إعداد: طاهر هاني إعلان اقرأ المزيد

مرت سنة كاملة على وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني (22 عاما) إثر توقيفها في 13 سبتمبر/ أيلول 2022 من قبل شرطة الأخلاق في مدينة طهران واقتيادها إلى المخفر الذي انهارت به أثناء استجوابها من قبل شرطية.

ونقلت على التو هذه الطالبة، التي جاءت من محافظة كردستان إيران رفقة شقيقتها وأقاربها لزيارة طهران، إلى مستشفى بالعاصمة الإيرانية لتفارق الحياة بعد ثلاثة أيام من دخولها إليه، أي في 16 سبتمبر/أيلول 2022 تحديدا.

فيما نفت السلطات الإيرانية أي ضلوع لها في هذه الحادثة الذي هزت أركان النظام الإيراني ووصل صداها إلى كل أرجاء العالم.

وأشعلت وفاة مهسا أميني شرارة الاحتجاجات التي عمت العديد من المدن الإيرانية، لا سيما طهران التي شهدت مظاهرات شعبية عنيفة شارك فيها جميع أطياف المجتمع، خاصة النساء للمطالبة بالحرية والديمقراطية وبعدم إلزامية ارتداء الحجاب وبالعيش بكل حرية وليس وفق قواعد الشريعة الإسلامية المفروضة من قبل نظام علي خامنئي.

عمال يرفعون لافتة عملاقة كتب عليها وسم مهسا أميني، مدينة العلوم، باريس، 30 يناير/ كانون الثاني 2023. © مها فريد عدد ضحايا ثورة أيلول 2022 في إيران غير معروف بشكل دقيق

وتحولت مهسا أميني إلى رمز للدفاع عن الحريات العامة وإلى شخصية موحدة للاحتجاجات ولمطالب الإيرانيات والإيرانيين وإلى وجه إيراني جديد معروف على مستوى العالم.

هذا، وبلغت الاحتجاجات ذروتها بعد إعلان وفاة الشابة أميني إذ قامت النساء بحرق حجابهن أمام قوات الأمن، ورفعن شعارات مناهضة لنظام خامنئي من بينها "الموت للدكتاتور" أو "النساء، الحرية، الحياة". وبالإضافة إلى ذلك، أدت المشاكل الاجتماعية والأزمة الاقتصادية التي يتخبط فيها الإيرانيون منذ سنين بسبب العقوبات الدولية المفروضة عليهم، إلى ارتفاع حدة المظاهرات، إذ أصبح المحتجات والمحتجين لا يطالبون فقط بالحرية وبارتداء ما يشاؤون، بل ينادون بإصلاحات اقتصادية وتحسين ظروفهم المعيشية والقضاء على الفساد والظلم.

ولم يكن يتوقع النظام الإيراني خروج عشرات الآلاف من الناس إلى الشوارع للتظاهر. فعوض أن يستجيب لمطالبهم، راح يستخدم القوة والعنف ضدهم. فيما قام باعتقال عدد كبير منهم، خاصة النساء اللواتي قررن تحدي قوات الأمن وخلع الحجاب في الشوارع.

ووفق الحصيلة التي أقر بها الحرس الثوري الإيراني الذي قام بقمع الاحتجاجات، فلقد تم قتل أكثر من 300 متظاهر وسجن المئات.

لكن منظمة حقوق الإنسان في إيران ومقرها أوسلو، تحدثت عن حصيلة مختلفة لعدد القتلى في طهران بسبب قمع السلطات للاحتجاجات، وقالت بأنها بلغت نحو 416 قتيلا. ولا يزال العدد الحقيقي لضحايا "ثورة أيلول 2022" الإيرانية غير معروف بشكل دقيق، شأنه شأن عدد الناشطين والمتظاهرين الذين يقبعون في سجون الجمهورية الإسلامية.

اقرأ أيضامن انتفاضة الطلاب في 1999 إلى قضية مهسا أميني... عقدان من الحركات الاحتجاجية في إيران من أجل نيل الحقوق والحريات

ظاهرة التسميم بالغاز زرعت الذعر في أوساط البنات الإيرانيات

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، انتقلت شرارة الاحتجاجات إلى الجامعات والثانويات. ففي جامعة أمير كبير بطهران وفي جامعة أصفهان ومشهد، نظم الطلاب وقفات احتجاجية داخل الحرم الجامعي ورفعوا شعارات وهتافات مناهضة للنظام الإيراني، ما جعل قوات مكافحة الشغب تتدخل بعنف لتنهي الإضراب وتغلق الجامعات. نفس الأجواء عاشتها أيضا ثانويات العاصمة ومدن كبرى أخرى، حيث انضم الطلاب إلى الاحتجاجات وقاموا بغزو مواقع التواصل الاجتماعي وإيصال صور الاحتجاجات، لا سيما تلك التي تعرض على العالم صور قائد الثورة الإسلامية علي خامنئي وهي تسحق بأقدامهم.

امرأة تقص شعرها خلال احتجاج ضد النظام الإسلامي في إيران بعد وفاة مهسا أميني أمام السفارة الإيرانية في مدريد بإسبانيا في 6 تشرين الأول/أكتوبر 2022. © رويترز

وبمناسبة مرور أربعين يوما عن وفاة مهسا اميني، نظم متظاهرون مسيرة إلى بلدة سقز في محافظة كردستان إيران ومسقط رأس الشابة.

ووفق بعض المصادر، لقد استعملت الشرطة الإيرانية الرصاص الحي لتفريق المحتجين. أما في نوفمبر/تشرين الثاني وفي عز كأس العالم لكرة القدم التي أقيمت في قطر، قاطع لاعبو منتخب إيران لكرة القدم النشيد الوطني لبلادهم تعبيرا عن مساندتهم للأحداث وللمتظاهرين. 

وأمام اتساع دائرة المظاهرات، صعد النظام الإيراني من حدة عنفه. فيما برزت ظاهرة جديدة تتمثل في التسميم بالغاز بعض الطالبات في الجامعات والثانويات. واتهمت المعارضة النظام الحاكم بالقيام بهذه الأفعال التي زرعت الخوف في قلوب البنات، لكن لحد الآن لم يتم التأكد من هوية الذين لجأوا إلى مثل هذه التصرفات.

"النظام الإيراني هو الذي أصبح يشعر بالخوف وليس الشعب"

وانتهى عام 2022 في إيران في جو ساده الخوف والاعتقالات والمحاكمات القضائية ضد العديد من المتظاهرين الذين اتهموا بالتحريض على القيام بأعمال العنف وبعدم احترام قواعد اللباس الدينية. ولم تخمد نيران الاحتجاجات في إيران إلى يومنا هذا. بل بالعكس لا تزال الجمعيات النسائية والمدافعة عن حقوق الإنسان تدعو إلى التظاهر بشكل منتظم رغم عنف النظام.

هذا، وشبهت الكاتبة والمعارضة في حزب مجاهدي خلق ماسومي رؤوف ما يجري في إيران منذ سنة "ببركان ثائر يصعب أن يهدأ". وقالت في حوار مع فرانس24 "بدأ البركان يثور ضد النظام الإيراني منذ 44 عاما ولن ينتهي طالما النظام لم يتغير".

وتابعت "الجلادون لم يتغيروا. هم نفسهم في الحكم.... لم يتغيروا منذ مجيء الخميني لغاية علي خامنئي". وفي سؤال هل تغير وضع النساء الإيرانيات منذ وفاة مهسا أميني، أجابت "وضع النساء لم يتغير. الشيء الذي تغير، هو شجاعة هاته النساء اللواتي أصبحن لا يشعرن بالخوف مقارنة بالسنوات الماضية. الخوف غيّر المكان. النظام الإيراني هو الذي أصبح يشعر بالخوف وليس الشعب".

احتراق دراجة نارية للشرطة خلال احتجاج على وفاة مهسا أميني. طهران، إيران في 19 سبتمبر/أيلول 2022. © رويترز توجيه انتقادات للدول الغربية

وأردفت "الشباب في إيران عازم على تحقيق التغيير. ربما استطاع النظام قبل 40 عاما غسل دماغه وإقناعه بأن الثورة الإسلامية هي المخرج. اليوم الشبان يعارضون هذه الأفكار وهذا النظام الذي فشل في حل مشاكل المجتمع الإيراني والذي بدوره تغير كثيرا".

وعبّرت هذه المناضلة السياسية عن أسفها إزاء موقف الدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة. وتساءلت لماذا لم تستجب هذه الدول إلى مطالب المعارضة مثل تلك المتعلقة بإدراج قوات "الباسدران" الإيرانية ضمن قائمة المنظمات الإرهابية؟ ولماذا لم يتم إغلاق السفارات الإيرانية في الخارج؟

اقرأ أيضاإيران: توقيف خال الشابة مهسا أميني قبل الذكرى الأولى لوفاتها

وأنهت "الدول الغربية تتعامل مع إيران كالطبيب الذي يتعامل مع شخص ميت، لكن رغم ذلك لا يريد أن ينزع من فمه أنبوب الأوكسجين".

أما الناشطة الاجتماعية وعارضة الأزياء الإيرانية نغزية التي فرت من إيران في 2017، فدعت المجتمعات الغربية إلى مساندة المعارضة الإيرانية وابن الشاه وهو محمد رضا لكي يصل إلى الحكم.

وقالت لفرانس24: "سهل جدا أن تقطع النساء الغربيات شعرهن مساندة للنساء الإيرانيات. لكن المساعدة الحقيقية تكمن في تقديم الدعم الحقيقي للمعارضة لكي تتخلص من نظام الإسلاميين". وأنهت "الإيرانيون يشعرون بالخوف الآن ولا يستطيعون الخروج مجددا إلى الشارع لأنهم لم يجدوا المساعدة من الدول الغربية التي تظهر كأنها متواطئة مع نظام الملالي".

أشخاص يشاركون في احتجاج ضد النظام الإيراني بعد وفاة مهسا أميني. إسطنبول، تركيا 10 كانون الأول/ ديسمبر 2022. © رويترز

 

طاهر هاني

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: زلزال المغرب فيضانات ليبيا ريبورتاج وفاة مهسا أميني علي خامنئي ذكرى احتجاجات إيران للمزيد حقوق المرأة النظام الإیرانی وفاة مهسا أمینی فی إیران

إقرأ أيضاً:

أهالي حمص في ذكرى الثورة.. الشعب السوري واحد

حمص-سانا

واحد واحد واحد.. الشعب السوري واحد، شعار لطالما صدحت به حناجر السوريين قبل 14 عاماً منذ انطلاق الثورة السورية، مطالبين بالحرية والكرامة، واليوم من ميدان الساعة الجديدة الذي أطلق عليها أهل حمص ساحة التحرير يعيد التاريخ نفسه وبنفس الشعار ولكن بعد انتصار الثورة .

  كاميرا سانا استطلعت آراء الأهالي الذين توافدوا بالآلاف مساء اليوم إلى ساحة الساعة الجديدة، لإحياء ذكرى انطلاقة ثورة الشعب السوري ضد أكثر نظام حكم وحشي في العصر الحديث، رافعين أعلام الثورة ويرددون الهتافات الوطنية، التي تؤكد التمسك بوحدة سوريا وسيادتها على كامل التراب السوري.

 “الثورة انتصرت وصار الحلم حقيقة” يقول أبو محمد الذي قتل النظام البائد اثنين من أولاده، ودمر منزله في حي الخالدية ليضيف: “ثمن الحرية غالٍ، ونحن نقف اليوم في هذا المكان مرفوعي الرأس، بفضل دماء شهدائنا وعذابات الأمهات الثكالى ودموع وجوع أطفالنا بالمخيمات.

بينما يقول أبو خالد من حي جورة الشياح: “هذه الثورة سيسجلها التاريخ، وستبقى في ذاكرة أبنائنا لعشرات السنين”، مشيراً إلى ما عاناه الكثير من السوريين خلال السنوات الماضية من الذل والقهر في بلاد الغربة، لكن هذه الثورة أثبتت أن الحق سينتصر على الباطل مهما طال الزمن.

بينما دعا المواطن خالد الأحمد أبناء الشعب السوري بكل أطيافه إلى الحفاظ على مكتسبات الثورة، وعدم الانجرار وراء دعوات التفرقة والطائفية، التي حاول النظام البائد طيلة حكمه تكريسها بين أبناء الوطن الواحد لتثبيت حكمه، مؤكداً أن هذه الثورة هي ثورة كل السوريين ولن نسمح لأي أطراف داخلية أو خارجية بأن تمس وحدتهم.

من جهته لفت محمد العلي إلى أن ثورة الشعب السوري ستبقى مصدر إلهام لكل طلاب الحرية في العالم، معتبراً أن كل السوريين يحتفلون اليوم ليس فقط لإحياء ذكرى الثورة، وإنما شكراً وتقديراً لتضحيات كل شهيد قدم روحه فداء لها، ولكل أم ضحت بأولادها، ولكل يتيم فقد أباً أو أماً.

في حين أشار أبو سالم الذي أمضى تسع سنوات في إدلب بعد أن فقد زوجته واثنين من أولاده في قصف طائرات النظام لحي دير بعلبة، إلى أننا نحتفل اليوم بانتصار الثورة وعلينا جميعاً واجب العمل والبناء، كل حسب استطاعته للنهوض ببلدنا، داعياً جميع المهجرين إلى الإسراع في العودة للمشاركة في إعادة إعمار البلد.

“كلنا مع الدولة وجيشها” رددها العم أبو محمود الذي تجاوز السبعين بلهجة قوية، وذلك لصون استقرار وأمن بلدنا، وإفشال أي مخطط لفلول النظام الأسدي للنيل من منجزات الثورة، بينما عبر العم أبو هيثم عن سعادته بالتخلص من النظام البائد الذي هجره لأكثر من عشر سنوات خارج بيته الذي لم يتبق منه سوى الركام، وهو حالياً في السبعين من عمره.

مقالات مشابهة

  • مقامرة ترامب التي ستضع الدولار في خطر
  • الإدارة الأمريكية تتوعد بإستهداف السفن الإيرانية التي تحاول تقديم الدعم للحوثيين
  • البيت الأبيض: أخطرنا إيران بإنهاء دعمها للحوثيين بعد الضربات التي تلقتها
  • وفاة شخصين في حادث مرور ببومرداس
  • رئيس الجمهورية يخالف الحقيقة التي تؤكد “إن إيران من قصفت حلبجة بالكيمياوي وليس العراق”
  • قائد الحرس الثوري الإيراني: نحذر أعداء إيران من أي تهديد.. وردنا سيكون صارمًا ومدمرًا
  • أهالي حمص في ذكرى الثورة.. الشعب السوري واحد
  • ممثل خامنئي: التفاوض مع أمريكا يعني نهاية النظام الإيراني
  • ما هو الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟
  • ما الإعلان الدستوري الذي جرى إقراره في سوريا وماذا منح للشرع؟