ألمانيا – تطرح الكوارث الطبيعية من زلازل وفيضانات وجفاف وحرائق وموجات حر التي تعرضت لها منطقة الشرق الأوسط مؤخرا تساؤلات حول مضاعفات الظواهر الطبيعية المتطرفة على استقرار ومستقبل هذه المنطقة الحساسة.

منطقة الشرق الأوسط بما في ذلك المنطقة العربية تتعرض بشدة لمضاعفات التغير البيئي العالمي على خلفية الاحتباس الحراري، على الرغم من أن هذه المنطقة لا يتعدى نصيبها 3 بالمئة من إجمالي انبعاثات ثاني أكسيد الكربون.

أحوال المنطقة العربية البيئية الراهنة:

منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تتميز بكونها ذات مناخ حار وجاف، وبأن حوالي 85.5 في المئة من أراضيها مغطاة بالصحاري، كما تعاني 12 دولة من أصل 17 من نقص كبير في المياه، فيما يتوقع أن ترتفع درجة الحرارة في هذه المنطقة ما بين 2 إلى 5.2 درجات مئوية بحلول عام 2039.

مظاهر التغير المناخي في المنطقة بات تهديدا متزايدا، وأصبح الجفاف ونقص المياه أكثر حدة في عدة دول، ما وضع صعوبات جمة أمام النشاطات الزراعية وأوقفها تماما في بعض المناطق، ناهيك عن النزوح الجماعي في بعض الدول من الأرياف إلى المدن، وما يترتب على ذلك من ضغوطات اقتصادية واجتماعية.

هذه التساؤلات الخطيرة عن مستقبل المنطقة على خلفية الصراعات والأزمات المتفجرة المزمنة، كان تطرق إليه علماء مناخ في ألمانيا في عام 2016، وتوصلوا على أن استنتاج يقول إن “الظواهر الجوية المتطرفة والكوارث المناخية ستؤدي بشكل متزايد إلى حروب في الدول متعددة القوميات، وخاصة في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى”.

في بحث بهذا الشأن، رأى كارل شليوسنر، الأستاذ في معهد “بيك” في بوتسدام بألمانيا أن “الكوارث الطبيعية المرتبطة بالمناخ لها إمكانات “متفجرة” خاصة، وهي تتجلى بشكل مأساوي بشكل خاص في المجتمعات المتنوعة عرقيا. لا تتسبب الكوارث المناخية بشكل مباشر في اندلاع أعمال العنف هذه ، ولكنها يمكن أن تزيد من خطر نشوب صراع قائم بالفعل”.

العلماء المختصون في شؤون المناخ والبيئة كانوا درسوا في السنوات الأخيرة العلاقة بين التقلبات المناخية في العصور التاريخية الماضية والتغيرات الحياتية، ووجدوا على سبيل المثال، أن موجه البرد في القرن السابع الميلادي، يمكن أن تكون قد تسببت في انتشار وباء الطاعون في بيزنطة، وفي ترسيخ أسس الخلافة الإسلامية القوية.

كمت افترض هؤلاء العلماء أيضا أن البرد ذاته هو ما أجبر المغول في الثلث الأول من القرن 13 على وقف هجماتهم على أوروبا.

العالم شليوسنر وزملاؤه توصلوا في دراستهم إلى أن التقلبات المناخية الطبيعية الناجمة عن النشاطات البشرية لها تأثير أكبر على الدول متعددة القوميات أكثر من تأثيرها على البلدان المتجانسة عرقيا.  تسنى لهم ذلك من خلال تتبع كيفية تأثير الكوارث الطبيعية الحديثة على الأداء الاقتصادي للبلاد. وفي المجمل، درس العلماء آخر 30 عاما من حياة جميع بلدان الأرض ورد فعل سكانها على “الصدمات” المناخية.

في هذا التحليل، اعتمد العلماء على عاملين هما، مدى قوة التغيرات المناخية والظواهر الشاذة، ومقدار الوقت الذي مر بينها والاضطرابات السياسية المختلفة في تلك البلدان التي غطتها هذه التقلبات المناخية.

“خطوط التمزق” الكامنة في بعض دول المنطقة:

تبين لهؤلاء العلماء أن ما يقرب من 10 ٪ من النزاعات المسلحة التي اندلعت خلال هذا الوقت كانت مرتبطة أو اشتدت بسبب الكوارث المناخية التي تسببت في أضرار جسيمة لاقتصادات البلدان المتضررة، من 0.1 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي أو أكثر. وإذا أخذنا في الاعتبار جميع النزاعات، وليس الحروب فقط، فإن هذا الارتباط يرتفع إلى 23٪.

يفترض العلماء أن هذه العلاقة بين الصراعات والظواهر المناخية كانت في الأمثلة السابقة، أكثر وضوحا في البلدان التي تضم عدة مجموعات عرقية”. هذا الأمر يفسره العالم جوناثان دونغيس قائلا: ” فوجئنا بمدى تجلي هذه الظاهرة في البلدان المقسمة على أساس العرق، مقارنة بالدول التي لديها تاريخ غني من النزاعات في الماضي، أو مستويات عالية من الفقر أو فجوة خطيرة بين الأغنياء والفقراء. نعتقد أن الانقسامات العرقية تعمل كنوع من خطوط التمزق التي تتفكك عند ظهور عوامل إضافية، مثل الكوارث الطبيعية”.

العلماء في هذا السياق يتوقعون الأسوأ، ويرون أن التغير المناخي الذي يصنعه البشر، بما أنه سيؤدي إلى زيادة حالات الجفاف وموجات الحرارة وغيرها من الظواهر الجوية المتطرفة في السنوات المقبلة، فسيسهم أيضا في اشتعال عدد أكبر من النزاعات في آسيا الوسطى والشرق الأوسط.

المصدر: RT

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الکوارث الطبیعیة الشرق الأوسط

إقرأ أيضاً:

الحماية المدنية تنظم دورة تكوينية دولية في طب الكوارث

تنظم المديرية العامة للحماية المدنية الجزائرية، بالتعاون مع المنظمة الدولية للحماية المدنية (OIPC) دورة تكوين دولية في طب الكوارث. في إطار تعزيز التعاون الدولي في مجال الحماية المدنية وتسيير حالات الطوارئ.

الدورة ستنظم من 26 إلى 30 أكتوبر 2025، لفائدة أطباء الحماية المدنية القادمين من الدول الأعضاء. على غرار المملكة العربية السعودية، تونس، فلسطين، الأردن، لبنان، مصر، السودان، بنين، السنغال، غينيا، كوت ديفوار و بوركينا فاسو.

وتأتي هذه الدورة، التي تنظم في الجزائر، ضمن الجهود المستمرة الرامية إلى تعزيز القدرات الطبية والعملياتية للمسعفين والمتدخلين في الخطوط الأولى لمواجهة الكوارث الكبرى. سواء كانت طبيعية أو تكنولوجية و التي سيشرف على انطلاقها المدير العام للحماية المدنية العقيد بوعلام بوغلاف .

يتضمن برنامج هذا التكوين محاضرات علمية متخصصة، وورشات تطبيقية، ومحاكاة لعمليات التدخل أثناء الكوارث. يؤطرها خبراء من الحماية المدنية الجزائرية مختصون في مجال طب الكوارث وتسيير المخاطر الكبرى.

وتشمل أشغال الدورة التنسيق والتنظيم بين مختلف القطاعات في عمليات الإنقاذ، السلسلة الطبية للإسعاف في حالات الكوارث، تنفيذ مخططات الطوارئ. اللوجستيك الطبي في حالات الكوارث، الاتصال والتواصل أثناء الأزمات.

كما تعكس هذه المبادرة إلتزام الجزائر الثابت، من خلال جهاز الحماية المدنية، بتقاسم خبرتها وتجربتها المعترف بها في مجال إدارة الأزمات والإستجابة للكوارث الكبرى. مما يساهم في تعزيز التضامن والقدرات على الصعيدين الإقليمي والدولي.

كما تشكل هذه الدورة فضاء للتبادل الخبرات والتعاون بين الأطباء والمسؤولين من مختلف أجهزة الحماية المدنية. بما يعزز تطوير العمل المشترك في مجال التحضير والإستجابة الفعّالة لحالات الطوارئ على المستوى الإقليمي والدولي.

مقالات مشابهة

  • افتتاح الدورة التكوينية الدولية حول طب الكوارث وتسيير الأزمات بالجزائر
  • دفتر أحوال وطن «346»
  • الحماية المدنية تنظم دورة تكوينية دولية في طب الكوارث
  • مختص: البرنامج الوطني للتشجير يهدف إلى مواجهة التحديات المناخية وتحسين جودة الحياة في المملكة
  • احتجاجات في تونس العاصمة تنديدًا بالأزمة البيئية في قابس
  • «نهر الخير» تخطط لمرحلة توسع جديدة عبر تعاقدات فى الخدمات البيئية
  • أحوال الطقس.. الحرارة مرتفعة وتكاثر للسحب على الشمال
  • أطباء بلاحدود تحذر من انتشار الأمراض في غزة في ظل الظروف الراهنة
  • "ما بعد اللحظة".. جلسة مهنية تبحث استدامة المهرجانات العربية في دي-كاف
  • الدفاع المدني: الذخائر التي لم تنفجر بغزة تقدر بنحو 71 ألف طن