كيف تطوّر مهارات القراءة العميقة؟
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
لا يعاني القرّاء الذين ولدوا في العصر الرقمي من صعوبة قراءة نص طويل فحسب، بل إن كثيرا منهم فقدوا مهارة “القراءة المتعمقة”. وقد تحول القلق بشأن قدرة أبناء العصر الرقمي والشباب على قراءة أيّ شيء أطول من حجم الشاشة إلى ما يشبه الذعر، وهناك الكثير من الأدلة التي تدعو إلى التعامل بجدّية مع هذا القلق.
تحولات القراءة
تعمل التكنولوجيا على تغيير الطرق التي نقرأ بها، بما في ذلك عادة تقليب الصفحات، وقبل فترة طويلة من اختراع غوتنبرغ للمطبعة في القرن الـ15م، كان الحصول على المعلومات من المصادر المكتوبة مثل المخطوطات والسجلات والكتب القديمة يعتبَر رفاهيةً لا تتاح لعموم الناس.
وقبل الطباعة الحديثة كانت الكتب تنسخ يدويًّا بطريقة مُضْنية، وكان كثير منها يضيع بسبب الإهمال أو الحروب والكوارث الطبيعية، لكن اختراع المطبعة أحدث ثورة في صناعة الكتب، وتغيرت -تبعًا لذلك- عادات القراءة.
اليوم في القرن الـ21 نشهد ثورة أخرى من هذا القبيل بفضل التكنولوجيا الرقمية. ومثلما فعلت المطبعة فإن التكنولوجيا الحديثة -مثل الإنترنت والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية وأجهزة القراءة الإلكترونية- تعيد تشكيل عادات القراءة والتعلم مرة أخرى.
أرقام صادمة
في عام 2016 قالت المؤسسة الوطنية للفنون في أميركا إن نسبة البالغين الأميركيين الذين يقرؤون رواية واحدة على الأقل في العام انخفض من 56.9% عام 1982 إلى 43.1% عام 2015، حسب مقال للأكاديمية بجامعة كوينزلاند الأسترالية جوديث سيبوير.
وتنقل جوديث في مقالها المنشور بموقع كونفيرزيشن الأسترالي إحصاءً أميركيا يعود إلى عام 2018، ويفيد بأنه في عام 1980 كان 60% من طلاب المدارس الذين تبلغ أعمارهم 18 عامًا يقرؤون كتابًا أو صحيفة أو مجلة كل يوم غير دراسي، وبحلول عام 2016 انخفض العدد إلى 16%.
وأفاد طلاب الصف الـ12 -الذين أجري عليهم الاستطلاع- بأنهم يقضون ست ساعات يوميًّا في الرسائل النصّية، ومتابعة وسائل التواصل الاجتماعي، والإنترنت.
وترى خبيرة محو الأمية الأميركية وعالمة الأعصاب ماريان وولف أن تهديد الشاشات لقدراتنا في القراءة يضرّ العمليات الإدراكية المتأنّية مثل التفكير النقدي، والتفكير المستقل، والخيال، والتعاطف، وهي عمليات تشكل جزءًا مهمًّا من عملية القراءة العميقة.
مسارات الطفولة
وتعد القراءة مهارة مكتسبة تتطلب تطوير شبكات عصبية معينة، ويشجّع اختلاف منصّات القراءة وتعدّدها على تطوير تلك الشبكات.
وفي المقابل، ينغمس الأطفال الذين يقرؤون من الشاشات في متعة مرتبطة بالنقر والإشباع الفوري لرغبة التصفح المستمر، ويكتسبون مهارات ذهنية مبكرة في التصفح والبحث عن المعلومات وتحليل البيانات.
لكن وولف تعتبر أن هذا النوع من التصفح السريع يمكن أن يحدّ من تطوّر عمليات الفهم والإدراك التي تسهم في تكوين مَلَكات القراءة والتفكير العميق.
وتضيف أنه إذا لم تُطَوَّر المهارات المعرفية اللازمة للقراءة العميقة، فإن الأجيال الجديدة الذين يتشتت انتباههم بسبب سهولة الوصول إلى المعلومات الرقمية، ربّما لا تتعلم أبعد من القراءة الإلكترونية السريعة. وتنصح وولف بتعلم القراءة عبر الكتابات الورقية، لكنها لا توصي بمنع استخدام الأطفال الأجهزة؛ حيث تقول “يجب علينا إيقاف تشغيلها بشكل منتظم، وتوفير الوقت لقراءة الكتب الورقية مع الأطفال”.
إيقاف الأجهزة
وأسهمت الكاتبة في مشروع لمساعدة طلاب التعليم العالي على تطوير مهارة القراءة، ضمن مشروع حكومي في الجامعات الأميركية بين عامي 2011 و2013 لتعزيز ما أطلق عليه “مرونة القراءة”.
وتسعى الفكرة لتحفيز الطلاب على جعل القراءة أولوية تشبه الاستعداد للامتحان أو كتابة مقال، مما يجعلهم يستثمرون الوقت لمزيد من القراءة المتعمقة.
وتعمل المبادرة كذلك على تشجيع الطلاب على التفكير الناقد أثناء القراءة، والاستمرار فيها حتى عندما تبدو اللغة غير مفهومة بشكل جيد، وكذلك عندما تصدر عن هواتفهم إشعارات رسائل ومكالمات جديدة.
وتقول الكاتبة “لقد جربوا -ببساطة- إيقاف تشغيل أجهزتهم ساعتين أثناء القيام بالقراءة، وبالفعل نجحوا في مواصلة القراءة”، وتضاعف عدد الطلاب الذين أكملوا جميع النصوص المعروضة عليهم عبر استخدام “القراءة المرنة” ومنع استخدام الهواتف الذكية.
وتقول الكاتبة إنه “يمكننا أيضًا إيقاف تشغيل أجهزتنا وتخصيص مساحة ووقت لتنشيط المسارات العصبية التي جعلتنا سابقًا قرّاءً شغوفين”. وتؤكد أن مهارات القراءة العميقة التي تنطوي على عمليات إدراكية أبطأ، تعد ضرورية للحياة التأملية.
وترى أنه من المتوقع أن يكون من يقرؤون قراءة عميقة أكثر تفكيرًا في أحوال المجتمع لإصلاحه.
المصدر:”مواقع إلكترونية”
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نبيل الصوفي
إقرأ أيضاً:
“دبي الطبية” تواصل جهودها لنشر الوعي بـ”طيف التوحد”
يحرص مجتمع مدينة دبي الطبية سنويا، خلال شهر التوعية بطيف التوحد، الذي يصادف أبريل من كل عام، على تكثيف جهوده لنشر الوعي حول اضطراب طيف التوحد من خلال تنظيم مجموعة من الأنشطة والمبادرات المجتمعية المتنوعة.
وتولي المدينة الطبية اهتماما كبيرا بالأفراد من ذوي طيف التوحد، وهو ما يتجلى في احتضانها لعدد من المنشآت والمراكز التخصصية التي تعتمد أحدث الأساليب العلمية والعلاجية، وأفضل التقنيات في مجالات التشخيص المبكر، والتدخل السلوكي، والعلاج الوظيفي، وعلاج النطق.
وأكد جعفر بن جعفر، مدير الشراكات في سلطة مدينة دبي الطبية،لوكالة أنباء الإمارات “وام”، التزام المدينة بدعم التوعية بطيف التوحد، وتعزيز الفهم المجتمعي لهذا الاضطراب عبر مبادرات مستدامة وبرامج تثقيفية موجهة إلى الأسر والمعنيين بالرعاية الصحية.
وأشار إلى حرص المدينة على توفير بيئة علاجية متكاملة ومتعددة التخصصات عبر المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة التي تقدم دعما شاملا، وتشكل منصات حيوية للتواصل والتعاون بين المهنيين وأولياء الأمور.
وقال: نؤمن في مدينة دبي الطبية، بأهمية العمل المشترك بين الأطباء والأخصائيين والأسر لضمان تقديم رعاية شاملة ومخصصة لكل حالة، ما يسهم في دمج الأطفال المصابين بطيف التوحد في المجتمع. ونؤكد التزامنا المستمر بتحسين جودة الحياة لهؤلاء الأطفال وأسرهم، وتعزيز مكانة المدينة كمركز رائد للرعاية المتقدمة والداعمة في هذا المجال. كما نؤمن بأهمية تعزيز التقبّل واحتضان التنوع، دعما للأفراد المصابين بطيف التوحد”.
من جانبها، أوضحت جسيكا أبي شاهين، أخصائية علاج نطق ولغة في “نيو إنجلاند سنتر للأطفال”، أن اضطراب طيف التوحد يُعد اضطرابا نمائيا يؤثر على مهارات التواصل، والتفاعل الاجتماعي، والسلوكيات.
وأشارت إلى أن من العلامات المبكرة التي قد تلاحظها الأسرة على الطفل المصاب التأخر في تطور اللغة، وضعف التواصل البصري، وعدم الاستجابة للاسم، وتكرار الحركات أو الأصوات، إضافة إلى التمسك بروتين معين وصعوبة التكيف مع التغيير.
وشددت على أهمية التقييم المبكر في حال ملاحظة أي تأخير أو اختلاف في مهارات التواصل أو التفاعل، مشيرة إلى أن الدراسات تشير إلى إمكانية تشخيص اضطراب طيف التوحد من عمر السنتين على يد مختص متمرس.
ولفتت إلى أن علاج النطق واللغة يسهم في تطوير مهارات التواصل لدى الأطفال المصابين بالتوحد، سواء من خلال تنمية اللغة المنطوقة أو عبر استخدام وسائل بديلة.
وأوضحت أن أولى خطوات العلاج تبدأ بتقييم قدرات الطفل الحالية، ثم وضع خطة علاجية فردية تهدف إلى تعزيز مهارات الفهم والتعبير والنطق. وبالنسبة للأطفال غير اللفظيين، يركز العلاج على بناء نية التواصل من خلال أنشطة تحفز التفاعل مع المحيط، ثم تطوير وسائل فعالة للتعبير عن الاحتياجات والمشاعر باستخدام الإيماءات، أو الصور، أو أجهزة التواصل المعزز والبديل (AAC)، وذلك كخطوة أساسية نحو تطوير التواصل الشفهي مستقبلاً.
وفيما يتعلق بأهم الإستراتيجيات التي يمكن للآباء تطبيقها في المنزل، أوصت أبي شاهين بتحديد أوقات يومية للتفاعل الخالي من المشتتات، والنزول إلى مستوى نظر الطفل والتحدث إليه بلغة بسيطة، واستخدام جمل واضحة، ودعم التواصل بالصور والإشارات، وتشجيع المحاولات، ودمج مهارات التواصل في الأنشطة اليومية.
كما تطرقت إلى التحديات التي تواجهها أسر أطفال طيف التوحد، ومنها صعوبات التشخيص، والقبول، وإيجاد الدعم المناسب، بالإضافة إلى استمرارية العلاج، والتحديات التعليمية والاجتماعية، والضغوط النفسية والعاطفية، والعبء المالي.
وأكدت أهمية توفير حلول فعالة لتحسين جودة حياة الأطفال وعائلاتهم، مثل التوعية المجتمعية، والتشخيص المبكر، والتدخل العلاجي، وتهيئة بيئة داعمة تُسهم في دمج الأطفال في المجتمع وتقليل التحديات، بما يخلق بيئة أكثر شمولاً واحتواءً.وام