التحري الإحصائي ذاكرة العمل
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
يظلُّ التناقض الذي يحكم التستُّر والمكاشفة جوهر الدلالة على إمكان التعرُّف على ما يجري، أو عكس ذلك، أعني الغفلة والجهل. بل العمى أحد أشدِّ الأخطار في التغطية وسحب الأنظار بعيدًا عن الوقائع، الأمْرُ الذي من شأنه أن يكرِّسَ الخطأ، ولذلك قيل بأهمِّية الاستدراك القائم على تصفُّح ما يجري دَوْريًّا، لِنعرفَ إن كان بالمستوى المطلوب، أو عكس ذلك، وعِنْدها تكُونُ المعالجة واجبًا لا يُمكِن التنصُّل عَنْه.
إنَّ الانخراط في المهمَّات الإحصائيَّة إحدى الضمانات التي لا يُمكِن التنصُّل عَنْها لأيِّ سببٍ كان، وهكذا أصبحت المتابعات الإحصائيَّة إحدى المحطَّات التي لا بُدَّ من التوقف عِنْدها إداريًّا، الأمْرُ الذي يتطلب اعتماد اليَّات معيَّنة في سبيل ذلك، ليس فقط ضِمْن المفهوم الحسابي الرَّقمي، وإنَّما في إطار مقتضيات العمل الأخرى. إنَّ الاستغراق في العمل بِدُونِ محطَّات من هذا النَّوع يقود إلى التهويم ليس إلَّا، أمَّا المناسبة فمتابعة إلى ما شهدته مسقط يوم الاثنين الماضي بانعقاد الاجتماع العاشر للجنة الدائمة لشؤون العمل الإحصائي بدوَل مجلس التعاون الخليجي. الملاحظ، أنَّ المشاركين فيه تناولوا خمسة مواضيع ذات أهمِّية خاصَّة تتعلق بـ(تطوُّر العمل الإحصائي الخليجي، دراسة التقرير الإحصائي بشأن منظومة الحماية الاجتماعيَّة بدوَل مجلس التعاون، مشروع قياس الاقتصاد الرَّقمي، متابعة تنفيذ توصيات الاجتماع التاسع الصادرة عن اللجنة، سَير العمل بشأن دراسة مؤشِّرات إحصائيَّة لقياس مدى تنفيذ قرارات المجلس الأعلى). إنَّ الفحص الدقيق لهذه الموضوعات التي طرحت في الاجتماع يشير إلى أنَّ محرِّكها الأساسي هو مسؤوليَّة الانضباط في الإنجاز.
إنَّ ما أُعتمد من اليَّات المتابعة والدراسة والقياس، كُلُّ ذلك لمعرفة مدى المنجز الحاصل، إن كانت السياقات المعتمدة بالمستوى المطلوب أَم أنَّها بحاجة إلى التطوير، وهنا بيت القصيد في الانسجام مع حقيقة أنَّ العالَم، كُلَّ العالَم الآن يقيِّم مستمسكات النجاح على مدى ما يتحقق من مخرجات العمل، أي عملٍ كان، فبقدر ما يكُونُ العمل الإحصائي بأدوات تطبيقيَّة ملائمة تكُونُ النتائج صحيحة بنسب عالية. إنَّ التعويل على هذا المنهج باتَ حجر الزاوية الذي لا يُمكِن بأيِّ حالٍ من الأحوال الاستغناء عنه. ولا شكَّ أنَّ مناهج من هذا النَّوع تقتضي مفردات علميَّة تطبيقيَّة، ولذلك أصبحت علوم الإحصاء أحد أهم مرتكزات الإدارة الحديثة، بل إنَّ هذا النَّوع من المفهوم بات واحدًا من مستلزمات الملكيَّة الفكريَّة نظرًا لوجود آليَّات تطبيقيَّة ذات سريَّة معيَّنة وجزء أساسي من الأمن القومي للدوَل والتكتُّلات. وتأسيًا على ذلك، وفي ضوء حيثيَّات الاجتماع المشار إليه، يظلُّ الجوهر قائمًا على مدى قياس المُتحقِّق في عالَم تحكُمه المنافسة المتوحِّشة عمومًا والاشتغال على وفق نظريَّة الاحتمالات. لقَدْ تحوَّلت المعلومة إلى سلعة، لكنَّ بَيْعها يخضع في أغلب الأحيان إلى شروط قَدْ لا يُمكِن الإيفاء بها، ومن هنا، فإنَّ اعتماد مجلس التعاون الخليجي على ما لدى دوَل المجلس من إمكانات بشأن ذلك واحد من المقاييس اللازمة في هذا التوجُّه. إنَّ الإدارات المعتمدة بكُلِّ منظوماتها المعروفة من إدارة التطوير إلى إدارة الأزمات، مرورًا بالإدارة الحديثة التي تقيم وجودها على التقانة لا بُدَّ أن تظلَّ تحت طائلة العمل الإحصائي في سياقه الحسابي الرَّقمي، وفي إطار المفردات الإداريَّة العامَّة. الطريف في الأمْرِ أنَّ العمل الإحصائي العامَّ ـ برغم ما يملك من محرِّكات حسابيَّة ـ تظلُّ الإدارة العاطفيَّة واحدة من مغذِّياته التي لا يُمكِن الاستغناء عَنْها لحقيقة أنَّ العاطفة جزء أساسي من مُكوِّنات العمل، بمعنى التعاطف معه.
بخلاصة عامَّة، إنَّ الفرص المتاحة أمام دوَل مجلس التعاون الخليجي ليست سهلة عمومًا، ذاتيًّا، وكذلك على صعيد التحدِّيات الإقليميَّة والدوليَّة ممَّا يقتضي المزيد من الشطارة الإداريَّة المبنيَّة على معارف إحصائيَّة تستبين وتستنتج وتقيس.
عادل سعد
كاتب عراقي
abuthara@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: العمل الإحصائی مجلس التعاون
إقرأ أيضاً:
مدبولي: موقف ثابت بشأن أهمية إعادة إعمار قطاع غزة
ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الاجتماع الأسبوعي للحكومة بمقرها في العاصمة الإدارية الجديدة؛ وذلك لمناقشة عدد من الموضوعات والملفات.
واستهل رئيس مجلس الوزراء الاجتماع، بالإشارة إلى استمرار تصاعد وتيرة الأحداث السياسية في المنطقة، مشددا على موقف مصر الثابت حيال القضية الفلسطينية، ومواصلة الجهود المصرية المبذولة لضمان التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بما في ذلك تبادل الرهائن والمحتجزين، ونفاذ المساعدات الإنسانية لتخفيف الأزمة الإنسانية غير المسبوقة التي يعاني منها سكان القطاع.
وقال الدكتور مصطفى مدبولي: هناك موقف ثابت لمصر أيضا بشأن أهمية إعادة إعمار قطاع غزة، وهو ما أكده الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، في جميع لقاءات والاتصالات الهاتفية التي أجراها مع قادة ورؤساء عدد من الدول، كما تحرص الدولة المصرية على التنسيق المستمر مع الدول العربية وجميع الأصدقاء من مختلف دول العالم؛ لمواجهة التحديات المختلفة.
وفي هذا الإطار، أشار رئيس الوزراء إلى الاتصالات الهاتفية التي أجراها وتلقاها فخامة السيد رئيس الجمهورية، ومنها تلقي سيادته اتصالاً هاتفياً من الملك عبد الله الثاني بن الحسين، عاهل المملكة الأردنية الهاشمية، وكذلك الاتصال الهاتفي مع جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البحرين، فضلا عن استقبال الرئيس للشيخ فهد يوسف سعود الصباح، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والداخلية بدولة الكويت، بهذا الشأن.
وفيما يتعلق بالشأن المحلي، أشار رئيس مجلس الوزراء إلى الاجتماع الذي عقده الرئيس صباح اليوم بشأن جهود الدولة في تأهيل وتدريب الكوادر في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والبرمجيات، وتعزيز الصادرات الرقمية كأحد محاور تنمية الاقتصاد الوطني، لافتا إلى أن هذا الملف مهم للغاية، باعتبار أن قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يمثل أهمية قصوى لدينا، بجانب قطاعات أخرى واعدة، مثل: الزراعة، والصناعة، والسياحة، مشيرا إلى أن زيارته مساء أمس لمدينة المعرفة تمثل ترجمة واقعية لجهود الدولة في هذا المجال.
وأضاف الدكتور مدبولي: تواصل الحكومة السعي في هذا القطاع لتنفيذ تكليفات الرئيس نحو التحول إلى مجتمع رقمي متكامل، والتوسع في التدريب وبناء القدرات الرقمية من خلال مدارس التكنولوجيا التطبيقية ومراكز إبداع مصر الرقمية، والاستثمار في الكوادر البشرية، خاصة من الشباب.
وخلال الاجتماع، عرض الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية، وزير الصحة والسكان، موقف جهود تقديم الدعم الصحي للأشقاء الفلسطينيين، موضحاً أن مصر استقبلت ـ منذ بدء الأزمة ـ نحو 103.4 ألف حالة، بينها 113 مصاباً منذ الأول من الشهر الجاري حتى الآن، لافتاً إلى أن الحالات التي تم استقبالها تضمنت 12.3 ألف طفل، حيث تم توفير أوجه الرعاية الطبية اللازمة لهم، ومن ذلك تقديم جرعات تطعيمية بواقع 16.3 ألف جرعة للتحصين ضد أمراض شلل الأطفال، والحصبة، والحصبة الألمانية، والنكاف.
كما أكد الدكتور خالد عبد الغفار جاهزية عدد 164 مستشفى إحالة لاستقبال الأشقاء الفلسطينيين وتقديم الدعم الصحي لهم، بما يتوافر بها من قدرات، تشمل 1656 سرير رعاية للكبار، و191 سرير رعاية للأطفال، و10377 سريرا للإقامة الداخلية، و193 سريرا لحالات الحروق، و867 حضانة، إلى جانب تدعيمها بـ 25 ألف كيس دم، و150 سيارة إسعاف، فضلاً عن الكوادر البشرية المدربة وتتضمن نحو 35 ألف طبيب، و39 ألف عنصر تمريض.