البرهان في تركيا للقاء أردوغان
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
توجه رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، اليوم الأربعاء، إلى العاصمة التركية أنقرة في زيارة رسمية، في سياق التحركات الإقليمية التي بدأها قبل أسبوعين.
وذكر بيان صادر عن مجلس السيادة الانتقالي، أن البرهان سيجري خلال الزيارة التي لم يذكر مدتها، مباحثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، تتناول مسار العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها، والقضايا ذات الاهتمام المشترك بين البلدين.
ويرافق البرهان -وهو يشغل أيضا منصب قائد الجيش السوداني- في زيارته، وفق البيان، كلٌّ من وزير الخارجية علي الصادق، ومدير جهاز المخابرات العامة أحمد إبراهيم مفضل، ومدير عام منظومة الصناعات الدفاعية، ميرغني إدريس سليمان.
وفي مايو/أيار الماضي أبدى أردوغان في اتصال هاتفي مع البرهان استعداد أنقرة لاستضافة "مفاوضات شاملة" لإنهاء الصراع الدائر في السودان، إلا أن أيا من طرفي الصراع لم يرد بشكل رسمي على هذه المبادرة.
وتعتبر زيارة البرهان إلى تركيا الخامسة من نوعها، بعد مصر، وجنوب السودان، وقطر، وإريتريا، منذ اندلاع القتال الدامي بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع" منتصف أبريل/ نيسان الماضي والذي ما يزال مستمرا حتى اليوم.
وبدأ البرهان جولاته الخارجية بعد خروجه من الخرطوم باتجاه مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر (شرقي البلاد)، في 27 أغسطس/ آب الماضي، وهو ما فسره محللون بأنه سعي لدعم إنهاء الحرب في حين يرى آخرون أنه هروب مما يصفونه "بواقع مأزوم".
ويتبادل الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، الاتهامات بالمسؤولية عن بدء القتال وارتكاب خروقات خلال اشتباكات لم تفلح عدة هدنات في إيقافها، ما خلف أكثر من 3 آلاف قتيل، أغلبهم مدنيون، وأكثر من 5 ملايين نازح ولاجئ داخل البلاد وخارجها، بحسب الأمم المتحدة.
القتال في الخرطوم ومدن أخرى مستمر منذ أكثر من نحو 5 أشهر (رويترز) دعوة للتهدئةوفي سياق المساعي لإيجاد حل للصراع في السودان، أعربت دول مجلس التعاون الخليجي (تضم قطر والإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان والكويت) عن قلقها إزاء تداعيات الأزمة الحالية في السودان، مؤكدة ضرورة التهدئة، وتغليب لغة الحوار وتوحيد الصف، والحيلولة دون أي تدخل خارجي في الشأن السوداني.
جاء ذلك في بيان مشترك لدول مجلس التعاون ألقاه السفير إدريس بن عبدالرحمن الخنجري المندوب الدائم لسلطنة عمان لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية في جنيف، أمام مجلس حقوق الإنسان خلال الحوار التفاعلي بشأن السودان.
وثمن البيان، استمرار الجهود الدبلوماسية للمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأميركية لتقريب وجهات النظر وتغليب لغة الحوار بين الأطراف السودانية، وبما يسهم في تعزيز أمن واستقرار السودان.
ورعت كل من الرياض وواشنطن محادثات بين طرفي الصراع في السودان عقدت في مدينة جدة السعودية، ونجحتا في الإعلان عن عدة هدن إلا أنها لم تفلح في التوصل لحل ينهي القتال.
وأكد مجلس التعاون في البيان وقوف دول مجلس التعاون إلى جانب شعب السودان. ودعا في هذا الشأن المجتمع الدولي إلى تلبية نداء الاستجابة الإنسانية بشكل عاجل، وإلى توفير المزيد من المساعدات الإنسانية والطبية لرفع المعاناة عن الشعب السوداني.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: مجلس التعاون فی السودان
إقرأ أيضاً:
هل أشعلت الحرب عقول الشباب السوداني؟
حدثنا البروفيسور شمس الدين زين العابدين عن الرئيس الهندي الأسبق أبوبكر عبد الكلام أنه خاطبهم في قاعة الشارقة بجامعة الخرطوم قائلا لهم: “لا تكتفوا بتدريس طلابكم، بل أشعلوا عقولهم”.
كتاب له مشهور عنوانه Ignited Minds إشعال العقول، عوّل فيه على إشعال العقول الشابة Igniting young minds حين بدأ التخطيط لفترة رئاسته. رأى أن يكون قائدًا ولا يفرض فكره على الآخرين.
كتب في مقدمة الكتاب أن صدمة كبيرة أوصلته إلى هذه القناعة، عندما نجا من تحطم مروحية كانت تقله.
يبدو أن الحرب قد أشعلت عقول السودانيين، أو كما نقول بالدارجة: “فَتحَت راسهم”. وربما أصابهم ما يصيب الجسم بعد العلاج بالصدمة الكهربائية. صدمة مؤلمة لكنها فعالة.
ظهرت العشرات من العناوين التي ألفها السودانيون في فترة الحرب، ومئات المنصات الالكترونية العلمية ومنها منصات ذات محتوى رفيع لشباب واعد يقدم مشروعات في الزراعة والصناعة والطاقة وغيرها.
قد يقال إن هذه الكتب والمؤلفات والمنصات ليست سوى مظهر لـ “قلة الشَغَلة” بعد أن أوى اللاجئون إلى الشقق في مصر وتركيا والسعودية ولم يجدوا شيئًا يفعلونه غير صياغة المشروعات وتأليف الكتب.
وقد يقال إن هذه المنصات الالكترونية الرصينة ليس لها أثر، لأن المؤثرين الفعليين هم (اللايفاتية) بأصواتهم العالية ورؤوسهم الخاوية!
هل يصل إلى الناس مثلا ما يقوله البروفيسور سيد أحمد العقيد أو الدكتور عباس أحمد الحاج؟ أذكر هذين الاسمين من علمائنا المرموقين، من باب المثال لا الحصر. الأول أنشأ مجموعة إعادة قراءة ونشر تاريخ السودان القديم المنسي من أجل الوعي بالذات. هكذا سمى المجموعة وقال إنها مجموعة تهدف إلى إيقاظ الحس الوطني. أما عباس فهو يعرِّف نفسه بأنه إعلامي، لكني أراه ممتلئًا بالتاريخ آخذًا بزمامه.
في صباح هذا اليوم الذي أكتب فيه بعث إليَّ الدكتور عباس تسجيلا صوتيًا يرد فيه على من أراد التقليل من الحضارة السودانية. ويعجبك عباس حين يتكلم بعمق عن أمة السودان العظيمة وعن الدولة العادلة في السلطنة الزرقاء وعن الكتلة التاريخية التي نشأت بتحالف عمارة دنقس وعبد الله جماع. ومن الجديد الذي سمعته منه أن نظام فصل السلطات أخذه الأمريكيون من السلطنة الزرقاء فقد زار أحد الآباء المؤسسين لأمريكا سنار وهو توماس جيفرسون، واحد ممن كتبوا الدستور الأمريكي. ويمضي دكتور عباس في القول بأن الحضارة السودانية سبقت بعلم الفلك وأن السودان موطن اللغة العربية، ففيه كان مبعث سيدنا إدريس عليه السلام أول من قرأ وأول من كتب في الرمل وأول من تطبب وأول من خاط الملابس.
أنشأ عباس مع آخرين مركز بحوث التاريخ والحضارة السودانية، ليضم أكثر من 180 عالما في التاريخ والثقافة. وجاء في تعريفه: مجموعة لإعادة قراءة تاريخ السودان بما يكشف جوانب المجد والسمو لهذا البلد العظيم.
إيه حكاية إعادة قراءة التاريخ؟
على طريقة السودانيين ترك البعض جوهر القضية وانغمسوا في حوار جانبي: هل الصحيح أن نقول إعادة قراءة التاريخ أم إعادة كتابة التاريخ؟ وكاد المتحاورون أن يتفرقوا إلى حزبين متشاكسين: حزب إعادة القراءة وحزب إعادة الكتابة!
يقول الكاتب المغربي محمد عابد الجابري: “مهمة المؤرخ إعادة بناء الماضي عقليًا”.
ليتفق المتحاورون إذن أن الكتابة والقراءة كلتيهما دراسة، فلتكن مهمة المجموعتين: إعادة دراسة التاريخ.
والمهم في إطلاق هذه المبادرات العلمية والأدبية أن تساعد في تنمية الوعي بأوضاع بلادنا التي تجتاز منعطفًا أساسيًا في تاريخه. معرفة الماضي تكشف الأسباب والعوامل التي قادت إلى ما نحن فيه الآن، والفهم الصحيح للماضي يساعد على فهم الحاضر واستشراف المستقبل.
يا ليت حركة التأليف والنشر لا تنتهي إلى مجرد إنتاج فكري متراكم، أو إلى بحوث توضع في أرفف المكتبات، وإلا فما أكثر الإنتاج البحثي في جامعاتنا التي لا تصل إلى الناس. المطلوب مشروع فكري يقود الحركة السياسية وتنفعل به حركة المجتمع، ولتكن هذه الصحوة الفكرية هي أساس صحوة وطنية شاملة.
بالله عليكم انبذوا مشعلي الإثارة والتهييج والعنف، وشجعوا مُشعلِي العقول الذين ينيرون طريق المستقبل المنشود.
بقلم: د. عثمان أبوزيد
صحيفة البلد