تقدم الرئيس عبد الفتاح السيسي بخالص العزاء لأسر الضحايا من المواطنين المصريين المتوفين فى ليبيا جراء الإعصار والفيضانات ووجه بتوفير إعانات عاجلة لأسرهم. 

السيسي يشهد اصطفاف معدات الدعم والإغاثة للأشقاء في ليبيا

ووجه الرئيس الشكر لأجهزة الدولة ولاسيما القوات المسلحة على الجهود الدؤوبة وسرعة التنسيق مع الأشقاء فى ليبيا والمغرب للوقوف بجانبهم في هذه المحنة الأليمة.


 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: السيسى الرئيس السيسي ليبيا إعصار ليبيا إعانات عاجلة

إقرأ أيضاً:

حالة من جونو.. ما بعد الإعصار

بعد يومين من مرور جونو على مسقط، قررت التوجه من الوادي الكبير التي احتميت بها، إلى بيتي في السيب (الحيل الشمالية) الذي لا أستطيع تخيل الحال الذي آل إليه، أو تكوين صورة واضحة للوضع هناك.. سأقطع المسافة بطول مسقط كاملة تقريبا... يا إلهي!! إنها ليست مسقط الحسناء التي نعرفها.. غصة ومرارة في كثير من المواقع، بينما بعض الأماكن وكأن شيئا لم يحدث، ولكن بشكل عام دمار في كثير من البنى التحتية والفوقية من بيوت ومؤسسات وممتلكات ومحلات.. لا يبدو أن البحر قد تجاوز حدوده المعتادة كثيرا، عدا بعض الشوارع البحرية التي قضم من أطرافها وأرصفتها. أما الأودية فصدق عليها المثل الشعبي (بو فـ الوادي حال الوادي). فعندما سمعنا أن جونو قادم خفنا من البحر وكأننا لم نمخر عبابه يوما.. خفنا من سطوته وغدره، إلا أن النتيجة كانت شيئا آخر.. كان البحر سببا أكثر منه نتيجة. وكانت الوديان وفيضاناتها هي النتيجة.. واضح أن الأودية قد تدفقت بشكل غير مسبوق حاملة معها كل ما اعترض طريقها.. سيارات ومعدات ومواد بناء من كل الأحجام، جذوع النخيل وأغصان الأشجار، حيوانات نافقة، .. الوادي يعرف طريقه جيدا ولا يسلك غيرها لتنتهي رحلته في البحر مرتميا ومتمرغا في أحضانه ليتماهى العذب الفرات مع الملح الأجاج، وقد تكوّن خط مائي فاصل عريض أو دلتا مؤقتة بطول السواحل بين زرقة الماء ولون الشاطئ.

الوادي مثل الموج يرفض أن يعترض أحد طريقه.. وإذا كان الموج قد تعود على فكرة الكرّ والفر بمده وجزره لضعفه أمام القمر، فإن الوادي لم يعتد على التقهقر.. تعود أن يمشي بينما يحترم الآخرون قدومه أو حتى توقع قدومه.

فلا أحد ينام على فراشه إن علم بقدومه، ولا أحد يسكن في أحراماته وأملاكه حتى في غيابه. ولكن لطول العهد بآخر مرة شهدت فيها مسقط سيولا جارفة حتى لا يكاد أحد يتذكر متى كان آخرها، وللزحف العمراني الذي شهدته سنوات النهضة الحديثة، ربما نسينا أو جهلنا، أو حتى تجاهلنا هذه الحدود فتجرأنا بالبناء على ضفافه أو حتى داخله، لذلك فقد خرج الوادي هذه المرة عن صمته وقال كلمته فأخذ كل ما يعترضه، وكسر الفتحات الصغيرة التي ضيقت عليه جريانه ليرميها جانبا ويمضي بجبروته.. هنا شارع مقطوع، وهناك جسر مكسور.. سيارات بلا أرقام وكأنها تقليعة، رغم تشديد الشرطة، وأخرى تبعث رسائل من تحت الماء.. عاملة المنزل تقول: (بابا هادا تسونامي سغير).. كل هذا وصغير؟!.. ماذا لو أتانا الكبير؟ أما العامل الآسيوي فيقول: (هادا كيامة سغير) «هذه قيامة صغرى».

العامرات تكاد تستعيد اسمها القديم (المتهدمات).. القرم ومجمعاتها الأنيقة غرقت في الوحل والطمي.. الغبرة وكأن الأودية تنادت لتجتمع فيها، ترى هل ما زالت السيب (سكر وحليب) فأنا متوجه إلى هناك وأحاول تحضير نفسي لأي مشهد، فأتمتم بداخلي: الحمد لله، سلمت الأرواح.. المشاهد كثيرة على طول الطريق.. نخيل لم تعد ذات أكمام بعدما دحرجتها الريح والسيول.. أشجار كبيرة اقتلعت من عروقها ونامت على الشارع. علّق البعض: هذا من عيوب الري الحديث الذي لا يصل للعمق..

تستقبلني الحيل الشمالية التي أكملت فيها حوالي عشر سنوات مولعا مستمتعا ببحرها الذي أسمع لحن أمواجه من البيت، وأصافح هوائيات وأبراج الإرسال الإذاعي التي يسافر منها صوتي إلى أرجاء الدنيا، ولكنها اليوم ليست على ما يرام، وبدا واضحا عليها الانكسار لهول ما رأت تحتها من صراع بين هيجان الموج وهدير الوادي.. مقهانا الذي ألفناه لم يبق منه شيء.. مسطحات مائية واسعة تكونت من ليلتين فقط يصعب تمييزها إن كانت عذبة أم مالحة، غير أن أسرابا من طيور النورس تزينها وكأنها وصلت قبل موسمها..

بيتي وبيوت الزملاء الجيران ملاصقة لمحطة الإرسال، ومحاذية للشارع البحري، الذي تكسر وتقطع في أكثر من موضع، وقد سبقني بعض الزملاء أيضا ليطمئنوا وأسرهم على ما تبقى إن كان قد بقي شيء، وفهمت منهم سيناريو ما حدث الليلة قبل الماضية، فأحد الأودية شرق البيوت والآخر غربها، عندما وصلا لم تكفهما الفتحات الصغيرة أسفل الشارع البحري، وسرعان ما انسدا لتتكون خلفهما بحيرة كبيرة بالتقائهما في هذه البيوت التي أخذت تمتلئ وتبدأ في الغرق حتى انفجر الشارع ومضى الوادي.. حالة من الرضى العام بما قدر الله والنجاة من الكارثة.. ما وقع على بيتي بطبيعة الحال نفسه ما وقع على البيوت الأخرى البالغة حوالي ثلاثين بيتا.. من باب الحوش تبدأ القراءة الأولى لما حدث.. الحديقة المنزلية الصغيرة تحتاج إلى تأهيل.. السيارة الصغيرة التي تركتها واضح أنها ستنقل من هنا محمولة.. أسطوانة الغاز يبدو أنها قضت تلك الليلة تمارس السباحة حتى رست هنا.. قطة صغيرة يبدو عليها التوجس تختبئ متكوّمة على نفسها خلف قطعة خشبية، وكأنها شهدت ما لم نشهده، وتسأل هل هدأت العاصفة؟! باب البيت نصف مفتوح، فلا يمكن قفله ولا زيادة فتحه لأن الأرضية أصبحت عبارة عن وحل داكن اللون بسمك حوالي عشرة سنتمترات أو أكثر افترش به البيت كاملا من الداخل.. الكهرباء مقطوعة والضوء ضعيف في الداخل.. البيت منكوب بامتياز.. كئيب جدا، المشي داخله لا يخلو من مجازفة، فالطمي ثقيل، مليء بحشرات لم أعرفها من قبل، ولا أعرف إن كانت سامة أم ودودة، بل ولا أضمن أن يظهر لي شيء من الزواحف.. على كل الجدران خيط رفيع من بقايا طين بدأ ينشف ليعطي قراءة واضحة بأن الماء أغرق البيت إلى حد مفاتيح الكهرباء قبل ينحسر.. يبدو أن قطع الأثاث قد تدافعت وتبادلت المواقع، فالثلاجة في المجلس، والأريكة في المطبخ، والملابس خارج الخزانات.. حالة انكسار، ولكن معها حالة سلام داخلي ما دمنا قد سلمنا.. للوهلة الأولى يكون القرار باستحالة السكن هنا من جديد، ولكن كان لا بد أن أحسم أمري وأتخذ قرارا ما، فبيتي الذي أبنيه للمستقبل على بعد عشرة كم في نفس الخط سيجهز بعد عدة أشهر، وليس منطقيا أن أفتح بيتا آخر بكل تبعاته، فقررت أن أتحمل وأنظف البيت وأعيد له بريقه، مهما تطلب من جهد.. إذا سيقام هنا معسكر عمل يومي، وما يشجع أنني لست وحدي، وقد نتبادل مع الزملاء الجيران بعض الآراء، وبعض العمال الذين سيتولون التنظيف الصعب، والفنيين الذين سيعيدون الكهرباء والماء للحالة الطبيعية ويصلحون ما يمكن إصلاحه.. رغم صغر البيت فقد تطلب قرابة شهر كامل لإعادة الحياة إليه، بدءا من تفريغه من كل مكوناته وصبغه وفرشه.. كل الغرف وجدناها مفتوحة الأبواب عدا واحدة كانت عصية فأحضرنا لها نجارا ليكسر القفل فانكسرتُ معه عندما وجدت مكتبتي قد سقطت وقد تلطخت وتخرست أعداد كبيرة من الكتب والدوريات وغيرها، التي كنت أجمع بعضها من صغري.. الأجهزة الكهربائية والالكترونية قمنا بتكديسها في الحوش لفرزها وتنظيف ما يمكن إعادة استخدامه. فهذه كلها يسهل تعويضها. أما المطبوعات فقمت بمحاولة يائسة لإنقاذها من خلال فرشها في السطح، بل وغمس بعضها في الماء، مطبقا مبدأ داوها بالتي كانت هي الداء.. الملفت أن المطبوعات الفاخرة بالورق المصقول هي الأكثر صعوبة لأنها تيبست بفعل الأصباغ حتى تصلبت كقطع البلاط!.. فكانت الكتب هي أعز ما فقدت لصعوبة تعويضها، إلى جانب ألبوم صور كبير يحوي صورا للقاءات أجريتها أو فعاليات قمت بتغطيتها في بداياتي المهنية، نسيت أن آخذه معي.. تذكرت جهاز الراديو العتيق الذي يكبرني بسنوات طويلة، وأعده من أثمن مقتنياتي فقد وضعته على السور لينشف، ولكن لم أجده!!.

كل القطاعات والمؤسسات الحيوية في حالة استثنائية، الشرطة والجيش والمواصلات والاتصالات والصحة والبلديات والشؤون الاجتماعية وغيرها، تعمل على إعادة الحياة لطبيعتها.. قوافل المساعدات الأهلية تنطلق من المناطق التي لم يمر عليها الإعصار إلى إخوانهم المواطنين، والوافدين المقيمين..

وقت غريب بمشاعر لم نألفها.. الأهل والأصدقاء الحقيقيون يظهرون في الوقت المناسب وتنكشف العلاقات. هاتفي مليء برسائل الأصدقاء من داخل وخارج عمان، والرسائل الإرشادية والتوجيهات.. بعض المساعدات حتى وإن كانت صعبة على النفس العزيزة، فإنها تُفرح وتطمئن بأن بلادنا بخير، وفي أهلها كل الخير.. شاحنات الجيش تقف أمام البيوت لتنزل ما نحتاجه وحتى ما لا نحتاجه. لمّحت لهم بعدم احتياجي، ولكن وجدتها مصفوفة أمام الباب عند عودتي.. زيارات لم نألفها، مثل لجان تقييم الأضرار، التي تطلب أن نعدد ما فقدناه، وعلى ضوئه تحدد التعويضات..

بعد مرور حوالي عشرة أيام، أنهيت حالة الطوارئ، وكتبت الصحافة عن حوالي ثلاثة آلاف شخص في مراكز الإيواء، وأن أضرار جونو تناهز المليار ونصف المليار ريال، وتبرعات المواطنين بالملايين، ومراعاة طلبة الشهادة العامة، وتأكيد لجنة حصر وتقييم الممتلكات التخفيف عن كاهل المتأثرين في أقرب فرصة ممكنة.

الحكايات والحالات الأسرية والفردية كثيرة، حد أن كل شخص أو بيت يعد حكاية مستقلة، ومع هذا ولله الحمد لم نسمع عن وفيات هائلة، وقد توقف الإعلان عن الوفيات عند الرقم 49، لندخل في التفسيرات والتكهنات والمصداقية من عدمها، وأشهرها تفسير أنه لو وصل عدد الضحايا إلى خمسين فيجب أن تعلن عمان (منطقة منكوبة) وما يتبع ذلك من تدفق المعونات الإنسانية من الدول والمنظمات وأن العديد منها ستكون (صدقة يتبعها من وأذى) وهذا ما لا ترتضيه الإرادة السامية للعمانيين. إذا على عمان حكومة وشعبا أن تجتاز هذا الاختبار بنجاح.. لتشهد البلاد في الأيام التالية ملحمة وطنية من التعاون والتكافل، وتتسابق الولايات والمحافظات التي لم تتأثر إلى تحريك قوافلها نحو إخوانهم في الولايات المتأثرة.. قمة مجلس التعاون المقرر أن تستضيفها السلطنة هذا العام، تستلمها قطر مشكورة، على أن تعقد الدورة التالية في مسقط، ريثما يتم ترميم البيت من الداخل.

السلطان قابوس -رحمه الله- الذي وجه خطابا مركزا وصف فيه الإعصار بـ(الأنواء المناخية الاستثنائية) التي أثبتت قوة الوطن وتماسك وترابط أبنائه اللامحدود وبصورة مشرفة، وشكر الأخوة والأصدقاء على مواقفهم النبيلة، وأعلن عن تكريم عدد من المدنيين والعسكرين (باسم عمان) - نجح في رهانه على شعبه، الذي أثبت أنه في النائبات نبض واحد.

دخل جونو تاريخنا وحياتنا لأنه حدث عظيم، أتى سريعا ويغادر ببطء.. أخذ يطفو على السطح سؤال: هل بدأت تتقارب الفترات التي يمكن أن تتعرض فيها عمان لمثل هذه الأحداث لندخل فعليا في نادي الدول التي اعتدنا أن نسمع عنها تتعرض لمثل هذه الأنواء؟ فقد سرت شائعات وتحليلات بأن أعصارا آخر سيقع قريبا، وبأن عمان من الآن ستستقبل الأعاصير بواقع كل خمس سنوات تقريبا.. الحكومة تراجع الكثير من الملفات، البيئية والإسكانية وغيرها لرؤية مستقبلية أفضل.

بتاريخ 23 من الشهر ذاته استأنفنا رحلتنا لتصوير الفيلم الوثائقي، ولكن هذه المرة من الجانب الشمالي للشرقية، ولن نستهل ببزوغ شمس رأس الحد، فالعنوان سيتغير إلى (عمان.. البناء).

مقالات مشابهة

  • السيسي يكشف طبيعة ظروف المصريين منذ 12 عاما وتحملهم
  • "المصريين": الاستثمار مع أوروبا يترجم التعاون الاقتصادي بشكل واقعي
  • «التخطيط»: الرئيس السيسي أطلق أكبر مشروع تنموي في العالم لخدمة 50% من المصريين
  • رئيس الجالية المصرية في روسيا يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو
  • أبوشقة: إرادة المصريين فولاذية وعصية و30 يونيو أول طوبة في بنيان الجمهوريه الجديدة
  • برلمانية :توجيهات الرئيس السيسي في أزمة وفاة الحجاج المصريين جاءت حاسمة
  • مصطفى بكري: خونة يرتدون ملابس الوطنية.. والسيسي يشعر بمعاناة المصريين (فيديو)
  • محافظ الفيوم يهنئ الرئيس عبدالفتاح السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو
  • محافظ الفيوم يهنئ الرئيس السيسي بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو
  • حالة من جونو.. ما بعد الإعصار