى.
الثمانينياتبعد صعود ميخائيل غورباتشوف إلى السلطة في روسيا، بدأ الاتحاد السوفييتي في خفض المساعدات لكوريا الشمالية وتفضيل المصالحة مع كوريا الجنوبية، ووسعت سيول علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الشيوعية في أوروبا الشرقية، ما ترك بيونغ يانغ في عزلة متزايدة.
التسعينياتبعد انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، لم تتحمس الحكومة في موسكو بقيادة الرئيس، بوريس يلتسين، لدعم كوريا الشمالية، وأقامت موسكو علاقات دبلوماسية رسمية مع سيول على أمل جذب الاستثمارات الكورية الجنوبية ما أدى إلى انتهاء تحالفها العسكري الذي يعود إلى الحقبة السوفيتية مع كوريا الشمالية. توفي كيم إيل سونغ في عام 1994، وواجهت كوريا الشمالية مجاعة مدمرة في التسعينيات.
أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرينبعد انتخابه رئيسا لأول مرة في عام 2000، سعى بوتين بقوة إلى استعادة علاقات روسيا مع كوريا الشمالية. زار بوتين بيونغ يانغ في يوليو من ذلك العام للقاء كيم جونغ إيل، الزعيم الثاني بكوريا الشمالية. أصدر الزعيمان انتقادات مشتركة لخطط الدفاع الصاروخي الأميركية. كان ينظر إلى زيارة بوتين على أنها إعلان من موسكو لاستعادة مجالات نفوذها التقليدية مع تزايد الخلاف بين موسكو والغرب بشأن القضايا الأمنية الرئيسية. واستضاف بوتين كيم جونغ إيل في اجتماعات لاحقة في روسيا في عامي 2001 و2002.
من منتصف إلى أواخر العقد الأول من القرن الحادي والعشرينعلى الرغم من دفء العلاقات، دعمت روسيا مرتين العقوبات التي فرضها مجلس الأمن الدولي على كوريا الشمالية بسبب برنامجها النووي والصاروخي. وشاركت موسكو في محادثات هدفت إلى إقناع بيونغ يانغ بالتخلي عن برنامجها النووي مقابل الحصول على مساعدات أمنية واقتصادية، لكن انهارت المحادثات، التي ضمت أيضا الولايات المتحدة والصين وكوريا الجنوبية واليابان، في ديسمبر 2008.
2011- 2012بعد أشهر من القمة جمعته بالرئيس الروسي آنذاك، ديمتري ميدفيديف، في أغسطس 2011، توفي كيم جونغ إيل. وخلفه ابنه كيم جونغ أون. وفي عام 2012، وافقت روسيا على شطب 90 في المئة من ديون كوريا الشمالية المقدرة بنحو 11 مليار دولار.
2016- 2017سرَّع كيم جونغ أون من التجارب النووية والصاروخية. ودعمت روسيا العقوبات الصارمة التي فرضها مجلس الأمن والتي تشمل الحد من إمدادات النفط.
2018- 2019دخل كيم في محادثات دبلوماسية مع واشنطن وسيول للحصول على مزايا اقتصادية مستغلا برنامجه النووي. وحاول أيضا تحسين علاقاته مع الحليفين التقليديين، الصين وروسيا، لتعزيز قدرته على المساومة. بعد انهيار اجتماعه الثاني مع الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، بسبب العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة، سافر كيم إلى مدينة فلاديفوستوك شرق روسيا لعقد قمته الأولى مع بوتين في أبريل 2019. وتعهد الزعيمان بتوسيع التعاون، لكن الاجتماع لم يؤد إلى نتائج جوهرية.
استغلت كوريا الشمالية تركيز العالم على حرب أوكرانيا لتسريع تجاربها الصاروخية، وألقت باللوم على الولايات المتحدة في حرب أوكرانيا. وقالت بيونغ يانغ إن "سياسة الهيمنة" التي ينتهجها الغرب أعطت بوتين مبررا للدفاع عن روسيا بإرسال قوات إلى الدولة المجاورة.
انضمت كوريا الشمالية إلى روسيا وسوريا في الاعتراف باستقلال المنطقتين الانفصاليتين اللتين تدعمهما موسكو في شرق أوكرانيا، وألمحت إلى اهتمامها بإرسال عمال بناء إلى تلك المناطق للمساعدة في جهود إعادة البناء. وعرقلت روسيا والصين الجهود التي قادتها الولايات المتحدة في مجلس الأمن لتشديد العقوبات على كوريا الشمالية بسبب تجاربها الصاروخية المكثفة.
12 سبتمبر 2023وصل كيم إلى روسيا للقاء بوتين. ومن المتوقع أن يطلب للحصول على مساعدات اقتصادية روسية وتكنولوجيا عسكرية مقابل إعطاء موسكو ذخائر تساعدها في حرب أوكرانيا.
وجاء الاجتماع بعد زيارة نادرة أجراها وزير الدفاع الروسي لكوريا الشمالية في يوليو وحضور عرض عسكري ضخم، وهناك عرض كيم صواريخ طويلة المدى مصممة لاستهداف البر الرئيسي للولايات المتحدة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الولایات المتحدة کوریا الشمالیة الکوری الشمالی کیم جونغ أون بیونغ یانغ فی عام
إقرأ أيضاً:
رئيس كوريا الجنوبية المؤقت تحت الضغط بسبب تحديات العلاقة مع واشنطن
شددت صحيفة "وول ستريت جورنال" على وجود تحديات عديدة يواجهها الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية، تشوي سانغ موك، في مساعيه للحفاظ على علاقات تجارية قوية مع الولايات المتحدة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن الرئيس المؤقت لكوريا الجنوبية، تشوي سانغ موك، لم يتحدث مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد، لكنه يرغب بشدة في ذلك.
وذكرت الصحيفة أنه في الوقت الذي يفرض فيه ترامب تعريفات جمركية على الصين والمكسيك وكندا ردا على قضايا متنوعة مثل تهريب المخدرات واختلالات التجارة مع الولايات المتحدة، عبّر تشوي عن قلقه من أن يتوجه اهتمام الرئيس قريبًا نحو كوريا الجنوبية، التي تُعد من أكبر الدول التي تحقق فائضًا تجاريًا مع الولايات المتحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الزعيم الكوري الجنوبي المؤقت يسعى لإقناع الرئيس الأمريكي بالتريث في فرض التعريفات الجمركية على الواردات الكورية، لكن وضعه كـ"رئيس مؤقت" بعد إطاحة يون سوك يول إثر إعلانه الأحكام العرفية قلل من اهتمام ترامب بالتواصل معه، وفقًا لمسؤولين أميركيين. ويفضل الرئيس انتظار انتخاب خليفة ليون أو عودته بقرار قضائي.
وفي خطابه أمام الكونغرس الأسبوع الماضي، ادعى ترامب أن كوريا الجنوبية تفرض تعريفات جمركية أعلى بأربعة أضعاف مما تفرضه الولايات المتحدة، وهو ما نفته سيول لاحقًا واعتبرته غير صحيح.
وقال تشوي أمام حكومته في وقت سابق هذا الأسبوع: "بدأ سهم سياسة 'أميركا أولًا' التي يقودها ترامب يستهدف كوريا مباشرة".
وحققت كوريا الجنوبية، وهي قوة تصديرية كبيرة مرتبطة باتفاقية تجارة حرة مع الولايات المتحدة، فائضًا تجاريًا بقيمة 66 مليار دولار مع الولايات المتحدة اعتبارًا من العام الماضي، حيث باعت كل شيء من سيارات هيونداي إلى أجهزة سامسونج وإل جي للمستهلكين الأمريكيين. وقد تأثرت صناعة الصلب والألمنيوم في البلاد - حيث تُصنف كوريا الجنوبية من بين أكبر المصدرين إلى الولايات المتحدة في كليهما - مؤخرًا بالرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها إدارة ترامب بنسبة 25% على المعادن.
وأفادت الصحيفة أن كوريا الجنوبية، باعتبارها قوة تصديرية كبرى باتفاقية تجارة حرة مع واشنطن، سجلت فائضا تجاريا بـ66 مليار دولار السنة الماضية. لكنها تواجه الآن تعريفات أميركية جديدة بنسبة 25 بالمائة على صادراتها من الصلب والألمنيوم، رغم كونها من أكبر مورديهما للولايات المتحدة.
وأضافت الصحيفة أن مؤسسة "جلوبال تريد أليرت" السويسرية صنفت كوريا الجنوبية كأكثر الدول عرضة للمخاطر التجارية مع إدارة ترامب، بعدما استوفت جميع "الإنذارات الحمراء" الخمسة التي تشمل الفائض التجاري الكبير وتركيز واشنطن على ممارساتها التجارية.
ونقل التقرير عن سيمون إيفنيت، أستاذ الجيوسياسية والإستراتيجية في معهد آي إم دي للأعمال في سويسرا، قوله إن "كوريا الجنوبية في وضع يجعلها عرضة للاستهداف. وعليها أن تقدم لترامب انتصارًا."
وأكد تشوي أنه سيشدد، إذا أتيحت له الفرصة، على أن الفائض التجاري مع واشنطن "مؤقت"، وستعرض سيول خبرتها في بناء السفن لدعم الصناعة البحرية الأميركية، وهي أولوية لإدارة ترامب، موضحًا أن كوريا الجنوبية قد أوفت بوعدها الذي قطعته خلال فترة ترامب الأولى بشراء المزيد من السلع الأمريكية.
وقال تشوي، البيروقراطي المخضرم البالغ من العمر 61 سنة، في أول مقابلة له منذ توليه منصب الرئيس المؤقت في 27 كانون الأول/ ديسمبر، إن بإمكان البلدين السعي إلى تحقيق علاقة "أكثر توازنًا ومنفعة متبادلة" في مجالي التجارة والاقتصاد، مما سيعزز التحالف في نهاية المطاف.
وأوضحت الصحيفة أن عدم قدرة تشوي على عرض قضيته مباشرة أمام ترامب يبرز الظروف الاستثنائية التي أوصلته مؤقتًا إلى السلطة. فقد أدى فرض الأحكام العرفية لفترة وجيزة في كوريا الجنوبية خلال كانون الأول/ ديسمبر إلى إقالة كل من الرئيس يون ورئيس الوزراء هان دوك سو تباعًا.
ويشغل تشوي، الذي كان وزير الاقتصاد والمالية، ثلاثة من أعلى المناصب: الرئيس المؤقت، ورئيس الوزراء المؤقت، ومنصبه السابق. ويضطر أحيانًا لتوقيع الوثائق الحكومية ثلاث مرات، بل وتحمل بعض الأوسمة الرسمية اسمه مرتين.
قد لا يتبقى له سوى بضعة أشهر. فمن المتوقع أن تبت المحكمة الدستورية قريبًا في مصير يون، إما بعزله نهائيًا أو إعادته لمنصبه. وإذا تم تأييد عزله، فستجري كوريا الجنوبية انتخابات مبكرة خلال 60 يومًا.
وبينما قاومت كندا والصين تعريفات ترامب الجمركية، تملك كوريا الجنوبية خيارات محدودة نظرًا لقلة وارداتها نسبيًا من الولايات المتحدة، حسب التقرير.
وقال تشوي: "نظرًا لموقفنا التاريخي ومصالحنا الوطنية، لن يكون من المفيد اتخاذ تدابير تعرقل توسيع التجارة. فدول مثل المكسيك وكندا ليست نماذج مناسبة لاستراتيجية كوريا التجارية".
وذكرت الصحيفة أن كوريا الجنوبية حولت مؤخرا جزءا أكبر من تجارتها نحو الولايات المتحدة. ففي سنة 2014؛ ذهب ربع صادراتها إلى الصين، أي أكثر من ضعف ما ذهب إلى أمريكا. ولكن بحلول السنة الماضية، تقلص الفارق بين القوتين، حيث باتت حصة كل منهما تقترب من خُمس إجمالي الصادرات الكورية.
وأشارت الصحيفة إلى أن كبرى الشركات الكورية، مثل سامسونغ وهيونداي، ضخت عشرات المليارات في الولايات المتحدة مؤخرًا، مدفوعة جزئيًا بحوافز إدارة بايدن. ولم تستثمر أي دولة أكثر من كوريا الجنوبية في المشاريع الجديدة داخل أمريكا خلال السنتين الماضيتين.
واختتمت الصحيفة، موضحة أن تشوي أن هذا آخر منصب عام له حاليًا، إذ أعلن سابقا أنه سيتنحى سواء عاد يون أو أجريت انتخابات مبكرة. وعند سؤاله عن الترشح للرئاسة، ضحك وهز رأسه قائلاً: "حاليًا، عليّ التركيز على أداء مهامي".