تحاول الولايات المتحدة انتزاع الهند من مجموعة البريكس وتزيد من تناقضاتها مع الصين؛ حيث أعلنت واشنطن عن بدء بناء الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، والذي بات يطلق عليه "ممر بايدن"، وهو ما من شأنه أن يوقف مبادرة “حزام واحد، طريق واحد” الصينية.

وتعتبر هذه ضربة قوية لوحدة الجنوب العالمي ومحاولة للحفاظ على الهيمنة الاقتصادية للولايات المتحدة والغرب الجماعي.



ونشر موقع "ستار غراد" الروسي، تقريرًا، ترجمته "عربي 21"، قال فيه، "إن واشنطن اعتمدت سياسة فرق تسد لجذب الهند إلى مجال نفوذها والانفصال عن مجموعة البريكس؛ حيث لعبت الولايات المتحدة بحذر على التنافس بين الصين والهند".

وأضاف، "على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي، وقعت الهند والولايات المتحدة والسعودية والاتحاد الأوروبي مذكرة تفاهم بشأن إنشاء ممر نقل واقتصادي يربط الهند بدول الشرق الأوسط وأوروبا، ويتضمن المشروع بناء شبكة للسكك الحديدية وتطوير البنية التحتية للموانئ، ونتيجة لذلك، يعتزم المشاركون في المشروع زيادة قدرة الطرق لنقل بضائع التصدير والعبور".

‌وأوضح الموقع، أنه تم خلال قمة مجموعة العشرين إطلاق مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (اختصارًا آي إم إي سي IMEC)، الذي يوسع تفاعل الهند الإستراتيجي مع شبه الجزيرة العربية وأوروبا".‌

وسبق الإعلان عن هذا الاتفاق تقرير لرويترز نقلًا عن مصادر قال إن الهند والسعودية والولايات المتحدة يناقشون منذ عدة أشهر إمكانية بناء سكك حديدية وموانئ تصبح جزءًا من ممر نقل واحد. 

وذكر الموقع، "أن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو أن رويترز كتبت بصراحة أن واشنطن أبدت اهتمامًا بالمشروع، حيث يمكن أن يعارض هذا المشروع مبادرة "حزام واحد، طريق واحد" الصينية".



قنبلة جيواستراتيجية
واعتبر الموقع، "أن الولايات المتحدة تقف وراء هذه المشروع برمته، وترى أن أحد أهدافها الإستراتيجية الرئيسية هو الحد من الهيمنة الاقتصادية للصين، خصوصا أن فكرة الممر الاقتصادي لم تولد على هامش قمة مجموعة العشرين، بل قبل ذلك بكثير".

وأشار، "إلى أن المشروع سيشمل الدول الغربية ذات الاقتصادات المهمة، فقد ذكرت وكالة الأنباء السعودية، أنه بالإضافة إلى الهند والسعودية والولايات المتحدة؛ ستشارك أيضًا ألمانيا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة وفرنسا في المشروع".

وبين الكاتب أنه لم يتم اختيار قمة مجموعة العشرين في نيودلهي للإعلان عن المشروع بالصدفة. فهذه في الواقع قنبلة جيوإستراتيجية فجرتها الولايات المتحدة تحت أنظار الصين. 

ويبدو أن بكين كانت على علم بـ "الانفجار الوشيك"، ولهذا لم يحضر الرئيس الصيني شي جين بينغ قمة مجموعة العشرين، ففي سياق التحرك الصاخب والعلني المناهض للصين، فإن وجوده في نيودلهي قد يبدو محرجًا إلى حد ما، إن لم يكن مهينًا، وفق تقرير الموقع الروسي.

ماذا عن البريكس؟
وأشار الموقع، "إلى أن مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا يُعد واحدا من الهجمات الأمريكية العديدة والمتنوعة في الحرب الاقتصادية ليس فقط ضد الصين، ولكن أيضًا ضد دول البريكس، فهو نوع من الضربة الماهرة التي تضرب عدة جيوب في نفس الوقت".

وأردف، "أن واشنطن تستخدم بنجاح التناقضات طويلة الأمد بين الهند والصين، والتي تتمثل، في الصراع بهدف الهيمنة في المجال الاقتصادي في آسيا، كما أن طموحات الهند في التحول إلى لاعب مالي واقتصادي مؤثر مثل الصين على المستوى العالمي أمر مفهوم تمامًا".

ويرى التقرير، "أن الهند لا يمكنها رفض العرض المغري الذي قدمته الولايات المتحدة لمواجهة الصين والذي يهدف إلى إنشاء ممر نقل اقتصادي بمشاركة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية ذات الوزن الثقيل".

وتساءل الموقع: ماذا يمكن أن نتوقع ردا من الصين؟ مؤكدًا أنه لا يوجد شيء من شأنه أن يعزز مشاركتها الاقتصادية والتفاهم السياسي مع الهند، حيث قد يخلف الصدع في العلاقات الثنائية الصينية الهندية تأثيرًا مباشرًا على وحدة وفعالية مجموعة البريكس، التي أظهرت في قمتها في آب/أغسطس احتمالات بناء عالم جديد متعدد الأقطاب، من دون هيمنة الولايات المتحدة وعملتها.



ووفق الموقع؛ ستصبح مجموعة البريكس بديلا كاملا للغرب الجماعي عندما تنشئ مؤسساتها العاملة بفعالية للحوكمة العالمية بدلاً من الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير ومنظمة الصحة العالمية وغيرها من المؤسسات التي تخضع اليوم تمامًا للولايات المتحدة وتعد أدواتا لسياساتها في قيادة العالم. 

وتابع، "علاوة على ذلك، تم بالفعل إنشاء وإطلاق إحدى هذه المؤسسات؛ بنك التنمية الجديد لمجموعة البريكس. لكن مع وجود صراع متصاعد بين الهند والصين (وقد تصاعد) لقد أصبح إنشاء مثل هذه المؤسسات أمراً غامضاً بالفعل".

وأضاف الموقع، " أن على افتراض أن الهند ترى المزيد من الآفاق الاقتصادية في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، فمن الممكن أن يجعلها ذلك تبدأ في تخريب العمل داخل بريكس، لا سيما أنها أعربت في السابق عن معارضتها للتوسع السريع لمجموعة، متوقعة أن يعزز ذلك دور الصين بشكل عام على الساحة الدولية، وفي آسيا بشكل خاص".

وأكد، أن مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا المناهض للصين مع الهند والولايات المتحدة كلاعبين رئيسيين سوف يثير ردود فعل مضادة من الصين، والتي قد تجد طريقها للخروج عن إطار البريكس، وهو ما  قد يكون له تأثير سلبي على قرار الدول الأخرى بالانضمام إلى البريكس".

وأقر الموقع بأن الضربة الانتقامية الأمريكية ضد البريكس بإنشاء "الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا" يمكن أن تؤدي إلى تعقيد كبير لآفاق وحدة الجنوب العالمي في الحرب ضد الهيمنة الأمريكية.

واستدرك، "يمكن الترحيب بتنفيذ هذا المشروع إذا كان مظهرًا للرغبة الصادقة في تطوير تجارة دولية متساوية دون المساس بأي بلد آخر أو مجموعة من البلدان، ولو لم تكن الولايات المتحدة والشركاء الغربيون الآخرون في ذلك المشروع على الجانب الآخر من المواجهة مع روسيا".

وأكد، أن الشركاء في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا ليسوا أصدقاء لبعضهم البعض، بل هم في نهاية المطاف "أصدقاء ضد" الصين ومجموعة البريكس. وليس من الواضح بعد مدى استعداد الهند لمحاربة البريكس، لكن الشيء الرئيسي هو أن شركاءها الغربيين يفعلون ذلك على وجه التحديد.

واختتم الموقع التقرير بالقول إن المشروع يقدم مكافآت للهند، ويمكن اعتباره رشوة ضخمة قدمتها أمريكا مقابل انسحاب الهند رسميا من بريكس، إن لم يكن مقابل تلاشيها البطيء عن طريق تسميم المناخ الداخلي بين أعضاء المجموعة.

ولفت إلى أن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا هو، في جوهره، أداة للحفاظ على الوضع الراهن في ظل هيمنة الدولار والهيمنة الأمريكية، حيث يتعين على روسيا، باعتبارها الرئيس الجديد لبريكس، التي ستستضيف القمة المقبلة العام المقبل، أن تعمل بجدية لتحييد الصراع بين الهند والصين الذي أثارته الولايات المتحدة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الهند البريكس الصين الممر الاقتصادي روسيا امريكا الصين روسيا الهند بريكس صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة قمة مجموعة العشرین والولایات المتحدة الولایات المتحدة مجموعة البریکس

إقرأ أيضاً:

الصين تنتقد أمريكا بسبب جوانتانامو

قالت وزارة الخارجية الصينية إن الولايات المتحدة يجب أن تتوقف فوراً عن احتلال الأراضي الكوبية بشكل غير قانوني، وأن تغلق منشأة الاحتجاز في خليج جوانتانامو، وأن تنسحب من قاعدة جوانتانامو في أقرب وقت ممكن، وفق ما ذكرت صحيفة تشاينا دايلي.

أدلى المتحدث باسم الوزارة لين جيان بهذه التصريحات عندما طُلب منه التعليق على استفسار ذي صلة في مؤتمر صحفي يومي يوم الجمعة.

وتشير التقارير إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية أعلنت مؤخراً عن إعادة أحد المعتقلين من معتقل خليج جوانتانامو، ولا يزال 29 معتقلاً هناك، وفي السنوات الأخيرة، وعدت الإدارات المتعاقبة عدة مرات بإغلاق معتقل خليج جوانتانامو، ولكنها لم تتصرف على هذا النحو حتى الآن،
وعلى الرغم من الاحتجاجات المتكررة من جانب الحكومة الكوبية، احتلت الولايات المتحدة جزءاً من خليج جوانتانامو بشكل غير قانوني لأكثر من 120 عاماً.

وقال لين إن الولايات المتحدة احتلت منذ فترة طويلة جزءا من خليج جوانتانامو بشكل غير قانوني، ونفذت عمليات اعتقال تعسفي واستخدمت التعذيب لانتزاع الاعترافات في منشأة الاحتجاز هناك.

وأضاف: "إن ما فعلته الولايات المتحدة ينتهك القانون الدولي بشكل خطير ويقوض سيادة كوبا وحقوقها ومصالحها".

وأضاف المتحدث أن المجتمع الدولي بما في ذلك الأمم المتحدة أعرب أكثر من مرة عن قلقه بشأن هذه القضية وطلب من الولايات المتحدة إغلاق مركز الاحتجاز هناك ومعاملة المعتقلين بشكل عادل في أقرب وقت ممكن.

وقال المتحدث إن الفشل المتكرر للولايات المتحدة في الوفاء بوعدها بإغلاق "معسكر الاعتقال" الذي تديره الولايات المتحدة لن يؤدي إلا إلى إضافة وصمة عار أخرى إلى السجل الأمريكي السيئ في مجال حقوق الإنسان وكشف عن فراغ التزام الولايات المتحدة بحقوق الإنسان.

وأضاف لين إن معتقل جوانتانامو هو الجرح المزمن في كوبا، وهو شاهد حي على أكثر من قرن من التدخل غير القانوني الأميركي في كوبا، مضيفا أن الولايات المتحدة، في حين تدير عمليات اعتقال تعسفية واسعة النطاق في جوانتانامو، تبقي على كوبا على قائمة ما يسمى "الدول الراعية للإرهاب".

وذكر لين إن الصين تدعم كوبا بقوة في الدفاع عن سيادتها الوطنية وكرامتها، وتعارض التدخل الأمريكي في الشؤون الداخلية لكوبا، مضيفا أن الولايات المتحدة بحاجة إلى وقف الترهيب والحصار على كوبا، وإعادة أراضي الشعب الكوبي إليه، وإزالة كوبا من قائمة "الدول الراعية للإرهاب".

مقالات مشابهة

  • الصين تهاجم بايدن بعد مساعدات لتايوان
  • صحيفة: السيستاني يتعرض لضغوط للإفتاء بحلّ الحشد الشعبي العراقي
  • الصين تنتقد أمريكا بسبب جوانتانامو
  • صحيفة لبنانية: السيستاني رفض اصدار فتوى لـحل الحشد
  • وول ستريت جورنال: انطلاق محادثات نووية بين إيران وأوروبا يناير المقبل
  • رئيس وزراء المجر: الولايات المتحدة وأوروبا أنفقتا 310 مليارات يورو مساعدات عسكرية لأوكرانيا
  • الصين تطلق مجموعة جديدة من الأقمار الاصطناعية
  • وفد أميركي يزور دمشق اليوم وأوروبا تشترط لدعم الحكومة الجديدة
  • صحيفة عبرية: الولايات المتحدة لن تفرض عقوبات على سموتريتش وبن جفير
  • قنبلة وسط شارع في إسطنبول.. واستنفار أمني كبير في الموقع