عربي21:
2024-10-05@04:58:49 GMT

زيتونة.. رواية تلهث وراء إشكاليات تأطير التاريخ

تاريخ النشر: 13th, September 2023 GMT

هل يمكن للمبدع أن يصل الواقع بالتاريخ قفزاً بعيداً عن أزمة ضيق الواقع بالإبداع، بل فروغ صبره منه من ناحية وعدم ازدهار الكتاب الورقي المعتاد؟ وكم يكلف الأمر من جهد وصولاً لحبكة ظاهرها واضح وباطنها أكثر إفصاحاً؟ وكيف يتوافق حينها الشكل من حيل المعادل الموضوعي وما يندرج أسفله مع المضمون؟

ضمن سلسلة "إبداعات قصصية" الصادرة شهرياً عن "الهيئة المصرية العامة للكتاب"، برئاسة القاص والناقد سيد الوكيل وإدارة تحرير للقاص والمترجم مصطفى نور الدين، صدرت مؤخراً الرواية السابعة للكاتب والروائي والناقد المصري محمد ثابت توفيق.

جاءت الرواية عبر 138 صفحة من القطع المتوسط و6 فصول ومقدمة.

احتفت الرواية -أولاً- بتقنية السرد المنفصل جزئياً وكلياً، أما الأخير فكونها واحدة من ثلاثية أنجزها الكاتب حتى الآن، تتماها روايتا "يكاد زيتها يضيء" و"ارتعاشة بأعلى المنحدر"، وأما الأول (السرد المنفصل الجزئي) فقوامه أن فصول كل رواية من أولاء تعتمد تقنية الشكل القابل للاكتفاء وعدم الاستمرار في القراءة، أيضاً المواصلة، وهي سردية يعتقد الكاتب أنها تعين قارئ اليوم على تجاوز إشكاليات جوهرية في حياته من الانشغال الدائم واللهاث خلف مشاغل الحياة، على أن الروايات الثلاثة تسعد بكونها أُبدعت خلال العام قبل الماضي، فتجاوزت أولاها الأزمة الجزئية الخاصة بالنصوص التي تقرأ بعد مضي زمانها بوقت طويل!

تسرد الرواية مفاصل رئيسة من حياة مصريين ضاق بهم المقام بـ"الكنانة" خلال فترة حكم "الملك فاروق"، إذ انضووا تحت جناح حركة "الغد المُزهر" التي كان مؤسسها اشتراكياً لكنه آثر في النهاية أخذ الطابع الإسلامي المتصوف لنفسه والحركة. أوقع اختياره الأخير أتباعه في خلافات جمّة في حياته في محاولة كل منهم لقراءة منهج الرائد المتداخل -كل على هواه- حتى أثناء حياته، انتهازاً لفرصة عدم تدوينه أدبياتها بشكل جيد، فصار كل عضو مؤسس يرى وجوب أن تكون على هواه لا كما رأى رائدها، وهو ما أدى لوفاة عدد منهم إثر رحلة البحث عن وطن بديل، ضيّق "البوليس السياسي" الخناق على كبار الأتباع، اضطروا للخروج لبلد عربي "مفترض" يُعاد تأسيسه لكن جاء الخروج بصورة سرية.

وبعيداً عن الوطن وفي غربة المناهج والآليات الأخلاقية ومتابعة السياق والمسير تفاقمت الأزمات والصدامات مع كبار المسئولين في الدولة الفتيّة الإدارة، وضيّق كل معتقد في نفسه الفهم والتعقل على صغار الشباب ومعتقدي المنهج بإخلاص بعيداً عن حصد المغانم، فكان أن أضطر "عم الراوي" أو "ائتلاف محمود الفهد" لكتابة التماس (مفترض أيضاً) للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بعد يوليو 1952م طالباً العودة لمصر، خاصة بعد إصابته بـ"داء الصدر" كما كان يعرف حينها.

وفي مسقط رأسه عانى الفهد آلامه الخاصة وخبو رايات الكفاح والنضال والإصلاح المفترضة، مع ما يصله من رسائل وأخبار عن مستفيدي منظومة النضال والمقاتلين في سبيله.

توعز الرواية للقارئ أنها تحتوي إطاراً سردياً وحوارياً داخل آخر، وهي حيلة سار على نهجها أدباء عرب وأجانب كبار، فقصة "ائتلاف الفهد" وجدها حفيد مطمورة داخل أراضيه الزراعية خوفاً من بطش نظام عبد الناصر فآثر نشرها إلا من تدخلات طفيفة.

صدر للمؤلف من قبل 6 روايات هي على الترتيب: "مائتا كيلو متر جنوباً"/ الهيئة المصرية العامة لقصور الثقافة/ 1999م، "الطابية والحصان"/ الهيئة العامة للكتاب/ 2002م، "ربوة بأعلى المنحدر"/ هيئة الكتاب 2003م، "كنا هنا معاً"/ البشير للعلوم والثقافة/ 2016م، "لا ترحل بروحي"/ مبدعون للنشر والتوزيع/ 2019م، و"تركت قلبي بقربك"/ دار الصفاء للنشر والتوزيع في أبو ظبي 2020م، بالإضافة لثلاث مجموعات قصصية أبرزها "على ما قُسِمَ"/ برنامج نشر عام الهيئة المصرية للكتاب 2002م بإشراف الراحل الدكتور محمد عناني، و"ألوان في طيف الحياة"/ سلسلة روافد/ وزارة الأوقاف الكويتية/ 2013م، أيضاً ثلاث مجموعات إبداعية قصصية تاريخية في 25 كتاباً عن مكتبة العبيكان السعودية عامي 2001م و2002م.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه قصصية المصرية الروايات نشر مصر كتب قصص نشر روايات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة مقالات سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

البطولة الهادئة في رواية «اللعب بالجنود » لطارق عسراوي

ما قصة (النوفـيلا) الفلسطينية المنتشرة هذه الأيام ؟ ما سر ميل الفلسطيني إلى كتابة رواية قصيرة ؟ وذهابه إلى مناطق محظورة، وغريبة عن المضمون الروائي الفلسطيني؟.

هل هناك تفسير آخر غير أن الفلسطيني الكاتب يكتب روايته وهو ينظر بين الصفحة والأخرى من النافذة، مستعجلًا خوفًا من موت سريع؟ يلاحق الموت الإنسان الفلسطيني فـي كل مكان فـي منامه وفـي ذاكرته وحتى فـي مستقبله، قالت لي ابنة عمي الخمسينية أمس مذعورة: (هل سمعت الأخبار؟ اليهود يريدون ترحيلنا إلى منطقة الأزرق فـي عمّان، وهي منطقة صحراوية وهناك سوف نموت من الحشرات والعطش) وهكذا يعيش احتمال الموت فـي بيوت الفلسطينيين كأحد الأبناء تمامًا.

بين يديّ رواية قصيرة (نوفـيلا) للقاص طارق عسراوي (اللعب بالجنود) من إصدار دار طباق للنشر والتوزيع برام الله كنسخة فلسطينية وفـي طبعة عربية عن دار تكوين الكويتية، وهي من الروايات التي ستبقى تحفر داخلي حفرياتها الخاصة، الزمان: الانتفاضة الأولى، من 1987 حتى 1993 ويمتد إلى ما بعد أوسلو، حيث يكبر الأولاد، المكان: حارات جنين، المدينة التي عذبت وحيرت الاحتلال وما زالت تفعل، الشخوص: (زياد وتميم وجميل وأيمن وأبو زياد وأبو تميم وابتهال والمفـيد) تبدأ الرواية بشقاوة صبيان، وحياة يحاول الصبيان أن تكون طبيعية، لكن دوريات الاحتلال وحواجزهم، تأبى إلا أن تكسرها، تمتد الشقاوة الطفلية لتصبح طريقةً للانتقام من كسر الاحتلال لحياة الفلسطينيين، وقد رأيت هذه الطريقة السهلة والطريفة فـي المقاومة فـي باب العامود بالقدس، حيث يتصنع الأطفال حين يغادرون الدرجات نسيان أكياس سوداء محشوة بغائط البشر والحيوانات، فـيدب الذعر فـي جنود المكان، يطردون الناس ويبدأون ورشة فحص لهذا الكيس، الذي يفجرونه عبر (روبوت)، فـيتناثر الغائط على الجنود، وتشع من فوق سور القدس ابتسامات الأولاد.

وهذا ما يفعله صبيان جنين، يمدون أسلاكًا، فـي الطرقات، ويهربون، فـيخاف الجنود، يتسلى صبيان حارات جنين باللعب بالجنود، ليس ملئًا لفراغ فقط، ولكن انتقامًا لسنوات طويلة من التعذيب والقتل والهدم. اللغة فـي الرواية ذكية وهادئة، وتعرف كيف تسبب لنا الانفعال الجمالي، وكأنها نهر طبيعي ينبع من نفسه ويصب فـي نفسه، لا أحد يصرخ فـي هذه الرواية، هنا لا بلاغة فلسطينية معهودة ولا شعر مجانيا يدخله الفلسطيني الكاتب كعادته ليلعب باللغة، أو ليستعرض بها، ويستجدي الدهشة اللغوية، فـي هذه الرواية رأيت طارق عسراوي وهو (يقتل أحباءه) وقتل الأحباء مصطلح لغوي أدبي اخترعته ناقدة بريطانية، وهي تقصد به الجمل الشعرية المدهشة التي تحشر نفسها فـي سياق غير سياقها، فـيضطر الكاتب الذكي إلى قتلها – حذفها.

أجمل ما قدمته لنا الرواية هو صورة اختلاط وتداخل حركة الأولاد الطبيعية فـي الحارات بسياق الاحتلال وتداعياته، ربما هذا يحدث فقط فـي فلسطين.

فـي رواية (اللعب بالجنود) يتلصص الأولاد الأشقياء على نافذة امرأة فاتنة سكنت حديثًا فـي الحارة مع ابنتها الصغيرة بمساعدة غامضة من والد أحد هؤلاء الأشقياء، لكنهم يشاهدون هناك ما يخجلهم من أنفسهم ويربك مشاعرهم، ثمة مقاتل مطارد يبدو أنه زوج هذه المرأة يزورها خفـية، يتعرض الأولاد للتعنيف من قبل الآباء الذين هم رفاق هذا المقاتل المطارد من قبل الاحتلال، لكنهم يحفظون السر، فـي عادة بطولية مبكرة يتمتع بها صبيان جنين.

ماذا نتعلم من هذه التجربة ؟ إن الروائي الذكي هو الذي يكتب رواية غير منفعلة لكنها تسبب للقارئ الانفعال، وهذا ما فعله العسراوي الذي بدأ حياته قاصًا، وقد سألناه عن هذه الانتقالة:

(لم أقصد هذه الانعطافة، أو بصورة أدق لم تكن الرواية ناجمة عن قرار مسبق، فـي بادئ الأمر عزمت على كتابة هذا العمل بصورة القصّة القصيرة، وفـي الأثناء سارت بي شخوص الحكاية إلى مسار درامي رئيسي ثان ومن ثم ولدت شخصيات ضرورية أثناء الكتابة، وهذا جعل الأمر يمتد إلى ما لا تحتمله القصّة القصيرة وتتسع له الرواية برحابة حبكتها، وما يمايزها عن القصّة من مساحات أوسع لحركة الشخصيات وتعددها، وهذا العمل لكونه رواية صغيرة «نوفـيلا» لم أتخلص به من القاصّ وأدواته تمامًا، وأستطيع القول إنّ القاص لا يحتاج فـي «النوفـيلا» إلى جهد كبير وأدوات كثيرة؛ كي يضيفها إلى ما يملكه أساسًا بوصفه قاصًّا).

شكرًا طارق لهذه المتعة وهذا الفضاء الروائي الجديد..

الكاتب فـي سطور

كاتب وحقوقي، صدرت مجموعته القصصية الأولى بعنوان (رذاذ خفـيف) ونالت جائزة سميرة عزّام للقصة القصيرة، تم تلحين وغناء عدد من نصوصه الشعرية من قبل عدّة فنانين فلسطينيين، عضو ومؤسس فـي عدد من الجمعيات الثقافـية والاجتماعية الفلسطينية، مؤسس فـي مشروع طباق الثقافـي، يحمل درجة الماجستير فـي القانون الخاص، ويعدّ الدكتوراة فـي قانون الإثبات، يشغل فـي السلطة القضائية الفلسطينية منصب وكيل النيابة العامة منذ عام ٢٠٠٧، عمل قبلها مذيعًا ومقدّم برامج فـي إذاعات محليّة فلسطينية، يعيش فـي رام الله.

مقالات مشابهة

  • حماس ترد على رواية إسرائيل.. وتكشف ما حدث لـ"امرأة إيزيدية"
  • الإمارات: أدلة قاطعة تُسقط الرواية الباطلة حول استهداف مقر رئيس البعثة في الخرطوم
  • " الأيادي الحالمة " رواية جديدة للدكتور عمر عبدالرحمن
  • ملخص رواية «لوكاندة بير الوطاويط».. محمد رمضان يؤدي بطولتها في عمل فني
  • محمد رمضان يقدم بطولة رواية لوكاندة بير الوطاويط لـ أحمد مراد
  • البطولة الهادئة في رواية «اللعب بالجنود » لطارق عسراوي
  • هدى الفهد تشوّق جمهورها لألبومها الجديد
  • (مانجا العربية) مجلدات قصصية بنكهة سعودية تطل على جمهورها في "الرياض تقرأ"
  • مناقشة إشكاليات النشر الإلكتروني وأثره في حياة المجتمعات بمعرض الرياض للكتاب
  • أستاذ اجتماع سياسي: الهوية المصرية عبر التاريخ «حصن لا يُهزم أمام الغزاة» (حوار)