جريدة الوطن:
2024-10-02@00:54:53 GMT

قراءة فـي المشهد الدولي

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

قراءة فـي المشهد الدولي

حراك سياسي كبير يشهده العالَم مؤخرًا وتجاذبات كبرى في صراعات المحاور بَيْنَ محاولات لإعادة تشكيل نظام عالَمي تعدُّدي جديد أبرز أقطابه الصين التي قَدَّمت مبادرة اقتصاديَّة عالَميَّة كبرى (الحزام والطريق) منذ عام 2013م بمشاركة دوليَّة واسعة بَيْنَ قارَّات آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينيَّة، وكذلك من خلال توسُّع مجموعة (بريكس) وتهافت دولي لافت للمشاركة في هذا التكتُّل العالَمي الذي يُشكِّل رقمًا اقتصاديًّا ديمغرافيًّا كبيرًا بانضمام ستِّ دوَل محوريَّة قاريًّا، وذلك بالتوازي مع استمرار التفوُّق الروسي في الحرب العالَميَّة المصغَّرة الجارية على المسرح الأوكراني، يقابل ذلك المحور بالجانب الآخر محور أميركا ـ أوروبا بحلفهما التقليدي لإعادة تمكين نظام الأحاديَّة القطبيَّة (المائل) وفي هذا الصَّدد تمَّ الإعلان عن مشروع اقتصادي أميركي جديد يستهدف ربط عدَّة دوَل محوريَّة في شرق وغرب آسيا بأوروبا فيما سُمِّي بالممرِّ الاقتصادي (العظيم) والذي تحاول من خلاله الولايات المُتَّحدة تعزيز صدارتها لمواجهة المشروع الصيني طريق الحرير، وقَدْ برز هذا التنافس من خلال قمَّة العشرين الأخيرة التي استضافتها الهند والقمَّة الأميركيَّة مع دوَل الآسيان لِيكرسَ حالة التنافس القطبي وصراع المحاور بعنوان الاقتصاد أوَّلًا وما يتبعه من ترتيبات سياسيَّة ـ أمنيَّة لاحقة، واللافت في الأمْرِ أنَّ المشاريع الأميركيَّة لتعزيز تفوُّقها العالَمي تضع دائمًا (إسرائيل) في قلْبِ أيِّ مبادرة عالَميَّة مِثل الممرِّ الاقتصادي العظيم الذي سيربط الهند مع دوَل اقتصاديَّة وازنة في الشرق الأوسط (السعوديَّة والإمارات) ثمَّ الأردن عَبْرَ الكيان الصهيوني وصولًا إلى أوروبا.

. لكن ما معوِّقات هذا المشروع الجديد؟
المشروع الاقتصادي الجديد ـ حسب التصور الإعلامي ـ يُعدُّ مشروعًا اقتصاديًّا عملاقًا عابرًا للقارَّات يربط الهند بأوروبا عَبْرَ الشرق الأوسط، ويتضمَّن ممرًّا ملاحيًّا بحريًّا يبدأ من الهند، ويستكمل بسكك حديديَّة تربط بَيْنَ الإمارات والسعوديَّة والأردن و»إسرائيل». كما سيتمُّ تأسيس ممرَّات عابرة للقارَّات لنقل الكهرباء المُتجدِّدة والهيدروجين النظيف عَبْرَ كابلات وخطوط أنابيب ـ حسب تصوُّرات المشروع ـ، كما تظهر أيضًا أهمِّية وجود دوَل اقتصاديَّة صاعدة في هذا المشروع والذي قَدْ يرفدها اقتصاديًّا ويضيف زخمًا وثقلًا لهذا المشروع، لكن على المدى القريب سوف تظهر عوارضه السياسيَّة والاقتصاديَّة نظرًا لعلَّاته المُتعدِّدة، مِنْها المنافسة الاقتصاديَّة العالَميَّة لمبادرة الحزام والطريق كمشروع قائم، وغالبًا يعتمد على النقل البحري على عكس الممرِّ الاقتصادي الأميركي الذي سيعتمد على النقل البَرِّي الطويل الذي يربط بَيْنَ غرب آسيا و»إسرائيل» بأوروبا وتتضاعف تكاليفه الماليَّة بسبب تضاريسه الجغرافية وحاجته لسكك حديديَّة طويلة، كما أنَّ الممرَّ الجديد الذي ظهر في قمَّة العشرين يحمل عوارض فشله بسبب تركيبته الجغرافيَّة السياسيَّة وعبوره مناطق صراعات وتوتُّرات أمنيَّة دائمة؛ نظرًا لمروره بكيان الاحتلال «الإسرائيلي»، وهذا بِدَوْره سيتطلب توفير حماية مستمرَّة ومراقبة دائمة، والجدير بالذكر أنَّ هذا المشروع جاء ردَّة فعل لصراع النفوذ بَيْنَ الولايات المُتَّحدة والصين. وهنا تَعُودُ الذاكرة إلى مشاريع مماثلة في حقب تاريخيَّة سالفة تذكر دائمًا بالتاريخ الاستعماري للقوى الأوروبيَّة في الوطن العربي وشِبْه القارَّة الهنديَّة.
إشكاليَّة التوابع السِّياسيَّة لمشروع الممرِّ (العظيم) الذي يبدو اقتصاديًّا صرفًا لكنَّه يجرُّ خلْفَه ملفات سياسيَّة يراد تعويمها ضِمْن المشروع؛ وبالتَّالي سوف تظهر عاجلًا إشكاليَّاته السياسيَّة مِثل قضيَّة التطبيع وربط مصالح دوليَّة بمدى الاستقرار السِّياسي والأمني في كيان الاحتلال الصهيوني. ويشار إلى أنَّ هناك مشاريع سياسيَّة أميركيَّة تتعلق بـ»اسرائيل» لَمْ يُكتب لها النجاح كمشروع الشرق الأوسط الكبير ومشروع الضمِّ وغزَّة الكبرى وغيرها، وبالتَّالي فإنَّ مشروع الممرِّ الاقتصادي لا يختلف في الجزئيَّة المتعلِّقة بـ»إسرائيل»، كما أنَّ الممرَّ الاقتصادي المذكور يبرز حالة من الاستقطاب الدولي مع مشروع عالَمي قائم ومتوَّج بقَدْرات اقتصاديَّة خصصت تريليون دولار شاملة طُرق الحرير وتحسين البنية الأساسيَّة في الدوَل التي يعبُرها طريق الحرير، كما أنَّ المشروع الاقتصادي الأميركي الجديد يضمُّ دولًا هي في الأساس ضِمْن مبادرة الحزام والطريق وأعضاء في مجموعة (بريكس بلس) فهل يمكن الموازنة بَيْنَ المشروعَيْنِ المتنافسَيْنِ؟ وهل يُمكِن لمشروع أميركا «العظيم» القائم على مفهوم القطبيَّة الأحاديَّة قادرًا على مواجهة حالة عالَميَّة عامَّة رافضة لاستمرار هيمنته السِّياسيَّة والاقتصاديَّة؟ وهل مشروع الممرِّ العظيم سيرى النور؟
حالات الريبة والشَّك واردة في مِثل هذه الظروف الدوليَّة، وبالتَّالي فإنَّ طرح مشاريع سياسيَّة اقتصاديَّة فجائيَّة يشوبها الكثير من المُعوِّقات عرضة للفشل وإنَّ غدًا لناظره قريب.

خميس بن عبيد القطيطي
khamisalqutaiti@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: هذا المشروع اقتصادی ا مشروع ا العال م

إقرأ أيضاً:

مشروع أوروبي لتعزيز التدريب المهني والتوظيف بين مصر وإيطاليا وإسبانيا

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

عقد اليوم الأحد، لقاء رفيع المستوى بحضور الدكتور عيسى إسكندر رئيس إتحاد العمال المصريين في إيطاليا والقنصل العام الإيطالي بالقاهرة ورئيس الكونفدرالية الإيطالية للحرفيين والقنصل العام الإيطالي، بالإضافة إلى مسؤول من الاتحاد الأوروبي ومسؤولة منظمة الهجرة العالمية في مصر. حيث تم خلال اللقاء تنظيم مائدة مستديرة لمناقشة تفاصيل تدريب حوالي 250 طالبًا على عدة مهن حرفية، وذلك بمشاركة ممثلين من إيطاليا وإسبانيا، وهما الدولتان اللتان تستقبلان المتدربين. 

ووفقًا للخطة الموضوعة، ستحصل إسبانيا على 20 طالبًا من الخريجين، بينما ستتلقى إيطاليا 130 طالبًا من إجمالي 150 طالبًا يتم اختيارهم من الدفعة التدريبية الحالية المكونة من 250 طالبًا.

وأطلق الاتحاد الوطني للحرف والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة مشروعًا أوروبيًا تحت عنوان "مسارات العمل للحرف اليدوية والشركات الصغيرة والمتوسطة: التدريب على التوظيف"، يهدف لتعزيز التعاون بين مصر وإيطاليا وإسبانيا، بالإضافة إلى جهات أوروبية أخرى. 
يركز المشروع على تقديم تدريب مهني متكامل يستهدف 350 عاملًا من مصر والمقيمين فيها، مع التأكيد على ضمان نسبة مشاركة النساء بنسبة لا تقل عن 20%.

يتضمن المشروع تدريبًا لغويًا وثقافيًا وصحيًا قبل المغادرة، إضافة إلى التدريب على السلامة المهنية عبر الإنترنت وفصول دراسية. 
وسيتمكن 150 من المشاركين من الالتحاق بسوق العمل في إيطاليا (130 عاملًا) وإسبانيا (20 عاملًا)، حيث يحصل المتدربون على شهادات في اللغات الإنجليزية والإيطالية والإسبانية، بجانب التدريب التقني لدعم الانتقال نحو الاقتصاد الرقمي والأخضر.

كما يسعى المشروع لتحقيق إدماج اجتماعي وثقافي للعمال في مجتمعاتهم الجديدة، إلى جانب تحسين نظام التعليم المهني في مصر. سيوفر المشروع أيضًا تدريبًا مهنيًا لـ 200 عامل ممن لن يسافروا، بهدف تعزيز ريادة الأعمال والتنمية الاقتصادية المحلية.

يدعم المشروع العلاقات بين المؤسسات التدريبية وسوق العمل في أوروبا ومصر، ويسعى إلى تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، بالتوافق مع مبادرات الاتحاد الأوروبي لجذب العمالة الماهرة. يشمل الشركاء في المشروع 10 جهات من دول مثل إيطاليا، إسبانيا، بلجيكا، اليونان، وفنلندا، بالإضافة إلى منظمات غير حكومية.

IMG_20240929_155817 IMG_20240929_155757 IMG-20240929-WA0031 IMG-20240929-WA0028 IMG-20240929-WA0015 IMG-20240929-WA0016 IMG-20240929-WA0013 IMG-20240929-WA0018 IMG-20240929-WA0034 IMG-20240929-WA0017

مقالات مشابهة

  • «دار البر» تواصل تنفيذ مشروع خيري لأيتام طاجكستان
  • محلل سياسي: نتنياهو يسعى لتحقيق مشروع إسرائيل الكبرى
  • هل تتخلى روسيا عن بناء خطوط السكك الحديدية في مشروع رشت-آستارا؟
  • خبير سياسي: المجتمع الدولي يرغب في تطبيق قرار مجلس الأمن 1701
  • ليست ”أمريكا وبريطانيا وإيران”.. محلل سياسي: هذا الذي يمنع تحرير صنعاء!
  • كيف تم تحويل الطائفة ‏في لبنان من حالة دينية إلى كيان سياسي؟ قراءة في كتاب
  • سامسونج تطلق مشروعًا جديدًا لتحسين الصحة الرقمية
  • “ألف العقارية” تطلق مشروع ألفه بقيمة 2.5 مليار درهم
  • ندوة بمعرض الرياض الدولي للكتاب تناقش كيفية قراءة التراث الأدبي
  • مشروع أوروبي لتعزيز التدريب المهني والتوظيف بين مصر وإيطاليا وإسبانيا