قالت الكاتبة الفلسطينية صفاء الخطيب، إن مجموعة الفتية الذين اختيروا بعناية، من أجل حضور حفل توقيع اتفاق أوسلو في البيت الأبيض، قبل 30 عاما، يشعرون اليوم بالإحباط والخيانة، مما وصل له الحال بالقضية الفلسطينية.

وأشارت الكاتبة في مقال لها بموقع "ميدل إيست آي" البريطاني، ترجمته "عربي21" إلى أن الفتية الذين باتوا رجالا اليوم، يرون أن السلطة الفلسطينية، فشلت منذ اتفاق أوسلو  قبل 30 عاما، ولا تزال متواصلة في المسار الفاشل ذاته.



وفيما يلي النص الكامل للمقال:
لقد حمل الهواء جوا من الفرح والنشوة، وتبادل اسحق رابين وياسر عرفات النكات والضحك.
وبينما كان يراقب من مقعده في الصف الأمامي في حديقة الورود بالبيت الأبيض، بدا لإياس الأشقر البالغ من العمر 14 سنة، وهو صبي فلسطيني من بلدة باقة الغربية، أنه يشهد ولادة شرق أوسط جديد.

لقد كان مكانًا، في ظل التفاؤل المزدهر في الأيام الأولى لرئاسة بيل كلينتون، حيث اعتقد الكثيرون أن جميع المشاكل يمكن أن تجد حلًّا لها.

وعندما انتهت الإجراءات الشكلية، نزل الموقعون على ما أصبح يعرف باتفاقات أوسلو من المنصة وبدأوا بالمصافحة أمام الحضور.

وكان الأشقر يحمل كتيبًا عن مسقط رأسه كان ينوي تسليمه لعرفات، فلقد اعتقد أنه مكان من المحتمل أن يكون غير مألوف للزعيم الأسطوري لمنظمة التحرير الفلسطينية، لأنه يقع داخل حدود إسرائيل سنة 1948.

لكن عندما أمسك بيد عرفات، طرأ على ذهن الأشقر سؤال ملح؛ حيث يتذكر الأشقر: “كيف كان هذا الرجل، الذي كان يرتدي الزي العسكري وقاد حروبًا عديدة، يمتلك مثل هذه النعومة في يديه؟".
لم يكن هذا هو السؤال الوحيد الذي يدور في ذهن الأشقر، الذي وُلد سنة 1979 لعائلة أصلها من يافا قادتهم رحلة اللجوء إلى باقة الغربية داخل ما كان يُعرف آنذاك بإسرائيل.

وقد انفصلوا عن أجدادهم وأقاربهم المنتشرين في مخيمات اللاجئين في الأردن والضفة الغربية والكويت والسعودية.

ومع ذلك؛ كان هذا هو السؤال الأول والأكثر براءة في سلسلة من الأسئلة التي طرحها على نفسه على مدى العقود الثلاثة التالية.

وبمرور الوقت، سوف تتطور هذه الأسئلة، لتبلغ ذروتها في السؤال الأكثر إلحاحاً اليوم: ما الذي تفعله السلطة الفلسطينية على وجه التحديد ببقايا الأرض التي تركتها إسرائيل لها في أعقاب اتفاقيات أوسلو؟

ويتبعه سؤال آخر: ماذا كان يفعل صبي في مثل عمره هناك في المقام الأول؟

بذور السلام

في صيف سنة 1993؛ أصدرت الحكومة الإسرائيلية توجيهًا إلى المسؤولين المحليين في بعض البلدات والمدن الفلسطينية في البلاد لتحديد الشباب المراهقين المتفوقين في التعليم والذين يجيدون اللغتين العبرية والإنجليزية.

وبعد شهرين من المقابلات وورش العمل في وزارة الخارجية في القدس، تم اختيار أربعة فتيان، من بينهم إياس الأشقر.

جرى ضم هؤلاء الشباب إلى وفد إسرائيلي إلى جانب 16 طالبًا من الجالية اليهودية من خلفيات مرموقة في الدوائر العسكرية والسياسية والاجتماعية في إسرائيل.

سيصبح هذا الوفد في نهاية المطاف جزءًا من النسخة الأولى من مبادرة “بذور السلام” التي تضم أيضًا مراهقين من الأراضي الفلسطينية المحتلة ومصر، والتي تم إطلاقها في صيف سنة 1993 بمخيم دولي في ولاية ماين الأمريكية المثالية.

وكانت المبادرة تهدف إلى تنشئة جيل جديد ينحدر من المناطق التي مزقتها الصراعات لاستكشاف سبل التعايش السلمي وحل النزاعات.

على الجانب الآخر، قامت منظمة التحرير الفلسطينية، التي كان مقرها آنذاك في تونس، بالتنسيق مع مسؤولين في رام الله لاختيار الوفد الفلسطيني.

وقد اختاروا 11 طالبًا، اثنان منهم جاءا من مدرسة “الأصدقاء” المرموقة في رام الله التي تديرها مؤسسة كويكر الأمريكية.

وكان من بينهم الطفل فراس هاشم العشاير، 13 سنة، والذي نشأ في عائلة منخرطة بعمق في المشهد السياسي والديني الفلسطيني.

وقبل خمسة أيام من الموعد المقرر للتوقيع على اتفاقيات أوسلو، التقت هيلاري كلينتون، السيدة الأمريكية الأولى، بوفد بذور السلام في زيارة تم الترتيب لها مسبقًا للبيت الأبيض ودعتهم لحضور الحفل.

ولقد كان من الصعب، وهم متمركزون في الصف الأمامي ويقفون أمام الكاميرات بقمصانهم المميزة ذات اللون الأخضر المخضر، تفويت رمزية الأجيال التي جسدوها.

فبعد وقت قصير من وصوله إلى بريشيا، ساعد في تأسيس جمعية الصداقة الإيطالية الفلسطينية التي بدورها أطلقت مهرجان فلسطين السنوي في المدينة. كما افتتح الأشقر أول مطعم فلسطيني في المدينة، الذي لا يقتصر تقديم “الدُّقَّة” على الطعام فحسب، بل أصبح مكانًا للأنشطة والفعاليات المجتمعية التي تعيد القضية الفلسطينية إلى الحياة.

وعندما ضرب وباء كوفيد 19 العالم؛ أسس الأشقر مبادرة “الغذاء للجميع” – بالإيطالية: Cibo per Tutti – وهي مبادرة خيرية قام بتمويلها في البداية من جيبه الخاص ثم توسعت لاحقًا بمساعدة الأصدقاء.

ومن خلال هذه المبادرات المدنية، يواصل الأشقر تعزيز دعم القضية الفلسطينية، والدعوة إلى مقاطعة إسرائيل وبناء الروابط بين جامعة بريشيا وجامعة القدس في أبو ديس.

وقال: “إن الدفاع عن فلسطين يتطلب جهودًا متسقة وثابتة على الأرض”.

وأعرب الأشقر عن أسفه لفشل السلطة الفلسطينية من خلال بعثاتها الدبلوماسية في دعم أنشطة الشتات الفلسطيني في أوروبا أو دعم حركات المقاطعة أو اتخاذ إجراءات قانونية ضد إسرائيل.

وقال: “لقد فشلت السلطة الفلسطينية منذ اتفاقيات أوسلو وما زالت تفعل ذلك حتى يومنا هذا”.

بالنسبة للعشاير، فإن تجربة برنامج بذور السلام ستوفر له أيضًا منصة لمغادرة وطنه؛ حيث ويعيش الآن في دولة الإمارات ويحمل درجة الماجستير في القانون الاقتصادي من جامعة غرب إنجلترا في بريستول.

آيلة للسقوط
وبعد مرور ثلاثة عقود، يعتقد العشاير أن الوعد بعيد المنال الذي قدمته اتفاقيات أوسلو -واحتمال حل الدولتين الذي رحبت به- قد تلاشى وأصبح عفا عليه الزمن.

وهو يعترف باستمرار المخاوف بشأن قيادة السلطة الفلسطينية والتزامها بقضية الشعب الذي تدعي السلطة باسمها أنها تحكم؛ حيث يقول: “أخشى أن أستيقظ ذات يوم على أنباء مفادها أن السلطة الفلسطينية قد اختارت الاكتفاء بـ 22 بالمائة فقط من فلسطين التاريخية للحكم الذاتي الذي تطمح إليه”.

لكنه قال إن العديد من أولئك الذين شهدوا تلك اللحظة في حديقة الورود، لا يزالون يعيشون كتجربة تكوينية عززت تصميمهم على مواصلة الكفاح من أجل وطنهم، وأضاف: “إن فلسطين باقية، مدعومة بجيل نشأ على الإيمان الراسخ بعدالة قضيته”.

“ومن بين هؤلاء الشباب، ظهر علماء قانون وسياسيون ومؤثرون إعلاميون، كل منهم يحلم بمنازل في إيلات وحيفا”.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة الفلسطينية أوسلو السلطة فلسطين الاحتلال السلطة أوسلو صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السلطة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

إقامة 7 بؤر استيطانية غير قانونية بمناطق تخضع للسلطة الفلسطينية في الضفة

أكدت منظمة "السلام الآن" الحقوقية الإسرائيلية، أنه جرى إقامة 7 بؤر استيطانية غير قانونية بمنطقة خاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة.

وقالت المنظمة المهتمة بمراقبة الأنشطة الاستيطانية، على موقعها الإلكتروني الأحد،: إنه "رغم خضوع المنطقة (ب) للسيطرة المدنية للسلطة الفلسطينية، فقد تم إنشاء 7 بؤر استيطانية غير قانونية في تلك المنطقة بالضفة الغربية".

وبموجب اتفاقيات أوسلو، تم تعريف 18 بالمئة من الضفة الغربية على أنها المنطقة (أ)، تحت السلطة المدنية والأمنية الفلسطينية؛ وتم تعريف حوالي 22 بالمئة على أنها المنطقة (ب)، تحت السلطة المدنية الفلسطينية، وتم تعريف ما يقرب من 60 بالمئة من أراضي الضفة الغربية المتبقية على أنها المنطقة (ج)، تحت السلطة الأمنية والمدنية الإسرائيلية الكاملة.


وأوضحت المنظمة أن 5 من هذه المستوطنات تقع في مساحة كبيرة من الأرض شرق وجنوب شرق مدينة بيت لحم بالمنطقة (ب) والتي يحظر على السلطة الفلسطينية البناء فيها، مشيرة إلى أن إحدى البؤرتين الاستيطانيتين الأخريين أقيمت شرقي مستوطنة "عوفرا" وسط الضفة، على أراضٍ تعود ملكيتها لقرية "عين يبرود" الفلسطينية.

أما البؤرة الأخرى، فتقع شمالا بالقرب من مستوطنة "شيلو"، جنوب البؤرة الاستيطانية غير القانونية "عدي عاد"، المقامة على أراض تابعة لقرية "ترمسعيا" الفلسطينية.

وأوضحت المنظمة أن بناء هذه البؤر الاستيطانية يعد سابقة منذ توقيع اتفاق أوسلو عام 1993، بحسب ما نقلت وكالة "الأناضول".

وأشارت إلى أن بعض الفلسطينيين نزحوا من هذه المناطق خوفا من اعتداءات المستوطنين، الذين استولوا لاحقا على منازلهم، مبينة أن البؤر الاستيطانية السبع جميعها تم إنشاؤها خلال فترة تتراوح ما بين الشهرين إلى 6 أشهر الأخيرة.


واتفاق "أوسلو" للسلام، جرى بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل"، حيث نص على الاعتراف المتبادل وإعلان مبادئ السلام.

وتعتبر الأمم المتحدة الاستيطان الإسرائيلي غير قانوني، وتدعو دون جدوى إلى وقفه، محذرة من أنه يقوض فرص معالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفقا لمبدأ حل الدولتين (فلسطينية بجانب إسرائيلية).

ويشهد الاستيطان في الضفة بما فيها القدس ارتفاعا ملحوظا منذ وصول الحكومة اليمينية الراهنة برئاسة بنيامين نتنياهو، إلى الحكم في كانون الأول/ ديسمبر 2022.

مقالات مشابهة

  • مسؤولون فلسطينيون وإسرائيليون: تقلص الفجوات بشأن اتفاق غزة
  • القضية الفلسطينية أمام مخاطرالتصفية.. قراءة في كتاب
  • WP: السلطة الفلسطينية تسعى لدور في غزة وتواجه مسلحين في الضفة الغربية
  • إقامة 7 بؤر استيطانية غير قانونية بمناطق تخضع للسلطة الفلسطينية في الضفة
  • السلطة الفلسطينية وخيار سموتريتش الثالث
  • سوريا الجديدة: ثلاثة نماذج حكم منها شبيه اتفاق الطائف
  • ما الذي يريده محمود عباس من مطاردته لرجال المقاومة بعد كل تلك الملاحم؟!
  • انتهاكات لا تنتهي.. ماذا نعرف عن مشفى العودة الذي يستهدفه الاحتلال؟
  • استمرار الاشتباكات بين عناصر السلطة الفلسطينية وكتيبة جنين.. عباس مطية للعدو الصهيوني
  • ما الذي يجري وراء الكواليس!!