جريدة الوطن:
2025-03-04@10:33:48 GMT

أذى الطبيعة

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

فاجعتان في غرب العالَم العربي خلَّفتا آلاف الضحايا وأضعافهم من الذين أصبحوا بلا مأوى، بزلزال مدمِّر في مراكش بجنوب المغرب وعواصف وسيول في درنة وغيرها بشرق ليبيا، سبَّبتا حالة من الحزن العامِّ في أرجاء المنطقة. ورغم أنَّ الأحداث لا تزال ساخنة والقلوب بعدها دامية من الألَم والأسَى، إلَّا أنَّ استخلاص الدروس مُهمٌّ تحسُّبًا لتكرار تلك الكوارث الطبيعيَّة التي زادت وتيرتها وحدَّتها في الأوان الأخير.

فزلزال المغرب يأتي بعد فترة وجيزة من الزلزال المُدمِّر الذي ضرب سوريا وتركيا مخلِّفًا آلاف الضحايا ودمارًا هائلًا. وما بَيْنَ الحدثَيْنِ، شهدت مناطق أخرى من العالَم زيادة في حدَّة الظواهر الطبيعيَّة من عواصف وسيول وحتَّى زلازل أقلَّ حدَّة. ليس أقلَّها أمطار موسم «المونسون» في الهند التي أضرَّت بمحصول الأرز ما جعل الحكومة تفرض حظر تصدير أدَّى إلى ارتفاع أسعار الأرز في العالَم. ذلك غير الحرائق التي ضربت أميركا الشماليَّة وأوروبا وأزهقت أرواحًا ودمَّرت محاصيل وممتلكات. طبعًا تلك أضرار لا تقارن بفداحة الخسائر البَشَريَّة في المغرب وليبيا وقَبلها سوريا وتركيا.
قَدْ يوصف كُلُّ ذلك بأنَّه أذى الطبيعة لسكَّان الأرض، لكنَّ الطبيعة غالبًا ما تُحقِّق التوازن بغَضِّ النظر عن الأضرار. وما جهد البَشَر في محاولة تطويع الطبيعة إلَّا إخلال بذلك التوازن أحيانًا. هذا ما يحدث فيما يتعلَّق بالتغيُّرات المناخيَّة التي يُسبِّبها الإنسان بانبعاثات الغازات المُسبِّبة للاحتباس الحراري، وغير ذلك من النشاطات التي تخلُّ بالتوازن الطبيعي مِثل إنتاج النفط والغاز الصخري في أميركا الشماليَّة وبريطانيا والذي يُسبِّب الزلازل بشكلٍ مباشر. أمَّا الحرائق التي تزيد قوَّتها وأضرارها والأمطار والسيول والعواصف فهي نتاج مباشر لتغيُّر المناخ. فالعاصفة دانيال التي ضربت ليبيا هي عاصفة موسميَّة، لكن لَمْ يحدُثْ أن أدَّت إلى وفاة الآلاف وطمر مُدُن بالكامل كما حدَث قَبل أيَّام. حتَّى الزلازل التي ضربت نيويورك وما حَوْلَها في الولايات المُتَّحدة هذا العام لَمْ تكُنْ بالقوَّة والأضرار كما حدَث في المغرب قَبل أيَّام وقَبل ذلك في سوريا وتركيا. ولعلَّ تلك هي ما تُسمَّى «العدالة المناخيَّة» التي تصاعد الحديث عَنْها في مؤتمر المناخ العالَمي، كوب 27، العام الماضي في مصر، ولا شكَّ ستكُونُ أكثر حضورًا في مؤتمر «كوب 28» في الإمارات. تلك العدالة التي يقصد بها أنَّ الدوَل الكبرى الغنيَّة مسؤولة عن أكثر من ثلاثة أرباع التلوُّث البيئي المُسبِّب للتغيُّر المناخي، بَيْنَما تُعاني بقيَّة دوَل العالَم بشكلٍ أكبر وأخطر من نتيجة تلك الأضرار. وذلك هو الأذى الأكبر الذي يُسبِّبه الإنسان وليس الطبيعة.
إذا كانت بقيَّة كوارث الطبيعة من عواصف وسيول وقَبلها الحرائق وغيرها مرتبطة بشكلٍ مباشر بارتفاع حرارة كوكب الأرض نتيجة انبعاث الغازات المُسبِّبة الاحتباس الحراري، فإنَّ الزلازل والبراكين ربَّما يصعب الربط بَيْنَها وبَيْنَ التغيُّر المناخي. فالزلازل تحدُث نتيجة تحرُّك الصفائح التكتونيَّة التي تُشكِّل الطبقة التالية من الكرة الأرضيَّة تحت قشرتها وفوق القلب الصلب للكرة. هذه الصفائح في حركة مستمرَّة وتُسمَّى المناطق ما بَيْنَ أطرافها «الفالق». يُحدِّد علماء الجيولوجيا 14 صفيحة كبرى تحت قشرة الأرض تتحرك بما بَيْنَ سنتيمترَيْنِ وعشرين سنتيمترًا سنويًّا. وحين تحتكُّ أطرافها أو تطغى فوق بعضها تحدُث الزلازل. يبدو علميًّا إذًا أنَّ الزلازل هي نتيجة عمليَّة جيولوجيَّة تحت سطح الأرض يصعب إثبات أنَّها تتأثَّر كثيرًا بما فوقها. لكن في السنوات الأخيرة مع تكرار الزلازل بشكلٍ غير معتاد في مناطق تحطيم الصخور لاستخراج النفط والغاز بدأت أبحاث العلماء تحاول الربط بَيْنَ الزلازل كظواهر طبيعيَّة والتغيُّرات فوق سطح الأرض وربَّما في مجالها الجوِّي أيضًا.
لوحظ أيضًا أنَّ الزلازل تكثر في منطقة الهيملايا في فصل الشتاء، ولا تحدُث في وقت موسم المونسون حيث الأمطار الكثيفة تثبت قشرة الأرض. وممَّا يثبِّت قشرة الأرض بالضغط القوي عليها أيضًا جبال الجليد التي أخذت في الذوبان بكثافة في السنوات الأخيرة نتيجة التغيُّر المناخي. وهناك أبحاث الآن تربط بَيْنَ تخفيف الضغط على قشرة الأرض وزيادة تحرُّك الصفائح التكتونيَّة تحتها بما يزيد من احتمالات الزلازل، وكذلك قوَّتها عِنْد كُلِّ فالق. هذا فضلًا عن أنَّ ذوبان الجليد يؤدِّي إلى ارتفاع منسوب المياه في البحار والمحيطات ما ينقل الضغط على قشرة الأرض من منطقة إلى أخرى. تلك الاختلالات الطبيعيَّة ناجمة عن ارتفاع درجة حرارة الأرض، بالإضافة إلى نشاطات بَشَريَّة أخرى تُسبِّب أضرارًا للتوازن الطبيعي. والنتيجة أنَّ الظواهر الموسميَّة أصبحت أكثر حدَّة وتحدُث بوتيرة أسرع. ومع استمرار ضغط البَشَر على المناخ تتسع هوَّة الاختلال الطبيعي في غلاف الكرة الأرضيَّة ويزيد الضرر على قشرة الأرض فيؤدِّي بِدَوْره إلى مزيدٍ من الكوارث الطبيعيَّة من باطن الأرض كالزلازل والبراكين.
ربَّما يكُونُ الإثبات العلمي ليس كافيًا بعد للربط بَيْنَ زيادة عدد الزلازل وحدَّتها، وبالتَّالي أضرارها بالتغيُّرات المناخيَّة. إلَّا أنَّ المؤشِّرات تبدو قويَّة حاليًّا. وحتَّى إذا ردَّ بعض المُنكرين أصلًا للتغيُّر المناخي وأضراره فإنَّ العواصف والسيول التي تدمِّر المُدُن بكاملها وتودي بحياة الآلاف من البَشَر هي نتيجة مباشرة لاختلال المناخ. ولعلَّ ذلك كافٍ حتَّى الآن، قَبل أن نشهدَ كوارث أكثر، للتعامل بجديَّة مع أسباب التغيُّرات المناخيَّة.

د.أحمد مصطفى أحمد
كاتب صحفي مصري
mustafahmed@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: ر المناخی ر المناخ العال م الب ش ر ة التی التی ت

إقرأ أيضاً:

الغاز الطبيعي التركي يصل ناختشيفان هذا الأسبوع

أنقرة (زمان التركية) – أعلن وزير الطاقة والموارد الطبيعية ألب أرسلان بايراكتار أنه سيتم تصدير الغاز الطبيعي التركي إلى جمهورية ناخيتشيفان الذاتية، هي مقاطعة حبيسة غير ساحلية تابعة لجمهورية أذربيجان، هذا الأسبوع.

وأجاب بيرقدار على أسئلة وكالة أنباء الأناضول في موسكو، عاصمة روسيا، التي زارها لعقد اجتماعات.

وأشار بايراكتار إلى أن تعاون تركيا مع روسيا في مجال الطاقة يعود إلى سنوات عديدة، مؤكدا أنه بالإضافة إلى الغاز الطبيعي والنفط، فإن التعاون في مجال الطاقة النووية مهم جداً أيضاً مع محطة أكويو للطاقة النووية، وهي أكبر استثمار أجنبي لتركيا.

وأشار بايراكتار إلى أنهم التقوا بنائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك ووزير الطاقة الروسي سيرغي تسيفيلييف في نطاق اتصالاتهم في موسكو، وقال بايراكتار: ”بالإضافة إلى تعاوننا الحالي وكيف يمكننا رفع حجم التبادل التجاري بيننا إلى نقطة أفضل، لدينا أيضًا قضايا جديدة على جدول الأعمال“.

وذكر بايراكتار أن تركيا رابع أكبر مستهلك للغاز الطبيعي في أوروبا وروسيا بلد مورد مهم في هذا المجال.

وأشار بايراكتار إلى أن السنة الأربعين لتوريد الغاز الطبيعي الروسي إلى تركيا ستنتهي في عام 2026، وقال: ”لذلك، فإن هذا يعد حدثًا مهمًا بالنسبة لنا، وأثناء تطوير تعاوننا في مجال الغاز الطبيعي، كان توفير الإمدادات إلى تركيا في ظل ظروف أكثر ملاءمة وبالطبع مركز تجارة الغاز الطبيعي الذي نخطط لإنشائه في تركيا من بين بنود جدول أعمالنا اليوم“.

كما أوضح بايراكتار أن تركيا سوق كبيرة جدًا في مجال الغاز الطبيعي، وقال إنها في وضع يمكنها من مساعدة دول المنطقة فيما يتعلق بأمن الإمدادات بفضل موقعها واستثماراتها في البنية التحتية.

وأكد بايراكتار على أن تركيا أصبحت الآن منتجاً للغاز الطبيعي من خلال الأعمال في البحر الأسود، وقال بايراكتار: ”نحن نعمل أيضاً بهدف زيادة قدرة اتصالاتنا مع الدول المجاورة لنا. هناك فرص جادة في هذا الصدد.“

وأوضح بايراكتار أن الغاز الطبيعي يتم توريده إلى تركيا من 14 نقطة مختلفة:

”لدينا أيضًا نقاط تصدير. إحداها بلغاريا والأخرى اليونان. ويجري الآن إضافة نقطة جديدة إلى هذه النقاط. لقد بدأنا في تصدير الغاز الطبيعي إلى ناختشيفان. لقد تم الانتهاء من خط أنابيب إغدير-ناختشيفان. آمل أن يقام احتفال بمشاركة رئيسنا رجب طيب أردوغان ورئيس أذربيجان إلهام علييف. هذا الأسبوع، سنقوم بتزويد خط أنابيب الغاز الطبيعي هذا، وهو خط أنابيب جديد لتركيا. وسيتم تلبية احتياجات ناختشفان من الغاز عبر تركيا.“

وفي تقييمه لتصريحات المسؤولين العراقيين حول استئناف شحنات النفط من ميناء جيهان قريبًا، قال بيرقدار: ”هذا الخط (خط أنابيب النفط العراقي التركي) جاهز للتشغيل منذ 4 أكتوبر 2023، أي منذ حوالي سنة ونصف. كان هناك توقف لمدة 3-5 أشهر. خاصةً بعد زلزال 6 فبراير/شباط، أخذنا هذا الخط إلى الصيانة من أجل الضوابط الفنية في عام 2023، وبعد الانتهاء من كل ذلك، قلنا إنه جاهز للتدفق اعتبارًا من 4 أكتوبر/تشرين الأول“.

Tags: أذربيجاناسطنبولتركياغازطبيعي

مقالات مشابهة

  • دون وقوع خسائر.. زلزال بقوة 5 درجات يضرب جنوبي الفلبين
  • كل ما تحتاج معرفته عن سكر الدم الطبيعي للصائم
  • خطوات الاستعلام والتظلم على نتيجة شقق الإسكان الاجتماعي 2025
  • الغاز الطبيعي التركي يصل ناختشيفان هذا الأسبوع
  • دول العالم تتفق على تمويل جهود حفظ الطبيعة بعد مفاوضات شاقة
  • شهر آذار أكثر دفئاً من المعدل الطبيعي.. خيبر مناخ يتحدث
  • تركيا تواجه خطرًا وجوديًا
  • أستراليا تشهد ثاني أكثر صيف حرارة في تاريخها بسبب التغير المناخي
  • في يومين.. 3 طرق طبيعية وفعالة لعلاج القشرة
  • بعيدا عن جفاف الشتاء.. 3 أسباب مهمة لظهور قشرة الرأس