سلط معهد أمريكي الضوء على ظاهرة تجنيد جماعة الحوثي للأطفال في اليمن الذي يشهد حربا منذ عقد.

 

وقال معهد دول الخليج العربي بواشنطن في تقرير أعده الباحث غريغوري جونسن وترجمه للعربية "الموقع بوست" إن جيل الأطفال الذين يجندهم الحوثيون في اليمن سيكون "بذور الحروب المستقبلية" في البلاد التي تشهد حربا منذ عقد.

 

وأضاف "في العام 2020، التقط علي السنيدار، مصور يمني، لحظة شملت أهوال الحرب الحالية في اليمن، وكذا التخوفات بخصوص الحرب المستقبلية".

 

وبحسب التقرير فإن تلك الصورة تظهر التي التقطت في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، طفلين صغيرين يحملان بندقيتين على كتفيهما، ماران بجانب طفل صغير آخر يرتدي حقيبة مدرسية. تم القبض على أصغر جنديين طفلين وهما ينظران إلى التلميذ من فوق كتفه، كما لو كانا يراقب ما كان ينبغي لمستقبله أن يختفي.

 

وأكد أن الطفلين الذين يحملان السلاح ليسا ظاهرة جديدة في اليمن.فمنذ عدة قرون، كان الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 عاما، يحملون السلاح لحماية عائلاتهم أو الدفاع عن الأراضي القبلية. لكن ما يحدث في اليمن الآن أمر مختلف تماما وأكثر إثارة للقلق. لا ينضم الأطفال فقط إلى مجموعات الدفاع المحلية والجماعية. ولكن عوضا عن ذلك، يتم استهدافهم وتجنيدهم وتدريبهم، ثم تحويلهم في نهاية المطاف إلى جنود. وفي اليمن، يتم إضفاء الطابع المؤسسي على هذه العملية في الوقت الذي يتم فيه تمجيد الجنود الأطفال الذين تنتجهم.

 

يضيف "بصرف النظر عن كيفية أو موعد انتهاء الصراع القائم، فإن الجنود الأطفال لن يختفوا بتلك السهولة. وهذه مشكلة ستؤثر على اليمن وجيرانه لعقود قادمة. هؤلاء الجنود الأطفال هم بذور حروب اليمن المستقبلية".

 

ووفقا للمعهد فإن تقرير حديث للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، كتبه مؤلف التقرير بالإضافة إلى آخرين، وجد أن جميع الأطراف في اليمن– السعودية، الإمارات، الحوثيين، الحكومة المعترف بها من قبل الأمم المتحدة، ومجموعة من الميليشيات– مذنبون بتسليح الأطفال وتصفيتهم عبر إرسالهم للقتال. لكن الحوثيين هم– إلى حد بعيد– أكبر منتجي الجنود الأطفال في اليمن.

 

وتشير معظم التقارير- بما في ذلك تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول "الأطفال والنزاع المسلح"، وتقارير فريق الخبراء المعني باليمن التابع لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وتقارير فريق الأمم المتحدة المنحل الآن من الخبراء الدوليين والإقليميين البارزين- إلى أن الحوثيين مسؤولون عن أكثر من ثلثي الأطفال الجنود في اليمن. ويرجع ذلك جزئيا إلى التاريخ الحديث، وجزئيا، قد يجادل الحوثيون بأن هذا مدفوع بالضرورة العسكرية، لكنه كله متعمد.

 

وتابع "في ثمانينيات القرن الماضي، أنشأت الجماعة التي أصبحت تعرف باسم الحوثيين مخيمات صيفية في المرتفعات الشمالية في صعدة. ظاهريا، كان الغرض من هذه المعسكرات هو تثقيف الجيل القادم حول أساسيات الزيدية، الطائفة الشيعية السائدة في شمال اليمن. وفي نهاية المطاف، حكم الأئمة الزيديون شمال اليمن طوال معظم الألفية الماضية إلى أن تمت الإطاحة بهم في عام 1962. لكن العقيدة الزيدية كانت تشتمل دائما على عنصر عسكري، والزيديون الذين شكلوا هذه المعسكرات الصيفية الأولى، بما في ذلك أفراد من عائلة الحوثي نفسها، أنشأت التدريب العسكري أيضا".

 

وطبقا للتقرير فإن خريجي هذه المعسكرات الصيفية الأولى سيشكل نواة لحركة الحوثي في ​​الفترة من 2004 إلى 2010، عندما قاتلت الجماعة حكومة الرئيس آنذاك علي عبد الله صالح. وطوال النزاع الجاري، الذي بدأ في عام 2014، دأب الحوثيون على دفع الأطفال إلى الخطوط الأمامية، لا سيما في الحديدة وما حولها في عامي 2018 و2019 وفي مأرب في عامي 2020 و2021، كوسيلة لتعويض نقص القوات. كما قاموا أيضا بتجنيد واستخدام الفتيات الصغيرات لزرع الألغام الأرضية وكطاهيات وجواسيس.

 

وأشار إلى أن الحوثيين يستخدمن نهج الدفع والجذب لتجنيد الأطفال، وفي هذه العملية، يعيدون تشكيل المجتمع اليمني. أولاً، تستغل الجماعة الفقر، الذي يعد الدافع الأكبر لتجنيد الأطفال في اليمن، وكذلك الاقتصاد السيئ في البلاد. فعندما بدأت الحرب في عام 2014، كان يتم تداول الريال اليمني بسعر 250 ريال مقابل 1 دولار أمريكي. واليوم، في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، يبلغ سعر الريال حوالي 650 مقابل 1 دولار. ولم تتغير الرواتب، بالنسبة للقلة التي ما زالت تتقاضاها، لكن ما يشتريه الريال انخفض بشكل كبير.

 

وبشأن الجانب التعليمي يقول التقرير إن الفرص التعليمية في اليمن تبخرت حيث يتم تحويل المعلمين، الذين لا يحصل الكثير منهم على رواتبهم لعدة أشهر، إن حصلوا على الإطلاق، للانضمام إلى الميليشيات، وهي واحدة من مجالات النمو القليلة في اليمن. وفي حالات أخرى، لم يتم إعادة بناء المدارس التي تعرضت للقصف. ومما زاد الطين بلة، وفقا لمقابلات مع أشخاص على الأرض، أن الحوثيين بدأوا في فرض ما يرقى إلى ضريبة على الأطفال الملتحقين بالمدارس الحكومية. يصل المبلغ الإضافي، حوالي 1000 ريال يمني شهريا، يكفي لإثناء بعض الأسر عن إرسال أطفالها إلى المدرسة. إذا لم ينجح ذلك، فإن مجندي الحوثيين موجودون أيضا ليهمسوا في آذان الآباء أنه بدلا من دفع الرسوم المدرسية، يمكن أن تحصل العائلات على المال والدفاع عن اليمن إذا انضم أطفالهم للقتال فقط.

 

وقال "في أبريل 2022، وبالتزامن مع الهدنة الوطنية، وقع الحوثيون اتفاقا مع الأمم المتحدة ألزم الجماعة بالتوقف عن تجنيد الأطفال. ولكن برغم هذا الاتفاق، وجد فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن أن الجماعة "يواصلون التلقين والتجنيد، وفي بعض الحالات، التدريب العسكري للأطفال في المعسكرات الصيفية". في الواقع، في بعض النواحي، يزيد الحوثيون من جهودهم لتجنيد الأطفال وتدريبهم".

 

ولفت إلى أن الكتب المدرسية الحوثية الآن تحوي أقسام عن "الشهداء" الأطفال الذين قاتلوا وماتوا في الحرب الحالية. وغالبا ما تحمل شوارع صنعاء ومدن أخرى في الشمال ملصقات لجنود أطفال تُلصق على جدران المتاجر. الزامل كذلك، هو الشعر الشعبي الذي غالبا ما يُعرض على الإذاعة التي يسيطر عليها الحوثيون، يعظم ويمجد الأطفال الذين "ضحوا" بأنفسهم للدفاع عن اليمن.

 

وختم المعهد الأمريكي تقريره بالقول "هذا هو مستقبل اليمن: الأولاد والبنات الذين تم تلقينهم، والكذب عليهم، والتلاعب بهم لحمل السلاح. هؤلاء هم الشباب والشابات الذين سيخوضون حروب اليمن القادمة".

 

*يمكن الرجوع للمادة الأصل : هنا

 

*ترجمة خاصة بالموقع بوست


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن الحوثي حقوق الأطفال الذین الأمم المتحدة فی الیمن إلى أن

إقرأ أيضاً:

معهد المشروع الأمريكي: الأمم المتحدة ومسؤولية التخلي عن موظفيها في مواجهة ابتزاز الحوثيين

معهد المشروع الأمريكي - مايكل روبين

في 12 فبراير 2025، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إلى فتح تحقيق في مقتل الموظف اليمني في برنامج الأغذية العالمي، أحمد باعلوي، بعد احتجازه من قبل مليشيا الحوثيين. لكن هذا التحقيق يطرح تساؤلات حول دور المنظمة الدولية في تعريض موظفيها المحليين للخطر، وسط تصاعد انتهاكات الحوثيين.

منذ استيلاء الحوثيين على العاصمة صنعاء عام 2014، فرضت الجماعة سيطرتها على أجزاء واسعة من شمال اليمن، دون الحصول على اعتراف دولي. انتقلت الحكومة اليمنية المعترف بها إلى عدن، التي أصبحت مقرًا مؤقتًا للسلطة وللسفارات الأجنبية، بينما حافظت دول قليلة مثل إيران على وجود دبلوماسي في صنعاء. وعلى الرغم من ذلك، ترفض إدارة غوتيريش نقل المقرات الأممية إلى عدن، رغم تصاعد عمليات الاختطاف التي ينفذها الحوثيون ضد موظفي الأمم المتحدة، خاصة اليمنيين.

ففي عام 2021، اختُطف موظفون يمنيون في مكتب مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وآخرون يعملون مع السفارة الأمريكية. وتصاعدت الحوادث بشكل لافت في صيف 2024، مع اختطاف 72 عاملاً إغاثيًا، ثم اختطاف أحمد وسبعة من زملائه في يناير 2025. تشير تقارير محلية إلى أن الحوثيين يستخدمون الرهائن كورقة ضغط لفرض صمت دولي على انتهاكاتهم، وإجبار المنظمات على توجيه المساعدات عبر قنواتهم.

المفارقة أن استمرار الأمم المتحدة في العمل من صنعاء يُضعف قدرتها على تنفيذ برامجها بحياد، إذ تتحول الوكالات الأممية إلى أدوات تحت سيطرة الحوثيين، الذين يفرضون شروطًا على توزيع المساعدات. وفي المقابل، فإن نقل المقرات إلى عدن لن يعني بالضرورة توقف الخدمات في المناطق الخاضعة للحوثيين، فالتجارب السابقة –كما في العراق أثناء حكم صدام حسين، أو في جمهورية الكونغو الديمقراطية خلال صراعاتها– أثبتت إمكانية عمل المنظمات عبر خطوط النزاع عند اتباع آليات واضحة.

اللافت أن إدارة غوتيريش وبرنامج الأغذية العالمي (بقيادة سيندي ماكين) اختارت نقل الموظفين الأجانب إلى عدن، تاركة الموظفين اليمنيين عرضة للاختطاف والتعذيب، وهو ما يطرح تساؤلات حول معايير المساواة في حماية العاملين. كان من الممكن أن تُحدث الأمم المتحدة فرقًا لو طبقت سياسات صارمة ضد الابتزاز الحوثي، مثل تعليق المشاريع عند كل عملية اختطاف، أو ربط التعامل بالسلطات المعترف بها دوليًا في عدن.

القضية ليست "تعقيدات سياسية" كما تُصورها بعض التقارير، بل إدارة أزمة تفتقر إلى الشجاعة الكافية. فاستمرار التعامل مع الحوثيين دون ثمن يدفعه المسؤولون عن الاختطافات يشجع على تصعيد الانتهاكات. آن الأوان للأمم المتحدة أن تعيد تقييم أولوياتها: إما أن تتحرك لضمان حماية موظفيها –بغض النظر عن جنسياتهم– عبر نقل عملياتها إلى مناطق آمنة، أو أن تتحمل مسؤولية أخلاقية وقانونية عن دماء من يُضحَّى بهم في صمت.

مقالات مشابهة

  • "أوبريت محيط الأرض" يسلط الضوء على الوحدة والتنوع الثقافي
  • سيناتور أمريكي يؤكد أهمية تحرير اليمن من إيران وتوحيد الجيش اليمني لهزيمة الحوثيين
  • "تقرير أمريكي" يتوقع عودة الحرب في اليمن وسيطرة الحوثيين على عدن ومأرب (ترجمة خاصة)
  • ستراتفور: ماذا سيفعل الحوثيون في اليمن بقوتهم الجديدة؟
  • الحوثيون على غرار حزب الله.. مجلة أمريكية: ''اغتيال زعيم الحوثيين لن يكون كافيًا لهزيمتهم''
  • مجلة أمريكية: هزيمة الحوثيين تتطلب استراتيجية أكثر من مجرد قتل زعيمهم (ترجمة خاصة)
  • معهد المشروع الأمريكي: الأمم المتحدة ومسؤولية التخلي عن موظفيها في مواجهة ابتزاز الحوثيين
  • اليمن يطالب بموقف أممي حازم إزاء انتهاكات الحوثيين بحق الأطفال وموظفي الإغاثة
  • الزمالك يسلط الضوء على مستجدات الفريق في الفترة الحالية
  • تقرير: الحوثيون في اليمن يخرجون من حرب غزة أكثر جرأة.. من الصعب هزيمتهم (ترجمة خاصة)