تربَّيْنَا جميعنا في دوائر تربويَّة أثَّرت في تركيب شخصيَّتنا، وبالطبع لَمْ يكُنْ كُلُّ التأثير إيجابيًّا، بل إنَّ التأثير الإيجابي ومعه السلبي ينعكس أثَره في كُلِّ صوَر حياتنا على اختلاف مراحلها في كُلِّ شؤوننا، سواء العمليَّة أو الأُسريَّة، العاطفيَّة مِنْها والاجتماعيَّة. ونتيجة لهذه الاختلافات يجِبُ أن يكُونَ لنَا محطَّات ووقفات عِنْد مَن يُمكِن أن يفهمَ ويعدلَ المسار وهو الطبيب النَّفْسي، حيث يعرف العلاج النَّفْسي على أنه علاج تعاوني بَيْنَ الفرد والطبيب النَّفساني.
لذلك ينصح في المُجتمعات المتحضرة بالذهاب إلى الطبيب النَّفْسي بَيْنَ فترة وأخرى؛ لأنَّ الذهاب إليه لا يحمل أيَّ شبهة للزائر بأنَّه مجنون أو مختلٌّ ـ لا سمح الله ـ كما يظنُّ الكثير في مُجتمعاتنا العربيَّة، إنَّما الذهاب إلى الطبيب النَّفْسي بمثابة ذهاب لصديق يعلم كيف يستمع إليك ويخلص إلى ما تعانيه بعِلم وخبرة، وهو الذي يُجيد التعامل مع مشاكل الزائر إليه في تحديد معاناته، سواء كانت خاصَّة أو عامَّة، كمرض عقلي معيَّن أو التعرُّف على مصدر التوتُّر في حياة الزائر الشخصيَّة، وذلك بخبرته في السماح للزائر بفهم مشاعرهم وما يتسبب في شعورهم بالقلق أو الاكتئاب، الأمْرُ الذي يُمكِن أن يزودَهم بأدوات للتعامل مع المواقف الصعبة في حياتهم بطريقة أكثر قابليَّة للتكيُّف بمجموعة من العلاجات التي يُمكِن أن تساعدَ في مواجهة الصعوبات، سواء العاطفيَّة أو الاضطرابات النَّفْسيَّة، من خلال استخدام الأساليب اللفظيَّة النَّفْسيَّة أو وصفة دوائيَّة إذا لزم الأمْرُ.
ولأنَّ مجتمعاتنا ترفض فكرة الذهاب إلى الطبيب النَّفْسي بحجة أنَّ الزائر يوصم بالجنون وهي أقاويل كاذبة عفا عَلَيْها الزمن لأنَّ الطبيب النَّفْسي الآن هو يُعدُّ الصَّديق الأقرب للزائر، فهو يستمع إليه جيِّدًا وينصت لمشاكله ويستخلص من الحديث والسماع إليه إلى أساس المشكلة التي قَدْ تكُونُ خافية عن الزائر نَفْسِه، ولدَيْنا أمثلة عن مرضى يظنون أنْفُسهم العقل والحكمة ويعتقدون أنَّهم الصفوة الذين يملكون الخبرات والإجابات الحاضرة لأيِّ معضلة هُم في الأساس مرضى ولا يشعرون، ويعانون من تحيُّزهم لأنْفُسِهم نتيجة القوالب النمطيَّة الاجتماعيَّة، والمعتقدات الخاطئة المصحوبة بخبرات لاحقة من الخزي والعداء وعدم الثقة، ومِنْهم مَن يصف نَفْسَه بأنَّه الوحيد الذي يملك الحكمة وأنَّ الوحي يأتيه من بَيْنِ يدَيْه، وتجد في النهاية هؤلاء الأكثر ارتكابًا للكوارث. لذا يتعيَّن أن تتضافرَ جهود المُجتمع والأُسر والأفراد والجمعيَّات الأهليَّة، سواء الخاصَّة أو الحكوميَّة في معالجة الأسباب التي تؤدِّي إلى إصابة الأفراد بالأمراض النَّفْسيَّة، والتي هي في الغالب أسباب اقتصاديَّة نتيجة لِمَا يشهده العالَم من أزمات اقتصاديَّة وحروب ماليَّة، والاقتناع بأنَّ الصحَّة النَّفْسيَّة حقٌّ وليست رفاهية، وتغيير ثقافة البعض ممَّن يعتقد أنَّ الذهاب إلى الطبيب النَّفْسي سيضرُّ بسمعته والتأكيد بأنَّ الطبيب النَّفْسي هو أقرب صديق يُمكِنه إعطاء النصح والعلاج، والوحيد القادر على تعزيز النُّمو الداخلي الشخصي، والقادر على فهم احتياجات الفهم لذاتك فلنبحث جميعًا عن أقرب صديق (طبيب) نَفْسي لِننجوَ من اختلالات هي مصدر الإزعاج.
جودة مرسي
godamorsi4@yahoo.com
من أسرة تحرير «الوطن»
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: الذی ی
إقرأ أيضاً:
بسبب الإساءة إليه .. الأوقاف تنفي وفاة إمام مسجد بالشيخ زايد
نفت وزارة الأوقاف، في بيان رسمي، ما تداولته بعض صفحات التواصل الاجتماعي بشأن وفاة إمام مسجد بمنطقة الشيخ زايد نتيجة سكتة قلبية عقب تعرضه للإساءة من أحد الأشخاص.
وأكدت الوزارة أن الأخبار المتداولة غير صحيحة تمامًا، مشيرة إلى عدم وجود مساجد بأسماء "مسجد حراء" أو "مسجد بدر" في المنطقة المذكورة.
وأوضحت مديرية أوقاف الجيزة أنه لم يتم تسجيل أي واقعة مشابهة تخص أئمة المساجد أو خطباء المكافأة المعتمدين لديها، مما يؤكد أن هذه الأخبار لا أساس لها من الصحة.
وفي هذا الصدد، دعت الوزارة المواطنين إلى تحرّي الدقة وعدم الانسياق وراء الأخبار الكاذبة التي تهدف إلى إثارة العواطف وإشاعة البلبلة بين الناس. وشددت على أهمية الالتزام بالصدق، كقيمة دينية وأخلاقية، وأهمية التثبت من صحة الأخبار قبل تداولها.
واختتمت الوزارة بيانها بالتضرع إلى الله أن يحفظ جميع العاملين لديها وأن يحمي البلاد من كل سوء، داعية الجميع إلى الالتزام بالمسؤولية الإعلامية وتحري الحقائق في كل ما يُنشر.