لماذا تواصل أسعار الغذاء الارتفاع في مصر رغم انخفاضها عالميا؟
تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT
القاهرة– تواصل أسعار الغذاء في مصر ارتفاعها منذ اندلاع الحرب الروسية على أوكرانيا في مارس/آذار العام الماضي، بينما انخفضت أسعار الغذاء عالميا إلى ما قبل الحرب، رغم إرجاع بعض المسؤولين المصريين التضخم لأسباب عالمية.
وأعلنت منظمة الأغذية والزراعة العالمية "فاو" انخفاض مؤشرها لأسعار الغذاء العالمية، خلال الشهر الماضي، إلى أدنى مستوى في عامين، لافتة إلى أن انخفاض معظم السلع الغذائية طغى على الزيادات في أسعار الأرز والسكر.
وأوضحت "الفاو" الجمعة، أن مؤشرها للأسعار، الذي يتتبع السلع الغذائية الأكثر تداولا في العالم، بلغ في المتوسط 121.4 نقطة في أغسطس/آب مقابل 124.0 نقطة معدلة في الشهر السابق.
انخفاض أسعار منتجات الألبان والزيوت النباتية واللحوم والحبوب على مؤشر "الفاو"، قابله ارتفاع كبير في مصر، وهو ما أثار تساؤلات حول عدم تأثرها بانخفاض الأسعار عالميا.
ويرجع خبراء أزمة ارتفاع أسعار الغذاء في مصر إلى تعرض الجنيه المصري لسلسلة انخفاضات متتالية أمام العملات الأجنبية وهبوط قيمته بأكثر من 50% رسميا و75% بأسعار السوق السوداء رغم محاولات البنك المركزي دعم العملة المحلية.
كان متوسط سعر صرف الجنيه المصري في مارس/آذار 2022 نحو 15.7 جنيها أمام الدولار الواحد، ليستقر حاليا عند 30.9 جنيها (السعر الرسمي) بعد خفضه 3 مرات.
كيف تأثر المواطن؟وانعكس ارتفاع أسعار السلع على المواطنين بشكل كبير، حيث يقبع نحو 30% تحت خط الفقر بحسب آخر إحصاءات رسمية قبل عامين، ويصف كثيرون الأسعار بـ "التاريخية" وغير المسبوقة، والتي تمثل اختبارا قاسيا لقدراتهم على التعايش.
وقال مواطنون في تصريحات متفرقة لمراسل الجزيرة نت، إن القفزات في أسعار السلع الغذائية تصيبهم بالصدمة والذهول خاصة بعد أن سجلت أسعار بعض السلع زيادات قدرها 200% مثل اللحوم الحمراء والبيضاء، وطبق بيض المائدة الذي ارتفع من 45 جنيها عام 2022 إلى 145 جنيها، (نحو 5 دولارات).
من جانبهم، أرجع مسؤولون مصريون التضخم إلى ارتفاع الأسعار عالميا وتأثير الحرب الروسية على أوكرانيا في سلاسل الإمداد والأمن الغذائي وحركة التجارة العالمية.
وعزا محافظ البنك المركزي حسن عبد الله، في تصريحات صحفية على هامش اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ارتفاع الأسعار إلى أن جزءا كبيرا من التضخم في مصر مستورد والكثير منه بسبب مشاكل الإمداد.
لكنه ربط ارتفاع الأسعار بمشاكل العرض، بما في ذلك التراكم الذي نتج عن بعض اللوائح السابقة، في إشارة إلى قرارات سلفه طارق عامر، في تقييد الاستيراد.
قفزة في أسعار الغذاءوضمن قائمة الارتفاعات، قفزت أسعار اللحوم والدواجن 97% والخضروات 98.4% والمواد الغذائية بنسبة 71.9% في أغسطس/آب الماضي على أساس سنوي بحسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء في مصر.
وارتفع معدل التضخم السنوي إلى 39.7% خلال الشهر الماضي، مقابل 15.3% خلال نفس الشهر من العام الماضي، وهو مستوى قياسي فيما تعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة.
وتعتبر أسعار المستهلك المسجلة الشهر الماضي الأعلى منذ أكثر من 40 عاما على الأقل، بحسب أرشيف أسعار المستهلك المنشور على موقع الإحصاء المصري.
وحلت مصر في المركز السادس بعد سورينام بقارة أميركا الجنوبية ضمن أعلى عشر دول في العالم في ارتفاع معدلات التضخم وأسعار المواد والسلع الغذائية، بنسبة ارتفاع بلغت 66%، وفقا لبيانات البنك الدولي.
(الجزيرة)
تضخم مستورد أم محلي؟وعن إرجاع التضخم لأسباب خارجية، قال عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية أشرف حسني، إن "هناك عدة عوامل تؤثر في ارتفاع أسعار الغذاء في مصر، أولها سعر صرف الجنيه أمام الدولار، ومدى توفر العملة الصعبة، والصعوبات التي تواجه الاستيراد، وتراجع المعروض من السلع".
الأمر الآخر، بحسب تصريحات حسني للجزيرة نت، عدم وجود بدائل محلية لمواجهة النقص في البضائع المستوردة تتيح المنافسة وتتيح للمستهلك الاختيار من بين بدائل متعددة، إلى جانب ندرة مواد التصنيع لتوفير السلع وندرة السلع نفسها، وارتفاع التكلفة لدى التاجر والمنتج والمستورد.
ورأى أن تأثر أسعار السلع الغذائية بالأسعار العالمية ارتفاعا وانخفاضا مرهون باستقرار سعر صرف الجنيه وإتاحة الدولار وتوفر المواد الخام والقدرة على الاستيراد بشكل طبيعي دون معوقات.
كما استبعد عضو مجلس إدارة الشعبة العامة للمواد الغذائية باتحاد الغرف التجارية، أن يكون التجار السبب الرئيسي في موجة الغلاء المستمرة، وأشار إلى أن التكلفة أصبحت مرتفعة، ومعادلة الربح عند التجار هي تكلفة الفرصة البديلة مع عائد المخاطرة، "والتاجر لو وضع رأس ماله اليوم في البنوك أو قام بتحويله إلى أصول ثابتة سيكون ربحه أكثر من عملية التجارة"، مشيرا إلى أن رأس مال التاجر يتضاءل بسبب التضخم ودورته أصبحت أبطأ، على حد قوله.
(الجزيرة)
تضخم مزدوجأما أستاذ الاقتصاد الزراعي بجامعة القاهرة جمال صيام، فيعتقد أن "التضخم في مصر مزدوج -أي مستورد ومحلي-، والأزمات العالمية أثرت بالسلب على تكاليف النقل، وارتفاع سعر الدولار وتراجع قيمة الجنيه زاد سعر المواد الغذائية أو المواد المساعدة على الإنتاج محليا، تبقى المشكلة في أن أسعار السلع يتم احتسابها بسعر السوق الموازي وليس الرسمي وهو أعلى بنحو 30%".
وفي حديثه للجزيرة نت، أوضح أنه إذا كانت أسعار المواد الغذائية تراجعت عالميا ولم تتراجع محليا فهذا يعني أن مصدر التضخم محلي بشكل أكبر، خاصة أن مصر دخلت في تضخم حلزوني حيث زادت تكلفة الإنتاج نتيجة زيادة مستلزمات الإنتاج وانخفاض قيمة الجنيه وتراجع المعروض في الأسواق.
وألمح خبير الاقتصاد الزراعي إلى تورط بعض التجار في التلاعب بالأسواق واحتكار بعض السلع ومواد الإنتاج، ودلل على حديثه بالقول إنه "على الرغم من أن مصر تحقق الاكتفاء الذاتي من محصول الأرز إلا أن سعر الكيلو قفز من مستوى 13 جنيها إلى 26 جنيها و 30 جنيها، وهذا يفوق السعر العالمي بكثير".
وذهب صيام إلى القول بأن على مصر أن تعمل على تأمين سلة الغذاء الخاص بها من خلال زيادة حجم الاكتفاء الذاتي من السلع الغذائية الإستراتيجية، "خاصة إذا علمنا أنها تستورد نحو 60% من احتياجاتها الغذائية وهذا يشكل ضغطا على موازنة الدولة ويجعلها عرضة لتقلبات الأسواق العالمية وتقلبات سعر صرف العملة المحلية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: السلع الغذائیة أسعار الغذاء فی مصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
الحكومة: المؤسسات الدولية تتوقع تراجعا ملحوظا لمعدل التضخم بمصر في 2026
أكد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، الحرص على المتابعة الدورية لملف ضبط الأسواق وأسعار السلع، لما يمثله من أهمية كبيرة، مُضيفاً: أتابع بانتظام مع الزملاء من الحكومة، والأمانة الفنية، الجُهود المبذولة لضبط الأسواق وأسعار مختلف السلع على مستوى الجمهورية.
جاء ذلك خلال ترؤس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم، اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع، بحضور كل من الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، والمهندس مصطفى الصياد، نائب وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وحسام الجراحي، نائب رئيس الهيئة العامة للسلع التموينية، والدكتور علاء ناجي، الرئيس التنفيذي للشركة القابضة للصناعات الغذائية، والدكتور محمد شتا، مساعد وزير التموين للتحول الرقمي، وأحمد كمال، مساعد وزير التموين.
وجدد رئيس مجلس الوزراء التأكيد على المُتابعة المُستمرة لملف ضبط الأسواق وأسعار السلع من جانب مُختلف جهات وأجهزة الدولة المعنية، للتأكد من توفير السلع والبضائع بكميات كبيرة وبأسعار مناسبة، تلبيةً لاحتياجات المواطنين، مُشيراً إلى التكليفات الصادرة لمختلف الجهات الرقابية لمتابعة الأسواق بصورة يومية، واتخاذ كل الإجراءات ضد أي مخالفات يتم رصدها.
ومن جانبه، أكد الدكتور شريف فاروق، وزير التموين والتجارة الداخلية، انخفاض أسعار السلع واستقرارها، مُوضحاً عددا من الأمثلة، قائلاً: كان طبق بيض المائدة قد وصل سعره في بعض الأوقات الماضية إلى 210 جنيهات، أما حالياً فقد انخفض سعره إلى 120 جنيهاً، وفي بعض المناطق يباع الطبق بسعر 100 جنيه، بينما يبلغ متوسط السعر لطبق بيض المائدة حاليًا بكل المحافظات، وفقا لآليات الرصد، 140 جنيهًا.
وأضاف وزير التموين والتجارة الداخلية أنه فيما يخص سلعة السكر، فقد كان السعر سابقاً يتراوح ما بين 36 إلى 39 جنيهاً، أما اليوم فيباع السكر في كل المنافذ بسعر 30 جنيهاً، مُشيراً في هذا الصدد، إلى أن هناك احتياطي من السكر يزيد على 14 شهراً، مُؤكداً أن الوفرة حققت التوازن في الأسعار.
وصرح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، بأن الاجتماع تناول استعراض منظومات وزارة التموين والتجارة الداخلية لمراقبة أسعار السلع، والتي يجري تطويرها لتسهم في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين، وتتكون المنظومات من تطبيق كارت المفتش، واللوحة المعلوماتية، وتطبيق مراقبة الأسواق، ونظام متابعة المخزون الاستراتيجي، ونماذج التنبؤ بأسعار السلع الاستراتيجية، وتطبيق رادار الأسعار الذي يتيح للمستهلك تقديم أي بلاغ حول نقص السلع أو ارتفاع أسعارها، مُضيفاً أن هذه المنظومات تستهدف الكشف المبكر عن الأزمات المحتملة، ودعم اتخاذ قرارات سريعة وفعالة، فضلاً عن تحسين إدارة المخزون من السلع، وحماية المستهلكين من ارتفاع الأسعار غير المبرر، إلى جانب دعم صناع السياسات بمعلومات دقيقة.
وأوضح المستشار محمد الحمصاني، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مجلس الوزراء، أنه تم خلال الاجتماع أيضاً تقديم عرض حول تحليل أهم اتجاهات التضخم عالمياً، وكذلك نتائج المتابعة الميدانية للأسواق وأسعار السلع، أعده مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، مُشيرا إلى أنه في إطار ذلك تم التنويه إلى أن هناك توقعات بانخفاض معدلات التضخم في العديد من مناطق العالم، مع انخفاض واضح في أفريقيا جنوب الصحراء، والشرق الأوسط، وآسيا الوسطى.
وقال المتحدث الرسميّ: تم كذلك استعراض مُؤشر الأسعار العالمية للسلع الغذائية خلال مارس 2024، فيما توقع البنك المركزي المصري أن يستمر التضخم في الانخفاض خلال عامي 2025 - 2026، وإن كان بوتيرة أبطأ مقارنة بالربع الأول من عام 2025، كما أن هناك مخاطر صعودية لمعدلات التضخم في ظل حالة عدم اليقين بشأن تأثير الحرب التجارية الدائرة في الوقت الراهن، وكذلك التصعيد المحتمل للصراعات الجيوسياسية الإقليمية، لافتاً في الوقت نفسه إلى توقعات المؤسسات الدولية لمعدل التضخم في مصر مثل:" وكالة فيتش"، والبنك الدولي، وصندوق النقد الدوليّ، ومؤسسة " استاندرد آند بورز" بأن يشهد عام 2026 تراجعاً ملحوظاً لمُعدل التضخم في مصر مُقارنة بعام 2025.
وفيما يتعلق بالمتابعة الميدانية لأسعار السلع خلال أبريل الحالي، فأشار المتحدث الرسمي إلى أنه تم التنويه إلى أن هناك انخفاضاً لأسعار بعض السلع مُقارنة بأسعارها في مارس الماضي، بينما شهد عدد من السلع الأخرى ارتفاعات طفيفة خلال الشهر الجاري مُقارنة بمثيلاتها في مارس، ومن خلال استطلاع رأي المواطنين والذي أعده مركز المعلومات، فهناك 90% من المواطنين الذين تم استطلاع رأيهم أكدوا توافر جميع السلع التي أرادوا شراءها.
كما تم خلال الاجتماع الإشارة إلى أن استطلاع الرأي شمل أيضاً تقييم أصحاب محال التجزئة للإجراءات والمبادرات التي تتخذها الحكومة لتوفير السلع في الأسواق، حيث جاءت نتائج الاستطلاع لتؤكد أن 94.3% من أصحاب محال التجزئة يرون أن الإجراءات والمبادرات نجحت في توفير السلع بالفعل بالأسواق، كما ارتفعت نسبة أصحاب المحال الذين يرون انتظام توريد السكر في أبريل 2025، مُقارنة بشهر مارس 2025، كما أن المؤشرات الفرعية للمؤشر العام لكفاءة أسواق السلع توضح استقراراً نسبياً في أسعار السلع وتوافرها بشكل جيد بالأسواق خلال أبريل الجاري.
كما أن هناك تحسناً في مُؤشر التدخل المؤسسي لضبط أسواق السلع في فبراير 2025، وتعكس قيمة المؤشر مستوى جيدًا جدًا من فاعلية التدخل المؤسسي في ضبط الأسواق، كما حقق مُؤشر الاستجابة لشكاوى المواطنين نتائج إيجابية، وهو ما يشير إلى الاستجابة بصورة جيدة جداً للشكاوى المُتعلقة بأسعار السلع وتوافرها.
اقرأ أيضاً«مدبولي» يترأس اجتماع اللجنة العليا لضبط الأسواق وأسعار السلع
مدبولي: وفد مصري يزور الكويت غدًا للاتفاق على مشروعات استثمارية
مدبولي: قانون الرياضة أمام البرلمان خلال أسابيع