في الأيام الأخيرة، بدا أنّ الخيار الثاني هو الذي يتقدّم، في ظلّ حديث القياديّين في "حزب الله" المتكرّر عن الحوار والتفاهم بلا شروط مسبقة، والدعوات إلى التلاقي على "نقاط وسط"، بل إنّ هناك من ربط هذا الكلام باللقاء الذي جمع رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد مع قائد الجيش العماد جوزيف عون، والذي فسّرته بعض الأوساط على أنّها "موافقة ضمنية" من جانب الحزب على البحث "جدّيًا" بخيار انتخاب "الجنرال عون" رئيسًا.


 
ومع أنّ كلّ ما سبق جاء بالتوازي مع استمرار الحوار بين "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، والذي لا يخفى على أحد أنّ الأول يتوخّى منه إلى "جرّ" الثاني إلى معسكره، وبالتالي انتخاب فرنجية رئيسًا، إلا أنّ هناك من يكاد يجزم بأنّ "الحزب" أصبح في مكانٍ آخر، فهل بات فعلاً على أعتاب التخلي "رسميًا" عن فرنجية، ومقابل أيّ ثمن؟ وهل يتناغم في هذا الموقف مع الرئيس نبيه بري الذي أحجم عن ذكر فرنجية بالمُطلَق في آخر خطاباته؟!
 
"الموقف ثابت"
 
خلافًا لكلّ ما يُحكى في الإعلام ويُطرَح في الكواليس والصالونات، يؤكد العارفون بأدبيات "حزب الله" السياسية بأنّ موقف الأخير لا يزال "ثابتًا" كما كان منذ اليوم الأول، حيث يقوم على دعم ترشيح رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجية، بكلّ السبل والوسائل الممكنة، باعتبار أنّ الرجل "حليف مقرّب" للحزب، وأنّه يحظى بـ"ثقته المطلقة"، التي تولّدت نتيجة تراكم السنوات والخبرات، ولا سيما بعد انتخابات 2016، التي لم تغيّر تموضع "البيك".
 
استنادًا إلى ما تقدّم، يقول هؤلاء إنّ "حزب الله" يرغب أن يصل فرنجية إلى قصر بعبدا ويحمل لقب "الفخامة"، وهو يسعى فعلاً لا قولاً إلى الوصول إلى هذه النتيجة، عبر إقناع القوى السياسية الأخرى بأنّ رئيس تيار "المردة" مؤهل للعب الدور في المرحلة المقبلة، بل إنّ هذا هو "جوهر" الحوار القائم مع "التيار الوطني الحر"، وإن كان "الحزب" يقاربه بحذر، بعد أزمة "الثقة" التي تولّدت بين الجانبين، منذ "تمرّد" باسيل عليه بسبب دعمه لفرنجية.
 
لكنّ الموقف "الثابت" وفق العارفين، يقوم أيضًا وبالتوازي، على التأكيد على "حتميّة" الحوار للخروج من "المأزق الرئاسي"، بعيدًا عن سياسة "النكد" التي يفضّلها البعض، ولذلك فهو يبدي كلّ الانفتاح على نقاش كلّ الخيارات الممكنة والمحتملة مع سائر الشركاء، مع إصرار بوجوب أن يكون الحوار الذي ينشده "غير مشروط"، والمقصود بذلك بشكل خاص الشرط الذي يرفعه البعض لجهة تخلّي "الحزب" عن فرنجية سلفًا، وهو ما يبقى بعيد المنال.
 
خيارات على الطاولة
 
يؤكد العارفون إذًا أنّ الحزب "ثابت" على دعمه لفرنجية، من حيث المبدأ، وانطلاقًا من البراغماتية التي يتمسّك بها في مقاربة مختلف الملفات والاستحقاقات، ولكنّه منفتح في الوقت نفسه، على بحث كل الخيارات والسيناريوهات، انطلاقًا من "الواقعية السياسية"، حتى لا يلتحق بالمعسكر المفضّل لـ"فراغ أشهر وسنوات" على تحاور اللبنانيين بين بعضهم البعض، في إشارة إلى كلام رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع قبل أيام.
 
يرفض العارفون بأدبيّات الحزب تحديد هذه الخيارات المطروحة على الطاولة، أو كشف النقاب عنها، باعتبار أنّ الأمور متروكة لخواتيمها، ولأنّ الحوار وحده كفيلٌ بتظهيرها، ولو أنّ هناك من يعتقد أنّ اسم قائد الجيش جوزيف عون قد يكون من أهمّها، ولا سيما بعد اللقاء الذي عقد بين الجانبين أخيرًا، ولو أنّ هناك من يرى أنّ تسريب اللقاء كان هدفه توجيه "رسائل" إلى باسيل خصوصًا، من أجل إنهاء "المماطلة"، وحسم موقفه من ترشيح فرنجية.
 
ومع أنّ مروحة الخيارات المطروحة لا تقف عند حدود عون، باعتبار أنّ أكثر من اسم قد يكون التوافق عليها متاحًا في المرحلة المقبلة، إذا ما قبلت الأطراف السياسية مبدأ "التوافق" بالدرجة الأولى، يقول العارفون إنّ الحزب لن يمضي بأيّ خيار، ما لم يبادر رئيس تيار "المردة" إلى الانكفاء من تلقاء ذاته في المقام الأول، وهو خيار يبقى مستبعدًا في الظرف الحالي، ما لم يلتئم الحوار أولاً، ويتوصّل المشاركون فيه إلى اتفاق "مقنع".
 
ثمّة من يقول إنّ "حزب الله" لن يتخلى عن فرنجية ما لم يتراجع الأخير عن ترشيحه بالدرجة الأولى، وما لم يبادر الأخير لدعم أيّ مرشح "توافقي" آخر، ولا سيما أنّ الحزب "مَدين" لفرنجية منذ خسر الرئاسة قبل أعوام. لكن، يقول العارفون، إنّ الحزب لا يتعامل مع الاستحقاق وفق معادلة "فرنجية أو الفراغ"، فهل يكون "السيناريو" أن يبارك الحزب تسوية ما على حساب فرنجية، من دون أن يقترع نوابه لغير فرنجية؟!
  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

هل يمكن دمج حزب الله داخل الجيش اللبناني؟.. محمد مصطفى أبو شامة يجيب

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

قال محمد مصطفى أبو شامة مدير المنتدى الاستراتيجي للفكر والحوار، إنّ تصريحات الرئيس اللبناني جوزيف عون بشأن مناقشة مسألة نزع سلاح حزب الله بهدوء ومسؤولية، تعكس وجود نية حقيقية لدى الدولة اللبنانية لمعالجة هذا الملف الشائك، مشيرًا، إلى أن الطريق نحو ذلك ليس ممهّدًا على الإطلاق.


وأضاف "أبو شامة"، في تصريحات مع الإعلامية داما الكردي، مقدمة برنامج "مطروح للنقاش"، عبر قناة "القاهرة الإخبارية"، أنّ سلاح حزب الله لم يعد مسألة داخلية لبنانية فقط، بل قضية إقليمية ودولية تحظى بمتابعة دقيقة من العديد من الأطراف، وإن كان بعضها، وعلى رأسها الولايات المتحدة، يتعامل معها أحيانًا بسخرية أو استخفاف، بحسب تعبيره.

الرئيس اللبناني يسعى لإيجاد توازن 


وتابع، أنّ الرئيس اللبناني يسعى لإيجاد توازن دقيق في معالجة هذا الملف، مشيرًا إلى أن الوضع الراهن لحزب الله يفرض تعاملاً خاصًا، لا سيما بعد التطورات السياسية والعسكرية التي شهدها لبنان والمنطقة، خصوصًا منذ وفاة الأمين العام السابق للحزب حسن نصر الله في فبراير الماضي، معتبرًا، أنّ  الحزب في حاجة إلى إعادة تموضع على المستويين السياسي والعسكري، وهو أمر يتطلب، بحسب قوله، وقفة مسؤولة من قيادة الحزب والمجتمع اللبناني برمّته.


وذكر، أن الأرقام المتداولة حول عدد مقاتلي الحزب – والتي تتراوح بين 25 ألفًا إلى 100 ألف – تجعل من الصعب جدًا التعامل مع هذه القوة المسلحة، خاصة إذا ما طُرحت فكرة دمجها داخل المؤسسة العسكرية اللبنانية، لافتًا، إلى أن هذا المقترح، يبدو صعبًا التحقيق في ظل الخلفية الأيديولوجية للحزب وارتباطه الفكري والديني بإيران، مما يعقّد مسألة إدماجه في كيان وطني موحد.


وأوضح، أنّ تفكيك ترسانة حزب الله أو دمجه في مؤسسات الدولة لن يكون أمرًا بسيطًا، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب بيئة سياسية واجتماعية واقتصادية مختلفة عن الوضع الحالي.


وأكد، أن الرئيس اللبناني يدرك صعوبة التحدي، ولهذا يدعو إلى معالجة الملف بحذر وهدوء، دون إثارة صراعات داخلية قد تفاقم من تعقيد المشهد اللبناني.


وشدد، على أنّ التحدي الأكبر لا يكمن فقط في الداخل اللبناني، بل أيضًا في الضغوط الخارجية، مؤكدًا أن المجتمع الدولي، وخصوصًا إسرائيل، لن تمنح لبنان الفرصة الكافية لتفكيك حزب الله بمرونة أو وفق إيقاع لبناني داخلي.


https://www.youtube.com/watch?v=BtUxgv8Zpls

مقالات مشابهة

  • أول تعليق من حزب الله على اغتيال حسين عطوي القيادي بالجماعة
  • نزع سلاح حزب الله ضرورة لقيام دولة لبنان
  • هل يمكن دمج حزب الله داخل الجيش اللبناني؟.. محمد مصطفى أبو شامة يجيب
  • مركز الملك عبد الله للحوار ينعى البابا فرنسيس: رمزًا للحوار والسلام
  • الرئيس اللبناني: سحب سلاح حزب الله يتحقق مع توافر الظروف
  • ???? زينب المهدي: قصة ان حزب الأمة سلّح القبائل العربية،، إنها كذبة
  • تركيا.. وفد الحزب الكردي يزور أوجلان في إمرلي
  • مقتل شخص في غارة إسرائيلية على سيارة في جنوب لبنان  
  • ترشيح لاعب التنس العراقي حسن علي حاتم لبطولة آسيوية مصنفة عالميا
  • ردود فعل لبنانية رافضة لتصعيد حزب الله: الحوار هو الحل