ممر بايدن.. سبب آخر لتسريع التقارب التركي المصري
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
وقّعت سبع دول والاتحاد الأوروبي، السبت الماضي، على هامش قمة العشرين في العاصمة الهندية نيودلهي، مذكرة تفاهم لإنشاء ممر يربط الهند بأوروبا. ويهدف المشروع إلى نقل البضائع من الموانئ الهندية إلى ميناء دبي في دولة الإمارات عبر السفن، ومن هناك إلى ميناء حيفاء في الأراضي الفلسطينية المحتلة عبر السكك الحديدية، ليتم نقلها إلى اليونان عن طريق البحر الأبيض المتوسط، وتوزيعها بعد ذلك إلى الدول الأوروبية الأخرى عبر الشاحنات.
هناك خبراء يشككون في جدوى المشروع الجديد الذي بات يسمى "ممر بايدن"، ويرون أنه لن يرى النور، لأن تنفيذه يحتاج إلى تمويل ضخم، كما أنه لن يؤدي إلى تراجع تكاليف النقل من الهند إلى أوروبا بسبب ارتفاع تكاليف التحميل والتفريغ لكثرة انتقال البضائع من وسيلة نقل إلى أخرى على طول الخط.
معظم التعليقات على مشروع ربط الهند بأوروبا عبر الإمارات والسعودية والأردن وإسرائيل بخط تجاري جديد، تشير إلى أنه يهدف إلى منافسة مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، كما يهدف إلى دعم إسرائيل من خلال ربطها بدول الخليج، وتطبيع العلاقات السعودية الإسرائيلية. وتأكيدا لصحة تلك التعليقات، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالمشروع المعلن في نيودلهي، وقال في أول تعليقه إن إسرائيل ستكون نقطة رئيسة في الممر الاقتصادي الجديد.
ربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط يبدو مشروعا سياسيا أكثر من مشروع اقتصادي، ليخدم مصالح الولايات المتحدة في ظل التنافس الأمريكي الصيني المحتدم، كما يخدم الكيان الصهيوني الذي يتطلع إلى تطبيع علاقاته مع كافة دول الخليج على رأسها المملكة العربية السعودية
ربط الهند بأوروبا عبر الشرق الأوسط يبدو مشروعا سياسيا أكثر من مشروع اقتصادي، ليخدم مصالح الولايات المتحدة في ظل التنافس الأمريكي الصيني المحتدم، كما يخدم الكيان الصهيوني الذي يتطلع إلى تطبيع علاقاته مع كافة دول الخليج على رأسها المملكة العربية السعودية. ومن المؤكد أن شراكة الدولتين في المشروع ستسهل عملية التطبيع التي يسعى الرئيس الأمريكي إلى استكمالها قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، ليستغلها الحزب الديمقراطي في الحملات الانتخابية.
المشروع الذي وصفه الرئيس الأمريكي بـ"اتفاق تاريخي" وزعم أنه سيغير قواعد اللعبة، يمر من إسرائيل إلى اليونان. وبالتالي، يرى كثير من الخبراء والمراقبين أنه يشبه إلى حد كبير بمشروع خط أنابيب "إيست ميد" لنقل الغاز الطبيعي من شرق المتوسط إلى أوروبا، وأنه ولد ميتا كذاك المشروع الذي قيل آنذاك إنه سيغير خريطة الطاقة في أوروبا. وهو ما أشار إليه رئيس الجمهورية التركي رجب طيب أردوغان، حين قال: "لن يكون هناك ممر بدون تركيا"، مؤكدا أن بلاده هي الخط الأكثر ملاءمة لحركة المرور من الشرق إلى الغرب في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا.
الممر الاقتصادي العالمي المقترح الذي سيربط الهند وجنوب آسيا مع الشرق الأوسط وأوروبا عبر الموانئ والسكك الحديدية، يهدد قناة السويس والأموال الطائلة التي تجني منها القاهرة، كما يرى محللون أن استبعاد مصر من المشروع سيؤدي إلى تراجع دورها في المنطقة. بل ذهب بعضهم إلى أبعد من ذلك، فوصف الإعلان عن المشروع بــ"شهادة وفاة الدولة المصرية".
ممر بايدن، بغض النظر عن حجم الأضرار التي سيلحق بمصالح مصر ودورها الإقليمي، يستهدف مصر كما يستهدف تركيا، وهذا يضيف سببا آخر لضرورة تعزيز العلاقات التركية المصرية إلى جانب أسباب أخرى تجعل التقارب بين البلدين أمرا لا بد منه لحماية مصالحهما القومية. ومن المتوقع أن تشهد العلاقات بين أنقرة والقاهرة في ظل هذا الاستهداف مزيدا من الخطوات في اتجاه تجاوز مرحلة التوتر ومعالجة آثارها، والعمل المشترك لصالح البلدين والمنطقة والعالم.
الجهود التي تبذلها أنقرة والقاهرة لترميم العلاقات الثنائية بين البلدين وطي صفحة القطيعة والتوتر، حققت نتائج إيجابية، إلا أن العلاقات لم تصل حتى الآن إلى المستوى المطلوب. ومن المأمول أن يدرك كلا الجانبين أن التحديات الجسيمة التي تواجهها تركيا ومصر تفرض عليهما تجاوز الملفات الهامشية والخلافات الصغيرة
الرئيس التركي ونظيره المصري عبد الفتاح السيسي التقيا الأحد، في نيودلهي على هامش قمة العشرين، بحضور عدد من أعضاء الوفدين التركي والمصري. وبحث الجانبان القضايا الإقليمية والعالمية، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية والتعاون في مجال الطاقة بين البلدين، كما أكد أردوغان خلال حديثه مع الصحفيين على متن الطائرة أثناء عودته من قمة العشرين، أن عودة العلاقات التركية المصرية إلى سابق عهدها ستنعكس إيجابا على المشاكل الإقليمية.
الجهود التي تبذلها أنقرة والقاهرة لترميم العلاقات الثنائية بين البلدين وطي صفحة القطيعة والتوتر، حققت نتائج إيجابية، إلا أن العلاقات لم تصل حتى الآن إلى المستوى المطلوب. ومن المأمول أن يدرك كلا الجانبين أن التحديات الجسيمة التي تواجهها تركيا ومصر تفرض عليهما تجاوز الملفات الهامشية والخلافات الصغيرة في وجهات النظر، للتركيز على القضايا الكبرى المتعلقة بأمن البلدين واستقرارهما ومستقبلهما.
twitter.com/ismail_yasa
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الهندية الشرق الأوسط تركيا مصر مصر الشرق الأوسط تركيا الهند ممرات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الهند بأوروبا الشرق الأوسط بین البلدین
إقرأ أيضاً:
الهند تسعى إلى تحرير التجارة مع الولايات المتحدة
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قررت الهند اتباع مسار لتحرير التجارة مع الولايات المتحدة مع توقيع البلدين اليوم على الاختصاصات للجزء الأول من اتفاق تجاري ثنائي.
وقالت صحيفة " إيكونوميك تايمز " الهندية اليوم إن الهند والولايات المتحدة اتفقتا في فبراير الماضي على العمل على المرحلة الأولى من اتفاق تجاري سيبرم في أواخر هذا العام، بهدف الوصول إلى تجارة ثنائية بقيمة 500 مليار دولار بحلول 2030.
وبحسب الصحيفة.. "قررت الهند أن تذهب إلى مسار تحرير التجارة مع الولايات المتحدة".
وقال وزير التجارة الهندي سونيل بارثوال للصحفيين اليوم إنه سيبدأ البلدان مناقشات افتراضية حول الصفقة هذا الشهر، مع الجولة التالية من المحادثات الشخصية المقرر عقدها في منتصف مايو المقبل.
خفض الرسوم الجمركية
وأوضح أن الهند منفتحة على خفض الرسوم الجمركية على أكثر من نصف الواردات الأمريكية بقيمة 23 مليار دولار في المرحلة الأولى من اتفاق تجاري تتفاوض عليه الدولتان وهو أكبر خفض منذ سنوات.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أعلن الأربعاء الماضي وقف معظم الزيادات الجمركية لمدة 90 يومًا للشركاء التجاريين الرئيسيين بما في ذلك الهند مع زيادة الرسوم على الصين، مما يوفر إغاثة مؤقتة للمصدرين الهنود.
وعلى الرغم من أن رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي كان من أوائل القادة الذين زاروا واشنطن وأجروا محادثات مع ترامب بعد عودته إلى البيت الأبيض، إلا أن الرئيس الأمريكي واصل وصف الهند بأنها "مُستغلة للرسوم الجمركية" و"ملكة الرسوم الجمركية".
وخلال زيارة مودي للولايات المتحدة في فبراير الماضي، اتفق البلدان على بدء محادثات للتوصل إلى اتفاق تجاري مبكر وحل خلافهما بشأن الرسوم الجمركية.
ويبلغ عجز الميزان التجاري للولايات المتحدة مع الهند 45.6 مليار دولار.. واتخذت الهند عددًا من الخطوات لكسب ود ترامب، بما في ذلك التعهد بشراء المزيد من منتجات الدفاع والطاقة.